محتويات
ما هو التسمم المائي؟ وما أنواعه؟
من المعروف أن جميع خلايا الجسم تحتاج إلى الماء لتعمل بالطريقة الصحيحة، ومع ذلك قد يتسبب شرب كميات كبيرة من الماء في ظهور حالة تُعرَف بالتسمم المائي (Water Intoxication)، والتي لها عواقب صحية خطيرة، وبالطبع فإنه من الصعب شرب كميات كبيرة من الماء عن طريق الصدفة، لذا عادةً ما يحدث التسمم المائي أثناء ممارسة بعض الألعاب الرياضية أو التدريبات المكثفة، مما يتسبب بزيادة كمية الماء في الدم وخفض تركيز الأملاح أو الكهارل في الدم، خاصةً عنصر الصوديوم، الذي يُعدّ مهمًا كثيرًا للحفاظ على توازن السوائل داخل الخلايا وخارجها.
وتُصبح مشكلة التسمم المائي مشكلةً جديةً عند انخفاض مستويات الصوديوم عن 135 ملليمول لكل لتر، وهو ما قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة ومهددة للحياة، مثل تضخم خلايا الدماغ،[١] وفي المقابل يساعد شرب الماء بكميات كافية على تنظيم درجة الحرارة، ومنع الإصابة بالإمساك، والتخلص من فضلات الجسم، وتحسين أداء جميع وظائف الجسم الرئيسية، لذا من المهم شرب كميات كافية من الماء دون إفراط في ذلك لتجنب الإصابة بالتسمم المائي، وهناك نوعان رئيسيان لحالات التسمم المائي أو فرط السوائل، وكلاهما خطيران لتسببهما في اختلال التوازن بين الماء والصوديوم في الدم، وهما كما يلي:[٢]
- زيادة شرب الماء: وهو ما يحدث عند شربك لكميات أكبر مما تستطيع كليتيك التخلص منه عبر البول، مما يؤدي إلى تجمع الكثير من الماء في مجرى الدم.
- احتباس الماء: ينشأ احتباس الماء عن عدم قدرة جسمك على التخلص من الماء بطريقة صحيحة نتيجةً لوجود حالة مرضية معينة.
ما علامات حدوث التسمم المائي؟
لا تظهر علامات التسمم المائي عادةً في حال كانت الإصابة بسيطة، ولكن يمكن ملاحظة بعض الأعراض مع تقدم سوء الحالة، ومن بين هذه الأعراض الآتي:[٣]
- الاستفراغ والغثيان.
- صداع الرأس.
- تغيّرات في الحالة الذهنية؛ كالإصابة بالارتباك مثلًا.
- ضعف العضلات أو التشنجات.
- حدة الطباع وعدم الراحة.
- النوبات الصرعية وفقدان الوعي في حال تدهورت الأمور كثيرًا.
وفي حال إهمال تلقّي العلاج في الوقت المناسب، فإن نقص الصوديوم في الدم يُمكن أن يتسبب بمجموعة من المضاعفات، والتي تشمل انتفاخ الدماغ السريع، والغيبوبة، وربما الموت أيضًا، لذا من المهم مراجعة الطبيب منذ بدء ملاحظة الأعراض، خاصةً النوبات الصرعية أو الدوخة الشديدة؛ وذلك للحصول على الرعاية الطبية الفورية، ويمكن لتناول وجبة خفيفة مالحة توفير بعض الراحة لفترة قصيرة أثناء انتظار الحصول على الرعاية الطبية.[٤]
تعرف على أسباب التسمم المائي
يُعدّ تسمم الماء من الحالات نادرة الحدوث، لأنّه من الصعب شرب الكثير من الماء عن طريق الصدفة، لكنّ هناك العديد من التقارير التي تفيد بوجود حالات وفاة ناتجة عن التسمم المائي، والتي عادةً ما تظهر بسبب الأسباب التالية:[١]
الأنشطة الرياضية
تحدث حالات التسمم المائي عادةً لدى الرياضيين الذين يمارسون تمارين التحمل ويشربون الكثير من الماء، لكن مع إهمال حاجة أجسامهم للأملاح، مما يؤدي إلى حدوث نقص الصوديوم في الدم أثناء مشاركتهم بالأحداث الرياضية الكبرى، وهو ما قد ينجم عن حالات وفاة في بعض الحالات كما حدث مع أحد عدائي المارثون نتيجة شربه لكميات كبيرة من الماء وانخفاض مستويات الصوديوم أقل من المطلوب، مما تسبب بتراكم الماء في الدماغ أو ما يُعرف باستسقاء الرأس الذي يؤدي إلى الوفاة.
التدريب العسكري
إذ وفقًا لأحد التقارير، توفّي 3 جنود نتيجةً لإصابتهم بالوذمة الدماغية ونقص الصوديوم في الدم بسبب شربهم لكميات كبيرة من الماء أثناء التدريب تزيد عن 5 لترات في غضون ساعات قليلة، والذي حدث مع هؤلاء الجنود هو الظن بأنّ أعراض نقص صوديوم الدم هي أعراض ناتجة عن الجفاف، مما أدى إلى التسمم المائي نتيجةً للجهود المبذولة لمعالجة الجفاف بدلًا عن علاج نقص الصوديوم.
حالات الصحة العقلية
يُصاب البعض بالعطاش النفسي المنشأ، وهو عرض مرتبط ببعض مشاكل الصحة العقلية، وتنتشر هذه الحالة كثيرًا بين المصابين بالفصام، والذهان، واضطرابات الشخصية.
أسباب إضافية
يمكن أن يكون البعض أكثر عرضةً للإصابة بالتسمم المائي من غيرهم في حال كانوا ينتمون إلى إحدى الفئات التالية:[٣]
- كبار السن المصابون بأمراض مزمنة أو الذين يتناولون بعض العلاجات الدوائية.
- المصابون بأمراض الكلى.
- المصابون ببعض المشاكل الهرمونية.
- المصابون بالسكتة القلبية.
- المصابون بمرض السكري الكاذب.
- المصابون بمتلازمة كوشينغ.
ما عوامل خطورة التسمم المائي؟
لا يتعرض البشر عادةً للتسمم المائي نظرًا لقدرة أجسامهم الجيدة على الحفاظ على توازن المحاليل الملحية أو الكهرلية في الجسم، لكن يبقى هنالك بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بتسمم الماء، منها:[٥]
- تعاطي العقاقير المنشطة، خاصةً عندما تتبعها الحركة المستمرّة لساعات متتالية.
- تعاطي المخدرات أو شرب الكحول؛ إذ يحاول بعض الأشخاص الذين يريدون الإقلاع عنها شرب الكثير من الماء، ظنًا منهم بأنها ستُسرّع تخلّص جسمهم من هذه المواد.
- ممارسة الرياضة يوميًا لساعات طويلة، ثم شرب كميات كبيرة من الماء في محاولة لتعويض السوائل التي فقدها الجسم خلال التمارين.
- شرب كميات كبيرة من الماء من قبل الأشخاص المصابين بفقدان الشهية العصبي، ظنًا منهم بأن هذا سيمنع زيادة وزنهم.
- الإصابة بحالات نفسية معينة؛ مثل الفصام والاضطراب ثنائي القطب.
كيفية علاج التسمم المائي
قبل البدء بالعلاج، لا بدّ من تشخيص الحالة جيدًا؛ إذ إن أعراض نقص صوديوم الدم يمكن أن تختلف كثيرًا من شخصٍ لآخر، لذا يُجري الطبيب عادةً اختبارات البول والدم لتأكيد التشخيص، بالإضافة إلى معرفة بعض الاستفسارات بشأن التاريخ الطبي للمريض مع إجراء فحص بدني شامل له أيضًا، ثم يعتمد علاج حالات التسمم المائي على السبب الرئيسي الذي أدى إلى نقص مستويات الصوديوم في الدم، لذا يحاول الطبيب عادةً القيام بإجراءات معاكسة للسلوكيات التي أدت إلى هذه المشكلة أساسًا؛ مثل:[٣]
- تقليل استهلاك الماء، وتغيير الأدوية التي يُمكن أن تكون هي المسؤولة عن اختلال مستويات الصوديوم، بما في ذلك مدرات البول.
- تلقّي العلاج الطارئ في حال نقص مستويات الصوديوم الدم فجأة وبشدة، ومراقبة مستوياته في المستشفى، والحصول على محلول وريدي للصوديوم لرفع المستويات ببطء في الدم على مدار أيام قليلة، بالإضافة إلى تناول الأدوية التي تساعد في السيطرة على مشاكل كالصداع، أو الغثيان، أو النوبات الصرعية.
بوسعك معرفة المزيد حول علاجات نقص الأملاح عبر قراءة مقال: علاج نقص الأملاح في الجسم.
كيفية الوقاية من التسمم المائي
من المهم توخي الحذر واتباع إجراءات الوقاية لتجنب الوقوع في المشكلة ذاتها، ومن بين هذه الإجراءات ما يلي:[٣][٥]
- من المهم التأكد من الحصول على العلاجات اللازمة، وذلك في الحالات التي يمكن أن يتسبب فيها نقص الصوديوم في حدوث مشاكل صحية أخرى؛ كقصور الغدة الكظرية، أو في حال أخذ أدوية مدرات البول.
- مراقبة كميات شرب الماء عند المشاركة في الأنشطة البدنية المجهدة؛ وذلك عبر مراقبة نسبة الشعور بالعطش ولون البول؛ إذ يشير اللون الأصفر الفاتح والباهت إلى شرب الشخص لكمية كافية من الماء، ويمكن استشارة الطبيب فيما يمكن شربه أثناء الأنشطة الرياضية بدلاً من الماء؛ فقد يتمكن الطبيب من وصف بعض المشروبات التي تحتوي على أملاح من بينها الصوديوم.
- يتوجب على الأشخاص الذين يتناولون المنشطات، بما في ذلك الكافيين ومشروبات الطاقة، شرب الماء على فترات موزّعة خلال اليوم وليس دفعةً واحدةً، واستهلاك كمية كافية من الملح لمنع التسمم المائي.
- في حال الإصابة بالجفاف، يُفضّل الحصول على سوائل وريدية للعلاج في أماكن مختصة كالعيادات، بدلًا من شرب الماء بكميات كبيرة حتى لو تناول الشخص معها كمية من الملح أو من الأطعمة المالحة.
- يتوجب على الأشخاص الراغبين بإنقاص أوزانهم، وذلك من خلال ممارسة الرياضة وقاية أنفيهم من الإصابة بالجفاف من خلال شربهم للماء أو المشروبات التي تحتوي على أملاح، وتجنب شرب الكثير من السوائل دفعةً واحدةً.
أهمية شرب كميات كافية من الماء
على الرغم من وجود حالة حقيقية اسمها تسمم الماء، فإن الحصول على الكمية الكافية من المياه التي يحتاجها الجسم والأجهزة الحيوية فيه يبقى أمرًا مهمًا للغاية بسبب الدور الأساسي الذي يلعبه الماء في أمور كثيرة، منها:[٦]
تحسين الأداء البدني
إذ تؤثر رطوبة الجسم على الأداء البدني، خاصةً لدى الرياضيين، ويؤثر الجفاف بشكل ملحوظ على الجسم عند فقدان ما يصل إلى 2% من نسبة الماء في الجسم، وهو ما قد يؤدي إلى تغير درجات حرارة الجسم وزيادة التعب، وبالتالي تصبح التمارين أكثر صعوبة جسديًا وعقليًا، لذا يساعد الحصول على كميات كافية من المياه في منع حدوث ذلك وتقليل الإجهاد التأكسدي الذي يحدث أثناء التمارين المجهدة.
تحسين مستويات الطاقة ووظائف الدماغ
يحمل الجفاف آثارًا سيئةً للغاية فيما يخص وظائف الدماغ؛ فقد وجدت الدراسات أن فقدان السوائل بعد التمارين بنسبة 1.4% يتسبب بالصداع، ويعكّر المزاج، ويقلّل من التركيز، في حين أن دراسات أخرى وجدت أن فقدان السوائل بنسبة 1.6% يضر بالذاكرة ويزيد من الشعور بالقلق والتعب، وقد يهمك أن تعلم أن خسارة السوائل بنسبة 1%-3% يعني خسارة حوالي 0.5-2 كيلوغرام من وزن الجسم لشخص يزن 68 كيلوغرام.
منع وعلاج الصداع
يمكن أن يسبب الجفاف الصداع لدى بعض الأفراد، وفي الحقيقة يُعد الصداع العرض الأكثر شيوعًا للجفاف، لذا يساعد شرب الماء على تخفيف الصداع وتحسين مقياس جودة الحياة لدى الأشخاص الذين يعانون من الصداع.
علاج الإمساك
لا شك أن الإمساك من المشاكل الشائعة المرتبطة بقلة حركة الأمعاء وصعوبة إخراج البراز، ولكنّ انخفاض شرب المياه يزيد من خطر الإمساك خاصةً لدى كبار وصغار السن، ولذلك فإنّ شرب كميات كافية من الماء يُعدّ أساسيًا لعلاج الإمساك، ويمكن أن يساعد شرب المياه المعدنية على علاج الإمساك وتخفيفه؛ فقد أظهرت الدراسات أن المياه المعدنية المحتوية على الصوديوم والمغنيسيوم قد تُحسّن من حركة الأمعاء لدى المصابين بالإمساك، مما يعني تسهيل عملية إخراج البراز.
التخلص من حصوات الكلى
من المعروف أن حصوات المسالك البولية من المشاكل المؤلمة الناتجة عن تكوّن كتل كريستالية في الجهاز البولي، لكن يساعد شرب الماء على التخلص من هذه الحصوات من خلال زيادة حجم البول الذي يمر عبر الكلى، ويمكن لهذا الأمر أن يمنع أصلًا من تكرار الإصابة بحصوات الكلى.
منع ظهور أعراض ما بعد شرب الكحول
يؤدي شرب الكحول إلى الجفاف نظرًا إلى أنه مدر للبول أصلًا، مما يؤدي إلى فقدان كمية مياه أكبر مما يحصل عليها الجسم، وهو ما يؤدي إلى الصداع الناتج عن شرب الكحول وبعض الأعراض المزعجة الأخرى؛ مثل العطش، والتعب، والصداع، وجفاف الفم، لذا من الطرق الجيدة لتقليل صداع الكحول شرب الماء باستمرار أو أقلها شرب كوب كبير قبل موعد النوم.
خسارة الوزن
يساعد شرب الكثير من الماء على إنقاص الوزن بسبب زيادة الشعور بالشبع وزيادة معدل الأيض، وقد أشارت عدة أبحاث إلى أن شرب الماء بكميات أكبر قد يعزز عمليات التمثيل الغذائي في الجسم، مما يزيد من نسبة فقدان الشخص للوزن نوعًا ما، وهو ما يزيد من حرق السعرات الحرارية يوميًا، ومن المهم أيضًا أخذ توقيت شرب الماء على محمل الجد؛ إذ يعد شرب الماء قبل 30 دقيقة من الوجبات هو الأكثر فعاليةً لزيادة الشعور بالشبع واستهلاك كمية أقل من السعرات الحرارية.
قد يُهِمُّكَ: تعرف على كمية الماء التي يحتاجها الجسم يوميًا
تختلف حاجة الشخص إلى الماء اعتمادًا على الكثير من العوامل؛ كوزن جسمه، ومستوى النشاط البدني الذي يقوم به، والمناخ السائد من حوله، لذا لا يمكن تحديد كمية المياه التي يحتاجها الشخص يوميًا، لكن أوصت الأكاديمية الوطنية الأمريكية للطب عام 2004 الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 19-30 عامًا بشرب حوالي 3.7 لتر يوميًا.
وبالطبع فإنّ الكثيرين يكتفون باتباع قاعدة شرب 8 أكواب يوميًا على الرغم من عدم وجود أي أبحاث تدعم هذه القاعدة، ويجب التنويه إلى أن الاعتماد على العطش لا يصلح للجميع أيضًا؛ إذ يحتاج البعض إلى شرب كميات أكثر من الماء بالرغم من عدم شعورهم بالعطش، وهذا يظهر بكثرة لدى الرياضيين، وكبار السن، والنساء الحوامل، ويمكن تقدير الكمية المناسبة من المياه من خلال النظر إلى كمية السعرات الحرارية الضرورية؛ فإذا كان الشخص يحتاج إلى 2000 سعرة حرارية يوميًا فإنه يحتاج في المقابل 2000 ملليلتر من الماء يوميًا، ولا يحدث التسمم المائي إلا في حال شرب كميات كبيرة من الماء تزيد عن قدرة الكلى على التخلص منه عبر البولـ والتي تتراوح بين 20-28 لترًا من الماء يوميًا.[١]
إن كنت ترغب بإيجاد حلول لتذكير نفسك بشرب الماء في مواعيد معينة، فإن بوسعك قراءة: أفضل برامج التذكير بشرب الماء للأندرويد والآيفون.
المراجع
- ^ أ ب ت Arlene Semeco (14/5/2020), "What happens if you drink too much water?", medicalnewstoday, Retrieved 25/5/2021. Edited.
- ↑ Shawn Radcliffe (7/3/2019), "Overhydration", healthline, Retrieved 25/5/2021. Edited.
- ^ أ ب ت ث Hansa D. Bhargava (11/6/2020), "Hyponatremia", webmd, Retrieved 25/5/2021. Edited.
- ↑ Crystal Raypole (22/5/2019), "Can Drinking Too Much Water Be Fatal? Know the Facts", healthline, Retrieved 25/5/2021. Edited.
- ^ أ ب Elizabeth Hartney (17/11/2018), "Dilutional Hyponatremia or Water Intoxication", verywellmind, Retrieved 25/5/2021. Edited.
- ↑ Joe Leech (30/6/2020), "7 Science-Based Health Benefits of Drinking Enough Water", healthline, Retrieved 26/5/2021. Edited.