زيت النخيل
اكتسب زيت النخيل سمعة سيئة بين الأوساط الطبية والإعلامية بسبب احتوائه على نسب عالية من الدهون المشبعة المشهورة بكونها سيئة لصحة القلب والشرايين، وقد تؤدي بالطبع إلى السمنة وارتفاع مستوى الكوليسترول السيئ في الدم، وهذا الأمر دفع بالجهات الصحية في الكثير من الدول إلى استيراد الزيوت الأخرى القادمة من الخضراوات بدلًا عن زيت النخيل، مما تسبب في حدوث أزمات اقتصادية في المجتمعات المحلية التي كانت تعتمد على زراعة وإنتاج زيت النخيل، لكن المشكلة أن هذا الأمر لم يوقف وباء السمنة وأمراض القلب كما كان من المفترض أن يحدث، كما أن لزيت النخيل فوائد كثيرة كان من الأنسب عدم تجاهلها أصلًا؛ فهذا الزيت يُعد غنيًا بمركبات الكاروتينات التي تحافظ على مستوى فيتامين أ في الجسم، ومن المعروف أن لهذا الفيتامين دورًا مهمًا في تعزيز القدرات البصرية، خاصة في الدول الأفريقية، كما يحتوي زيت النخيل على نسب عالية من فيتامين هـ أيضًا، الذي يشتهر بكونه مضادًا قويًا للأكسدة[١]، لكن هذه الحقائق جميعها لن تخفي بالطبع الأضرار المنسوبة لزيت النخيل، خاصة عند إعطائه للأطفال، وهذا سيرد بتفصيل أكبر في الأسطر التالية.
أضرار زيت النخيل في حليب الأطفال
يدخل زيت النخيل في تركيب بعض أنواع ووصفات حليب الأطفال، بل وتصل نسبة وجوده أحيانًا إلى 44% في بعض أنواع وصفات حليب الأطفال التي تنتجها شركة نستله العالمية وفقًا لدراسة نشرت عام 2017، ولقد عللت الدراسة سبب اختيار الشركات لزيت النخيل لإضافته إلى حليب الأطفال بسبب كونه مصدرًا رخيصًا من مصادر حامض النخيل أو البلمتيك (Palmitic Acid) الموجود في حليب الأم الطبيعي، كما أنه يتمتع بنسبة ذوبان منخفضة أيضًا، لكن يبقى هنالك اختلاف ملحوظ بين توزيع الأحماض الدهنية لجزئيات الدهون الثلاثية الخاصة بحليب البشر وتلك الخاصة بالدهون النباتية[٢]، ولقد حاولت إحدى المراجعات العلمية عام 2018 البحث جديًا في آثار وأضرار زيت النخيل على الأطفال، وقد نفت هذه المراجعة في النهاية أن يكون هنالك أي أضرار لزيت النخيل على الأطفال، بل وعلى العكس من ذلك، ذكرت أن لحامض البلمتيك الموجود في زيت النخيل أهمية كبيرة للطفل في سنوات عمره الأولى، وبالإمكان ذكر المزيد عن المعلومات التي وردت في هذه المراجعة حول آثار زيت النخيل على الأطفال كما يلي[٣]:
- عند الأطفال بعمر ستة أشهر: يجب على جسد الطفل التعود مباشرة على استعمال السعرات الحرارية الموجودة في الدهون، وليس الموجودة في الغلوكوز الذي كان يحصل عليه داخل الرحم، ويُعد حليب الأم هو الغذاء المثالي الذي يحتوي على النسب الذهبية من الدهون المناسبة لجسد الطفل، ويمتاز حليب الأم باحتوائه على نسبة أعلى من الدهون غير المشبعة مقارنة بالدهون المشبعة، وتصل نسبة الدهون غير المشبعة إلى حوالي 40%، ويُشكل حامض النخيل أو البلمتيك حوالي 50% من قيمتها أيضًا، لذا فإن مصنعي حليب الأطفال لا يُمانعون كثيرًا من إضافة زيت النخيل الغني بحامض البلمتيك، بل إن ذلك بنظرهم يزيد من كمية الطاقة الموجودة في منتجاتهم، لكن المشكلة في هذه المنتجات أن جسم الطفل يعجز عن امتصاص جميع الدهون، مما يجعل براز الطفل يبدو أكثر تماسكًا، لذا فإن حليب الأم يبقى هو الأفضل.
- عند الأطفال بعمر بين ستة أشهر وسنتين: ما أن يصل جسد الطفل إلى مرحلة الفُطام، حتى يبدأ باستيعاب كمية أقل من الدهون بنسبة 35-40% بدلًا عن 50%، وهذا بالطبع على حساب الكربوهيدرات، التي سيزداد حجم استهلاكها كلما اقترب الطفل من مرحلة البلوغ، وللأسف لم يتمكن العلماء إلى هذه اللحظة من الكشف عن آثار أو انعكاسات تناول الدهون أثناء هذه المرحلة من العمر لدى الأطفال على المراحل اللاحقة من أعمارهم، وأكدوا في نفس الوقت على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار عوامل أخرى؛ كالجنس، وتوزيع الدهون في الجسم، وحجم الحركة التي يقوم بها الطفل.
- عند الأطفال بعمر ثلاث سنوات وأكثر: يُصبح الطفل بحاجة إلى كمية من الدهون شبيهة بالكمية التي تحتاجها أجسام الكبار حال وصوله إلى عمر 3 سنوات وأكثر، ويُصبح بالطبع قادرًا على تناول الفطائر، والمخبوزات، والشيبس، والكيك، وغيرها من المأكولات التي تحتوي على الكثير من الدهون، والسكريات، والزيوت المكررة، فضلًا عن زيت النخيل، وهذا يجعل من الصعب على الخبراء الجزم بمسؤولية زيت النخيل عن المشاكل والأضرار البدينة التي يُمكن أن تصيب الطفل بعد هذا العمر.
فوائد زيت النخيل
على الرغم من حملات الشيطنة التي يتعرض لها زيت النخيل بين أوساط الباحثين وخبراء الصحة والتغذية، إلا أن هنالك بعض الفوائد لهذا الزيت التي يجب عدم تجاهلها، منها[٤]:
- تعزيز الصحة الدماغية نتيجة لاحتوائه على مركبات التوكوترينول، التي هي عبارة عن أشكال كيميائية أخرى من فيتامين هـ، الذي يشتهر بكونه مضادًا قويًا للأكسدة.
- حماية القلب من الأمراض، خاصة فيما يتعلق بالكوليسترول، لكن بالطبع يجب التذكير هنا بوجود جدال بين الخبراء حول هذا الموضوع.
- تزويد الجسم بكميات كبيرة من فيتامين أ.
قد يُهِمُّكَ
حاز موضوع الآثار السلبية لزيت النخيل على البيئة على اهتمام الكثيرين حول العالم، خاصة بين المناصرين أو المدافعين عن البيئة؛ فلقد أدى الاقبال العالمي الكبير على زيت النخيل إلى إقدام البلدان على استغلال الغابات من أجل زراعة شجر النخيل للاستفادة منه تجاريًا، وهذا حدث في ماليزيا وإندونيسيا وتايلاند على وجه التحديد؛ لأن هذه البلدان تمتلك أصلًا طقسًا رطبًا واستوائيًا مناسبًا لنمو أشجار النخيل، وهذا أدى بالحكومات والشركات إلى جرد الغابات المطرية والطبيعية لإحلال أشجار النخيل مكانها، ومن المعروف أن إزالة الغابات يحمل انعكاساتٍ سيئة على الاحتباس الحراري؛ لأن للغابات دورًا محوريًا وأساسيًا في امتصاص غازات الدفيئة الضارة من الأجواء، كما أن إزالة الغابات يؤثر على الحياة البرية والطبيعية التي كانت موجودة في هذه الغابات من قبل، والمصيبة الأكبر كانت استغلال الشركات للمزارعين وأرضهم والقيام بأعمال منافية لحقوقهم وإعطائهم أجورًا بخسة ودون الاهتمام في أوضاعهم العمالية، وهذا العوامل في مجملها تعني أن لزيت النخيل أضرارًا إضافية من الناحية البيئية والأخلاقية لا بد من أخذها بعين الاعتبار[٤].
المراجع
- ↑ Liji Thomas, MD (23-8-2018), "Is Palm Oil Good or Bad in Diet?"، News-Medical, Retrieved 4-6-2020. Edited.
- ↑ Carolina Oliveira de Souza,Maria Efigênia Q. Leite,John Lasekan, et al (2017), "Milk protein-based formulas containing different oils affect fatty acids balance in term infants: A randomized blinded crossover clinical trial", Lipids Health Dis, Issue 16, Page 78. Edited.
- ↑ Lorenza Di Genova, Laura Cerquiglini, Laura Penta, et al (2018 ), "Pediatric Age Palm Oil Consumption", Int J Environ Res Public Health, Issue 4, Folder 15, Page 651. Edited.
- ^ أ ب Franziska Spritzler, RD, CDE (13-1-2017), "Palm Oil: Good or Bad?"، Healthline, Retrieved 4-6-2020. Edited.