محتويات
ما هو العلاج الجيني؟
ينتمي العلاج الجيني Gene Therapy إلى فئة التقنيات الطبية التجريبية، وهو يهدف إلى علاج الأمراض أو منع نشوئها أصلًا عبر استخدام الجينات، ومن المتوقع أن يكون هذا العلاج قادرًا على منح الأطباء في المستقبل القدرة على علاج الأمراض عبر حقن خلايا المريض بالجين المطلوب بدلًا من استخدام الأدوية والعقاقير التقليدية، وقد أظهر هذا العلاج نتائج واعدة في علاج الكثير من الأمراض الوراثية، وبعض أنواع السرطانات، والأمراض الفيروسية، لكنه ما زال يتمتع بنسبة خطورة عالية وما زال هنالك الكثير من الأمور الواجب دراستها حول فاعليته وسلامته[١]، وكثيرًا ما يخلط الناس بين العلاج الجيني وبين ما يُعرف بالهندسة الجينية أو الوراثية Genetic Engineering؛ فعلى الرغم من العلاقة الوثيقة بين كِلا المصطلحين، إلا أن بينهما فرقًا كبيرًا بالنسبة للهدف منهما؛ فالعلاج الجيني يهدف إلى تغيير الجينات لإصلاح المشاكل الجينية وعلاج الأمراض، بينما تهدف الهندسة الجينية إلى تعديل الجينات لتحسين صفاتها وقدراتها، وبالتالي تعزيز قدرات الكائن الحي ككل[٢].
مبدأ عمل العلاج الجيني
بمقدور علماء العلاج الجيني اتباع آليات وأساليب كثيرة للتلاعب بالجينات اعتمادًا على ماهية المشكلة أو المرض المطلوب علاجه؛ فبوسعهم استبدال الجين المسؤول عن حدوث المشكلة، أو إضافة جين جديد لمساعدة الجسم على محاربة المرض، أو إلغاء نشاط أحد الجينات المسببة للمشاكل، وعادةً ما سيحتاج أخصائي العلاج الجيني إلى الاستعانة بوسيلة تُسمّى "المتجه Vector"، الذي هو عبارة عن كائن حي آخر بوسعه نقل المادة الجينية، ويُمكن بالطبع استخدام بعض أنواع الفيروسات لأداء هذا العمل؛ وذلك لأن للفيروسات أصلًا القدرة على نقل المادة الوراثية إلى الكائنات الأخرى، لكن بالطبع سيتوجب على العلماء تحييد الفيروسات وإيقاف آثارها السيئة على الصحة قبل استخدامها في العلاج الجيني، ويُمكن للعلاج الجيني تعديل المادة الوراثية للخلايا داخل الجسم أو خارج الجسم، كما يلي[٣]:
- العلاج الجيني داخل الجسم: يحقن الطبيب الفيروسات المتجهة الحاملة للمادة الوراثية العلاجية داخل جسمك مباشرة أو داخل العضو الذي فيه مشاكل جينية.
- العلاج الجيني خارج الجسم: سيسعى الطبيب إلى الحصول على بعض الدم أو نخاع العظم أو أنواع أخرى من الأنسجة من جسمك، ثم إرسال هذه الأنسجة إلى المختبر لفرز هذه الأنسجة والحصول منها على نوع محدد من الخلايا، ثم يأتي دور حقن الفيروسات المتجهة داخل هذه الخلايا وتركها لتتكاثر فيها لبعض الوقت داخل المختبر، ليجري حقنها فيما بعد في جسدك لتتكاثر وتعطي التأثير العلاجي المطلوب.
استخدامات العلاج الجيني
تمكن باحثو العلاج الجيني من إيجاد طرق فعالة لإدخال الجينات المعدلة إلى خلايا الإنسان، وهذا فتح الباب لتطبيقات كثيرة للعلاج الجيني لدى البشر، ولقد أصبح هنالك الكثير من النقاش حول إمكانية استخدام العلاج الجيني لعلاج بعض الأمراض الخطيرة؛ مثل[٤]:
- فقر الدم المنجلي.
- الهيموفيليا.
- بعض أنواع السرطانات.
- ضمور العضلات.
- التليف الكيسي.
وقد نشرت مراجعة علمية عام 2017 تحدثت عن إيجاد بروتوكولات علمية جديدة وواضحة للبحث أكثر في استخدام العلاج الجيني لعلاج الإيدز، والتهاب المفاصل الروماتويدي، وأنواع أخرى من الأمراض التي قد لا تكون قد سمعت عنها من قبل؛ كمرض فرط كوليسترول الدم العائلي، ومرض غوشو، وفقر الدم الفانكوني، وغيرها[٥].
مخاطر العلاج الجيني
على الرغم من النتائج الواعدة التي يقدمها العلاج الجيني فيما يخص علاج الأمراض، إلا أن هنالك بعض المخاطر والأضرار المحتملة له أيضًا، منها[٦]:
- استثارة الجهاز المناعي: قد يتعامل جهازك المناعي مع الفيروسات الناقلة للمادة الوراثية المعدلة على أنها فيروسات خطرة يجب مقاومتها ومهاجمتها، وهذا سيؤدي إلى استثارة الجهاز المناعي والتسبب في حدوث الالتهابات في العضو المستهدف، مما قد يتسبب في فشل العضو في النهاية.
- استهداف الخلايا الخاطئة: تمتلك الفيروسات المستخدمة في العلاج الجيني قدرة على استهداف خلايا صحية أخرى بجانب الخلايا المنوط بها استهدافها في المقام الأول، وهذا سيؤدي إلى دمار الخلايا الصحية أو نشوء السرطانات فيها.
- الإصابة بالالتهاب أو العدوى: تبقى احتمالية إعادة الحيوية والنشاط للفيروسات المستخدمة في العلاج الجيني واردة عند دخولها جسم المريض، وهذا يعني التسبب في إصابة المريض بالعدوى والالتهابات دون قصد.
- الإصابة بالأورام: يُمكن للأورام أن تنشأ عند إدخال الجينات الجديدة في المكان الخطأ من المادة الوراثية (DNA).
- مخاطر مختلفة: لاحظ العلماء ارتفاعًا كبيرًا في نسب الوفيات بين المتطوعين الذين خضعوا للعلاج الجيني، وهذا دفع بالبعض إلى القول بضرورة إيقاف الدراسات السريرية المتعلقة بهذا العلاج، كما تبين للعلماء أن حقن الخلايا التناسلية بالعلاجات الجينية يُمكن أن يؤدي إلى انعكاسات سيئة على نسل المريض، وقد لا تظهر هذه الانعكاسات إلا بعد مرور أجيال كثيرة[٢].
مَعْلومَة
نشرت مجلة ساينتفك أمريكان المرموقة مقالة عام 2020 تحدثت فيها عن وصول العلاج الجيني إلى مراحل متقدمة خولت الجهات الصحية الرسمية في الصين، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية إلى السماح بإصدار وبيع أدوية العلاج الجيني لعلاج الكثير من المشاكل الصحية، وقد نبهت المقالة إلى كون العلاج الجيني أمرًا قديمًا في الأساس ويرجع تحديدًا إلى عام 1972، لكن المشاكل والعثرات العلمية وأعداد الوفيات الكبيرة التي لازمت تجارب العلاج الجيني قد أكسبته سمعة سيئة وأدت إلى تأخير إصدار الأدوية التي طال الحديث عنها، لكن وفي عام 2003، سمحت الصين بإصدار أول دواء جيني لغرض علاج سرطان الجلد، ومع ذلك فإن العالم لم يقتنع بنتائج هذا الدواء في ذلك الوقت حتى جاءت الولايات المتحدة الأمريكية عام 2017 وأصدرت دواء جينيًا جديدًا، ومنذ ذلك الحين دبت الحياة مجددًا في مضمار العلاج الجيني وتسارعت عجلة الدراسات المتعلقة بهذا العلاج، وقاد ذلك إلى ترخيص 9 علاجات جينية جديدة لعلاج السرطانات وبعض الأمراض الفيروسية والجينية، وهذا يعني أن الطب الجيني أصبح حقيقة واقعة بعد أكثر من نصف قرن من البحث والتحري والنقاش المطول[٧].
المراجع
- ↑ "What is gene therapy?", ghr.nlm.nih.gov, 2020-08-04, Retrieved 2020-08-06. Edited.
- ^ أ ب "Gene Therapy and Genetic Engineering", medicine.missouri.edu, Retrieved 2020-08-06. Edited.
- ↑ "What Is Gene Therapy? How Does It Work?", www.fda.gov, 2017-12-22, Retrieved 2020-08-06. Edited.
- ↑ Ananya Mandal, MD (2019-02-26), "What is Gene Therapy?", www.news-medical.net, Retrieved 2020-08-06. Edited.
- ↑ Giulliana Augusta Rangel Goncalves & Raquel de Melo Alves Paiva (2017-07-01), "Gene therapy advances, challenges and perspectives", Einstein (Sao Paulo)., Issue 3, Folder 15, Page 369 375. Edited.
- ↑ "Gene therapy", www.mayoclinic.org, 2017-12-29, Retrieved 2020-08-06. Edited.
- ↑ Jim Daley (2020-01-01), "Gene Therapy Arrives", www.scientificamerican.com, Retrieved 2020-08-06. Edited.