ما هي الدهون البنية؟

ما هي الدهون البنية؟
ما هي الدهون البنية؟

الدهون البنية

حازت الدهون البنية على اهتمامٍ متزايد في الآونة الأخيرة لأن البعض وصفها بأنها دهون جيدة أو صحية وقادرة على حمايتك من السمنة وبعض المشاكل الصحية الأخرى، بما في ذلك السكري وأمراض القلب والشرايين، وهذه الدهون تتواجد طبيعيًا في أكياس أو تجمعات صغيرة داخل مناطق معينة من الجسم ليس عند البشر فحسب، وإنما عند معظم الثدييات أيضًا، وتتمحور وظيفة هذه الدهون أصلًا حول تدفئة جسم الكائن الحي، ولقد أجرى الباحثون دراسات كثيرة لفك ألغاز الدهون البنية ومعرفة طريقة عملها ووظائفها، وقد ربط البعض منهم بين هذه الدهون وبين انخفاض خطر الإصابة بالمشاكل الأيضية عند البشر والفئران أيضًا، وهنالك من تحدث عن علاقة بين هذه الدهون وبروتين يُدعى باللِّبتين[١]، وعلى أية حال فإن أكثر ما يُميز الدهون البنية عن الدهون البيضاء العادية هو أنها تحتوي على عدد أكبر من أجسام الميتوكوندريا الشهيرة، التي تختص في حرق الطاقة أو السعرات الحرارية لإنتاج الحرارة، وعادةً ما تبدأ الدهون البنية بالعمل عند تعرض الجسم للأجواء الباردة؛ وذلك لتدفئة الجسم عبر حرق الطاقة، لكن الكثير من الأمور ما تزال مجهولة حول هذه الدهون ومن المبكر القول بأنها مفيدة لحرق الدهون[٢].


الفرق بينها وبين الدهون الأخرى

تمتاز خلايا الدهون البنية باحتوائها على عدد أكبر من قطرات الدهون وكمية أكبر من الميتوكوندريا الغنية بالحديد، بعكس خلايا الدهون البيضاء، التي تحتوي على قطرة وحيدة من الدهون وعدد أقل من الميتوكوندريا الغنية بالحديد، ووجود الكثير من الميتوكوندريا الغنية بالحديد داخل خلايا الدهون البنية هو المسؤول عن اصطباغ الدهون البنية بلون بني أو أسود محمر، وتمتاز الدهون البنية كذلك باحتوائها على شعيرات أكثر من الدهون البيضاء، وهذا يرجع سببه إلى استهلاكها للكثير من الأكسجين، ومن بين أهم الفروقات الأخرى التي اكتشفها العلماء حديثًا بين الدهون البنية والدهون البيضاء، الآتي[٣]:

  • ترتبط الدهون البنية بعدد أكبر من الأعصاب اللاميلينية unmyelinated nerves، مما يوفر لها تحفيزًا عصبيًّا وديًّا أكثر من الدّهون البيضاء.
  • تتحول الدهون البنية إلى لون أكثر قتامة أو اسودادًا عند استنفاد مخزون المادة الدهنية الموجودة فيها أثناء المكوث في الأجواء الباردة.
  • تحرق الدهون البنية السعرات الحرارية لإنتاج الطاقة أو الحرارة في الأجواء الباردة، بعكس الدهون البيضاء التي تنشأ عن تراكم السعرات الحرارية نتيجة لتناول الكثير من الأطعمة الغنية بالطاقة.
  • يؤدي وجود الدهون البنية إلى تدفئة جسم الإنسان وعدم اضطراره إلى الرجفان، وهذا الأمر يظهر بوضوح عند الأطفال الرضع الذين لا يرجفون في البرد بسبب احتواء أجسامهم على نسب عالية من الدهون البنية، بينما يؤدي تراكم الدهون البيضاء إلى أخطار أيضية ومشاكل صحية، خاصة عند تراكمها في مناطق البطن والفخذين.
  • يحتوي جسم الإنسان البالغ المصاب بالسمنة على نسبة أقل من الدهون البنية مقارنة بالإنسان العادي غير السمين، وعادةً ما تتركز كتل الدهون البنية عند البالغ في أسفل الرقبة وفي المنطقة الواقعة فوق عظم الترقوة، وهنالك من يربط بين وجود هذه الدهون وبين الحفاظ على الوزن المثالي، بعكس الدهون البيضاء المرتبطة بالسمنة.


علاقة الدهون البنية بالسمنة

تتمكن الدهون البنية من تحطيم الغلوكوز أو السكر في الدم وجزيئات الدهون لغرض إنتاج الحرارة والحفاظ على حرارة الجسم، لكن المشكلة أن معظم الدهون الموجودة في أجسام الناس ليست من الدهون البنية، وإنما من الدهون البيضاء، ومن المعروف أن الدهون البيضاء مسؤولة عن تخزين الطاقة وليس استخدام الطاقة، وفي حال ازداد مستوى الدهون البيضاء لديك فإن النتيجة ستكون دون شك إصابتك بالسمنة، لكن هذا الأمر لم يمنع الباحثين من العمل بجهد أكبر على إيجاد طرق للاستفادة من نشاط الدهون البنية لغرض علاج السمنة والسكري ومشاكل أيضية أخرى[٤].

وعلى الرغم من أن العلماء لم يتمكنوا بعد من إيجاد طريقة للاستفادة من زيادة مستوى الدهون البنية في الجسم، إلا أن البعض منهم بدؤوا بالتفكير في تحويل الدهون البيضاء إلى دهون بنية، لكن من المتوقع أن يواجه الباحثون مطبات أخرى حتى ولو تمكنوا من تحويل الدهون البيضاء إلى بنية؛ لأن تفعيل الدهون البنية لحرق الدهون والتخلص من السمنة ليس بالأمر الواضح أو الممكن حاليًا، كما أن زيادة أو تفعيل الدهون البنية سيعني حرق المزيد من السعرات الحرارية وإشعار الإنسان بالجوع، وهذا سيؤدي إلى تناوله للمزيد من السعرات الحرارية وهكذا، وهذه الأمور في المحصلة تعني أن توظيف الدهون البنية للتخلص من السمنة ما زال أمرًا غير مكتمل المعالم وبحاجة إلى المزيد من الدراسات والتقصي[٣].


حمية الدهون البنية

ادعى أحد جراحي التجميل عام 2009 أنه توصل إلى وجود حمية غذائية لغرض زيادة مستوى الدهون البنية في الجسم وبناء العضلات وتعزيز العمليات الأيضية، ويقوم مبدأ هذه الحمية –باختصار- على التبادل في تناول الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات والأطعمة الغنية بالبروتينات فضلًا عن ممارسة التمارين الرياضية، وستسمح لك هذه الحمية أن تأكل أنواعًا مختلفة من الأطعمة؛ كالخبز والمعكرونة المصنوعة من الحبوب الكاملة، والخضراوات النشوية، والفواكه الغنية بالكربوهيدرات، ومصادر البروتينات غير الدهنية، والقهوة، لكن سيتوجب عليك الابتعاد عن الأطعمة المصنعة والحلويات والأطعمة التي تحتوي على الألوان والنكهات الصناعية والمواد الحافظة، كما سيتوجب عليك أداء تمارين رياضية لتقوية وسط أو صميم جسمك أيضًا، وستدوم خطة الحمية لـِ4 أسابيع تقريبًا، لكن بالطبع هنالك الكثير من المتشككين حول قدرة هذه الحمية على زيادة مستوى الدهون البنية في الجسم أو حتى إنقاص الوزن[٥].


مَعْلومَة

نشرت مجلة ساينتفك أمريكان العريقة مقالًا عام 2014 ناقشت فيه مسألة الدهون البنية والسمنة، وتحدثت المقالة عن اعتقاد بعض الخبراء بأن الدهون البنية هي بمثابة الكأس المقدسة التي يُمكن من خلالها مقاومة السمنة والتخلص من هذه المشكلة للأبد، لكن المقالة اعترفت أيضًا بأن الدهون البنية ليست موضوعًا يسهل دراسته؛ لأنَّه من الصعب أصلًا الحصول على الدهون البنية من أجسام البالغين، كما أن الكثير من الخبراء أظهروا شكوكهم حول إمكانية الاستفادة من كميات الدهون البنية الباقية في أجسام البالغين المصابين بالسمنة، وقالوا بأن طريقة استخدام أو تفعيل هذه الدهون سيتضمن بلا شك تعريض الجسم لدرجات حرارة منخفضة، وهذا ليس حلًا منطقيًا أو عمليًا لإنقاص الوزن، لكن هذه الأمور كلها لم تمنع الشركات والباحثين عن البحث أكثر في الوسائل التكنولوجية الحديثة لمضاعفة أعداد خلايا الدهون البنية وتفعيلها دون الحاجة لتعرض الجسم للحرارة المنخفضة[٦].


المراجع

  1. "Unlocking the Secrets of Brown Fat", Michigan Medicine -University of Michigan,30-3-2020، Retrieved 18-7-2020. Edited.
  2. Donald Hensrud, M.D. (7-11-2018), "What is brown fat? How is it different from other body fat?"، Mayo Clinic, Retrieved 18-7-2020. Edited.
  3. ^ أ ب University of Illinois (9-3-2017), "Brown fat: What is it and can it help reduce obesity?"، Medical News Today, Retrieved 18-7-2020. Edited.
  4. Harrison Wein, Ph.D. (10-9-2019), "How brown fat improves metabolism"، National Institutes of Health, Retrieved 18-7-2020. Edited.
  5. Christine Mikstas, RD, LD (18-2-2019), "Brown Fat Revolution Diet"، Webmd, Retrieved 18-7-2020. Edited.
  6. Melinda Wenner Moyer (15-7-2014), "Supercharging Brown Fat to Battle Obesity"، Scientific American, Retrieved 18-7-2020. Edited.

فيديو ذو صلة :