مفهوم النظام الاشتراكي

مفهوم النظام الاشتراكي
مفهوم النظام الاشتراكي

مفهوم النظام الاشتراكي

النظام الاشتراكي هو عقيدة اقتصادية واجتماعية تدعو إلى الملكية العامة للإنتاج بدلًا من الملكية الخاصة لها والسيطرة على الممتلكات والموارد الطبيعية، وتعتقد الاشتراكية أن كل ما ينتجه الفرد هو ناتج اجتماعي وكل شخص يساهم في إنتاج سلعة ما يحق له الحصول على حصّة منها، ويرى الاشتراكيون أن تحقيق الحرية والمساواة الحقيقية تتطلب سيطرة اجتماعية على الموارد التي توفر الازدهار للإنسان، وقد طرح كارل ماركس وفريدريش إنجلز هذه النقطة في بيان الحزب الشيوعي عام 1848 ميلادي، وأعلنا حينها أن التطوّر الحرّ لكل فرد هو التطوّر الحر للمجتمع وبهذا يكون المجتمع اشتراكيًا.[١]

ويحصل الفرد على ملكيته من وسائل الإنتاج بناءً على النظام الاشتراكي من خلال حكومة منتخبة ديمقراطيًا أو شركة تعاونية أو عامة يمتلك فيها كل فرد حصته، أما العوامل الأربعة للإنتاج التي حددتها الاشتراكية فهي؛ العمالة، والسلع، ورأس المال، والموارد الطبيعية، وأخيرًا ريادة الأعمال في العصر الحديث، ويفترض الاشتراكيون أن طبيعة الإنسان تعاونية ولكن الرأسمالية هي من أجبرت الأفراد والشركات على المنافسة، كما ويأخذ الاشتراكيون في عين الاعتبار كل من حاجات الفرد وحاجات المجتمع وشعارهم هو؛ "من كل حسب قدرته إلى كل حسب مساهمته"، أي يحصل الفرد على حصة من الإنتاج بقدر مساهمته فيه.[٢]


أسس النظام الاشتراكي

يقوم النظام الاشتراكي على مجموعة من الأسس والمبادئ، ومن أبرزها ما يأتي:[٣]

  • الملكية العامة: تعدّ الملكية العامة إحدى أهم أسس ومبادئ النظام الاشتراكي، وتعني أن الأفراد هم من يملكون وسائل الإنتاج والتوزيع سواء من خلال الدولة أو من خلال الشركات التعاونية، والهدف الأساسي لاستخدام وسائل الإنتاج هو الرفاه الاجتماعي وليس الربح.
  • التخطيط الاقتصادي: الاقتصاد الاشتراكي لا تحرّكه قوانين العرض والطلب، وهو الأمر الذي يميّزه عن الاقتصاد الرأسمالي، وبدلًا من ذلك يُخطط لجميع الأنشطة الاقتصادية؛ وهي الإنتاج والتوزيع والتبادل والاستهلاك، وتُنسق تلك الأنشطة من قبل سلطة تخطيط مركزية، وعادة ما تتولى الحكومة هذه المهمة، وبهذا يعتمد الاشتراكيون على التخطيط المركزي لتوزيع الثروة بدلًا من الاعتماد على قوى السوق.
  • المساواة: تحقيق المساواة الاقتصادية واحدة من أبرز الأسباب التي نهضت الاشتراكية لأجلها، إذ يهدف النظام الاشتراكي إلى مجتمع متساوٍ لا طبقات اجتماعية فيه، ويجب أن يحصل الأفراد في المجتمع الاشتراكي على المساواة الاقتصادية.
  • توفير الاحتياجات الأساسية: فمن أسس النظام الاشتراكي ومزاياه؛ توفير الحاجات الأساسية للأفراد من غذاء ومأوى وملابس وتعليم وصحة وعمالة من قبل الحكومة دون تمييز.
  • لا وجود للمنافسة: يقوم النظام الاشتراكي على أساس غير قابل للمنافسة في السوق؛ وذلك لأن الدولة بالنسبة له هي رائدة الأعمال الوحيد، وتركّز على توفير الضروريات مما يؤدي إلى خيارات محدودة لأفراد المجتمع.
  • التحكّم في الأسعار: في الاقتصادات الاشتراكية تتحكم الدولة في أسعار المنتجات في السوق وتنظمها، وهذا المبدأ الذي يحلّ مشكلة المنافسة الرأسمالية الذي لا يؤمن بها الاشتراكيون.
  • الرفاه الاجتماعي: فمن أهم مبادئ وأسس الاشتراكية حماية الطبقة العاملة من الاستغلال وتحقيق الرفاه الاجتماعي، فلا وجود للاستغلال في ظل النظام الاشتراكي، إذ تهتم الدولة بالطبقة العاملة بحماية العمالة وتحديد الحد الأدنى من الأجور وتعترف بالنقابات العمالية.


عيوب النظام الاشتراكي

فعلى الرغم من محاسن وإيجابيات النظام الاشتراكي الذي يسعى لتحقيق العدالة والمساواة الاقتصادية ورفاه الفرد والمجتمع، إلا أن له بعض العيوب والمآخذ ومنها:[٣]

  • لا وجود لأساس مناسب لحساب التكلفة: فنظرًا لأن وسائل الإنتاج مملوكة للحكومة فليس لها سعرًا في السوق، ويؤدي هذا إلى عدم وجود أساس مناسب لحساب تكاليف الإنتاج للسلع والخدمات، على عكس النظام الرأسمالي الذي تحدد فيه قوى السوق تكلفة الإنتاج والتسعير اللاحق للمنتجات.
  • قلّة الحوافز: يُفضل النظام الاشتراكي الرفاه الاجتماعي على حساب المصلحة الشخصية للأفراد، وبما أنه ضد تراكم الثروة في أيدي أفراد أو شركات بعينها، فتصل المجتمعات إلى نقطة يرفض فيها الفرد بذل مزيدًا من الجهد لأنه لن يحقق مكاسب شخصية لنفسه، وبالتالي يفقد الحافز، وفقدان الحافز عند العمال يؤدي إلى فقدان الإبداع في العمل وانخفاض الإنتاجية وتقليل معدل التنمية الاقتصادية.
  • انعدام الحرية الاقتصادية: فمن خلال الملكية الاجتماعية تسلب الاشتراكية حرية الأفراد في اختيار مهنهم على عكس الاقتصادات الرأسمالية التي تتيح حرية اختيار الفرد لمهنته، أما في النظام الاشتراكي يُعين العمال في وظائفهم من قبل سلطة التخطيط في الاقتصاد الاجتماعي ولا يستطيع أي عامل تغيير وظيفته إلا بموافقة سلطة التخطيط.
  • انعدام حرية المستهلك: فلا يستطيع الفرد اختيار السلع المناسبة له في ظل الاقتصادات الاشتراكية إذ تحدد سلطة التخطيط المنتجات التي ستُنتج وأسعارها ولا تتيح خيارات للمستهلكين كما تفعل الأنظمة الرأسمالية.
  • تركيز السلطة بيد الحكومة: يتيح النظام الاشتراكي تركيز السلطة والقوّة بيد الحكومة، الأمر الذي قد يزيد من فرصة الحكومات إلى الاستبداد والقمع، ويمكن لقادة الحكومات الاشتراكية إساءة استخدام هذه السلطة.[٢]


أصل النظام الاشتراكي

ظهر النظام الاشتراكي كمعارضة لتجاوزات وانتهاكات الفردية الليبرالية والرأسمالية وفي ظل الاقتصادات الرأسمالية المبكرة في أواخر القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، ففي هذه الفترة شهدت دول أوروبا الغربية ازديادًا في الإنتاج الصناعي ومضاعفة النمو الاقتصادي بوتيرة سريعة، مما أدى إلى تركّز الثروة بيد بعض الأفراد والأسر، وغرقت الطبقات الأخرى بالفقر المدفع، الأمر الذي خلق نوعًا من عدم المساواة في الدخل والاهتمامات الاجتماعية الأخرى، وكان من أشهر المفكرين الاشتراكيين روبرت أوين، وهنري دي سان سيمون، وكارل ماركس، وفلاديمير لينين.

ويعدّ فلاديمير لينين أول من شرح أفكار الاشتراكيين السابقين وساعد على جلب التخطيط الاشتراكي إلى المستوى الوطني، وكان ذلك بعد الثورة البلشفية في روسيا عام 1917 ميلادي، ومرّ النظام الاشتراكي بعد ذلك بالعديد من المراحل، وخلال القرن العشرين وبعد فشل التخطيط المركزي الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي سابقًا والصين، تكيّف الكثير من الاشتراكيين الحديثين مع آلية ذات تنظيم عالٍ تقوم على إعادة التوزيع، ويشار إليها باسم اشتراكية السوق أو الاشتراكية الديمقراطية.[٤]


مَعْلومَة

تقع الاشتراكية على النقيض تمامًا من الرأسمالية، وتوجد العديد من الفروقات بينهما تبرز فيما يلي:[٥]

  • ملكية الأصول: يمتلك الأفراد وسائل الإنتاج في النظام الرأسمالي، بينما وسائل الإنتاج مملوكة من الحكومات أو الشركات التعاونية في النظام الاشتراكي.
  • المساواة في الدخل: تحدد قوى السوق الحرّة دخل الأفراد في النظام الرأسمالي، بينما يوزّع الدخل بين الأفراد بالتساوي وحسب الحاجة في النظام الاشتراكي.
  • تحديد الأسعار: تُحدد الأسعار في النظم الرأسمالية حسب قانون العرض والطلب، أما الأسعار في النظم الاشتراكية فتُحدّد من قبل الحكومة.
  • الكفاءة والابتكار: النظام الرأسمالي يشجع المنافسة الحرة في السوق، والمنافسة الحرّة تشجع الكفاءة والابتكار، بينما تقل نسبة الكفاءة والحافز لدى شركات النظام الرأسمالي المملوكة للحكومة.
  • الرعاية الصحية: تُقدّم الرعاية الصحية في الأنظمة الرأسمالية من قِبل القطاع الخاص، بينما تقدّم الحكومات الرعاية الصحية المجانية أو المدعومة للأفراد مقابل الخدمات العامة.
  • الضرائب: تُحدّد الضرائب في النظام الرأسمالي بناءً على دخل الفرد، أما الضرائب في النظام الاشتراكي فهي مرتفعة وتكون مقابل الخدمات العامة المُقدّمة.


المراجع

  1. "Socialism", britannica, Retrieved 7-6-2020. Edited.
  2. ^ أ ب "Socialism and Its Characteristics, Pros, Cons, Examples, and Types", thebalance, Retrieved 7-6-2020. Edited.
  3. ^ أ ب "Socialism: Characteristics, Pros, Cons, Examples and Types", cleverism, Retrieved 7-6-2020. Edited.
  4. "Socialism", investopedia, Retrieved 7-6-2020. Edited.
  5. "Socialism vs. Capitalism: What Is the Difference?", thoughtco, Retrieved 7-6-2020. Edited.

فيديو ذو صلة :