بحث عن عقوق الوالدين

بحث عن عقوق الوالدين
بحث عن عقوق الوالدين

معنى عقوق الوالدين

كلمة العقوق لغتةً مشتقة من الْعَقِّ أي الْقَطْعُ، وبالتالي فأن عقوق الوالدين هو صدور ما يؤذي الوالد من ولده، والأمر يتعلق بالأقوال والأفعال على حدّ سواء، ولكن يُستثنى من ذلك الشرك أو المعصية، وقد وضحها الإمام ابن الجوزي في كتابه البر والصلة، وعرف عقوق الوالدين بمخالفتهما فيما يأمران أبنائهما في الأمور التي تقع ضمن ما أباح الله، وكذلك سوء الأدب في الأقوال أو الأفعال، إذ حذرنا الله سبحانه وتعالى من عقوق الوالدين في قوله سبحانه {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} [١].[٢]


أسباب عقوق الوالدين

لعقوق الوالدين هذا الأمر العظيم الذي حذرنا منه القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة الكثير من المظاهر وقد ترجع للعديد من الأسباب، وهو ما سنسلط الضوء فيما يلي:[٣]

  • الابتعاد عن الدين والجهل به، قد يجهل البعض ما عليه من حقوق تجاه والديه، ومدى خطورة معصية الله في هذا الأمر.
  • التربية البعيدة عن دين الله، وهي مرتبطة بالسبب الأول، أي أن الآباء لا يربون أبنائهم على تقوى الله وطاعته، وبالتالي سيكون عقوقهم في المستقبل هو ثمرة من ثمار هذه التربية.
  • التربية البعيدة عن الأخلاق، فالأولاد الذي يتربون على قلة الاحترام والعناد والإساءة للآخرين، سيطبقون ذلك في جميع مجالات حياتهم مستقبلًا، وسيكون تعاملهم مع آبائهم ضمن هذا التعامل.
  • العقوق الذي يمارسه الآباء على آبائهم، والأسوأ أن يكون ذلك أمام أبنائهم، إذ من الطبيعي أنهم سيعلموا بالمثل، فمن يعق والديه سيرى هذا العقوق بعد حين يُمارس عليه.
  • المشاكل العائلية، إذ إن وجود مشاكل ومشاحنات في العائلة بين الأزواج سيؤثر ذلك على الأبناء ويفرقهم، ويزيد من احقادهم التي قد تشمل في تأثيرها على الآباء.
  • الرغبة في التخلص من الآباء كطريقة للراحة والابتعاد عن المشاكل، فيسهل عليهم وضعهم في دور المسنين، ويعتبرون بأنه أمر طبيعي لكنهم يجهلون بأن الجنة تحت أقدام الأمهات، وأن خدمتها هو الطريق للجنة.


مظاهر عقوق الوالدين

لعقوق الوالدين مظاهر بعضها قد تكون بقصد واضح من الأبناء، ومنها ما يدخل في باب الجهل بهذه الكبيرة العظيمة، في حين نجد أن بعض الأبناء عندما يصبحون آباءً يستدركون أنفسهم ويستقيموا في هذا الأمر قبل فوات الأوان، وفيما يأتي الأفعال أو الأقوال التي يصدرها الأبناء، وتدخل في باب عقوق الوالدين التي يترتب عليها غضب الله تعالى:[٤]

  • يتسبب الأبناء أحيانًا بإدخال الحزن إلى قلب والديهما، سواءً في الأقوال أو الأفعال التي تصدر عنهم، فبعض الأبناء يتقصدوا ذلك ويدخلوا آبائهم في مشاكلهم الخاصة وتحملهم مسؤوليتها.
  • يتسبب الأبناء في إدخال الحزن إلى قلب والديهما عندما ينهروهما أو يزجروهما إما برفع الصوت أو بالشتم أو التلفظ بكلام غليظ، فقد حذر القرآن الكريم من هذا الأمر مباشرة، إذ لا يحتاج تفسيرًا ولا تأويلًا، قال الله تعالى : {وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [٥].
  • يتسبب الأبناء في إدخال الحزن إلى قلب والديهما عندما يصل للآباء شعور واضح بتضجر الأبناء من خدمتهم أو الالتزام بمرافقتهم، وهو أيضًا جاء بأمر رباني واضح، قال الله تعالى : {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [٦]
  • يتسبب الأبناء في إدخال الحزن إلى قلب والديهما عندما يقابلوهم بالوجه العبوس ومظاهر الغضب، فالمشاكل الشخصية التي يتعرض لها الأبناء لا يجب أن تنعكس على معاملة الآباء، وفي حال تعرض الأبناء لهكذا مشاكل فلا مانع من استشارة آبائهم بالكلام الهادئ الطيب الخالي من الاهانة وسوء الحديث.
  • يتسبب الأبناء في ادخال الحزن إلى قلب والديهما عندما يدخلونهم في المشاكل التي قد تنشأ بينهم كأبناء، وفي هذه الحالة سيكون الحزن والألم مضاعفًا، فمهما كانت ثمة مشاكل بين الأبناء لايجب عكسها على الوالدين، فالأبناء الواعين والناضجين يجب أن يظهروا أمام والديهما بأحسن صورة ممكنة.


حكم عقوق الوالدين

جاء تحريم عقوق الوالدين في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في أكثر من موضع، وقد حذر الله سبحانه وتعالى من مخالفة هذا الأمر لما له من نتائج سلبية في الدنيا والآخرة، فعاق والديه سيُخزى في الدنيا ولا يُستجاب لدعائه، ويُنبذ من بين الناس، ويتعرض للمصائب والبلاء، والأهم من ذلك أنه سيرى عقوق أبنائه عاجلًا أم آجلًا، والتي هي من أصعب وأقبح ما قد يمر به الإنسان في حياته، وفي المقابل سيخسر آخرته ويغضب الله عليه، ولا ينظر له الله يوم القيامة، إذ قال الرسول صلى الله عليه وسلم :[ثلاثة لا ينظر الله لهم يوم القيامة ولا يزكيهم: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة] [٧].[٤][٨]


حقوق الوالدين على الأبناء

يعد حق الآباء والأمهات على أبنائهم من أعظم الحقوق التي أوجبها الله على عباده، فالأم هي التي ربت وسهرت الليالي لراحة أبنائها ورعايتهم، وكانت دائمة الدعاء لهم بالتوفيق والهداية، والأب الذي عمل واجتهد طوال حياته حتى يؤمن لأبنائه المأكل والمسكن والملبس، فلا شيء يمكن أن يقدمه لهما أبنائهم سيوفيهم حقهم على جهدهم ومشاعرهم تجاههم، يقول رب العزة : {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا}[٩]، فالله تعالى يأمرنا بالبر بوالدينا والإحسان إليهما، ومدهم بجميع الوسائل التي تؤمن لهم الحياة الكريمة، ولكن هذا لا يكفي إنما يجب الرفق بهم والتعامل معهم بأدب وتقدير، والداوم على رفع شأنهم بين الناس، إذ تعد عبادة الله وتوحيده مقرون بالإحسان إلى الوالدين، الأمر الذي يدل على عظم رضاهم والترفق بهم ومعاملتهم المعاملة الحسنة، وعليه فالشريعة الإسلامية أوجبت للآباء حقوقًا على الأبناء حتى لو كانا من المشركين، قال الله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[١٠]، وهي جملة من الحقوق أهمها الاحترام المطلق وفي جميع الأوقات والأماكن، وعدم التفوه بما يُسيء لهما أو يغضبهما، وعدم رفع الصوت في وجودهما، بالإضافة لواجب الإنفاق عليهما، وأخيرًا حذرت الشريعة الإسلامية من مخالفة هذه الحقوق، وهو ما يدخل في حكم عقوق الوالدين، واعتبرتها من موجبات سوء الخاتمة، ففي الحديث الذي نُقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: [كل الذنوب يؤخر الله ما شاء منها إلى يوم القيامة، إلا عقوق الوالدين، فإن الله تعالى يُعَجِّلُهُ لصاحبه في الحياة قبل الممات] [١١].[١٢]


المراجع

  1. سورة الاسراء، آية: 23.
  2. "أقوال وكلمات عن عقوق الوالدين"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 30-10-2019. بتصرّف.
  3. Meram Mohamed (13-1-2019)، "بحث عن عقوق الوالدين كامل "، mlzamty، اطّلع عليه بتاريخ 30-10-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب Randa Abdulhameed ، "بحث عن عقوق الوالدين مع المراجع والمصادر "، thaqfya، اطّلع عليه بتاريخ 30-10-2019. بتصرّف.
  5. سورة الاسراء، آية: 23.
  6. سورة الاسراء، آية: 23.
  7. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبدالله بن عمر ، الصفحة أو الرقم: 2561، حسن صحيح.
  8. "الحكم على حديث: (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ..)"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 31-10-2019. بتصرّف.
  9. سورة الإسراء، آية: 23.
  10. سورة لقملن، آية: 15.
  11. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبو بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو الرقم: 6256، صحيح.
  12. "ما هي الواجبات المطلوبة من الابن تجاه والديه؟"، aliftaa، 8-7-2015، اطّلع عليه بتاريخ 30-10-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :