محتويات
تعريف بر الوالدين لغةً واصطلاحًا
يُعرف بر الوالدين لغةً بأنه من الفعل برَّ؛ وهو التوسع في الطاعة والإحسان، فبر والديه أي توسع في طاعتهما ووصلهما ورفق بهما وأحسن معاملتهما، والفعل المبرور؛ هو الفعل الذي لا شبهة فيه ولا خيانة ولا كذب،[١]أما بر الوالدين اصطلاحًا؛ فهو فعل الخيرات لهما وطاعتهما والإحسان إليهما وتقديم كل ما يلزمهما من رعاية ورفق ورحمة وخدمة ونفقات، كما أن الله عز وجل جعل للوالدين مكانة عظيمة لا تعدلها مكانة، وجعل بر الوالدين والسعي لإرضائهما والإحسان إليهما فرض عظيم، قال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا}[٢]، وقال تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا}[٣]، وقال تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير}،[٤]فبر الوالدين له فضل كبير وعظيم عند الله عز وجل.[٥][٦]
فضل برّ الوالدين في الدنيا والآخرة
فضل برّ الوالدين في الآخرة يتمثل بأن أول من يدخل الجنة هم البارين بوالديهم، وجزاء البار بوالديه الفوز بنعيم الجنة وتكفير السيئات والذنوب، كما أن فضل برّ الوالدين لا يقتصر على الإحسان إليهما وطاعتهما في الآخرة، بل يتعداه إلى الحياة الدنيا قبل الآخرة، فبر الوالدين له العديد من الآثار الجيدة التي تعود على صاحبه، ومن تلك الفضائل: البركة في العمر وزيادة في أجل الإنسان البار بوالديه، وذلك ما أكد عليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بالإضافة إلى أنه إجابة لدعاء المؤمن وتحقيق رجائه.
ويذكر بالأثر بأن ثلاثة أشخاص كانوا في الغار، فنزلت صخرة فسدت الغار على هؤلاء الأشخاص فخافوا على أنفسهم من الموت، فقال أحدهم ما رأيكم أن يذكر كل واحدٍ منا عملاً صالحًا قام به كان ابتغاء لوجه الله عسى الله أن يفرج عنا كربتنا بهذا العمل ويزيل تلك الصخرة عنا، فما كان من أحد الأشخاص إلا أن ذكر أنه لا يطعم أطفاله إلا ليطعم والديه قبلهم، وطلب من الله إن كان عمل ذلك العمل ابتغاء وجهه الكريم أن يفرج كربتهم ويزيل الصخرة، فأجاب الله دعاءه فانزاحت الصخرة.
كما يلقى البار بوالديه بر أحفاده وأبنائه جزاء عمله، كما أن من فضل بر الوالدين محبة الأهل والناس له؛ وذلك بسبب رضا والديه عليه، ومن فضل برّ الوالدين البركة والتوسعة في الرزق، ونيل رضا ومحبة الله عز وجل، بالإضافة للطمأنينة والسعادة والراحة التي يشعر بها الشخص بسبب رضا الله عز وجل، كما أن الإنسان البار تكون كافة أموره مسهلة، ويتوفق في كافة شؤون حياته، بالإضافة إلى توفيق الله للشخص في طاعته وعمل الخيرات.[٧]
نماذج وقصص عن بر الوالدين
يُعد بر الوالدين وصية الأنبياء سلام الله عليهم، فيخاطب سيدنا إبراهيم عليه السلام إمام الحنفاء وأبو الأنبياء والده باللين واللطف والرفق بالرغم من عناده وكفره حين يناديه إبراهيم عليه السلام، "يا أبت"، عندما دعاه لترك الشرك والضلال وعبادة الله الواحد، وعندما أبى وأعرض هدد سيدنا إبراهيم بالطرد والضرب، فكان رد سيدنا إبراهيم جميلاً: {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا}[٨]، كما أثنى الله عز وجل على سيدنا يحيي بن زكريا بقوله: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا}[٩].
وهؤلاء الذين أحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم ونفذوا وصيته، هذا أبو هريرة رضي الله عنه، إذا كان يود الخروج من منزله يقف على باب والدته فيقول: "السلام عليكم يا أماه ورحمة الله وبركاته"، فترد عليه السلام، فيقول: "رحمك الله يا أمي كما ربيتني صغيرًا"، فتقول له: "رحمك الله يا بُني كما بررتني كبيرًا"، وهذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، في إحدى الليالي طلبت والدته ماء، فذهب وجاء بالماء، ولكنه وجدها نائمة، فوقف في الماء عند رأسها حتى الصباح، فلم يوقظها خوفًا من إزعاجها، ولم يذهب خوفًا من أن تستيقظ وتطلب الماء فلا تجده، وهذا ابن الحسن التميمي عندما رأى عقربًا تدخل في جحر في البيت، أدخل يده وسد الجحر بأصابعه، فلدغته العقرب، فعندما سأل عما فعل قال: "خفت أن تخرج فتجىء لأمي فتلدغها"، وهذا ابن عون المزني عندما نادته والدته يومًا، فأجابها وكان صوته يعلو صوتها فندم على فعلته، وأعتق رقبتين.
ومع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حكاية عندما جاءه رجل يسمى كلابًا، فقد هاجر إلى المدينة بخلافة عمر بن الخطاب، فأقام فيها مدة، وفي ذات يوم لقي عددًا من الصحابة فسألهم عن أفضل الأعمال في الإسلام، فقالوا له الجهاد في سبيل الله، فذهب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يريد كلاب الغزو، فأرسله عمر إلى جيش في بلاد فارس، فلما علم والده بهذا تعلق به وقال له: "لا تدع أباك وأمك الشيخين الضعيفين فقد ربياك صغيرًا حتى إذا احتاجا إليك تركتهما؟" فقال: "أترككما لما هو خير لي"، وخرج كلاب بعد أن أرضى والده، فتأخر وأبطأ في الغزو، وكان أمه وأباه ذات يوم يجلسان في ظل نخل، فإذا بحمامة تدعو فرخها وتلعب وتلهو معه، فشاهدها الشيخ فبكى، وضعف بصره، فلما تأخر ابنه ذهب لعمر بن الخطاب، ودخل المسجد وقال: "والله يا ابن الخطاب لئن لم ترد عليَّ ولدي لأدعون عليك في عرفات"، فكتب أمير المؤمنين رضي الله عنه - برد ولده إليه.[١٠]
بر الوالدين بعد موتهما
سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن حقوق الوالدين بعد موتهما فذكر خمسة أمور:[١١]
- الصلاة عليهما والدعاء لهما: مثل صلاة الجنازة، والصلاة عليهما، والدعاء والترحم على الوالدين من أفضل أنواع البر في الموت والحياة.
- الاستغفار لهما: وهو أن يسأل الله عز وجل أن يغفر لوالديه سيئاتهم، وهذا يُعد من برهما في الحياة وفي الممات.
- إنفاذ عهدهما: وذلك يكون بتطبيق الوصية التي يوصيان بها، فمن الواجب على الأبناء إنفاذ عهدهما حسب موافقتها للشرع المطهر.
- إكرام صديقهما: فإذا كان للأم أو للأب أصدقاء وأقارب وأحباب فلا بد من زيارتهم والإحسان إليهم، كما يجب تقدير صحبة الوالدين، وذلك يكون بالإحسان وبالكلام الطيب، وكافة أنواع الخير التي يستطيع الشخص تقديمها، فهذا يُعد من برّ الوالدين بعد مماتهما.
- صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما: ويكون بالإحسان لأقارب الأب مثل الأعمام والعمات، وأقارب الأم مثل الأخوال والخالات، فهذا يعد من برّ الوالدين والإحسان إليهما.
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى بر الوالدين"، almaany، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 23.
- ↑ سورة النساء، آية: 36.
- ↑ سورة لقمان، آية: 14.
- ↑ "بر الوالدين"، kalemtayeb، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "فضل بر الوالدين "، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2020. بتصرّف.
- ↑ "فضل بر الوالدين وثمرات ذلك في الدنيا والآخرة"، zajelnews، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية: 47.
- ↑ سورة مريم، آية: 14.
- ↑ "نماذج وقصص عن بر الوالدين"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "كيفية بر الوالدين في الحياة وبعد الممات"، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2019. بتصرّف.