محتويات
السنّة النبويّة الشريفة
تناولت السنّة النبويّة الشريفة العديد من المواضيع كالأحكام الشرعيّة في العبادات وشروطها وأركانها، وضوابط المعاملات الاجتماعيّة والربحيّة وأساليبها، وسلوك الفرد في أسرته ومجتمعه وبين أصدقائه وما يهذّبه ويحثّه على الأخلاق الحسنة، وغيرها الكثير من التفاصيل التي تهدف لتشذيب حياة المسلم وجعلها عامرة في كنف الإسلام ورضا الله سبحانه وتعالى، وفي هذا المقال سنتاول واحدًا من الأحاديث النبويّة الصغيرة.
علم الحديث
يختص علم الحديث بالدين الإسلاميّ وحسب، ويعني الدراسة الشاملة لأحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم من حيث المتن والسند، وله عديد من الفروع كعلم أصول الحديث ومتن الأحاديث ورواياتها وعلم مصطلح الحديث وإسناد الحديث وغيرها، وجميعها تهدف للإحاطة بالإثر العظيم من السنّة النبويّة واستنباط الأحكام الفقهية التي تساعد الفرد المسلم على فهم دينه وتطبيقه بالطريقة الصحيحة واجتناب الأخطاء والزلات، ويتضمن العلم كل ما ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام من الأقوال والأفعال والتقرير أيضًا، سواء في ما قبل البعثة النبويّة أو بعدها، وقد كان مصدر العلماء في ذلك هو ما رواه صحابة الرسول والحُفاظ رضوان الله عنهم أجمعين، إذ كان أول هدفين حددوهما في سعيهم هو عدم ضياع أي شيء عن الرسول وحمايته من التحريف بما ليس فيه.
حديث شريف صغير
الدارس والمتعمّق في رحاب السنّة النبويّة الشريفة سيجد فيها الكثير من الفوائد والجماليات التي لا تنضب، فلكل حديث قصة ورواية ودلالة، ومنها يتعلّم المسلمون الكثير طالت تلك الأحاديث أو قصرت، ومن الأحاديث النبويّة القصيرة سنأخذ ما رواه الشيخ البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: (كلُّ أمتي يدخلون الجنةَ إلا من أبى، قالوا: يا رسولَ اللهِ، ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنةَ، ومن عصاني فقد أبى)، وفي هذا الحديث دلالات كثيرة نوضحها على شكل نقاط فيما يلي:
- يدور الحديث الشريف حول أول وأهم ركن من أركان الإسلام وهو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فقد رفع الله من مكانة نبيّه بحيث قرن التوحيد والشهادة والربوبية بالاعتراف بنبوة محمد عليه السلام.
- يرتبط الدين الإسلامي بالكتاب (القرآن الكريم) والسنّة النبويّة الشريفة كمصدرين أساسيين، وفي الحديث الشريف إظهار لتلك العلاقة الترابطية والمكملة لبعضها البعض ما بينهما.
- يدعو الحديث الشريف المسلمين إلى الاقتداء بسنّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما قدروا، مؤكدًا على أن الله أوحى إليه ما أراد عبر الوحي جبريل عليه السلام.
- يتبع الرسول عليه الصلاة والسلام أسلوب الترغيب في دعوة المسلمين إلى الصلاح والهداية ويعدهم بجنة عرضها السماوت والأرض أعدت للمتقين الرابحين منهم.
- يخصص الحديث الشريف الحديث عن فئة العاصين الذين سيكون مصيرهم النار ويحدّدهم بكلمة (من أبى)، أي الذين يعلمون الصواب ويختارون ألا يقوموا به وذلك مجاهرة بالكفر والطغيان وظلم لأنفسهم.
أنواع علم الحديث
يُعنى علم الحديث بدراسة وفهم ما ورد عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم وضبطته وتدوينه ونقله، وينقسم إلى قسمين أساسيين، هما:
- علم حديث رواية: يختصّ هذا العلم بدراسة نقل أحاديث الرسول من جيل إلى جيل بضبط سليم كتابةً وحفظًا، وممّا ساعد على إثرائه قوّة الذاكرة لدى العرب في شبه الجزيرة العربية، فلم تكن الكتابة معروفة أو متداولة آنذاك، وكذلك اهتمامهم بالسنّة النبويّة طلبًا للجنة ودار المقام، وطريقة الرسول وأسلوبه في رواية الحديث بتأن وانسياب وبلاغة متناهية، وكذلك أن أغلب الأحاديث النبويّة قصيرة وليست طويلة.
- علم حديث دراية: وهو العلم الذي يتعلق بالسند والمتن للأحاديث خاصة، وقد تأسس على تدوين المباحث الحديثية وتدوينها وكذلك عقد التآليف الجامعة في القرنين الثالث والرابع الهجريين، ومن أبرز الأئمة الذين اشتهروا فيه الإمام علي بن المديني، والإمام الشافعي، والشيخ عبد الفتاح أبو غدة.
أهداف علم الحديث
يركز علم الحديث بنوعيه على جملة من الأهداف المرجو تحقيقها، ومن أهمها:
- تسهل علوم الحديث على العلماء والمفسرين والفقهاء مهمة دراستها والتعمق فيها واستنباط الأحكام الشرعية منها.
- يساعد علم الحديث على التمييز بين الأنواع بسهولة إذا كانت صحيحة أو غير صحيحة، وذلك ساهم في استبعاد الكثير من الأحاديث الضعيفة.
- يساهم في الحفاظ على سنّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتعريف المسلمين بها، وفي هذا أجر كبير متبادل للقائمين على العلوم والسامعين لها والآخذين بها.
- يساعد على بناء العقلية الإسلامية الممحصة والناقدة، الحريصة على البحث في أمور الدين والبحث عن الحقيقة دون التبعية العمياء واللامنهجية في البحث.
- يساهم في الحفاظ على الأحاديث النبويّة من الضياع والاندثار، فالحديث تطلب مسيرة أجيال كثيرة تناقلته مشافهة حتى وصل إلينا اليوم.
