الطلاق
يُعرف الطلاق بحسب ما جاء في الشريعة الإسلامية أنّه حلّ رباط العلاقة الزوجية، وجاء لفظ كلمة الطلاق في القرآن الكريم 14 مرّة، وهو مشروع في كل من الكتاب والسُنة، إذ قال تعالى:{لَاجُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً}[١]، وأمّا في الإجماع، فقد أجمع على مشروعية الطلاق المسلمين جميعًا، أما مشروعيّته، فقد قال الإمام ابن قدامة (رحمه الله): "والعبرة دالة على جواز الطلاق، فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدةً محضةً، وضررًا مجردًا بإلزام الزوج النفقة والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شَرْع ما يزيل النكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه".[٢]
يمين الطلاق
اختلف علماء الإسلام في يمين الطلاق حسب إن كان يقصد به الزوج الحَث أو المَنع، فإذا حلف الزوج بالطلاق وكان يقصد المنع أو الحَث، كأن يقول: إذا فعلتي كذا فأنتِ طالق، فهو فعل الطلاق لكنّه لا يدخل في حكم يمين الطلاق، وهذا بإجماع المذاهب الأربع، والدليل على ذلك قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}[٣]، وقوله في سورة الطّلاق {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[٤]،
أمّا القول الثاني، كأن يحلف يمين الطلاق وهو يقصد به المنع والحث، فيقع في حكم اليمين؛ إذ أجمع على ذلك بعض السلف، واستدلوا بالآية الكريمة، قال اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}[٥]، يعني أنّ الله جعل التحريم يمينًا، فعن عُمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: [إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى فمن كانت هجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ فَهجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ ومن كانت هجرتُهُ إلى دنيا يصيبُها أو امرأةٍ ينْكحُها فَهجرتُهُ إلى ما هاجرَ إليْهِ][٦] وهذا يعني، أنَّ الذي يَنوي اليمينَ أو معنَى اليمينِ إذا حَنِثَ؛ فإنَّه يُجزئُه كفَّارةُ يمينٍ.[٧]
كفارة يمين الطلاق
على المسلم أن يحذر من الحلف بالطلاق، فهو حلف بغير الله، وهذا أمر عظيم، كما أنّ فيه تعريض الأسرة لخطر الانهيار وتعريض الروابط الزوجية للانفصال، وفي هذا من المفاسد الدينية والدنيوية ما لا يخفى على عاقل، والمرء في غنى عن ذلك كله.[٨] وتتمثل كفارة يمين الطلاق بإطعام عشرة مساكين، ونصيب كل مسكين هو نصف صاع أيّ حوالي كيلو ونصف من الأرز أو التمر أو أي من قوت البلاد، ولا يجوز إخراج النقود، بل فقط الطعام، سواء إطعامهم في بيتك، وتطعمهم واحدًا واحد أو اثنين اثنين حتى يكتمل عدد العشرة مساكين، ووردت في القرآن الكريم آية {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا}[٩].[١٠]
صيغ يمين الطلاق
ينقسم يمين الطلاق بلفظه وصيغه إلى قسمين، وهما:[١١]
- الطلاق الصريح: وهو كل ما يلفظ به الزوج لزوجته ولا يَحتمل إلّا الطلاق، كأن يقول لها: أنت طالق، أو طلقتك، أو عليّ الطلاق أو أنت مُطلقة، إذًا يقع الطلاق، لأنّه لا نيّة للزوج غير ذلك.
- الطلاق بالكناية: وهو كل ما يلفظ به الزوج ويحتمل الطلاق وغيره، كقوله أنتِ بائن أو اذهبي لبيت أهلكِ، أو اخرجِي، أو اذهبِي، أو أنت خَلِيّة، أو أنت بَرِيّة، أو خلَّيت سبيلك، وغيرها من المصطلحات المشابهة لتلك، وهذه الصيغة من الطلاق لا تقع بالكناية إلا بالنيّة، لأنّ لفظ الزوج يحتمل الطلاق وغيره، فإن نوى الطلاق لزمه، وإن لم ينوه فهو كما نوى، ومن قال لزوجته: أنت علي حرام، فهو على ما نواه من طلاق، أو ظهار؛ (أنّ يقول لزوجته إنّها مثل أيّ امرأة مُحرّمة عليه حُرمة أبدية)، أو يمين، ويتمثل الطلاق بثلاث صور:[١٢]
- الطلاق المنجز: غير مقيد بشيء، كأن يقول طلقتكِ.
- الطلاق المضاف: مؤجل، فينقضي حكم الطلاق بعد انقضاء المدة الذي حددها الزوج.
- الطلاق المعلق: معلّقٌ حصوله على وقوع الشرط.
قد يُهِمُّكَ
[أنَّ ابْنَ عُمَرَ، طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهي حَائِضٌ، فَسَأَلَ عُمَرُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَهَا، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ. قالَ: فَكانَ ابنُ عُمَرَ إذَا سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَهي حَائِضٌ يقولُ: أَمَّا أَنْتَ طَلَّقْتَهَا وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ، إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَهَا، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، وَأَمَّا أَنْتَ طَلَّقْتَهَا ثَلَاثًا، فقَدْ عَصَيْتَ رَبَّكَ فِيما أَمَرَكَ به مِن طَلَاقِ امْرَأَتِكَ، وَبَانَتْ مِنْكَ.][١٣]، في هذا الحديث الشريف معلومة قيّمة على كل شخص أن يعرفها، فالطلاق المشروع في الإسلام، أن يُطلق الرجل زوجته طلقة واحدة، وهي طاهر دون أن يُجامعها في هذا الطهر، وهذا ما يُسمّى بالطلاق السًني، أمّا الطلاق المنهي عنه في الإسلام، أن يطلق الزوج زوجته أكثر من مرة في لفظ واحد، أو أن يُطلقها وهي حائض، أو أن يُطلقها في طهرٍ كان قد جامعها فيه، وهذا يُسمى بالطلاق البدعي. [١٤]
وفي هذا الحديث، لما ذكر ابن عمر للرسول عليه السلام أنّه طلّق امراته وهي حائض غضب النبي جدًا، وأمره أن يُرجعها إلى عصمته، ثم ينتظر أن تطهر من حيضتها التي طلّقها فيها، ثم تحيض مرة أخرى بعدها وتطهر، فإذا أراد أن يطلقها في الطهر هذا فليفعل، بشرط أن يكون لم يجامعها فيه، فهذه هي العدّة التي أمر بها الله سبحانه وتعالى؛ إذ قال تعالى في سورة الطلاق: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[١٥][١٤]
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية: 236.
- ↑ "الطلاق وأحكامه في الإسلام"، alukah، 4-6-2020، اطّلع عليه بتاريخ 4-6-202. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 229.
- ↑ سورة الطلاق، آية: 1.
- ↑ سورة التحريم، آية: 1-2.
- ↑ رواه ابن تيمية ، في مجموع الفتاوى، عن [عمر بن الخطاب]، الصفحة أو الرقم: 20/223، صحيح.
- ↑ "الحَلِفُ بالطَّلاقِ"، dorar، 1-6-2020، اطّلع عليه بتاريخ 4-6-202. بتصرّف.
- ↑ "كفارة حلف يمين الطلاق"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 8-6-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 231.
- ↑ "حكم الحلف بالطلاق بنية المنع والتخويف"، binbaz، 1-6-2020، اطّلع عليه بتاريخ 4-6-202. بتصرّف.
- ↑ "صيغ الطلاق"، l-eman، 1-6-2020، اطّلع عليه بتاريخ 4-6-202. بتصرّف.
- ↑ "مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة", al-eman, Retrieved 8-6-2020. Edited.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن نافع مولى ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 1471 ، [صحيح].
- ^ أ ب "شروح الأحاديث"، dorar. بتصرّف.
- ↑ سورة الطلاق، آية: 1.