محتويات
معنى الهم والحزن
قد تظن أن الهم والحزن مُترادفان ويحِملانَ نفس المعنى وقد يكون ذلك صحيحًا، لكن إذا بحثت جيدًا فستجد فروقًا بينهما في المعنى، فكلمة هم مفردة وجمعها هموم، وتعني أن تنشغل بالتفكير في الأمور التي قد تحدث لكَ بشكل غير سار، كأن تُفكّر مثلًا أنك ستفقد وظيفتك، وكلّما زاد تفكيرك بهذه الأمور زاد همك، رغم أنه لم يحدث أيَّ شيءٍ بعد، أما الحزن هو أحد المشاعر التي قد تُصيبك بعد حدوث أمر غير سار لك، وقد ظهر ذلك جليًا في قصة يعقوب عليه السلام حين فقدَ ولديه يوسف عليه السلام وبنيامين كما ورد في الآية الكريمة: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُون}[١]، فحُزنه هذا وقع بعدما حلَّ به من الأمور التي لا تُسعده، وتُسبب له حُرقةً في قلبه، فهو يشكو إلى الله من حزنه على ما حلَّ بولديه.[٢]
الفرق بين الهم والحزن
إن من الأدلة القوية على اختلاف معنى الهم عن الحزن هو ذلك الدعاء المأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم: [اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ][٣]،[٢]ويُطلق الهم على المكروه الذي يخافه الإنسان في المستقبل، كأن يكون عندكَ امتحان في الغد وأنتَ خائف من النتيجة، أو كأن يكون عندك مُقابلة عمل في الأسبوع المُقبل وأنت قلق مما ستُسأل فيها، فكلّما زاد التفكير السلبي في عقلك كُلّما شُغِلَ بالُك وأُرّق فكرك، يقول البُحتري: "خَفِّضْ عَلَيْكَ مِنَ الهُمُومِ فإنَّما * يَحظَى برَاحَةِ دَهْرِهِ مَنْ خَفَّضَا".
أمّا الحزن فيكون على مُصاب قد حدث لك، وكلمة حزن لها وجهان من التشكيل هما الحُزن والحَزَن، إنَّ معناهما مُتقارِب وهو نقيض الفرح والسرور، كما يقول صاحب (اللسان) فالفرق بينهما أنَّ الحزن بفتح الزاي هو الأسى والاستياء والاكتئاب الدائم مع الإنسان، أمّا الحُزن بضم الحاء وسكون الزاي، فهو حالة مؤقتة من الغم والكآبة، ويفرِّق الإمام ابن القيم بين الهمِّ والحزن والغَمِّ، فيقول: "المكروه الوارد على القلب، إن كانَ مِن أمرٍ ماضٍ أحدَثَ الحزَنَ، وإن كانَ مِن مستقبلٍ أحدَثَ الهمَّ، وإن كانَ مِن أمرٍ حاضرٍ أحدَثَ الغَمَّ"، ومن المُمكن أن يمحو الحزن حزنًا آخر كما يقول الشاعر:[٤]
وإني رأيتُ الحُزْنَ للحُزْنِ مَاحِيًا
- كمَا خطَّ في القِرطاسِ سطرٌ على سَطْرِ.
كيف نتغلَّب على الهم والحزن؟
الشعور بالهم والحزن قد يُوَّلّد الاكتئاب الذي يجعلك تشعر بالعجز، وإلى جانب العلاج والأدوية هناك كثير من الأمور التي يُمكنك أن تفعلها بنفسك، فتغير سلوكك، ونشاطك البدني، ونمط حياتك بالإضافة إلى تغيير طريقة تفكيرك وهذه كلّها علاجات طبيعية وفيها ستتغلَّب على شعوريّ الهم والحزن. سنقدّم اليكَ بعض النصائح التي ستُساعدك في تحسين شعورك وتُخلّصك من همومك وأحزانك:[٥]
- حدّد أهدافك: عندما تشعر بالهم أو الحزن، قد تشعر أنك لا تستطيع تحقيق أي شيء، وهذا يجعلك تشعر بسوء تجاه نفسك، لذلك حدّد أهدافًا يومية وحاول إنجازها، عندما تبدأ في الشعور بالتحسن، يمكنك إضافة أهداف يومية أكثر تحديًا.
- مارس التمارين الرياضية: إنها تعزز مؤقتًا مواد كيميائية جيدة تسمى الإندورفين، قد يكون له أيضًا فوائد طويلة المدى للأشخاص المصابين بالاكتئاب الناتج عن الهم أو الحزن، إذ إن التمرين المنتظم يشجع الدماغ على إعادة بناء نفسه بطرق إيجابية، وهذا لا يعني بالضرورة أن تُرهق نفسك بتمارين شاقّة، فمجرد المشي لعدّة مرّات في الأسبوع قد يفي بالغرض.
- تناول طعامًا صحيًا: لا يوجد نظام غذائي سحري يصلح لحالتك النفسيّة لكنّ من الجيد أن تراقب ما تأكله، فإذا كان الاكتئاب يجعلك تميل إلى الإفراط في تناول الطعام، فإن التحكم في طعامك سيساعدك على الشعور بتحسن، هناك أدلة على أن الأطعمة التي تحتوي على أحماض أوميجا 3 الدهنية؛ مثل السلمون والتونة، وحمض الفوليك؛ كالسبانخ والأفوكادو، يمكن أن تساعد في تخفيف الاكتئاب وتحسين حالتك النفسية.
- احصل على قسط كاف من النوم: الاكتئاب يمكن أن يجعل من الصعب الحصول على ما يكفي من النوم، وقلة النوم يمكن أن تجعل حالتك النفسية أسوأ، لذلك حاول أن تأخذ قسطًا يكفيك من الراحة، ويُمكنك مساعدة نفسك على ذلك كأن تنام كل يوم في نفس الموعد وتستيقظ في نفس الموعد، وعليكَ أن تُخرج كل ما يُشتت الفكر من غرفة نومك كالتلفاز والهاتف المحمول، وبذلك قد تحصل على نتيجة مُرضية.
مَعْلومَة
قد يؤثر الحزن سلبًا على صحتك بدايةً من قدراتك المعرفيّة، مرورًا بالجهاز الهضمي، حتى طريقة نومك، لذلك عليكَ أن تحرص دائمًا على الابتعاد عن مسببات الحزن التي تؤدي إلى عدّة مخاطر منها:[٦]
- تغيير طريقة تفكيرك للأسوء.
- مشاكل في القلب.
- إضعاف مناعتك.
- آلام في الجسد.
- اضطرابات النوم.
- مشاكل في الجهاز الهضمي وفقدان الشهيّة والوزن.
المراجع
- ↑ سورة يوسف، آية: 86.
- ^ أ ب "الفرق بين الحزن والهم والغم"، almrsal، اطّلع عليه بتاريخ 15-6-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5425، صحيح.
- ↑ "الهم والحزن الضيفان الثقيلان"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 15-6-2020. بتصرّف.
- ↑ "10 Natural Depression Treatments", webmd, Retrieved 16-6-2020. Edited.
- ↑ "How does depression affect the body?", medicalnewstoday, Retrieved 16-6-2020. Edited.