الشكوى لله وحده
إن الاستغناء بالله تعالى عن الناس والتوكل عليه سبحانه في الفقر والحاجة والضراء والشكوى من تمام العبودية لله عز وجل، فالشكوى لا تكون إلا لله تعالى وحده كما قال شيخ الإسلام ابن تيمّة رحمه الله تعالى، وقد ورد عن ابن القيم رحمه الله أيضًا أن الله عز وجل أمر في كتابه بالصبر الجميل، والصفح الجميل، والهجر الجميل؛ فلا شكوى ولا عتاب ولا أذى، ولكن على الانسان أن يعلم بأنّ الشكوى لا تُنافي الصبر إذا كانت لله وحده فَإِنَّ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَعَدَ بِالصَّبْرِ الْجَمِيلِ، وَالنَّبِيُّ إِذَا وَعَدَ لَا يُخْلِفُ. ثُمَّ قَالَ: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) يوسف/ 86، وتظهر هنا أنّ الشكوى نوعان؛ نوعٌ لا ينافي الصبر؛ وهو الّذي تكون الشكوى فيه لله، كشكوى أيوب عندما شكا حزنه لله تعالى لكن مع الصبر الجميل، أما النوع الثاني فهو؛ شكواه لا الشكوى له، ولا صبر في هذه، فلا يشكو المرء إلا لله تعالى ولا يرفع حاجته إلّا له، وقد كان هذا حال الأنبياء في حاجاتهم وشكايتهم.[١]
ويُشرع للعبد أن يجعل شكواه لله تعالى وحده، لكن الشكوى للمخلوق تتعارضُ وكمالُ الصبر، فقد يكون فيها رجاءٌ للمخلوق وتسخطٌ من قدر الله، لكن بعض الشكوى للمخلوق ليس فيها تحريم في حال كانت لغرضٍ ما، كطلب العون من منهم بالمساعدة على إزالة الضرر، أما إن كانت دون حاجة فلها حكم الكراهيّة، أمّا إن كان مع الشكوى تسخُّط من أقدار الله عز وجل فهي محرمة.[٢]
الصبر وفضائله
يمكن تعريف الصبر بأنه حبس النفس عن محارم الله، وحبسها على فرائضه، وحبسها عن السخط والشكوى لما يصيب الإنسان من أقدار، وعُرِّف أيضًا؛ بأنه ترك الشكوى من ألم البلوى لغير الله لا إلى الله.[٣] و للصبر مجالات متعددة؛ كالصبر على طاعة الله عز وجل وعبادته، والصبر على الابتلاء ومنها فقد الأحبة، والصبر على المرض وضيق ذات اليد، والصبر على ظلم ولاة الأمر، وقتال الأعداء والصبر على تربية البنات وصبر الزوجة على زوجها والزوج على زوجته، والصبر على كسب الرزق والإنفاق على الأسرة.[٤] وللصابر عند الله منزلةٌ عظيمة كما أنّ للصبر ثمراتٌ عديدة، وفيما يأتي تعدادها:
- تحقيق الإيمان: الصبر من الإيمان، والايمان قول وعمل واعتقاد، ودلّ القرآن وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم على ذلك، وقد روى الطبراني في الكبير عن ابن مسعود أنّ الصبر نصف الإيمان، كما أنّ الصبر يُحقق الصدق والتقوى، ويحقق الإخبات وهو الخضوع لله تعالى وتحقيق الهداية أيضًا؛ لأنّ بالصبر هداية القلب وراحةُ البال.
- نيل الرحمة والصلوات: وأيضًا نيل محبة الله وجنته، والمغفرة منه، وتكفير السيِّئات والحصول على الأجر الجزيل، والبقاء في معيّة الله، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153[.
المراجع
- ↑ "كيف تكون الشكوى إلى الله تعالى وحده ؟"، الإسلام سؤال وجواب، 2015-7-6، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-26. بتصرّف.
- ↑ "أحوال الشكوى إلى المخلوق وحكم مقولة الشكوى لغير الله مذلة"، اسلام ويب، 2014-11-10، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-26. بتصرّف.
- ↑ المشرف العام/ علوي السقاف، "معنى الصبر لغةً واصطلاحًا"، الدرر السنيّة، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-25. بتصرّف.
- ↑ د.مهران عثمان، "الصبر"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-29.