الصيام
يُعرف الصيام لغةً بأنه الإمساك عن أمر ما والكفُّ عنه، كما ورد في قوله تعالى: (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا)[سورة مريم: 26]، في حين يُعرف الصيام في الشرع بأنه إمساك النفس عن الشهوات، سواء كانت شهوات الفرج أم البطن، أو ما يحلُّ بمقامهما لمخالفة الهوى طاعةً لله -جل وعلا -، من فترة طلوع الفجر وحتى غروب الشمس، مع عقد نية الصوم قبل الفجر أو بنفس وقته إن كان ذلك ممكنًا.[١].
وقد كان الصيام مشروعًا لدى الأمم السابقة، ولدى أهل الكتاب الذين عاشوا خلال حقبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد ذُكر ذلك الأمر في آيات القرآن الكريم، إلا أنّ أمّة رسول الله عليه الصّلاة والسّلام فرض عليها الصيام بشهر رمضان، إذ إنّه لم يُحدد قبل تلك الفترة، فالتقت الأمّة الإسلامية مع الأمم السابقة بفرض الصيام، واختلفت بتحديد وقت الصيام، فأصبح المسلمين مخصصين في صيام شهر رمضان المُبارك، وقد فُرض الصيام في شهر شعبان من العام الثاني من الهجرة؛ فكُتِبَ الصيام بشهر رمضان للمرّة الأولى تخييرًا؛ أي من أراد الصيام فليصم ومن شاء فافتدى؛ أي أن يُطعم عن كل يومٍ أفطر به مسكينًا، ثمّ بعد ذلك أصبح الصيام عَينًا، أي لا بُدّ للإنسان من الصيام، فكان تشريع الصيام على فترتين؛ الأولى هي التخيير، والثانية هي التّعيين.[٢].
أوّل مَن صام من الأنبياء
يعدّ الصيام من العبادات القديمة التي فُرضت قبل أن يُشرّع الإسلام؛ إذ ذكر السّيوطيّ في كتاب الوسائل إلى معرفة الأوائل بأنّ سيدنا آدم -عليه السّلام- هو أول من صام من الأنبياء، إذ كان يصوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر، وقد ورد عن الضّحّاك أنّه قال أن نوح -عليه السّلام- هو أوّل من صام لله -جل وعلا- ثمّ تبعته باقي الأمم في عادة الصيام ،[٣] وقد اختلف العلماء بالكيفيّة التي صانت بها الأمم السّابقة، قال الله -تعالى في كتابه الكريم: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ)[سورة البقرة:183] إلا أنه لم تُذكر الكيفية التي صامت بها الأمم السابقة، فقال عدد من العلماء إنّ الصوم كان واجبًا على الأمم التي سبقت الإسلام، إلّا أنّه لم يكن يشبه صيام المسلمين، فالتشبيه الذي ذكر في الآية الكريمة بأصل وجوب الصوم مع الاختلاف بالكيفيّة، فيما فصّل عدد من العلماء؛ منهم عبد الله بن عبّاس، ومعاذ بن جبل، والضّحاك، فاتفقوا على أن الصيام كان متفاوتًا بالأيّام بين الأمم؛ إذ صام سيدنا آدم -عليه السّلام- الأيام البِيْض، وصام نبي الله موسى -عليه السّلام- يوم عاشوراء، فيما صام سيدنا نوح -عليه السلام- يوم عاشوراء وثلاثة أيّام من كلّ شهر، حتى بداية الدعوة إلى الإسلام، فنُسخ الصيام وأصبح أيّام معدودات، إلى أن نُسخ ذلك الأمر حتى أصبحت الأيّام هي شهر كامل وهو شهر رمضان المبارك.[٤]
المراجع
- ↑ الحاجّة كوكب عبيد ( 1406 هـ - 1986 م)، فقه العبادات على المذهب المالكي (الطبعة الأولى)، دمشق - سوريا: مطبعة الإنشاء، صفحة 303، جزء 1.
- ↑ محمد بن صالح العثيمين (.)، جلسات رمضانية ، صفحة 2، جزء 7.
- ↑ "أول من صام في الإسلام"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-29. بتصرّف.
- ↑ "الصيام في الأمم السابقة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-29. بتصرّف.