عدد ركعات قيام الليل ووقتها

مفهوم قيام الليل

تعرف كلمة قيام في معاجم اللغة العربية بأنها مصدر مشتق من الفعل الثلاثي قام بمعنى وقف وأدى وأنجز، فنقول شجعه للقيام بالواجب أي شجعه لإنجاز الواجب فقام به خير قيام، والليل لغة هو وقت مخصوص من اليوم يمتد من غروب الشمس ويستمر إلى طلوع الفجر، وعليه فإن قيام الليل اصطلاحًا وحسب الشريعة الإسلامية فهو قضاء الليل أو جزء منه بالعبادة المشروعة من صلاة، ودعاء، وقراءة قرآن، وتسبيح، واستغفار، وغير ذلك.[١]


عدد ركعات قيام الليل ووقته

مما لا شك فيه أن مصادر التشريع في الدين الإسلامي هي القرآن الكريم وهو كلام الله المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والأحاديث النبوية الشريفة التي تلفظ بها النبي المصطفى عليه السلام، وقد أجمع جمهور أهل العلم أنه لم يرد في أي من مصادر التشريع تحديدًا على وجه الوجوب أو الإلزام فيما يتعلق بعدد ركعات قيام الليل، ويسن الاقتداء بهدي النبي المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلم على وجه الاستحباب والأفضليه ليس إلا، فقد كان هديه عليه السلام أن يصلي 11 ركعةً، يسلم بين كل اثنتين مع الإطالة في القراءة والسجود والركوع، على أن يبدأ هذه الركعات بركعتين خفيفتين، فمَن صلّى 3 أو 5 أو أكثر فلا حرج، فكل حسب قدرته واستطاعته على أن يختم بركعة وتر لما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنه، قال: (سَأَلَ رَجُلٌ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو علَى المِنْبَرِ، ما تَرَى في صَلَاةِ اللَّيْلِ، قَالَ: مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى واحِدَةً، فأوْتَرَتْ له ما صَلَّى وإنَّه كانَ يقولُ: اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا، فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ بهِ) [رواه البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وقد اتفق جمهور أهل العلم أن حكم صلاة الليل نافلة مؤكدة، فقد ندب إليها القرآن الكريم فمدح أهلها، مؤكدين أن أدناها ركعة وتر واحدة كما جاء في الحديث الشريف سابقًا، ولا حصر لأكثرها، فقد كان أبيّ بن كعب رضي الله عنه يؤم بالصحابة فيصلون خلفه 20 ركعة زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولم ينكر عليهم الخليفة ذلك. [٢][٣][٤]

ذكرنا في مطلع المقال أن الليل في اللغة العربية يمتد من غروب الشمس حتى طلوع الفجر، وعليه فإن وقت القيام يمتد خلال الوقت المذكور، فكل ركعة نافلة زائدة عن الفريضة يؤميها العبد بعد صلاة المغرب إلى ما قبل الفجر تدخل في عداد القيام، علمًا أن أفضل وقت هو الثلث الأخير من الليل ومقتضى أفضليته هو الثواب الجزيل من ناحية، وهدي النبي عليه السلام من ناحية أخرى، بالإضافة إلى ما جاء في الحديث النبوي الصحيح من نزول الله إلى السماء الدنيا وإجابة دعاء الداعين من ناحية ثالثة، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله أنه قال: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له*) [رواه البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وفي هذا المقام ينبغي التنويه إلى أن الأمور تقدر بمقاديرها، فإذا كانت صلاة الإنسان في أول الليل أكثر خشوعًا وتدبرًا وقدرة على الإطالة، مقارنة مع ثلث الليل، فإن صلاته في أول الليل أفضل، لأن ما يتعلق بذات العبادة مقدم على ما يتعلق بزمان العبادة أو مكانها.[٥][٦][٧]


الأمور التي تعين على قيام الليل

توجد الكثير من الأمور التي تساعد العبد على الاستيقاظ لإحياء الليل بالعبادة، ومنها ما يأتي:[٨]

  • إخلاص النية لله جل وعلا بعيدًا عن المراءاة والمباهاة بين الخلائق ليُقال كذا وكذا، فكلما أخلص العبد نيته كان أقرب إلى التوفيق، فصلاح العمل إنما هو من صلاح القلب، وصلاح الأخير إنما هو من صلاح النية، وعلى قدر صلاح النية تكون الإعانة من الله جل وعلا.
  • الاستشعار بحقيقة أن الله غني عن طاعة الناس، وهم فقراء إليه، فقيامهم لأداء العبادة تحقيقًا لمرادهم وإنقاذًا لأنفسهم من التهلكة بالدرجة الأولى، فالتفكير من هذا الجانب أدعى للاستجابة.
  • التعرف على فضائل قيام الليل، وماهية الثواب العظيم الذي أعده الله جل وعلا لعباده القائمين والمستغفرين في الأسحار، ومنها أن صلاة الليل أفضل صلاة بعد الفريضة، وأحبها إلى الله، ووسيلة قرب من الله جل وعلا، كما أنه عبادة تطرد الغفلة عن القلب، وتداويه من الأقسام الروحية والبدنية على حد سواء.
  • الاقتداء بالنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم لإحياء سنته، والنظر في حال السلف الصالح الذين لازموا هذه العبادة؛ فكانوا يتلذذون بها، ويفرحون بأدائها أشد الفرح.
  • النوم على طهارة، مع اختيار وضعية النوم المناسبة وهي على الجانب الأيمن لا على البطن ولا الظهر ولا الجانب الأيسر.
  • الخلود إلى النوم في ساعات مبكرة، مع تجنب السهر فيما لا طائل منه، مع تجنب المبالغة في حشو الفراش وتنعيمه لأنه مدعاة للغفلة ومجلبة للكسل.
  • الالتزام بالأذكار الشرعية، خاصّةً قبل النوم، فهي بمثابة حصن يقي الإنسان من الشيطان.
  • الحرص على قيلولة النهار سواء قبل الظهر أو بعده، مع ضرورة عدم الإفراط في شرب الشراب أو تناول الطعام عمومًا، لا سيما في أوقات متأخرة من الليل.
  • مجاهدة النفس على الطاعة، لأنها أمّارة بالسوء تميل إلى السر والمنكر فمَن أطاعها واتبع هواه فقد ضل وشقي وهلك، ومَن جاهد نفسه بالطاعة فقد فاز فوزًا عظيمًا.
  • الابتعاد عن المعاصي والذنوب ما ظهر منها وما بطن، فلا يوفق من تلطخ بالمعاصي لأداء الطاعة، وقيام الليل شرق بل أعظم شرف فلن يناله العاصي لأنه لا يستحق.
  • الحرص على مسائلة النفس ومحاسبتها وتوبيخها.


المراجع

  1. "تعريف و معنى قيام الليل في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2019.
  2. "عدد ركعات صلاة الليل"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2019.
  3. "الموسوعة الحديثية"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2019.
  4. "تحقيق القول في عدد ركعات قيام الليل، وأفضل وقت لأدائها"، إسلام ويب، 21-1-2002، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2019.
  5. " أفضل وقت لقيام الليل وهل الأولى أن يقوم أوله إن كان أكثر نشاطا وتدبرا من آخره"، إسلام ويب، 18-1-2015، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2019.
  6. "الموسوعة الحديثية"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2019.
  7. "صلاة النافلة بعد المغرب هل تحسب من قيام الليل"، إسلام ويب، 6-7-2011، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2019.
  8. "الأسباب المعينة على قيام الليل"، الإسلام سؤال وجواب، 16-12-2000، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2019.

فيديو ذو صلة :