خطبة عن يوم عاشوراء

خطبة عن يوم عاشوراء
خطبة عن يوم عاشوراء

يوم عاشوراء

جعل الله تعالى فاتحة العام شهرًا مباركًا تشرع فيه الطاعة والعبادة، وكأنه يعلّم عباده أن يستفتحوا كل أمر بطاعته وتقواه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أَفْضَلُ الصِّيامِ، بَعْدَ رَمَضانَ، شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ، وأَفْضَلُ الصَّلاةِ، بَعْدَ الفَرِيضَةِ، صَلاةُ اللَّيْلِ][١]، فهذا الحديث صريح الدلالة على تفضيل الصوم في هذا الشهر المحرم، وقال أبو عثمان النهدي: "كانوا يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان والعشر الأول من ذي الحجة والعشر الأول من المحرم". كما اختص الله سبحانه وتعالى شهر محرّم بيوم عاشوراء وهو اليوم العاشر منه، وورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم الفضل العظيم الذي يعود على المسلم من صيام يوم عاشوراء، وصيام يوم قبله أو يوم بعده.[٢]


فضل يوم عاشوراء

يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم، ويعود فضل هذا اليوم إلى نجاة سيدنا موسى عليه السلام وقومه من فرعون وجنوده بفضل الله عز وجلّ، ولهذا صامه النبي موسى عليه السلام شكرًا لله تعالى على نجاته، وبعدها صامه رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام وأمر المسلمين بصيامه،[٣]وصيام يوم عاشوراء يٌكفر ذنوب السنة السابقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ][٤]، وهذا من فضائل الله علينا أنه يكفر لنا ذنوب سنة كاملة بصيام يوم واحد، وقد كان نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم يحرص على صيام عاشوراء من كل عام، لمكانته العظيمة ولأجره الكبير، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: [مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ][٥].

وعندما نتحدث عن عاشوراء فلا بد لك أن تعرف سبب صوم الرسول له وحث المسلمين على فعل ذلك، فعن عبدالله بن عباس قال: [قَدِمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَومَ عَاشُورَاءَ، فَقالَ: ما هذا؟، قالوا: هذا يَوْمٌ صَالِحٌ هذا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إسْرَائِيلَ مِن عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قالَ: فأنَا أحَقُّ بمُوسَى مِنكُمْ، فَصَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ][٦]، وأما فيما يتعلق بنوع الذنوب والمعاصي التي يكفر عنها يوم عاشوراء في السنة السابقة فتشمل الصغائر فقط، وأما الكبائر فتحتاج إلى توبة خاصة، فقال النووي رحمه الله : "يُكَفِّرُ ( صيام يوم عرفة ) كُلَّ الذُّنُوبِ الصَّغَائِرِ , وَتَقْدِيرُهُ يَغْفِرُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا إلا الْكَبَائِرَ"، ثم قال رحمه الله : "صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ , وَيَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ , وَإِذَا وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ فَإِنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنْ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ , وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً كُتِبَتْ بِهِ حَسَنَاتٌ وَرُفِعَتْ لَهُ بِهِ دَرَجَاتٌ , وَإِنْ صَادَفَ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ وَلَمْ يُصَادِفْ صَغَائِرَ , رَجَوْنَا أَنْ تُخَفِّفَ مِنْ الْكَبَائِرِ" وقال ابن تيمية: "وَتَكْفِيرُ الطَّهَارَةِ , وَالصَّلاةِ , وَصِيَامِ رَمَضَانَ , وَعَرَفَةَ , وَعَاشُورَاءَ لِلصَّغَائِرِ فَقَطْ".[٧]


بماذا يمتاز شهر محرم عن غيره من الشهور؟

يمتاز شهر محرم عن غيره من الشهور بأنه حرّمَ فيه القتال، وهذا الأمر من أحكامه، فقال ابن كثير رحمه الله: "وقد اختلف العلماء في تحريم ابتداء القتال في الشهر الحرام هل هو منسوخ أو محكم"، ويستند القول الأول الذي يعتبره منسوخ على قوله تعالى: {فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ}[٨]، وهو الرأي الأشهر الذي أمر الله تعالى فيه بقتال المشركين، أما الرأي الثاني وهو المحكم فيستند على قوله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[٩]، وقوله تعالى: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشهُرُ الحُرُمُ فَاقتُلُوا المُشرِكينَ حَيثُ وَجَدتُموهُم وَخُذوهُم وَاحصُروهُم وَاقعُدوا لَهُم كُلَّ مَرصَدٍ فَإِن تابوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلّوا سَبيلَهُم إِنَّ اللَّـهَ غَفورٌ رَحيمٌ}[١٠].[١١]

ويأتي فضل شهر محرم بأنه شهر مبارك وهو بداية أشهر السنة الهجرية ومن الأشهر الحرم التي قال الله تعالى فيها: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِندَ اللَّـهِ اثنا عَشَرَ شَهرًا في كِتابِ اللَّـهِ يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدّينُ القَيِّمُ فَلا تَظلِموا فيهِنَّ أَنفُسَكُم وَقاتِلُوا المُشرِكينَ كافَّةً كَما يُقاتِلونَكُم كافَّةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّـهَ مَعَ المُتَّقينَ}[١٢]، وما يميّز الأشهر المحرمة أن الذنب فيها أعظم والعمل الصالح فيها له أجرٌ أعظم.[١٣]


قد يُهِمُّكَ: أفضل أيام الصيام في السنة

ورد في السنة النبوية الشريفة العديد من الأحاديث التي تبين أهم وأفضل أيام الصيام التي لا بد لك أن تتحراها لاستزادة الأجر والثواب، نعرفك عليها فيما يلي:[١٤]

  • ستة أيام من شوال: عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ][١٥].
  • أيام عشر ذي الحجة: ويُقصد بذلك الأيام الأولى التسع من ذي الحجة، ولا نقصد بذلك اليوم العاشر، لأنه يكون يوم عيد الأضحى المبارك، فعن أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أربعٌ لم يكُنْ يدَعُهنَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : صيامَ يومِ عاشوراءَ والعَشْرَ وثلاثةَ أيَّامٍ مِن كلِّ شهرٍ والرَّكعتَيْنِ قبْلَ الغَداةِ][١٦].
  • صيام يوم عرفة: وقد ذكر صيام يوم عرفة لغير الحاج على وجه الخصوص، فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [صومُ يومِ عرفَةَ يُكفِّرُ سنتيْنِ ، ماضِيةٍ ومُستقبَلةٍ ، وصومُ عاشوراءَ يُكفِّرُ سنةً ماضِيةً][١٧].
  • أيام الشهر المحرم: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال أن الرسول صلى الله عليه وسلم: [سُئِلَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ المَكْتُوبَةِ؟ وَأَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقالَ: أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، صِيَامُ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ][١٨].
  • أيام شهر شعبان: فعن عائشة رضي الله عنها قالت: [لقد كانَت إحدانا تُفطِرُ في رَمضانَ ، فما تقدرُ على أن تقضيَ حتَّى يدخلَ شعبانُ ، وما كانَ رسولُ اللَّهِ يصومُ في شَهْرٍ ما يصومُ في شعبانَ ، كانَ يصومُهُ كُلَّهُ إلَّا قليلًا بل كانَ يصومُهُ كُلَّهُ][١٩].
  • ثلاثة أيام من كل شهر: ويفضل أن تكون أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: [أوصاني خَليلي أبو القاسِمِ بثلاثٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لستُ بتارِكِهِنَّ في سَفَرٍ ولا حَضَرٍ: صَومِ ثلاثةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهرٍ، ونَومٍ على وِترٍ، ورَكعَتَيِ الضُّحى. قال: ثم إنَّ الحَسَنَ أَوْهَمَ، فجعَلَ رَكعَتَيِ الضُّحى للغُسلِ يَومَ الجُمُعةِ][٢٠].


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1163، صحيح.
  2. "يوم عاشوراء"، طريق الاسلام، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2020. بتصرّف.
  3. "فضل يوم عاشوراء وحكم صيامه"، دار الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2020. بتصرّف.
  4. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أبو قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح.
  5. رواه البخاري، في البخاري ، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2006، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2004، صحيح.
  7. "فضل صيام عاشوراء"، الاسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2020. بتصرّف.
  8. سورة التوبة، آية:36
  9. سورة البقرة، آية:194
  10. سورة التوبة، آية:5
  11. "أحكام شهر الله المحرم"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2020. بتصرّف.
  12. سورة التوبة، آية:36
  13. "فضل شهر الله المحرم وصيام عاشوراء"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2020. بتصرّف.
  14. "الأيام التي يستحب صيامها ثبت ذكرها في السنة"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2020. بتصرّف.
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 1164، صحيح.
  16. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن حفصة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6422، أخرجه في صحيحه.
  17. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو قتادة، الصفحة أو الرقم:3806، صحيح.
  18. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1163، صحيح.
  19. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2177، صحيح.
  20. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:10342، حسن .

فيديو ذو صلة :