عدد ركعات صلاة التهجد في رمضان

عدد ركعات صلاة التهجد في رمضان
عدد ركعات صلاة التهجد في رمضان

مفهوم التهجد

يعرف التَهَجُّد في معاجم اللغة العربية بأنه مصدر مشتق من الفعل الرباعي المضعف تَهَجَّد فهو متهجد، والتهجد من الأضداد، فتأتي بمعنى نام وسهر على الضد، وأما التهجد اصطلاحًا حسب الشريعة الإسلامية فيعني صلاة الليل بعد نوم، وهي جزء من قيام الليل بلا شك، لكنها أكثر خصوصية، فقيام الليل يعني قضاؤه أو بعضه في العبادة المشروعة من صلاة وقراءة قرآن وذكر وتسبيح، ويمتد وقته من بعد آذان المغرب إلى ما قبل طلوع الفجر، فأيّ ركعة زائدة عن الفريضة خلال الوقت المذكور تدخل في عداد القيام، بينما التهجد ينفرد بالصلاة دون غيرها من العبادات، على أن تؤدى بعد الاستيقاظ من النوم ليلًا، وفي هذا المقام روى الحجاج بن غزية قال: [يحسَبُ أحَدُكم إذا قام من الليل يصلي حتى يصبِحَ أنَّه قد تهجَّدَ، إنَّما التهجُّدُ المرءُ يصلِّي الصلاةَ بعد رقدةٍ، ثم الصلاة بعد رقدةٍ، وتلك كانت صلاةَ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم له][١].[٢][٣][٤]


عدد ركعات صلاة التهجد في رمضان

قبل البدء بذكر عدد ركعات صلاة التهجد في شهر رمضان المبارك، لا بد من التنويه إلى أن الصلاة في الليل بغض النظر عن الشهر الذي تؤدى فيه سواء رمضان أو شعبان أو غيره تسمى قيام ليل، وقيام رمضان يسمى تراويح مع مراعاة آدائه في أول الليل، ويجوز تسميته بالتهجد، من هنا يمكن القول أن صلاة التهجد في رمضان هي صلاة التراويح، وقد اختلف جمهور أهل العلم في عدد ركعاتها، ومما جاء في هذا المقام ما يأتي:[٥][٦]

  • 41 ركعة.
  • 39 ركعة.
  • 23 ركعة.
  • 19 ركعة.
  • 13 ركعة.
  • 11 ركعة.


أفضل وقت للتهجد

من أمِن استيقاظه لآداء الصلاة في آخر الليل فليفعل، ومَن خشي أن تفوته الصلاة فله أن يصلي في أول الليل، وفضل الثلث الأخير من الليل واضح في الحديث الشريف الذي رواه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله أنه قال: [يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له][٧]، فهو مظنة استجابة الدعاء ونصرة المستنصر ولهفة المستغيب.[٨]


الأسباب المعينة على التهجد

فيما يأتي الأسباب المعينة على التهجد:[٩]

  • إخلاص النية لله جل وعلا ابتغاء مرضاته وطمعًا في ما عنده من الخير الذي لا يفنى، مع الابتعاد التام عن أي مكاسب دنيوية ليُقال كذا وكذا فيبني سمعًة طيبًة بين الناس أو ما شابه.
  • استشعار العبد أن الله يدعوه لذلك، وهو الغني عن طاعته وطاعة مَن في الأرض جميعًا.
  • التعرف على فضل وثواب قيام الليل الذي أعده الله جل وعلا لعباده الصالحين في الدنيا والآخرة.
  • الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح الذين كانوا يتلذذون في القيام.
  • النوم على طهارة، مع تحرّي وضعية النوم على الجانب الأيمن دون غيرها من الوضعيات.
  • تجنب السهر، فهي وصية نبوية وعادة صحية في نفس الوقت، فالله جل وعلا خلق النهار للعمل والليل للنوم.
  • اختيار فراش مناسب فلا يكون يٌبالغ في حشوه وتنعيمه؛ لأن ذلك مدعاة للاستراحة والكسل.
  • عدم الإفراط في النوم لأن النوم الزائد يجر نومًا ولا ينتج عنه نشاطًا بل خمولًا ودعة.
  • الحرص على قراءة الأذكار الشرعية خاصة قبل الخلود إلى النوم، ومنها المعوذتان والإخلاص، إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم ينفث في كفيه فيقرأ فيهما السورة المذكورة ثم يمسح بهما ما أمكن من بدنه بدءًا برأسهه ووجه وما أقبل من بدنه، ومنها قراءة آية الكرسي من سورة البقرة، ومنها التسبيح 33 مرة، والحمد 33 مرة، والتكبير 34 مرة، ومنهاء قراءة سورة الكافرون.
  • الحرص على قيلولة النوم وسط النهار، سواء قبل آذان الظهر أو بعد صلاة الظهر.
  • الاعتدال في شرب الشراب وتناول الطعام لا سيما في المساء، فمن الأسباب التي تصرف العبد عن القيام وتحوله بينه وبين الطاعة في الليل كثرة الأكل والشرب، فأكثر الناس شبعًا في الدنيا أشدهم جوعًا في الآخرة، وقيل "ليس من بني آدم أحب إلى شيطانه من الأكول النوام"، فملء البطن مدعاة للاسترخاء والخمول.
  • مجاهدة النفس البشرية على الطاعة، فهي مجبولة على حب النوم والراحة، بل إنها أمّارة بالسوء فمَن أطاعها أودته إلى التهلكة، ومَن هذبها فاز واهتدى مع الصالحين.
  • الحرص على نبذ المعاضي والذنوب الظاهرة والباطنة على حدّ سواء، فالتهجد نعمة وأُنْس لا يوفق لأدائها العاصي، بل لا يستحقها أصلًا، وعليه ينبغي على المسلم أن يحاسب نفسه دائمًا ويوبخها على ترك القيام فمحاسبة النفس سم من سمات الصادقين الصالحين، وعليه قيل: حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، فمَن أغرته الدنيا ولم يستطع التغلب على مغرياتها فقد هلك.


تهجد الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان

إن خير الأمور هو الاقتداء بسنة النبي المصطفى صلاة الله عليه وسلم، مع العلم أن الاقتداء به إنما هو على وجه السنة المستحبة والمندوبة، فلا يجوز لأحد أن ينكر على غيره صلاته النافلة ليلًا بغض النظر عن عدد ركعاتها؛ لأنها غير محددة أو محصورة بعدد معين، ولم يرد فيها نصًا صريحًا على وجه التكليف سواء في كتاب الله أو أحاديث الرسول الصحيحة، وبالعودة إلى سنته فيمكن تفصيل صلاته في قيام الليل أو التهجد على النحو الآتي:[١٠][١١]

  • عدد الركعات: روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لما سُئِلت عن صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالت: [كان يصلِّي صلاتَه باللَّيلِ في شهرِ رمضانَ وغيرِه ثلاثَ عشرةَ ركعةً منها ركعتا الفجرِ][١٢]، ومن الحديث يتبين أن عدد ركعات صلاة القيام حسب نهج النبي 11 ركعةً سواء في رمضان أو في غيره، وبعض الروايات التي تقول 13، إذ تضيف سنة الفجر إلى القيام.[١٣]
  • الكيفية: وصف الله جل وعلا صلاة نبيه المصطفى ومن معه من الصحابة الكرام في قوله: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ}[١٤]، فلو كان الليل على سبيل المثال 9 ساعات فإن أدنى ثلثيه أقل من 6 ساعات، ونصفه 4.5 ساعة، وثلثه 3 ساعات، وهذا يتطلب بلا شك الإطالة في القراءة والسجود والركوع، وفي هذا المقام روى عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: [صَلَّيْتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأطَالَ حتَّى هَمَمْتُ بأَمْرِ سَوْءٍ، قالَ: قيلَ: وَما هَمَمْتَ بهِ؟ قالَ: هَمَمْتُ أَنْ أَجْلِسَ وَأَدَعَهُ][١٥]، وهنا ينبغي التنويه إلى أن قيام ليل النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر على شهر رمضان، بل كانت عادته في كلّ الأيام.


دعاء النبي عند التهجد

كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تهجَّد من الليل، قال: (اللهم لك الحمد، أنت نورُ السماواتِ والأرض، ولك الحمد، أنت قَيِّمُ السماواتِ والأرض، ولك الحمد، أنت ربُّ السماواتِ والأرض ومَن فيهن، أنت الحقُّ، ووعدُك الحقُّ، وقولُك الحقُّ، ولِقاؤك الحقُّ، والجنةُ حقٌّ، والنارُ حق، والنبِيُّون حق، والساعةُ حق، اللهم لك أسلَمتُ، وبك آمَنت، وعليك توكَّلت، وإليك أنَبت، وبك خاصَمت، وإليك حاكَمت، فاغفِرْ لي ما قدَّمتُ وما أخَّرت، وما أسرَرتُ وما أعلَنت، أنت إلهي، لا إله إلا أنت). [١٦]


الفرق بين التهجد والتراويح في رمضان

إنَّ صلاة النافلة بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر تسمى شرعًا قيام الليل سواء أكان ذلك في رمضان أو غيره، لكن اشتهر بين الناس تقسيم القيام في رمضان إلى قسمين؛ التراويح والتهجد، فالتراويح جاءت تسميتها في عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد صلّوا التراويح جماعة بعد العشاء بركعات طويلة، إذ يحتاجون إلى الراحة فيستريحون بعد كلّ أربع ركعات، أمّا التهجد فأطلق عرفًا على الصلاة في الثلث الأخير من الليل في العشر الأواخر من شهر رمضان الميارك، وهو من باب زيادة الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر اقتداء بالنبي عليه السلام، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: [كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ][١٧].[١٨]


فضل صلاة قيام الليل

شرف المؤمن ودأب الصالحين خلو العبد لربه وتهجده في سكون الليل، وله فضائل وفوائد عديدة تعود على المسلم ثبتت في الكتاب والسنة هذه الفضائل غيض من فيض، فلله خبايا وعطايا لا تحصيها أو تتصورها العقول، فيكفي أن صلاة الليل سبب من أسباب دخول جنان الكريم في الآخرة، كما جعل الله فيها دواء لداء الجسد في الدنيا، فيتوجب على المسلم شدّ المئزر والأخذ بما استطاع من أسباب للقيام بهذه الشعيرة العظيمة، فإن هذه الفضائل لا تُنال بالتراخي والتأمل، إنما ينالها من جاهد نفسه فأصلحها فابتعد عن الذنوب والشهوات، ودافع الدنيا ووضع نعيم الآخرة نصب عينيه، منها[١٩]:

  • القرب من الله: كما جاء في الحديث الشريف: [ ولا يزالُ عبدي يتقربُ إليّ بالنوافلِ حتى أحبَّه][٢٠]، ويوثق ذلك إقرار الحبيب عليه السلام بقوله: [عليكمْ بقيامِ الليلِ فإنَّه دأبُ الصالحينَ قبلكمْ، و قربةٌ إلى اللهِ تعالى، و منهاةٌ عنِ الإثمِ، و تكفيرٌ للسيئاتِ، ومطردةٌ للداءِ عنِ الجسدِ]، ولو لم يكن للقيام فضل سوى القرب من ملك الملوك وصاحب السماوات والأرض لكفى[٢١].
  • استجابة الله لعباده: من كان له حاجة من حوائج الدنيا أو الآخرة فليلزم قيام الليل ففيه تفتح خزائن العطايا من ربّ البرايا، كما بشرنا النبي عليه السلام: [إنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعَةً لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِن أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَذلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ] [٢٢].
  • التوافق مع نزول الله إلى السماء الدنيا: نزول الله عز وجل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل نزولًا يليق به ليتفقد عباده من محتاج ليعطيه أو سائل ليغنيه أو مستغفر فيرده مغفور له من كل ذنب.


المراجع

  1. رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن الحجاج بن غزية، الصفحة أو الرقم: 2/280 ، له إسناد صحيح رجاله رجال الصحيح.
  2. "تعريف و معنى تهجد في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2019.بتصرّف.
  3. "هل هناك فرق بين التهجد وقيام الليل"، الإسلام سؤال وجواب، 28-1-2010، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2019.بتصرّف.
  4. "صلاة النافلة بعد المغرب هل تحسب من قيام الليل"، إسلام ويب، 6-7-2011، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2019.بتصرّف.
  5. "الفرق بين صلاة التراويح والقيام والتهجد"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2019.بتصرّف.
  6. "صلاة التراويح"، طريق الإسلام، 30-7-2013، اطّلع عليه بتاريخ 23-4-2019.بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1145، صحيح.
  8. "أفضل وقت للتهجد"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2019.بتصرّف.
  9. "الأسباب المعينة على قيام الليل"، الإسلام سؤال وجواب، 16-12-2000، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2019.بتصرّف.
  10. "ما حكم صلاة التراويح، وكم عدد ركعاتها؟"، طريق الإسلام، 6-11-2007، اطّلع عليه بتاريخ 23-4-2019.بتصرّف.
  11. ابتسام عبدالرحمن (15-7-2014)، "سنة النبي في قيام الليل كما وكيفا وزمنا"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2019.بتصرّف.
  12. رواه ابن عساكر، في معجم الشيوخ ، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2/1106، صحيح .
  13. "الموسوعة الحديثية"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2019.بتصرّف.
  14. سورة المزمل، آية: 20.
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 773، صحيح.
  16. "دعاء الرسول في صلاة التهجّد والقيام"، masrawy، اطّلع عليه بتاريخ 2-8-2019. بتصرّف.
  17. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1174 ، صحيح.
  18. "مشروعية صلاة التهجد في العشر الأواخر من رمضان بعد التراويح"، awqaf، اطّلع عليه بتاريخ 2-8-2019. بتصرّف.
  19. "رمضان شهر القيام"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 20-8-2019. بتصرّف.
  20. رواه ابن تيمية، في مجموع الفتاوى، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 25/316، صحيح .
  21. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن بلال ، الصفحة أو الرقم: 5555 ، صحيح .
  22. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 757 ، صحيح.

فيديو ذو صلة :