أهمية بر الوالدين

مفهوم بر الوالدين

يعرف البر في اللغة بأنه اسم جامع يشمل كل معاني الإحسان والخير والعطاء، وهو من أسماء الله الحسنى التي وردت في كتابه الكريم قال تعالى: (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) [الطور: 28]، والبر في الآية تعني المحسن إلى عباده، وكذلك بر الوالدين فهو الإحسان لهما قولًا وعملًا تقربًا لله جل وعلا والتزامًا بأوامره واجتنابًا لنواهيه، فقد أوصانا تبارك وتعالى في مواضع قرآنية كثيرة بضرورة البر، بل قرن الدعوة إلى توحيده ببر الوالدين فقال: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان: 14]، وسنتحدث في هذا المقال حول أهمية وفضل البر، وكيفية تحقيق بشيء من التفصيل.[١]


أهمية بر الوالدين

  • صفة من صفات الأنبياء عليهم السلام، ومنهم يحيى عليه السلام، فقد وصفه الله جل وعلا في قوله: (وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا) [مريم: 14]، وكذلك عيسى عليه السلام فقال على لسانه: ((وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا) [مريم: 32].
  • الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي حث في أحاديثه النبوية الشريفة على بر الوالدين، حتى أنه سئل ذات مرة عن أحب الأعمال إلى الله فقدم البر على الجهاد في سبيل الله؛ لأنه الجهاد فرض كفاية أي إذا قاموا به جماعة سقط عن البقية، وأما البر فهو فرض عين يتوجب على كل ابن، فإذا تعيّن الجهاد أي أصبح فرض عين فلا إذن في هذه الحالة من الوالدين.
  • البركة في العمر والسعة في الرزق، وقيل في هذا المقام توفيق العبد للطاعة، وعمارة وقته بما هو نافع في الدنيا والآخرة بعيدًا عن الضياع فيما لا طائل منه، وقيل بقاء ذكر العبد الجميل بعد موته كأنه لم يمت.[١]
  • طاعة لله جل وعلا كونه أمر عباده بالبر وخص هذا الأمر في حالة الكبر؛ لأن الوالدين يكونان أكثر ضعفًا وحاجة.
  • سبب من أسباب دخول الجنة.
  • باب من أبواب شيوع الألفة والمحبة في الجو الأسري، فتبدو العلاقة أكثر تماسكًا ويبدو الأفراد أكثر تعاضدًا.
  • سبب بر الأبناء في المستقبل من باب أن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدين، وإنما الأيام دول نداولها، فمَن أحسن لوالديه أكرمه الله جل وعلا وجزاه بأبناءً بارين غير عاقين، مطيعين غير مذعنين.[٢]
  • التقرب من الله جل وعلا ونيل مرضاته، فمن رضي الله عنه كفل له السعادة في الدنيا والآخرة.
  • تكفير الذنوب والآثام.[٣]


كيفية بر الوالدين

إن بر الوالدين ليس مجرد كلمة تُقال، بل يجب أن تقترن بالأفعال، وللبر صور عديدة يتعين على العبد إتيانها ما أمكن واستغلال أن أبويه أو أحدهما ما زال على قيد الحياة، مما يعني أن باب من الخير الكثير ما زال مفتوحًا أمام هذه العبد، ويمكن تحقيق البر على النحو التالي:

  • في حياتهما:
    • تقديم طاعتهما على طاعة النفس البشرية، مع الحرص على أن طاعة الله مقدمة بالمطلق على من سواه، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإما إذا كان أمرهما بعيدًا عن الذنب أو الإثم فيجب تقديم طاعتهما حتى وإن كانا غير مسلمين.
    • تجنب نهرهما أو التذمر وإظهار الضجر منهما.
    • التذلل لهم وعدم إشعارهما بالامتنان جرّاء خدمتهم.
    • الإصغاء لحديثهما وإعطائهما أهمية كبيرة ودورًا في النقاشات العائلية والأسرية إعلاءً لشأنهما وقيمتهما؛ لأن التهميش وكأنهما غير موجودان يعد من صور العقوق.
    • الابتسامة في وجههما وعدم العبوس عند مقابلتهما بغض النظر عن ضغوطات الحياة المختلفة، فالفصل في أمور البيت والعمل والدراسة وما شابه أمر مطلوب في كل الأمور.
    • مساعدتهما عند الحاجة سواء في المشي، أو ارتداء الملابس، أو تناول الطعام، أو شرب الدواء وما شابه من أمور الحياة المختلفة.
    • الإصلاح بينهما في حالة الخلاف مع الحرص على تقريب وجهات النظر لسد الفجوة ودرء الفتن.
    • الإنفاق عليهما إذا كانا محتاجين.
    • النزول عند رغباتهما، ومن أعلى صور البر معرفة حاجتهما دون أن يطلبا، فمما لا شك فيه أن بعض الآباء يستحيون من طلب المساعدة، أو طلب الحاجة، والابن البار يعرف قبل أن يتفوه والداه بشيء.
    • تجنب جدالهما والخوض معهما في حديث كثير المشادة والمشاحنة، وهذا يشمل بالطبع الحذر من رفع الصوت على صوتهما لأي سبب كان.
    • أخذ مشورتهما والاستعانة برأيهما فهما ذوي خبرة طويلة في الحياة، وبالتالي لا شك أن لديهم نظرة ثاقبة في الأمور، ورأي سديد في جوانب مختلفة.
    • تلبية ندائهما فورًا، وعدم الانشغال عنهما في أمور ثانوية تحتمل التأجيل.[٤]
  • بعد موتهما:
    • الاستغفار لهما، وقد ورد ذلك علىرلسان سيدنا غبراهيم عليه السلام قال تعالى: ( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) [إبراهيم: 41].
    • الدعاء لهما بالخير والجنة ونعيم القبر وكل ما يفتح الله به على لسان العبد، فدعاء الأبناء يصل إلى الآباء وينتفعوا به بلا أدنى شك.
    • قضاء الديْن عنهما إن وجد، فهو واجب على الأبناء؛ لأنه يتعلق بحقوق العباد لا بحقوق الله، فالله جل وعلا يغفر أما العبد فلا نعلم إن كان أصفح أما لا.
    • قضاء النذور عنها إن وجدت وهذا يشمل قضاء كفارة اليمين، قضاء كفارة القتل غير المتعمد، وما عجز الآباء عن قضائه لعجز أن تسويف أو ما شابه.
    • الإسراع بتنفيذ وصيتهما؛ علمًا بأن حق الوصية هو الثلث فما دون فيما يتعلق بالأموال والأملاك المنقولة.
    • صلة رحمهما والسؤال عن أهلهما وزيارتهما والتقرب لهما، وهذا يشمل عدم قطع عاداتهما الدينية مع أصحابهما وأقربائهما.
    • التصدق عنهما بما يتيسر سواء من طعام أو مال أو صدقة جارية كالتبرع لبناء مشفى، أو ترميم مدرسة، أو وضع كولر ماء على قارعة طريق حار وما شابه من الأعمال الخيّرة.[٥]


المراجع

  1. ^ أ ب الشيخ صلاح الدق (13-5-2016)، "فضائل بر الوالدين"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 15-5-2019. بتصرّف.
  2. "ما هي أهمية بر الوالدين في الإسلام؟ "، طريق الإسلام، 17-1-2016، اطّلع عليه بتاريخ 15-5-2019. بتصرّف.
  3. " " فضائل بر الوالدين ""، الكلم الطيب، اطّلع عليه بتاريخ 15-5-2019. بتصرّف.
  4. سارة ناجي (22-8-2016)، "كيف يكون بر الوالدين ؟"، المرسال، اطّلع عليه بتاريخ 15-5-2019. بتصرّف.
  5. ريهام سليم (1-7-2017)، "بحث عن بر الوالدين"، المرسال، اطّلع عليه بتاريخ 15-5-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :