عدد الرسل في القرآن

عدد الرسل في القرآن
عدد الرسل في القرآن

الرسل والأنبياء والفرق بينهما

أوكل الله تعالى الأنبياء والرسل لهداية البشرية في جميع مراحلها وأطوارها المختلفة إلى أن انتهت ببعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فالمنطق البشري يشير إلى ضرورة وجود من ينقل تعاليم ربّ العالمين للبشر، فلو أوكل الله تعالى البشر لاتباع عقولهم لضلوا، ولرحمة الله بعبيده اختار منهم رسلًا وأنبياء لتبليغهم وحيه، فيهدوهم لكيفية عبادته واجتناب نواهيه، أما الفرق بين الرسل والأنبياء فثمة نظرتان للفرق بينهما بحسب اجتهادات علماء الأمة، فالأول منهما يفيد بأن الرسول هو من يوحى إليه ويؤمر بتبليغ الناس، في حين النبي الوحي يكون له دونًا عن غيره، ولا يؤمر بتبليغه، أما النظرة الثانية للفرق بين الرسل والأنبياء فتفيد بأن الرسول يُبعث مستقلًا لأمة ما، في حين النبي يُبعث تابعًا لغيره، كالأنبياء الذي اُبتعثوا من بني إسرائيل بعد سيدنا موسى عليه السلام، وبالتالي فرأي العلماء بأن الأمر واسع البحث لتحديد الفرق بينهما، فما جاء في القرآن قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}،[١] إذ ذُكر في الآية الجميع بأنهم رسل، فالنبي أُرسل لنفسه يأمرها وينهاها، وبالتالي فهو رسول.[٢]


عدد الرسل المذكورين في القرآن الكريم

اعتبر بعض العلماء النبي رسولًا على نفسه، فهو الذي ينهاها ويأمرها، إذ ورد في الكثيرِ من المواضع في القرآن الكريم أسماء للرسل والأنبياء الذي ابتعثهم الله، فالاعتقاد بأن الله تعالى أرسل في كلّ أمة رسولًا، بدليل قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}،[٣] وابتعاثهم ما هو إلا رحمة من رب العالمين بعباده، فلا يعذب الله أحدًا لم تصله الرسالة السماوية وتُقام الحجة عليه، بدليل قوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}،[٤] وقد ورد في السنة النبوية الشريفة ما نُقل عن أبي ذر الغفاري جاء فيه :{عن أبي ذرٍّ، قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! أيُّ الأنبياءِ كان أولُ ؟ ! قال : آدمُ، قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! ونبيٌّ كان ؟ ! قال : نعم نبيٌّ مُكلَّمٌ، قلتُ : يا رسولَ اللهِ : كم المرسلونَ ؟ ! قال : ثلاثُ مئةٍ وبضعةَ عشرَ ؛ جمًّا غفيرًا}،[٥]، فعدد الرسل والأنبياء في الحديث واضح إلا أن الحديث لم يذكر أسماءهم جميعًا إلا عددًا قليلًا منهم ممن ذُكروا في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، قال الله تعالى :{وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ}،[٦] فعدد الذين ذُكروا في القرآن يبلغ 25 نبيًا ورسولًا، ورد منهم 18 في سورة الأنعام وحدها، قال الله تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ}،[٧] وما تبقى منهم ذُكروا في مواضع أخرى وهم: آدم، هود، صالح، شعيب، إدريس، ذو الكفل وسيد الخلق والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وبعض العلماء اعتبروا الخضر نبيًا، في حين اعتبر بعضهم أنه رجل صالح، والمرجح أنه نبي والله تعالى أعلى وأعلم.[٨]


صفات الرسل

بعث الله تعالى الرُسل وحمّلهم رسالة التوحيد وعبادة الله تعالى إلى أقوامهم ليكونوا مُنذرين ومُبشّرين لهذه الأقوام، ومهمّة الرُسل مهمّة صعبة ولكنها عظيمة، ولا يُمكن لأي إنسان أن يحمل هذه الرسالة ويؤديها على أكمل وجه إلا بوجود صفات خاصة تُساعده على إبلاغ رسالته، لذلك اصطفى الله تعالى الرُسل؛ فاختار الأشخاص الذين يحملون صفات خَلقية وخُلقية خاصة؛ لتُعينهم على إبلاغ الرسالة، ومن صفات الرُسل العامة التي يتوجب أن يتصف الرُسل بها؛ تمام القوّة والقدرة، وحُسن الخُلق؛ لأنه يتعاملون مع الكثير من الناس باختلاف صفاتهم وطبائعهم، وعلى الرسول أن يتصف بالصبر والتحمّل حتى يستطيع مُواجهة كُفر وعناد الناس وتحمّل أفعالهم، وبذلك يكون قدوة وأسوة حسنة للناس من حوله، وعلى النبي أن يكون مُتَرفعًا عن الوقوع في الزّلات والأخطاء التي قد تجعله مكروهًا في أعين قومه، ومن الصفات المُهمة التي يتوجّب على الأنبياء والرُسل الاتصاف بها جميعًا، ما يلي:[٩]

  • الصدق: من أولى الصفات التي يتوجب على الرسول الاتصاف بها، هي الصدق سواء قبل البعثة أو بعدها، فكان سيدنا مُحمد صلى الله عليه وآله وسلم يُلقّب في الجاهلية بالصادق الأمين؛ إذ إن النبوة رسالة من الله جل وتعالى للنبي ليُبلّغ قومه بها، ويستحيل أن يختار الله تعالى شخصًا كاذِبًا، إذ إن تأييد الله تعالى لرُسله بالبينات دليل على صدقهم.
  • الأمانة: تُعد صفة الأمانة صفة مُلازمة للصدق، فلا يكون الإنسان الكاذب أمينًا، ولا يُمكن أن يبعث الله جل وتعالى رسولًا خائنًا، فكيف يأتمنه على حمل رسالته إلى الناس، فلو كان من المُمكن أن يكون الرسول خائنًا فإنه قادر على تغيير شريعة الله، وإفساد الأحكام التي يتلقاها من الله تعالى، وبذلك فإنه يُضيع هدف الرسالة، لذلك فإن رُسل الله جميعًا كانوا أمناء في حمل وتبليغ رسالتهم على أكمل وجه، وتتضمن صفة الأمانة الكثير من الفضائل مثل، تبليغ الرسالة كما حملها من عند الله تعالى، وكتمان السر، والمُحافظة على حقوق الناس.
  • الفطنة: من الصفات التي يجب أن يتصف بها رسول الله الذكاء والفطنة؛ لإدراك ومعرفة كُل ما يدور حوله حتى يتصرف وفقًا لما يقتضي العقل الحكيم، والفطنة ضرورية للرسول حتى يتمكّن من إقناع الناس من حوله من أهل الإنصاف والاعتدال، وإزالة الشك والشبهة من نفوسهم.
  • العصمة: هي الحصانة التي يمنحها الله جل وتعالى لأنبيائه ورُسله، حتى لا تتمكّن الآثام والشرور من التسلُّل إلى نفوسهم، وحتى يكونوا مبرئين من العيوب والنقائض مُنذ بعثهم حتى وفاتهم، فلا يُمكن أن يرتكب أنبياء الله تعالى أي ذنوب فلو جازت المعصية الكبيرة للأنبياء لانتَفت عنهم القُدوة، لذلك فإن كُل ما يُنسب إلى الأنبياء من ذنوب ومعاصٍ ما هو إلا كذب وافتراء؛ لأن الله طهّرهم وعصمهم عن ذلك، فلا يُمكن أن يقع منهم أيّ خطأ لا اضطرارًا ولا اختيارًا، أما ما يصدر عنهم من الصغائر فإنهم لا يقدرون عليها، ولكن الله تعالى يُوفقهم للتوبة منها، ويتمثّل ذلك بسيدنا آدم وزوجته حواء عندما أغراهم الشيطان بالأكل من الشجرة التي منعهما الله تعالى من الأكل منها، كما أن الرُسل معصومون من النسيان.


مهام الرسل

أوحى الله تعالى لأنبيائه واصطفاهم من بين البشر لتأدية وظائف مُحددة باعتبارهم رُسل الله تعالى إلى عباده، ومن هذه الوظائف ما يلي:[٩]

  • البلاغ المُبين: يُعد البلاغ الوظيفة الأساسية للرُسل، إذ إن الله تعالى بعثهم للناس لتبليغهم ما نَزل إليهم من ربهم، والرسول مُؤتمن على الرسالة، فلا يزيد ولا يُنقص منها شيئًا.
  • دعوة الناس إلى الدين: تُعد الوظيفة المُتممة لوظيفة البلاغ، ومن أعظم الحقائق التي دعا إليها الرُسل توحيد الله تعالى، وإفراده بالمُلك والخَلق والعبادة، والرسول مسؤول عن تعريف الناس بإلههم الواحد الأحد، وتصحيح كُل ما يُخالف هذا الاعتقاد، وتعليم الناس عباداتهم وشعائرهم، وتطبيق كُل ما أنزل الله تعالى إليهم دون أن يجعلوا شيئًا منه لغير الله.
  • التبشير والإنذار: توضيح أن الغاية الأساسية من وجود الإنسان هي عبادة وطاعة أوامر الله تعالى، واجتناب كُل ما ينهى عنه، وأن الحياة مُجرد دار للعمل من أجل الآخرة، ومن مهمة الرُسل تبشير من اتبع أوامر الله تعالى بالفوز في الدُنيا والآخرة، والإنذار لمن خالف أوامره بالعذاب الشديد في الآخرة.
  • تدبير الشُؤون العامة والسياسية للأُمة: الرسول هو رمز الأمة وهاديها في شؤون دينها، لذلك فإنه قائدها في شؤون دُنياها أيضًا لتدبير ورعاية مصالحها وتحقيق أهدافها، إذ إن الرُسل لا يتعاملون مع المواقف وفق أهوائهم، بل إنهم ينقادون لوحي الله تعالى، كما أنهم يحلّون المُشكلة من جذورها وينظرون للموقف بنظرة شاملة.


أولو العزم من الرسل

هم الرسل الذين صبروا صبرًا شديدًا في سبيل تبليغ رسالة الله تعالى، وأولوا العزم مسمى فيه دلالة على الثبات والتحمل، وقد وردت الآيات القرآنية التي تتحدث عن أولي العزم وصبرهم، وبحسب آراء علماء الشريعة فإن عددهم خمسة ذُكروا جميعًا في القرآن الكريم وفي أكثر من موضع، وقد ذكر الله تعالى هذه التسمية والصفة لهؤلاء الرسل في القرآن الكريم: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ}،[١٠] وهم:[١١]

  • سيدنا نوح عليه السلام: يعد سيدنا نوح من أولي العزم بسبب صبره على الدعوة إلى الله تعالى 59 عامًا، فلم يؤمن معه إلا عدد قليل، كما وردت قصة عقاب قومه بالطوفان وبناء السفينة ونجاته، فقد ذُكرت قصته في القرآن الكريم وفي أكثر من موضع، قال الله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.[١٢]
  • سيدنا إبراهيم عليه السلام: ذكر القرآن الكريم قصته مع والده وقومه، وما حصل عندما كسر أصنامهم بأن حرقوه بالنار، ولكن أمر الله نفذ وحصلت المعجزة الآلهية، وما حصل بعد ذلك في هجرته وأسرته وبناء الكعبة المشرفة وقصة افتداء ابنه إسماعيل بالكبش العظيم.
  • سيدنا موسى عليه السلام: قصة سيدنا موسى بتفاصيلها هي أكثر القصص القرآنية التي تكرر ذكرها، والتي تحدثت عن معجزات كثيرة وقصة سيدنا موسى مع فرعون وبني إسرائيل.
  • سيدنا عيسى عليه السلام: كان في ولادته ودعوته لقومه معجزة، وهو معروف باسم المسيح، وقد رفعه الله تعالى للسماء عند محاولتهم قتله.
  • سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: وهو آخر الأنبياء والمرسلين، وهو الذي أرسل للناس كافة بدين الإسلام، وقد أنزل الله تعالى عليه القرآن الكريم والذي فيه الأحكام كافة بالإضافة إلى سنته الشريفة، وقد ذكر القرآن الكريم قصة دعوته وهجرته وغزواته وغيرها الكثير.


آباء الأنبياء والرسل

كما ذكرنا آنفًا فإن عدد الرسل المذكورين بأسمائهم في القرآن الكريم هم 25 رسولًا ونبيًا، وأن منهم 5 هم ما سماهم القرآن الكريم بأولي العزم، وقد ذُكر في القرآن أيضًا أسماء آبائهم بصورة صريحة وواضحة ولا يوجد مجال للشك أو الاختلاف فيها، فقد ذُكر في القرآن اسم والد سيدنا إسحاق هو إبراهيم، ووالد سيدنا يعقوب هو إسحاق، واسم والد سيدنا يوسف هو يعقوب، واسم والد إسماعيل هو إبراهيم، ووالد سيدنا سليمان هو سيدنا دواد، ووالد سيدنا موسى وهارون هو عمران، واسم والد يحيى هو زكريا، وأخيرًا ذكرت السنة النبوية والد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو عبد الله، ووالد سيدنا إبراهيم هو آزر.[١٣]


المراجع

  1. سورة الحج ، آية: 52.
  2. "عدد الأنبياء والرسل والفرق بينهم"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 10-11-2019. بتصرّف.
  3. سورة فاطر ، آية: 24.
  4. سورة الاسراء، آية: 15.
  5. رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن أبو ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: خلاصة حكم المحدث : صحيح، 5669.
  6. سورة النساء، آية: 164.
  7. سورة الانعام ، آية: 83 -86.
  8. عادل يوسف العزازي (18-1-2016)، "عدد الأنبياء والرسل"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 10-11-2019. بتصرّف.
  9. ^ أ ب "الحاجة إلى الرسل"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 24-12-2019. بتصرّف.
  10. سورة الاحقاف ، آية: 35.
  11. "أولو العزم من الرسل"، alfarooqcentre، اطّلع عليه بتاريخ 10-11-2019. بتصرّف.
  12. سورة الشعراء، آية: 117- 118.
  13. "عدد الأنبياء والرسل المذكورين في القرآن وأسماؤهم وأسماء آبائهم"، islamweb، 8-8-2005، اطّلع عليه بتاريخ 10-11-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :

676 مشاهدة