المسجد النبوي
لقد كان للمسجد النبوي الشريف دورٌ كبيرٌ منذ القِدم في تسهيل حركة التقدّم في الدولة الإسلاميّة، فهو عدا أنه مكان للعبادة فهو مكان للقاء المسلمين مع بعضهم البعض وتفقّدهم لبعضهم بعضًا، وكان المسجد بمثابة المعهد أو الحاضنة للعلوم الشرعيّة لبناء العقيدة الإسلاميّة الصحيحة والسليمة، وكان مركزًا لاجتماع القادة العسكريين ومركزًا للقضاء ومركزًا لاستقبال الوفود، وكان المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يضج بالمصلين وطلاب العلم والوفود الذين يأتون من كل حدبٍ وصوب قاصدينه، فوُسّع المسجد أكثر من مرة بعد الفتوحات الإسلاميّة منها توسعته على يد الخليفة عمر بن الخطاب، وعندما ضاق المسجد أكثر أمر الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه بتوسعته عام 29 للهجرة فزاده من ثلاث جهات من جهة القبلة ومن جهة الغرب ومن جهة الشمال، وبعدها توالت مرات توسعة المسجد النبوي في عهد الصحابة والتابعين، وفي شهر رمضان من عام 1886م احترق المسجد النبوي الشريف للمرة الثانية فأُعيدت عمارته وتوسعته مرّة أخرى، وقد حظي المسجد النبوي الشريف باهتمام بالغ وكبير في العصور الحديثة من خلال زيادة طاقته الاستيعابيّة لتحتوي جميع جموع المصلين والقادمين للمدينة المنورة، فهُدمت البيوت القريبة من المسجد لتوسعة مساحة الحرم ووُسّع 6000 متر مربع إضافي عدا عن مساحته السابقة، فتضاعفت مساحة المسجد النبوي أضعافًا مضاعفة وتدفقت جموع المصلين له وامتلأ المسجد بالقادمين، ومن أبرز معالم المسجد النبوي منبر الرسول صلى الله عليه وسلم، وروضته، وحجرته، ولا غرابة في الاهتمام الكبير بالمسجد النبوي، فالصلاة في المسجد النبوي تعادل ألف صلاة في غيره من المساجد، كما ورد في الحديث النبوي الشريف عن عبد الله بن الزبير عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [صلاةٌ في مسجدي هذا أفضلُ من ألفِ صلاةٍ فيما سواه من المساجدِ ، إلا المسجدَ الحرامَ ، وصلاةٌ في المسجدِ الحرامِ أفضلُ من صلاةِ في مسجدي هذا بمئةِ صلاةٍ][١][٢].
عدد أبواب المسجد النبوي
هنالك العديد من الأبواب للمسجد النبوي، وتختلف هذه الأبواب وأسمائها باختلاف الحقبات الزمنية، ومن أهم أبواب المسجد النبوي:[٣]
- الأبواب في عهد الرسول: أسس النبي صلى الله عليه وسلم مسجده الشريف عندما قدم إلى المدينة مهاجرًا، فجعل له ثلاثة أبواب، وهذه الأبواب هي:
- الباب الجنوبي: حيث كان القبلة لبيت المقدس.
- باب الشرق.
- الباب الغربي: أو باب عاتكة ويعرف اليوم باسم باب الرحمة.
- الأبواب في عهد عمر بن الخطاب: عندما وسّع الخليفة عمر بن الخطاب المسجد النبوي زاد ثلاثة أبواب أخرى على الأبواب الموجودة، فصارت الأبواب ستة؛ اثنان في الجهة الشرقية واثنان في الجهة الغربية واثنان في الجهة الشمالية.
- الأبواب في عهد عثمان بن عفان: تُرِكت الأبواب كما هي عليه في زمن عمر بن الخطاب دون زيادة أو نقصان.
- الأبواب في عهد الخليفة المهدي العباسي: ارتفع عدد الأبواب إلى أربعة وعشرين بابًا؛ ثمانية في الجهة الشرقية، وثمانية في الجهة الغربية، وأربعة في الجهة الشمالية، وأربعة في الجهة الجنوبيّة.
- الأبواب في العهد المملوكي: أُغلقت معظم هذه الأبواب وبقيت الأربعة أبواب الرئيسية وهي؛ باب السلام، باب جبريل، باب الرحمة، باب النساء، وأضاف السلطان عبد المجيد بابًا خامسًا في الجهة الشمالية وسماه باب المجيدي.
- الأبواب خلال التوسعة السعودية: حافظت التوسعة السعودية على هذه الأبواب الخمسة وأضافت إليها خمسة أبواب أخرى وهي؛ باب الملك عبد العزيز ويقع في الجهة الشرقية، وباب الملك سعود ويقع في الجهة الغربية، وباب سيدنا عثمان وباب سيدنا عمر ويقعان في الجهة الشمالية، وباب أبو بكر الصديق ويقع في الجهة الغربيّة.
- أبواب الحرم النبوي الشريف الحديثة: من المعلوم أن هذه الأبواب صُنعت من أرقى أنواع الخشب، إذ يبلغ عرض الواحد منها 3 أمتار، وارتفاعه 6 أمتار، وهو مكسوّ بالبرونز وغاية في الدقة والجمال، ومكتوب وسط هذه الأبواب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي أعلاه لوحة حجرية كتب عليها أُدخلوها بسلام آمنين، ويضاف إلى هذه الأبواب أبواب أخرى مفردة أو مزدوجة تؤدي إلى السلالم الكهربائيّة والسلالم العادية، وقد بلغ مجموع أبواب الحرم بعد هذه التوسعة 85 بابًا.
مآذن المسجد النبوي
توجد العديد من المآذن التي بنيت في الحقبات الزمنيّة المتعاقبة، ومن أهم هذه المآذن:[٤]
- المآذن في عهد عمر بن عبد العزيز: أول مَن أحدث المنارة أو المئذنة في المسجد النبوي هو عمر بن عبد العزيز، فجعل في كلّ ركن من أركان المسجد مئذنة، فلما حج سليمان بن عبد الملك أذّن المؤذن فأطل عليه، فأمر سليمان بن عبد العزيز بهدم المئذنة فهدمت فبقي ثلاث مآذن في المسجد النبوي الشريف؛ وهي المئذّنة الجنوبية الشرقية وطولها 27 م، والمئذنة الشمالية الشرقية وطولها 27 م، والمئذنة الشمالية الغربية وطولها 26 م.
- المآذن في عهد السلطان قايتباي: أنشأ السلطان قايتباي مئذنة صغيرة بين باب الرحمة وباب السلام عرفت باسم مئذنة الرحمة.
- المآذن في العهد العثماني: هُدمت المئذنة الشمالية الشرقية وأقيمت مكانها المئذنة السليمانية، وفي عهد السلطان عبد المجيد أصبح للمسجد النبوي خمس مآذن وهي؛ المنارة الشمالية الغربية وتسمّى التشكيليّة، والمنارة الشماليّة الشرقيّة وتسمّى السنجاريّة، والمنارة الجنوبيّة الشرقية وتسمى المنارة الرئيسيّة، والمنارة الجنوبيّة الغربية وتسمّى منارة باب السلام، والمنارة الغربية وتسمّى منارة باب الرحمة.
- المآذن في التوسعة السعودية الأولى: أصبحت مآذن المسجد النبوي في التوسعة السعودية الأولى أربع مآذن بعد إزالة ثلاثة منها وبناء بدلًا منهما منارتين أُخريين، وتمتاز هذه المنارات بأن عمق المنارة الواحدة 17 م وارتفاعها 70م، وكل منارة تتكوّن من أربعة طوابق.
- المآذن في التوسعة السعودية الثانية: فقد اشتملت على بناء ست منارات جديدة يبلغ ارتفاع كلّ واحدة حوالي 104 م، وعمقها 50م، وبذلك يكون للمسجد بعد التوسعة عشر منارات بحيث وزّعت هذه المنارات على كامل التوسعة الجديدة، وتواجدت منارة في كلّ ركن من أركان هذه التوسعة.
قد يُهِمُّكَ
زيارة المسجد النبوي وشدّ الرحال إليه هي من العبادات الي يؤجر ويثاب عليها المؤمن، فزيارته مستحبة في أيّ وقت وزمان، وللمدينة المنورة ومسجدها النبوي الشريف حرمة مساوية لحرمة مكة المكرمة ولا تقل عنهما، ولزيارة المسجد النبوي عدد من الآداب التي يجب التزامها ومنها:[٥]
- على المسلم عند وجوده في حرم المسجد النبوي أن يقضي وقته في طاعة الله عز وجل، ويحرص على الصلاة والعبادة لما لذلك من أجر كبير وثواب عظيم.
- تقديم الرجل اليُمنى على الرجل اليسرى، وهذه من السنن التي يجب عدم إغفالها عند دخول المسجد النبوي بل وسائر المساجد في كافة الأرجاء.
- صلاة تحية المسجد، من الأفضل صلاة تحية المسجد عند دخول المسجد النبوي دون مزاحمة لأحد، والأفضل أن يصليها في الروضة.
- زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقف المسلم باتجاه القبر ثم يسلم عليه قائلًا: السلام عليك يا رسول الله ورحمة ورحمة الله وبركاته.
- عدم التمسّح بالحجارة أو تقبيلها أو الطواف بها؛ لأن ذلك من البدع التي لم ترد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام.
- عدم رفع الصوت؛ لأن الله تعالى نهى المؤمنين عن رفع أصواتهم فوق صوت النبي، وحثهم على غض الصوت، فلا يرفع الصوت عند مسجده أو عند قبره.
المراجع
- ↑ رواه القرطبي المفسر، في تفسير القرطبي، عن عبدالله بن الزبير، الصفحة أو الرقم: 12/151، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
- ↑ د. أحمد الخاني، "المسجد النبوي الشريف"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 20-7-2020. بتصرّف.
- ↑ "أبواب الحرم النبوي الشريف"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 20-7-2020. بتصرّف.
- ↑ "مآذن المسجد النبوي"، alharamain، اطّلع عليه بتاريخ 20-7-2020. بتصرّف.
- ↑ "زيارة المسجد النبوي .. فضائل وآداب"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 20-7-2020. بتصرّف.