دروس وعبر من حياة الصحابة

دروس وعبر من حياة الصحابة
دروس وعبر من حياة الصحابة

صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم

الصحابة هم من الرجال والنساء العظام ممن حملوا أمانة الرسالة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضحوا بأموالهم وأنفسهم لقاء مرضاة الله سبحانه وتعالى، فأعلوا كلمة الحق فرضي عنهم ربهم، إذ تجاوز عدد من شهد حجة الوداع المائة ألف، أما في اللغة الصحابة آتية من الصحبة أي الملازمة والمرافقة، والصاحب هو مالك الشيء ويطلق على من اعتنق مذهبًا، والصاحبة أي الزوجة، أما الصحابي فهو من لقي النبي وآمن به ومات على ذلك، إلا أن العلماء اختلفوا في من يستحق اسم صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم، وانقسموا فيما بينهم واختلفوا في شرط رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك في شرط الإيمان والموت على الإيمان وطول الصحبة والغزو مع النبي، إلا أن الإجماع من علماء الشريعة كان بعدالة من ثبتت صحبته، ولم يخالف شروط العدل إلا فئة ضئيلة جدًا، بدليل قوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}،[١] فوردت الآية بأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال الله تعالى أيضًا:{وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}،[٢] كما أن الرسول صلى عليه وسلم قال: [لا تَسُبُّوا أصْحابِي، لا تَسُبُّوا أصْحابِي، فَوالذي نَفْسِي بيَدِهِ لو أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما أدْرَكَ مُدَّ أحَدِهِمْ، ولا نَصِيفَهُ]،[٣]، فبناءً على ما تقدم نرى قيمة صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رضي الله عنهم ورضوا عنه.[٤]


دروس وعبر من حياة الصحابة

يعجز الإنسان عن التعبير عن مدى تأثره الكبير عندما يقرأ كلام الله عن الصحابة بأنه رضي عنهم ورضوا عنه، قال الله تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}،[٥] إذ يتشرف كل إنسان على وجه الأرض أن يقتدي بهديهم ويحذوا حذوهم، وفيما يأتي سنعرض مواقفًا لعدد منهم، وما هذه المواقف إلا دورس وعبر لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار وهي كالآتي:[٦]

  • الصحابي الجليل الكبير أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فهو الصحابي المتواضع الذي كان ينظف بيوت الفقراء في عهد خلافته، ويطعمهم دون أن يعرفوا من هو، وكان من السباقين لفعل الخير، إذ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [من أصبح منكم اليومَ صائمًا ؟ قال أبو بكرٍ : أنا فقال : من أطعم منكم اليومَ مِسكينًا . قال أبو بكرٍ : أنا قال : من عاد منكم اليومَ مريضًا ؟ فقال أبو بكرٍ : أنا فقال : من تبِع منكم اليومَ جِنازةً ؟ قال أبو بكرٍ : أنا ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ما اجتمعت هذه الخِصالُ قطُّ في رجلٍ إلَّا دخل الجنَّةَ]،[٧] فهو من رافق النبي في هجرته، وقدم الغالي والنفيس من أجل الدعوة الإسلامية العظيمة.
  • الصحابي الفاروق العدل عمر بن الخطاب، هو الصحابي الذي يمثل الحق والشجاعة والعدل، إذ قال الصحابي ابن مسعود "ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر"، فهو الصحابي الذي إذ سلك طريقًا خاف منه الشيطان فسلك طريقًا آخر، ومن أجمل العبر التي تؤخذ عن سيدنا عمر رضي الله عنه سماعه لرجل يقول له "اتق الله يا عمر"، فما كان منه إلا أن قال : " لا خير فيكم إن لم تقولها ولا خير فينا إن لم نقبلها"، وقصته مع العجوز التي قالت له دون أن تعرفه أنها لم تأخذ من عطاياه منذ أن أصبح خليفة درهمًا واحدًا، ودخل معها في حوار انتهى بشرائه مظلمتها بخمس وعشرين دينارًا، فما تدعي يوم القيامة بين يدي الله.[٨]
  • صحابة رسول الله آل ياسر الذين تشرفوا بأن تكون منهم أول شهيدة في الإسلام "سمية"، وأهم الدروس التي تؤخذ من حياتهم هو صبرهم على العذاب لإيمانهم بهذه الرسالة السماوية ورسولها الكريم، وما وجدوا فيها من العدل والإخلاص جعلهم يتحملون أشد أنواع العذاب والأذى، ووعد الرسول لهم بالجنة لقاء صبرهم، ففي الحديث الذي رواه عبد الله بن أبي جعفر: [مرّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بياسرٍ وعمّارٍ وأمّ عمارَ وهم يُؤذونَ في اللهِ تعالى فقال لهم : صبرا يا آل ياسرَ ، صبرا يا آل ياسرَ فإن موعدكُم الجنةُ].[٩]
  • تتلخص قصة بلال بن رباح في الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وفيه أعلى درجات الاعتقاد والتوحيد لله سبحانه وتعالى، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [إنَّ أوَّلَ من أظْهرَ إسلامَهُ سبعةٌ: رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ، وأبو بَكرٍ وعمَّارٌ وأمُّهُ سميَّةُ وصُهيبٌ وبلالٌ والمقدادُ. فأمَّا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فمنعَهُ اللَّهُ بعمِّهِ أبي طالبٍ.وأمَّا أبو بَكرٍ فمنعَهُ اللَّهُ بقومِه. وأمَّا سائرُهم فأخذَهمُ المشرِكونَ فألبَسوهم أدراعَ الحديدِ وأوقفوهم في الشَّمسِ فما مِن أحدٍ إلَّا وقد واتاهُم على ما أرادوا غيرَ بلالٍ فإنَّهُ هانت عليْهِ نفسُهُ في اللَّهِ وَهانَ على قومِهِ فأعطوهُ الولدانَ فجعلوا يطوفونَ به في شعابِ مَكَّةَ وَهوَ يقولُ: أحَدٌ أحَدٌ].[١٠]


الدور العظيم للصحابة رضي الله عنهم

للصحابة رضوان الله عليهم دورًا عظيمًا قاموا به في حياتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وحتى بعد وفاته وانتقاله للرفيق الأعلى، والتي من أهمها ما يتعلق بالحفاظ على الدين الإسلامي ورسالته السمحاء، إذ كانوا الصحابة بمثابة الأعمدة التي أرست بها دعائم هذا الدين، قال الله تعالى: {وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ}[١١]، إذ دلت الآية الربانية على دور الصحابة في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم من علم الناس دينهم في مشارق الأرض ومغاربهم، ونقلوا الرسالة لشعوب العالم، ونشروا الإسلام بأخلاقهم، فهم المعاملة الحسنة والأمانة والاخلاص والخلق وغيرها، فكان منهم السفراء كمصعب بن عمير، وأهل الحل والعقد كأبي بكر وعثمان بن عفان، والقادة العسكريين العباقرة كخالد بن الوليد، بالإضافة لدورهم في الحفاظ على السنة النبوية الشريفة تتمثل بحفظهم وروايتهم للأحاديث النبوية.[١٢]


العشرة المبشرون بالجنة من الصحابة

هم عشرة من الصحابة بشرهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالجنة حسب اعتقاد أهل السنة والجماعة، فكانت بِشارته لهم مبنيَّةً على أفعالهمالتي امتازوا بها عن غيرهم من عامة الناس، فقد جاء في الحديث الذي رواه عبد الرحمن بن عوف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: {أبو بَكرٍ في الجنَّةِ وعمرُ في الجنَّةِ وعثمانُ في الجنَّةِ وعليٌّ في الجنَّةِ وطلحةُ في الجنَّةِ والزُّبيرُ في الجنَّةِ وعبدُ الرَّحمنِ بنُ عوفٍ في الجنَّةِ وسعدٌ بنُ أبي وقاصٍ في الجنَّةِ وسعيدٌ بنُ زيد في الجنَّةِ وأبو عبيدةَ بنُ الجرَّاحِ في الجنَّةِ}،[١٣] نسأل الله تعالى أن يجمعنا وإياهم في الجنة إنه ولي ذلك والقادر عليه.


المراجع

  1. سورة آل عمران، آية: 110.
  2. سورة البقرة، آية: 143.
  3. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2540. صحيح.
  4. "من هم الصحابة ؟ تعريف .."، ashefaa، 2-3-2009، اطّلع عليه بتاريخ 17-11-2019. بتصرّف.
  5. سورة المائدة ، آية: 119.
  6. سلطان العمري، "مواقف من حياة الصحابة"، denana، اطّلع عليه بتاريخ 17-11-2019. بتصرّف.
  7. رواه المنذري ، في الترغيب والترهيب، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 4/261. صحيح.
  8. "قصة حوار مثير بين عمر بن الخطاب وعجوز.. كأن لم تسمعها من قبل"، amrkhaled، 10-10-2019، اطّلع عليه بتاريخ 17-11-2019. بتصرّف.
  9. رواه ابن حجر العسقلاني، في الإصابة ، عن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 3/648. صحيح.
  10. رواه الذهبي ، في تاريخ الإسلام، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1/217. صحيح .
  11. سورة الأنفال، آية: 62.
  12. أحمد التلاوي (18-11-2014)، "حياة الصحابة.. عِبَر أخلاقية ودروس تربوية وجهادية"، basaer-online، اطّلع عليه بتاريخ 18-11-2019. بتصرّف.
  13. رواه ابن حجر العسقلاني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن عبدالرحمن بن عوف، الصفحة أو الرقم: 5/436. صحيح.

فيديو ذو صلة :