حديث قدسي يا عبادي

حديث قدسي يا عبادي
حديث قدسي يا عبادي

الحديث القدسي

الحديث القدسي هو وحي من الله تعالى لرسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، وقد اختلف العلماء في الحديث القدسي، حول ما إذا كان لفظه ومعناه من الله تعالى، أم أن معناه فقط من الله ولفظه من رسوله صلى الله عليه وسلم، فاختار بعضهم أن لفظ ومعنى الحديث القدسي من الله تعالى؛ إذ قال الزرقاني رحمه الله: الحديث القدسي الذي قاله الرسول حاكيًا عن الله تعالى فهو كلام الله تعالى أيضًا، غير أنه ليست فيه خصائص القرآن التي امتاز بها عن كل ما سواه، وتأتي حكمة الله تعالى في جعل كلامه المنزل معجزًا وغير معجز لإقامة الحجة للرسول عليه السلام، وإقامة الحجة لدين الحق بكلام الله المعجز، ومن أجل التخفيف على الأمة بكلامه غير المعجز، لأن روايته تصح بالمعنى، ويصح للجنب قراءته وحمله ومسه وغير ذلك من الأمور، وخلاصة القول في الحديث القدسي أن القرآن أوحيَت ألفاظه من الله باتفاق جميع العلماء، بينما الحديث القدسي أوحيت ألفاظه من الله على قول أغلب العلماء، أما الحديث النبوي أوحيت معانيه في غير ما اجتهد فيه الرسول والألفاظ من الرسول عليه السلام .

أما القول الثاني لأهل العلم فينص على أن الحديث القدسي وحي من الله تعالى بمعناه دون لفظه؛ إذ قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وقد اختلفَ العلماءُ رحمهم الله في لَفْظِ الحديثِ القُدْسيِّ : هل هو مِن كلامِ الله تعالى أو أنّ الله تعالى أَوْحَى إلى رسولِه صلى الله عليه وسلم مَعْنَاه؛ واللفظُ لَفْظُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ؟ على قولينِ :

  • القول الأول : إنّ الحديثَ القُدْسيَّ مِن عند الله لَفْظُهُ ومعناهُ؛ لأنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أضافهُ إلى الله تعالى، ومِن المعلومِ أنّ الأصلَ في القولِ المضافِ أنْ يكونَ بِلَفْظِ قائِله لا ناقلِه، لا سيَّمَا أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أقوى الناسِ أمانةً وأوثقهم روايةً.
  • القول الثاني: إنّ الحديث القُدْسِيَّ معناه مِن عند الله، ولفظهُ لفْظُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الراجح.[١]


حديث قدسي يا عبادي

يقال للأحاديث التي يرويها الرسول عليه السلام عن ربه جل وعلا أحاديث قدسية، لانها مقدسة ومنزهة لأنها من كلام رب العالمين، وهي مثل القرآن الكريم، لكن القرآن معجزة مستمرة وخالدة، ويؤمر جميع الناس بالتطهر عند لمسه، أما الأحاديث القدسية فهي كلام رب العالمين أيضًا، لكن ليس لها حكم القرآن في وجوب التطهر عند لمسها، ومن أهم الأحاديث القدسية ما ورد عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: يقول الله عز وجل: يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا، يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي! كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي شيئًا إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرًا، فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه[٢][٣]


منزلة الحديث القدسي يا عبادي

اشتمل حديث يا عبادي على العديد من قواعد الدين وأصوله، فنص على مقصد عظيم من مقاصد الشريعة الإسلامية وهو تحريم الظلم بين العباد، وأكد أيضًا على أهمية الدعاء للإنسان وأنه يعود عليه بالفضل والخير دائمًا، ونص أيضًا على وجوب طلب الهداية من الله وحده، وأن يسأل العبد ربه كل ما يحتاجه من أمور دينه ودنياه، وأن الدعاء هو عبادة بحد ذاته، وتضمن هذا الحديث القدسي الشريف تنزيه الله، وإثبات صفات الكمال لجلاله سبحانه وتعالى، وبيان أن الله غني عن جميع خلقه وأنه سبحانه لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، ويتضمن الحديث التنبيه على محاسبة النفس باستمرار، وتفقد الأعمال، والندم على جميع الذنوب، ولذلك كان الإمام أبو إدريس الخولاني إذا حدث بهذا الحديث جلس على ركبتيه، وكان الإمام أحمد يقول عنه: "هو أشرف حديث لأهل الشام".[٤]


أهم الفوائد من حديث يا عبادي

يشتمل الحديث القدسي يا عبادي على العديد من الفوائد الهامة للمسلمين، من أهم الفوائد المستنبطة من حديث يا عبادي ما يلي:[٥]

  • أن الله سبحانه وتعالى حرم الظلم بجميع أنواعه وأشكاله، وأن الله حرم الظلم على نفسه لكمال عدله.
  • تحريم الله تعالى ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، سواء كان هذا الظلم بالاعتداء على ماله أو عِرضه أو نفسه.
  • يجب على الإنسان أن يطلب الهداية من الله سبحانه وتعالى لقوله: (استهدوني أهدكم).
  • يجب على الإنسان المسلم إفراد الله وحده دون غيره بجميع أنواع العبادة، وإفراده بالسؤال والتضرع والاستعانة وغيرها.
  • لا يستطيع أي أحد من الخلق أن يضر الله شيئًا أو ينفعه بشيء، بل هو النافع وهو الضار وحده سبحانه.
  • يبين الله تعالى أن طاعة جميع المخلوقات له لا تزيد في ملك الله شيئًا، ولا تنقص من ملكه شيئًا، وأن فائدة العبادة تعود على الإنسان فقط.
  • يقر الحديث الشريف أن جميع بني آدم قد يخطؤون؛ إذ يخطؤون بالليل والنهار، ولكن الله يغفر لهم دائمًا طالما استغفروا.
  • غفران الله تعالى لجميع الذنوب التي يقترفها الإنسان.


المراجع

  1. "ما هو الحديث القدسي ، وكيف كان يتلقاه النبي صلى الله عليه وسلم ؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-24. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 2577 ، [صحيح].
  3. "تعريف الحديث القدسي"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-24. بتصرّف.
  4. "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-24. بتصرّف.
  5. "شرح حديث: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي "، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 2019-12-24. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :