محتويات
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
يعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الواجبات في الإسلام ومن أعظم الفرائض على المسلم؛ وذلك لأن هذا الفعل من سمات أهل العلم والإيمان والبصيرة، وهو من أعظم أسباب صلاح المجتمعات الإسلامية ونجاتها من عقاب الله سبحانه وتعالى، كما أنها سبب في استقامة المسلمين، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[١]، وقد وعد الله سبحانه وتعالى عباده الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بالرحمة على أعمالهم الطيبة، كما بين بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على جميع المؤمنين والمؤمنات، كلٌ وفق طاقته وقدرته، لكن يجب أن يكون ذلك بالحكمة والعلم لا بالجهل والشدة والعنف، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب أن يكون عن علم وبصيرة وإلا فليمسك عن ذلك لئلا ينفر الخلائق من التوجه إلى الخير والمعروف.[٢]
شرح حديث من رأى منكم منكرًا فليغيره
فعن أبي سعيدٍ الخدريِّ قالَ: [أخرجَ مروانُ المنبرَ في يومِ عيدٍ فبدأَ بالخطبةِ قبلَ الصَّلاةِ فقامَ رجلٌ فقالَ يا مروانُ خالفتَ السُّنَّةَ أخرجتَ المنبرَ في يومِ عيدٍ ولم يَكن يُخرَجُ فيهِ وبدأتَ بالخطبةِ قبلَ الصَّلاةِ فقالَ أبو سعيدٍ الخدريِّ من هذا قالوا فلانُ بنُ فلانٍ فقالَ أمَّا هذا فقد قضى ما عليْهِ سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يقولُ من رأى منْكرًا فاستطاعَ أن يغيِّرَهُ بيدِهِ فليغيِّرْهُ بيدِهِ فإن لم يستطع فبلسانِهِ فإن لم يستطع فبقلبِهِ وذلِكَ أضعفُ الإيمانِ][٣].
فقد جعل الله تعالى أمة الإسلام خير الأمم وأشرفها، وفضلها على سائر الأمم الأخرى، لأنها تأمر بالمعروف وتدعو إلى فعل الخيرات والابتعاد عن المنكرات، فإذا توفرت تلك الخصال في مجتمع تحول إلى مجتمع فاضل أفراده يسعون إلى الخير فيما بينهم، وفي هذا الحديث قصة الوالي مروان؛ وهو ابن الحكم وكان واليًا على المدينة المنورة، عندما قدّم الخطبة يوم العيد قبل أداء صلاة العيد، فأنكر عليه أحد الرجال الحاضرين ذلك عليه بقوله: "الصَّلاةُ قبلَ الخُطبةِ!"، وذلك لأن الأصل البدء بالصلاة ثم إلحاقها بخطبة العيد، فقال له مروان بن الحكم مبررًا ما فعله بأن الناس سيتركون سماع الخطبة بعد الصلاة لاستعجالهم، فقال أبو سعيد الخدري: "أمَّا هذا فقدْ قَضى ما عليه"؛ أي أن هذا الرجل الناهي لمروان على فعله قد أدى واجبه بالنهي عن المنكر.
ومن ثم وضح قول الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه من علم أمرًا أنكره الشرع وجب عليه إزالة ذلك المنكر إن استطاع إزالته، وبين كيفية إزالته سواء أكان ذلك باليد؛ إن كان له قوة وسلطة، فإن لم يستطع أن يزيله بيده فبلسانه؛ ويكون ذلك بالوعظ والتذكير، وإن لم يستطع تغيير المنكر بالقول فعليه أن ينكره ويكرهه بقلبه، ويعزم على أنه لو استطاع إزالته لفعل، وهذا الإنكار في القلب أدنى خصال الإيمان في إزالة المنكر، وفي هذا الحديث أمر بالتدرج في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل وفق استطاعته وقدرته، وفيه مشروعية إنكار المنكر على ولاة الأمر إن لم يحدث للشخص مضرة، وإن كان ولاة الأمر ممن يقبلون النصح في العلن.[٤]
فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إن من أفضل القربات التناصح والتوجيه إلى الخير والتواصي بالحق، والتحذير مما يغضب الله تعالى ويبعد العبد عن رحمته، لذلك جاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتحقيق ذلك، وفيما يأتي بيان لفضله وأهميته في حياة الأفراد والمجتمعات:[٥]
- سبب من أسباب الفلاح: فالفلاح من المكاسب العظيمة للإنسان، وهو حصوله على ما يريد ونجاته مما يخاف ويرهب، والفلاح يكون في الدنيا والآخرة؛ فلاح في الدنيا بسعة الرزق وصحة البدن وأمن في الوطن وصلاح في الأهل والولد، وغير ذلك من الحياة الطيبة، وفي الآخرة فوز بجنة عرضها السماوات والأرض، وكسب رضوان الله تعالى، ولذة النظر إلى وجهه الكريم، والنجاة من العذاب الأليم.
- سبب للنجاة من الهلاك: فالآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر سبب لنجاة المجتمع من الهلاك الذي ربما أصابه بسبب الذنوب وتجاوز حدود الله تعالى، وارتكاب المعاصي والآثام، والإعراض عن الواجبات، فالقائم على حدود الله المطيع له، الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر سبب لنجاة مجتمعه من الهلاك، وبالمثل فإن العاصي الذي لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر سبب في هلاك مجتمعه.
- سبب لتكفير الذنوب: فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل الأعمال الصالحة سببًا للتكفير عن الذنوب، كالصلاة والصيام والحج، وبالمثل فإن من هذه المكفرات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لما فيه من صلاح المجتمعات والأفراد.
- سبب لزيادة الإيمان: فمن المعروف في مذاهب أهل السنة والجماعة أن الإيمان من الأمور التي تزيد وتنقص، إذ يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، ومن هنا فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مما يزيد به الإيمان، وهو شعبة من شعب الإيمان، فالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الذي يبتغي بذلك وجه الله سبحانه وتعالى سيحاسب نفسه على ما يأمر به من معروف وما ينهى عنه من منكر خوفًا من غضب الله تعالى عليه.
- سبب في كسب الأجر الكثير: فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل من هذا العمل سببًا في حصول الإنسان على الأجر والثواب لعبادات لم يباشرها، فمن أمر بصلاة كان له أجر من صلاها، وكذلك من أمر بصدقة أو صوم أو نحو ذلك من الطاعات المستحبة أو الواجبة يكن له أجر من فعلها.
المراجع
- ↑ سورة آل عمران، آية: 110.
- ↑ "كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحكمة المقصودة فيه"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 25-3-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1140، صحيح.
- ↑ "شروح الأحاديث"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 25-3-2020. بتصرّف.
- ↑ "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 25-3-2020. بتصرّف.