محتويات
زواج المتعة
جعل الله تعالى الزواج من سنن الحياة، التي لا تقوم إلا بها، وجعل فيه مودة ورحمة وسكنًا بين الزوجين، وإنجابًا للذرية، وحفظًا للبشرية، وجعل فيه للمرأة عدة وميراث، وحفظ الله للزوجين حقوقهما في الزواج الشرعي، وتوجد أنواع من الزواج التي حرمها الله عز وجل لما فيها من تضييع لمقصد الزواج، ومنها زواج المتعة، فما هو زواج المتعة؟، ولماذا حرمه الله عز وجل؟.
زواج المتعة أو الزواج المؤقت؛ أن يتزوج الرجل المرأة إلى أجل معين بقدر معلوم من المال، وهو من الزواج المحرم، وذلك لأنّ الأصل في الزواج الاستمرار والدوام، وهذا ما لا يتحقق في زواج المتعة فلا استمرارية فيه، لأنه يكون لفترة معينة فقط.
كان زواج المتعة في أول الأمر زواجًا مباحًا ثم نسخت إباحته وصار محرمًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [يا أيُّها النَّاسُ، إنِّي قدْ كُنْتُ أذِنْتُ لَكُمْ في الاسْتِمْتاعِ مِنَ النِّساءِ، وإنَّ اللَّهَ قدْ حَرَّمَ ذلكَ إلى يَومِ القِيامَةِ، فمَن كانَ عِنْدَهُ منهنَّ شيءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهُ، ولا تَأْخُذُوا ممَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شيئًا].[١][٢]
هل يجوز زواج المتعة؟
زواج المتعة من الأنكحة الباطلة المحرمة شرعًا بالإجماع، فلا يجوز لأحد الإقدام عليه ولا التفكير فيه، ولا حتى الاستماع إلى شبهات الذين يبيحونه، وكان زواج المتعة من الأنكحة المباحة في أول الإسلام إلى أنه حرم بعد ذلك إلى يوم القيامة، ونقل أئمة المسلمين الإجماع على تحريمه، قال ابن المنذر: (جاء عن الأوائل الرخصة فيها ولا أعلم اليوم أحدا يجيزها إلا بعض الرافضة، ولا معنى لقولٍ يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم)، وقال القاضي عياض (ثم وقع الإجماع من جميع العلماء على تحريمها إلا الروافض)، كذلك ونقل الإمام القرطبي الإجماع، وهذا الإجماع القطعي في تحريم زواج المتعتة مستنده القران والسنة، كما ويدل عليه النظر الصحيح أيضا، ومن أدلة تحريمه من القران الكريم قوله تعالى: { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31)}،[٣].
المرأة المتمتع بها لا تعد زوجة، لأنّ علاقة الزوجية توجب التوارث والعدة في الوفاة والطلاق ثلاث، وهذه أحكام الزوجية في القرآن، أمّا القائلون بجواز زواج المتعة فإنهم يرون أنه لا توارث ولا عدة، كما أنّ المرأة المتمتعة ليست بملك يمين، إذا فنكاح المتعة من الاعتداء المذموم.
أمّا أدلة تحريمه من السنة النبوية فقد ورد [أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَهَى عن مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَومَ خَيْبَرَ، وعَنْ أكْلِ لُحُومِ الحُمُرِ الإنْسِيَّةِ]،[٤] أما النظر الصحيح فإنه يدل على تحريم المتعة وذلك أنه يشتمل على مفاسد متنوعة كلها تعارض الشرع، منها تضييع الأولاد، ومنها احتمال وطء موطوءة الأب للابن وغريهن من المحارم، بالمتعة أو النكاح أو بالعكس، ومنها أيضا تعطيل الميراث، ومنها أيضا اختلاط الماء في الرحم.[٥]
أسباب تحريم زواج المتعة
ما حرم الله تعالى أمرًا إلّا لحكمة، ولعلمه بفسادها على الفرد والمجتمع، فهو أعلم بكل شيء تبارك وتعالى، ومن أسباب تحريمه لزواج المتعة، أن المطلوب في الزواج الاستدامة بين الزوجين، أمّا نكاح المتعة فإنه لا يحصل به المطلوب، وإنما يُعقد لفترة معينة ثم ينتهي، ولا يكون فيه عشرة ولا بقاء للتزاوج والتوالد، والإسلام حريص على الزواج وحريص على الذرية وبقاء الزوجية، وزواج المتعة يخالف كل هذه المقاصد، ذلك أنها رغبة مؤقتة ونكاح مؤقت لا يحصل به المصالح الزوجية.
ومن أسباب تحريمه أيضّا، أنّ الولد الذي يولد من زواج المتعة لا يلحق بأبيه، ففيه مضيعة للولد وللذرية، فلا يُمكنه تربيتهم فينشأون من غير تربية كأولاد الزنا.[٦]
الأنواع الأخرى للزواج المحرم
شرع الله للناس الزواج وحرم عليهم السفاح، كما حرم عليهم أنواع الزواج الفاسدة التي اعتاد عليها الناس في الجاهلية، كما توجد بعض أنواع الزواج التي شرعها الله ثم نسخ تشريعها وحرمت، والزواج الشرعي زواج الذي يكون عن رضا المرأة وعن واسطة الولي وبوساطة الإعلان والشاهدين، قال تعالى: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}،[٧] أمّا الزواج غير الشرعي الذي حرمه الله فهو كثير، ومنه:[٨]
- زواج التحليل: وهو زواج يفعله من حرمت عليه زوجته بالطلاق بالطلقة الأخيرة الثالثة، ويكون باتفاق مع شخص آخر ليتزوج المرأة المطلقة، فإذا ما دخل بها ووطئها يفارقها، ذلك حتى يعود إليها زوجها الأول، وقد ثبت تحريمه في ديننا الإسلامي إذا اتفقا عليه للتواطؤ أو بالشرط اللفظي أو الكتابة، فكله حرام، فقد لعن الرسول عليه السلام المحلل والمحلل له، والمحلل هو الرجل الذي يتزوج المطلقة ليحللها لزوجها من بعده، وقد وصفه النبي عليه السلام بالتيس المستعار، والمحلل له هو الزوج الأول المطلق، ويحدث هذا النوع من الزواج عندما يريد الزوجين المطلقين أن يعودا لبعضهما ولا يجدان غير هذه الطريقة، وهذا الزواج من أقبح الباطل وأعظم الفساد.
- زواج الشغار أو زواج البدل: وهو زواج يشترط فيه كل واحد من الوليين زواج الأخرى، فيقول أحدهما للآخر زوجني وأزوجك، أو زوجني بنتك أزوجك بنتي، أو زوجني أختك أزوجك أختي ونحوه، وهذا النوع من الزواج باطل منكر فاسد، وإن لم يخل من المهر، وإن سمي فيه مهر، وقد ورد عن النبي عليه السلام نهيه عن الشغار، وقد حرمه الله لأنّه وسيلة لظلم المرأة، وإجبارها على زوج لا ترضاه، وأنّه سبب للنزاع المتواصل والخصومات الكثيرة.
قد يُهِمُّكَ
تبيح بعض الفرق الإسلامية زواج المتعة مستدلين بذلك على بعض الأدلة التي لا يصلح الاستدلال بها، وسنوضح في هذه الفقرة بعض الأدلة التي يستدلون بها والرد عليها:[٢]
- دليلهم الأول قوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً}،[٩] واستدلوا بهذه الآية على إباحة المتعة، وقد جعلوا قوله تعالى (أجورهن) قرينة على أنّ المراد بقوله (استمتعتم) هو المتعة، والرد على هذا أن الله تعالى ذكر قبلها ما يحرم على الرجل نكاحه من النساء، ثم ذكر ما يحل له في هذه الأية، وأمر بإعطاء المرأة المزوجة مهرها، وقد عبر عن لذة الزواج بالاستمتاع، ومثله ما جاء في السنة أن رسول الله قال: [المَرْأَةُ كالضِّلَعِ، إنْ أقَمْتَها كَسَرْتَها، وإنِ اسْتَمْتَعْتَ بها اسْتَمْتَعْتَ بها وفيها عِوَجٌ]،[١٠] كما وعبر عن المهر هنا بالأجر وليس المراد به المال الذي يدفع للمتمتع بها في عقد المتعة، وقد ذكر الله تعالى في القران تسمية المهر بالأجر، قال تعالى: {يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن}،[١١] فتبين هنا أنه ليس في الآية دليل ولا قرينة على إباحة المتعة، ولو قلنا تنزلًا أن الآية تبيح المتعة، فالرد عليها أنّها منسوخة بما ثبت في السنة الصحيحة من تحريم المتعة إلى يوم القيامة.
- دليلهم الثاني ما روي عن بعض الصحابة من إباحة زواج المتعة وخاصة ابن عباس، والرد هنا أنّ من ثبت عنه من الصحابة القول بجواز زواج المتعة فهم ممن لم يبلغهم تحريمه من الرسول، وقد رد الصحابة الكرام ومنهم علي بن أبي طالب وعبد الله بن الزبير، على ابن عباس في قوله بإباحة المتعة، فعن علي رضي الله [أنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُلَيِّنُ في مُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَقالَ: مَهْلًا يا ابْنَ عَبَّاسٍ، فإنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ نَهَى عَنْهَا يَومَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الإنْسِيَّةِ].[١٢]
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سبرة بن معبد الجهني، الصفحة أو الرقم: 1406، خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
- ^ أ ب "زواج المتعة والرد على من يبيحه من الروافض"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-14. بتصرّف.
- ↑ سورة المعارج، آية: 29-30.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 4216، خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
- ↑ "زواج المتعة منسوخ وباطل"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-14. بتصرّف.
- ↑ "الحكمة الشرعية من تحريم نكاح المتعة"، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-14. بتصرّف.
- ↑ سورة النور، آية: 32.
- ↑ "الأنكحة المحرمة أنواعها وأحكامها"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-15. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 24.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 5184، خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 50.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1407، خلاصة حكم المحدث: [صحيح].