بيت المال في الإسلام
يُعرف بيت المال في اللغة بالأموال التي تُمتلك عن طريق جمع الأشياء، أما تعريفه في الاصطلاح فعند الحنفيين هو المال الذي من الممكن حيازته في الأمور النافعة، وقد نُقل عن ابن عابدين في مجلة الأحكام العدلية بالمادة 126 بأنه ما يميل له طباع الإنسان ومن الممكن حيازته، أو إدخاره إلى حين وقت الحاجة، سواء كان المال منقولًا أو غير منقول، عن الفقهاء بأن بيت مال المسلمين هو ما يمتلك قيمة ويلزم الشخص بالضمان، وهذا المعنى مأخوذ من القانون، لأن تعريف المال في القانون، هو كل ما يمتلك القيمة المالية.
أما بيت المال في الإسلام، فهو أحد النظم المالية الخاصة في فترة الإسلام، خاصةً في فترة الدعوة النبوية للرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، وفي فترة الخلفاء الراشدين، ويعرف بأنه المكان الذي توضع به الأموال العامة الخاصة في الدولة الإسلامية والمنقولات من الغنائم، ومال الزكاة الذي يدفع من فئة الأغنياء لفئة الفقراء في المجتمع، ومال الصدقات التي تُخرج من المسلمين عن أنفسهم وعن أولادهم وذويهم، ومال الجزية الذي يُجمع من أهل الذمة الذين يقطنون في بلاد المسلمين مقابل الحصول على الأمن والحماية مع البقاء على الديانة التي هم عليها، ومال الغنائم الذي يحصل المسلمون عليه من الحروب والغزوات التي ينتصرون بها على المشركين، والتي توضع مباشرة في بيت مال المسلمين، ومال الأنفال الذي هو عبارة عن الواردات من المعارك التي يحصل عليها المسلمون دون القتال، والخمس وهو ما يخرج من الأرض من المعادن؛ مثل الحديد، أو الفضة، أو الذهب، أو ما يُستخرج من مياه البحر، مثل اللؤلؤ وغيره، وتبقى تلك الأموال داخل جدران بيت المال حتى توزع الأموال المنقولة على المحتاجين، ويكون بيت المال تحت ولاية الخليفة أو الوالي، وتستخدم الأموال الموجودة في الأمور الصالحة للحرب والسِلم، وكانت المصروفات الخاصة في بيت المال منحصرة في الرواتب الخاصة في الوالي، والجند والعساكر، والأموال التي تستخدم لجهيز الجيش وصنع الآلات، وفي المصاريف الخاصة في المؤسسات الاجتماعية.
أول من ولي بيت مال المسلمين
وُلي عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث الشهير بكنية أبو عبيدة، وهو أمين الأُمة، إذ حصل على هذا اللقب من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد ورد في الحديث الشريف عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:(إنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أمِينًا، وإنَّ أمِينَنا أيَّتُها الأُمَّةُ أبو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ)[ صحيح البخاري، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]]، وقد أسلم أبو عبيدة في المرحلة الأولى التي ظهر الإسلام بها، وقد هاجر إلى مدينة الحبشة مع عدد من الصحابة، ومن ثم ذهب إلى المدينة، وقد آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين أبي طلحة زيد بن سهل الخزرجي، وهو من الصحابة الذين التقى به رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يصبح عدد المسلمين أربعين شخصًا، وقد تأذى من أجل الدعوة للإسلام، ومن أجل الصبر والتحمل، وشارك في عدد كبير من الغزوات منها معركة بدر ومعركة أحد.