أحكام الرضاع
يُعرّف الرضاع في اللغة بأنه مص اللبن من الثدي، أمّا اصطلاحًا: فهو مَص مَن دون الحولين لبنًا ثاب عن حمل أو شربه[١]، وقد اتفقت جميع المذاهب الفقهيّة الأربعة على وجوب إرضاع الطفل الصغير ما دام في حاجةٍ إلى ذلك، وكان في سنّ الرّضاع، وذكر أهل الفقه أنّ حقّ الرضاع للطفل مثل حقّه في النّفقة بعد انتهاء سنّ الإرضاع؛ فوجب له[٢]، والرضاع تتّصل به مجموعة من الأحكام والمسائل الكثيرة في المذاهب الأربعة، وفيما يأتي توضيحٌ له.
عدد الرضعات التى تحرم الزواج
يعد الرضاع الموجب لتحريم الزواج واحدًا من المسائل الدينية التي تعدّدت فيها آراء المذاهب الفقهيّة الأربعة، وبيان ذلك يكون على النحو الآتي[٣]:
- القول الأول: وهو مذهب المالكيّة والحنفيّة، وخلاصته أنّ التحريم يكون في الرضاع وقد يثبت في قليله وكثيره، فيثبت عندهم حكم التّحريم ولو بقَدْر رضعةٍ واحدةٍ، واستندوا في قولهم هذا على مبدأ الإطلاق الوارد في أمر الرضاع، ففي قوله سبحانه وتعالى: (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ) {النساء:23}، وإلى قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ).{عبد الله بن عباس:خلاصة حكم المحدث : [صحيح]}.
- القول الثاني: وهو مذهب الحنابلة والشّافعيّة، وكان مجمل القول فيه أنّه لا يثبت التحريم بالرضاع إلّا بقدر خمس رضعاتٍ، واستندوا في ذلك على حديث عائشة -رضي الله عنها-؛ إذ قالت: (كان فيما أُنزِل مِن القرآنِ عشرُ رضَعاتٍ معلوماتٍ يُحرِّمْنَ، ثمَّ نُسِخْنَ بخَمْسٍ معلوماتٍ){عائشة أم المؤمنين:خلاصة حكم المحدث : [صحيح]}، ولذلك ذكر أهل العلم أنّه من عمل بالقول الأول فقد احتاط لدينه واستبرأ لنفسه، ومن عمل بالقول الثاني فقد أخذ بالرّخصة.
موجبات الإرضاع
ذكر الحنابلة والشافعيّة وجوب الاسترضاع على الأب، ولا يجب على المرأة الأمّ إلّا في حالة لم يكن للأب مال يستطيع به أن يستأجر من ترضع لابنه، أو إن امتنع الطّفل عن الرضاع من غيرها، أو في حال لم يجد الأب من يرضع غيرها، واستندوا في ذكر ذلك على قوله تعالى: (وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى) {الطلاق: 6}، بينما ذكر الحنفيّة أنّه يجب على الأمّ الديانة لا القضاء، أمّا أهل المالكيّة فتوجّهوا إلى وجوب الإرضاع على الأمّ بلا أجرةٍ، إن كانت من بيئةٍ تُرضِع فيها الأمهات أبنائهنّ، وكانت ما تزال على ذمّة زوجها، واستدلوا بقوله سبحانه: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ) {البقرة:233}، أمّا تلك التي لا يُرضَع مثلها أو بانت من زوجها فلا يجب عليها الرضاع عند أهل المالكيّة إلّا أن يكون قد تعذّر عليه إرضاعه من غيرها، أمّا إن رغبت الأمّ في الإرضاع؛ فأجمع جمهور الفقهاء على أنّها تُجاب على ذلك وجوباً، ويستدل على ذلك من قوله تعالى: (لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا) {البقرة:233}[٢].
آثار الرضاع
ثبت أن الرضاع ترتّب عليه لدى مجمل أهل الفقه حُكمان؛ هما[١]:
- الأول: تحريمٌ للنكاح؛ والقاعدة في أمر هذه المسألة أنّه يَحرُم من الرِضاع ما يَحرُم من النسب؛ لقوله تعالى في ذكر المحرّمات من النساء: (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ) {النساء: 23}.
- الثاني: إباحة الخلوة والنّظر؛ فهي أمّه من الرّضاع، ومحارمها محارمه، وكذلك زوجها أبوه من الرضاع، وأولادها إخوته، وهكذا، ولذلك تجدر الإشارة إلى أنّ التوارث والنفقة وولاية النكاح، وغيرها من مجمل الأحكام الشرعيّة الخاصّة بالنسب لا تثبت تطبيقها بالرِضاع، وأنّ آثار الرضاع السّابقة تعدّ محلّ اتفاقٍ لدى جمهور الفقهاء.
المراجع
- ^ أ ب "أحكام الرضاع"، midad، اطّلع عليه بتاريخ 24-07-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "حكم الرضاعة الطبيعية وحكمتها"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 24-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "الفتاوى"، aliftaa، اطّلع عليه بتاريخ 24-07-2019. بتصرّف.