محتويات
السُّمنة والهرمونات
يؤدّي عدم توازن الطّاقة إلى الإصابة بالسُّمنة التي لها أسباب عديدة، قد تكون وراثيةً، أو خللًا في الغدد الصَّماء، أو بسبب تناول أنواع من الأدوية، ويشير مفهوم عدم توازن الطاقة إلى أن الطاقة التي يتلقاها الجسم أو التي تدخل إليه لا تساوي الطاقة التي يولدها الجسم، وتقاس هذه الطاقة بالسعرات الحرارية، والطاقة التي يتلقّاها الجسم هي كمية السعرات الحرارية التي يحصل عليها عبر الطّعام والشراب، والطاقة المستهلكة هي كمية السعرات الحرارية التي يستعملها الجسم لأداء مهام التنفس والهضم والحركة والمحافظة على حرارة الجسم، أما الطاقة الفائضة عن حاجة الجسم، فإنها تتراكم على شكل دهون في أنحاء متفرقة منه[١].
الهرمونات المسؤولة عن السمنة
تفرز الغدد الصماء ما يُعرف بالهرمونات، التي هي عبارة عن رسائل كيميائية تهدف إلى تنظيم العمليات الحيوية في أجسامنا، وهي أحد العوامل التي قد تُسبب السمنة، ويعد هرمون اللبتين، والأنسولين، والهرمونات الجنسية وهرمون النمو، من بين الهرمونات التي تؤثر على الشهية، وتوزيع الدهون في الجسم، والأيض، الذي هو عبارة عن معدل حرق الجسم للطاقة.
تفرز الهرمونات في الدم لمساعدة الجسم على التعامل مع الأحداث والضغوطات المختلفة، لكن قد تؤدي زيادة الهرمونات أو نقصانها إلى عدم توازن الطاقة، وبالتّالي إلى السُّمنة، ومن ناحية أخرى يمكن أن تؤدي السُّمنة إلى حدوث تغيّرات في مستويات الهرمونات أيضًا، وعلى أي حال، يُمكن شرح أبرز الهرمونات المرتبطة أو المسؤولة عن الإصابة بالسمنة على النحو الآتي[٢]:
- هرمون اللبتين: تُفرز الخلايا الدهنية هرمون اللبتين في الدّم لتقليل شهيّة الشخص وتحديد طريقة تخزين الدهون في جسمه، وقد وجدت الأبحاث أن الأشخاص الذين يعانون من السُّمنة لديهم مستويات عالية من هرمون اللبيتين، ورغم ذلك فهم أقل تأثرًا بهذا الهرمون المانع للشهية، ونتيجةً لذلك يميلون للشعور بعدم الشبع خلال تناول الوجبة أو بعدها، ولا يزال سبب عدم وصول رسائل اللبتين إلى المخ مجهولًا عند هؤلاء الأفراد، لكن توجد الكثير من البحوث العلمية التي من المخطط إجراؤها بهدف تقصّي هذا الأمر.
- هرمون الأنسولين: يفرز البنكرياس هرمون الأنسولين، وهو هرمون مهم لتنظيم الكربوهيدرات وأيض الدهون؛ إذ يحفز امتصاص الجلوكوز أو السكر من الدم، ويخزّنها في الأنسجة، مثل العضلات والكبد والدّهون، وتُعد هذه العمليّة مهمة لضمان وجود طاقة لأداء الوظائف اليومية، لكن في بعض الأحيان لا تصل رسائل هذا الهرمون وتصبح الأنسجة غير قادرة على السيطرة على مستويات الجلوكوز، وهذا قد يؤدّي الى الإصابة بداء السكري النوع الثاني أو متلازمة الأيض.
- الهرمونات الجنسية: يلعب توزيع الدهون في الجسم دورًا مهمًا في تطور الأمراض المرتبطة بالسّمنة، مثل: أمراض القلب والسكتة الدماغية، وبعض أنواع التهابات المفاصل، وتعدّ الدهون حول البطن من العوامل الأكثر خطرًا للإصابة بالأمراض مقارنة بالدهون المخزنة في المؤخرة أو الردفين أو الفخذين، ويبدو أن الإستروجين والأندروجين يساعدان في تحديد توزيع الدهون في الجسم، كما يرتبط تغير توزيع الدهون في الجسم بمستويات الهرمونات الجنسية مع التقدم في العمر عند الرجال والنّساء، إذ تميل النساء في عمر الإنجاب إلى تخزين الدهون في الجزء السفلي من الجسم، بينما تخزن الدهون لدى الرجال الأكبر سنًا والنساء بعد توقف الحيض حول البطن.
- هرمون النمو: وجدت بعض البحوث العلمية أن مستويات هرمون النمو لدى الأشخاص المصابين بالسُّمنة هي أقل من الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي.
عوامل السمنة
يشير الباحثون إلى وجود الكثير من العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بالسمنة بجانب العوامل الهرمونية، مثل[٣]:
- عوامل نفسية: يلجأ الكثير من الناس إلى تناول الكثير من الطعام والسعرات الحرارية بسبب شعورهم بالحزن، أو الغضب، أو حتى الملل، وقد يضطر البعض منهم إلى استشارة أطباء النفس لإيجاد حلول لهذه المشكلات لديهم.
- عوامل جينية: قد تظهر مشكلة السمنة بين أفراد العائلة الواحدة، وهذا قد يدفع الباحثين إلى الاعتقاد بأن توجد عوامل جينية مسببة للسمنة، لكن يجب عدم إهمال حقيقة أن أفراد العائلة الواحدة لا يتشاركون الجينات فحسب، وإنما يتشاركون العادات الحياتية السيئة أيضًا أثناء مكوثهم في المنزل.
- عوامل أخرى: تنشأ السمنة أحيانًا عن الإصابة ببعض الأمراض البدنية؛ كقصور الغدة الدرقية وبعض المشكلات العصبية أيضًا، كما يُمكن للسمنة أن تكون ناجمة عن تناول بعض أنواع الأدوية؛ كمضادات الاكتئاب، أو مضادات الذهان، أو بعض أدوية السكري، أو بعض الأدوية الخاصة بعلاج التهاب المفاصل، ومن المثير للاهتمام أن بعض الباحثين باتوا يتحدثون عن وجود علاقة بين الإصابة بالسمنة وبين قلة النوم أيضًا[٤].
علاج السمنة
إن الصحة أغلى ما يملك الإنسان، لذا يجب عليه معالجة أي خلل يصيب صحته، وبما أن للسّمنة العديد من المسبّبات يُنصح الأشخاص المصابون بالسُّمنة بالتوجه إلى الطبيب المختص لتقييم الحالة وتشخيص أسباب السُّمنة وتلقّي العلاج المناسب، وقد تتضمن العلاجات الخاصة بالتغلب على مشكلة السمنة ما يأتي[٥]:
- اتباع العادات الغذائية المناسبة: على الرغم من كثرة أشكال الرجيم وأنواعه والحميات الغذائية الهادفة لخسارة الوزن، إلا أن الخبراء ينفون وجود حميات غذائية أفضل من غيرها لخسارة الوزن والتغلب على السمنة، ويقولون بأن التغلب على السمنة يُمكن أن يحدث عبر اتباع بعض العادات الغذائية المناسبة، مثل: التوقف عن تناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية؛ كالحلويات والأطعمة المصنعة، واستبدالها بالأطعمة الصحية؛ كالفواكه والخضروات ومصادر البروتينات الصحية.
- ممارسة الأنشطة البدنية: لا بد من ممارسة الأنشطة البدنية لحرق المزيد من السعرات الحرارية والدهون، وعادةً ما يُنصح بممارسة الأنشطة الرياضية متوسطة الشدة مدة 150 دقيقة على الأقل أسبوعيًا، وقد يكون من الأنسب ممارسة الأنشطة البدنية مدة 300 دقيقة أسبوعيًا للوصول إلى نتائج أفضل.
- الأدوية الموصوفة: بوسع الأطباء وصف بعض أنواع الأدوية القادرة على التخلص من السمنة؛ كدواء الأورليستات ودواء الليراجلوتايد، لكن هذه الأدوية قد لا تصلح لجميع الأفراد المصابين بالسمنة، كما قد لا تتمكن هذه الأدوية وحدها من التخلص من السمنة، وإنما سيلزم ممارسة الأنشطة البدنية واتباع العادات الغذائية الصحية بالتزامن مع أخذ هذه الأدوية أيضًا.
- العمليات الجراحية: تهدف بعض العمليات الجراحية الخاصة بعلاج السمنة إلى تقليل حجم المعدة أو الأمعاء الدقيقة من أجل تقليل المساحة المتوفرة للطعام داخل الجسم، لكن لكل نوع من أنواع هذه العمليات أضرارًا ومشكلات جانبية لا بد من معرفتها قبل الخضوع لأي منها.
تأثير السمنة على هرمونات الرجال
تؤدي السمنة إلى حصول انخفاض في مستوى هرمون الذكورة أو التستوستيرون عند الرجال وفقًا لدراسات أمريكية وأسترالية كثيرة، ومن المعروف أن لهرمون التستوستيرون دورًا مهمًا للغاية في إنتاج الحيوانات المنوية، ونشوء الرغبة الجنسية، ونمو الشعر عند الرجال، ويُمكن للسمنة أن تؤدي إلى حدوث ضعف الانتصاب عند الرجال حتى ولو بقي هرمون التستوستيرون ضمن مستوياته الطبيعية، كما يُمكن للسمنة أن تُساهم في إصابة الرجال بالعقم وأمراض بدنية كثيرة، من بينها تضخم البروستاتا وحصى الكلى أيضًا[٦].
المراجع
- ↑ "Obesity-Causes", National Health Service,16-5-2019، Retrieved 11-11-2019. Edited.
- ↑ "Obesity and hormones", Better Health,4-2016، Retrieved 11-11-2019. Edited.
- ↑ "Weight Control and Obesity", Cleveland Clinic,13-4-2016، Retrieved 11-11-2019. Edited.
- ↑ Katherine Marengo LDN, RD (2-11-2018), "What is obesity and what causes it?"، Medical News Today, Retrieved 11-11-2019. Edited.
- ↑ "Obesity", Mayo Clinic,22-8-2019، Retrieved 11-11-2019. Edited.
- ↑ "Obesity: Unhealthy and unmanly", Harvard Health Publishing,3-2011، Retrieved 11-11-2019. Edited.