محتويات
مفهوم المركزية واللامركزية
يُعد كُل من نظامي المركزية واللامركزية من الأمثلة على الأنظمة الإدارية المنتشرة في العالم، لكن يختلف كل واحدٍ منهما عن الآخر من نواحٍ عدة، فما هي هذه الاختلافات؟ يختلف هذا النظامان عن بعضهما من حيث كيفية تطبيق كل منهما وميزاته وعيوبه، ويُعرف نظام المركزية على أنه عملية يكون فيها تركيز صُنع القرار ضمن مسؤولية عدد قليل من الأفراد، وتخضع جميع القرارات والإجراءات الهامة والموضوعات ذات العلاقة بالمستويات الدُنيا لموافقة الإدارة العليا عليها، وتُعد المركزية مثالًا منتظمًا ومتماسكًا للسلطة، ومن الآثار المترتبة على تطبيق المركزية في المؤسسات والأنظمة المختلفة أن سلطة اتخاذ القرار تقع تحت عاتق المستويات العُليا من الإدارات، وتقع السلطة التنفيذية تحت مسؤولية المدراء في الإدارات الوسطى في المنظمات، وتقع مهمة التنفيذ والتشغيل ضمن اختصاص المستويات الدُنيا في الإدارة، وتتخذ القرارات الهامة والرئيسية من قِبل الإدارة العليا.[١]
ومن جهةٍ أخرى تُعرف اللامركزية على أنها عملية تفويض منهجي للسلطة على جميع مستويات الإدارة في المنظمة، ويحتفظ فيها بسلطة اتخاذ القرارات الرئيسية ضمن مسؤوليات الإدارة العليا، ويُسمح فيها بتفويض بقية السلطة إلى مستوى الإدارة الوسطى والدُنيا، وتشير اللامركزية إلى الجهد المنتظم لتفويض السلطات باستثناء تلك التي يمكن التحكم فيها وممارستها في نقاط مركزية، وعلى سبيل المثال في شركة ما تقع مسؤولية تقلي طلبات الإجازة للموظفين على عاتق المدير العام، فإذا كنت مديرًا عامًا وفوضت هذا العمل إلى مدير شؤون الموظفين المسؤول عن استقبال طلبات المتقدمين للإجازات فهنا ستكون قد فوضت السلطة، وإذا فوضت هذه السلطة لجميع رؤساء الإدارات على جميع المستويات فتكون قد طبّقت نظام اللامركزية، ومن هنا فإن الفرق بين كلا النظامين واضح ويعتمد على مقدار السلطة المفوضة إلى أدنى مستوى، فكلما زاد دور المرؤوسين فهذا يعني أن نظام اللامركزية هو النظام المُطبق، بينما إذا قلّ دور المرؤوسين فهذا يعني أن نظام المركزية هو النظام الذي يحكم سير العمل في هذه الحالة.[١]
مميزات المركزية واللامركزية
إن لكل من المركزية واللامركزية ميزات مختلفة، فما هي هذه المميزات:[٢]
ميزات المركزية
إن الهيكل التنظيمي للشركات التي تتبع نظام المركزية تقوم على وضع سلطة اتخاذ القرار بيد الإدارة العليا، وميزات هذا النظام هي:
- فعّالة من حيث التكلفة: إذ أن الإدارة المركزية لا تتطلب إنفاق الكثير من المال على المصاريف المكتبية والإدارية، كما أن تكلفة توظيف الخبراء والموظفين من ذوي الخبرة العالية في كل مستوى توفر كون عملية صنع القرار مركزية ومحتكرة بيد الإدارة العليا.
- قيادة أفضل: إذ يمكن للإدارة المركزية أن تسيطر بشكل أفضل على المرؤوسين والذين يعرفون أن عليهم اتباع كافة قرارات الإدارة العليا، إضافةً إلى السيطرة المناسبة من قِبل الإدارة على أفعال المرؤوسين، مما ينتج عنه المعرفة الكافية لكافة نقاط القوة والضعف للمرؤوسين.
- تحسين جودة العمل: في نظام المركزية يخضع المرؤوسون للمساءلة المباشرة أمام الإدارة العليا، وهذا يدفعهم إلى الاستمرار في تحسين جودة العمل، مما ينتج عنه توحيد العملية وتقليل الهدر في المؤسسات والمنظمات.
- التوحيد في العمل: عندما تتمركز السيطرة في أيدي قلة فإن الأساليب والتقنيات المستخدمة عادة ما تكون هي نفسها في جميع المستويات والأقسام، وهذا ما يُشجع المرؤوسين على الأداء الموحد والفعّال.
- التركيز على الرؤية: إذ تحدد الإدارة العليا الرؤية التنظيمية بوضوح وفهمها بشكل أفضل، لذلك فهو يلائم بين جميع الموارد والمرؤوسين والأنشطة والاستراتيجيات لتحقيق الرؤية.
- التنسيق السليم: كون السياسة المتبعة في نظام المركزية هي سياسة موحدة تضعها الإدارة العليا للمرؤوسين في مختلف المستويات، وبالتالي فهي تقوم على دمج مسار عملهم وتضمن التنسيق بين جميع المرؤوسين.
ميزات اللامركزية
لنظام اللامركزية مجموعة ميزات من أهمها:[٣]
- تحفيز المرؤوسين: تحسن اللامركزية مستوى الرضا عن العمل وكذلك ترفع معنويات الموظفين خاصةً بين المداء الأدنى مستوى، إضافةً إلى ذلك تهدف اللامركزية إلى تلبية المتطلبات المختلفة للمشاركة والاستقلالية والمكانة، كما تعزز من روح التماسك الجماعي بين أعضاء الفريق.
- النمو والتنويع: تهدف اللامركزية إلى منح كل قسم من أقسام العمل استقلالية كافية لممارسة ذوقه الإبداعي، وبهذه الطريقة يمكن للإدارة العليا أن تخلق منافسة صحية بين الأقسام المختلفة، كما أنها تساعد المرؤوسين في ممارسة حكمهم الخاص، وتطوير مهاراتهم الإدارية والمساعدة في حل مشكلة الخلافة التي تضمن نمو واستمرارية المؤسسة.
- صنع القرار السريع: تتمثل عملية صُنع القرار في نظام اللامركزية بأنها تتخذ وتنفذ من قِبل الموظفين المصرح لهم، وينتج عن ذلك قرارات سريعة ودقيقة تناسب السيناريو التي تُتخذ من أجله.
- التواصل الفعّال: يؤدي النطاق الأوسع للإدارة في ظل اللامركزية إلى مستوى هرمي أقل، وهذا يجعل نظام الاتصالات أكثر كفاءة مع تطور العلاقات وتقويتها بين الرؤساء والمرؤوسين.
- سهولة التوسع في الأعمال: تُضيف اللامركزية الجمود إلى عملية التوسع في الأعمال المتنامية، وقد يؤدي هذا غالبًا إلى فتح وحدات عمل جديدة في مواقع جغرافية مختلفة، كما تُطلق اللامركزية أقصى إمكانات المنظمة وتُسهّل عملية التفاعل مع المتطلبات الخاصة بالمنطقة.
- إشراف ورقابة أفضل: تسمح اللامركزية للمدراء من ذوي المستوى الأدنى بإمكانية تغيير جداول الإنتاج ومهام العمل بسلطة كافية، ويمكنهم اتخاذ إجراءات تأديبية والتوصية بترقية أقرانهم، وهذا بدوره يؤدي إلى كفاءة أكبر في الإشراف، كما يساعد تقييم الأداء لكل وحدة لامركزية في ممارسة الرقابة الكافية.
- إشباع الحاجات البشرية: تعمل اللامركزية كأداة مهمة لتلبية الحاجات الأساسية للاستقلال والقوة والهيبة والمكانة، ونتيجةً لذلك يبنى كادر من المدراء الراضين كونهم يشعرون بالمسؤولية تجاه تحسين الشركة.
- إغاثة كبار المسؤولين التنفيذيين: يمكن لكبار التنفيذيين التركيز بشكل أكبر على المزيد من العمل على المستوى التنفيذي مثل التخطيط وصنع القرار إذا كان الموظفون من ذوي المستوى الأدنى يتحملون جميع المسؤوليات بمفردهم، وهذا يخفف من عبء عملهم الذي يصبّ في النهاية من أجل تحقيق مصلحة أكبر للمنظمة.
عيوب المركزية واللامركزية
كما يوجد ميزات لكلا النظامين فيوجد عيوب تحدّ من إنتشارهما وفيما يلي هذه العيوب:[٤]
عيوب المركزية
إن لنظام المركزية مجموعة من العيوب، ومن أهمها:
- القيادة البيروقراطية: تشبه الإدارة المركزية الشكل الديكتاتوري للقيادة إذ يُتوقع من الموظفين فقط تحقيق النتائج وفقًا لما حدده لهم كبار التنفيذيين، وهم غير قادروين على المساهمة في عملية صُنع القرار في المنظمة، كما أنهم مجرد منفذين للقرارات المتخذة على المستوى الأعلى، إضافةً إلى ذلك عندما يواجه الموظفون صعوبات في تنفيذ بعض القرارات فإن المدراء التنفيذيين لن يفهموا ذلك لأنهم صانعو قرار فقط وليسوا منفذين للقرارات، وينتج عن ذلك انخفاض في الأداء لأن الموظفين يفتقرون إلى الدافع لتنفيذ القرارات التي يتخذها مديرو المستوى الأعلى دون مساهمة الموظفين من المستوى الأدنى.
- التحكم عن بعد: يتعرض المسؤولون التنفيذيون في المنظمة لضغوط هائلة لصياغة قرارات للمنظمة، ويفتقرون إلى السيطرة على عملية التنفيذ، ويضيف فشل المدراء التنفيذيين في لامركزية عملية صنع القرار الكثير من العمل إلى مكاتبهم، كما يعاني التنفيذيون من ضيق الوقت للإشراف على تنفيذ القرارات، ويؤدي هذا إلى تحجيم الموظفين ويؤدي هذا الأمر إلى اتخاذ العديد من القرارات التي تنفذ تنفيذًا سيئًا أو تجاهلها من قبل الموظفين.
- التأخير في العمل: تؤدي المركزية إلى تأخيرات في العمل كون عملية إرسال السجلات تتم من وإلى المكتب الرئيسي، ويعتمد الموظفون على المعلومات المرسلة إليهم من الأعلى، وبالتالي سيكون هنالك خسارة في ساعات العمل إذا حدث تأخير في ترحيل السجلات، وهذا يعني أن الموظفين سيكونون أقل إنتاجية إذا كانوا بحاجة إلى الانتظار لفترات طويلة للحصول على إرشادات بشأن مشاريعهم القادمة.
- قلة ولاء الموظفين: إذ إن الموظفين الذين يُسمح لهم بمبادرات شخصية في العمل الذي يقومون به يكونون مخلصين للمنظمة التي يعملون فيها، ويمكنهم تقديم إبداعاتهم واقتراح طرق لأداء مهام معينة، إلا أن نظام المركزية يفتقر إلى وجود المبادرة في العمل لأن الموظفين يؤدون المهام التي يحددها لهم كبار التنفيذيين، وهذا بدوره يحد من إبداعهم وولائهم للمنظمة بسبب جمود العمل.
عيوب اللامركزية
إن اللامركزية كغيرها من الأنظمة الإدارية تعاني من مجموعة من العيوب، ومن أهمها:[٥]
- الصراع: تزيد اللامركزية من الضغط المتزايد على رؤساء الأقسام لتحقيق الأرباح بأي ثمن، وقد يؤدي هذا إلى التنافس بين الأقسام مما يؤدي إلى معارك ونزاعات، كما قد يميل كل رئيس قسم إلى بناء إمبراطوريته الخاصة على حساب الآخرين، وينتج عن هذا مشاكل في التنسيق والتحكم نتيجة وجود مثل هذه الشركات المصغرة داخل المنظمة.
- التكلفة: تتميز اللامركزية بازدواجية جهود الموظفين، إذ يتطلب تطبيقها أن يكون لكل قسم القدرة على الوصول إلى المشتريات والموظفين والتسويق والمتخصصين الآخرين، ونتيجة لذلك من المتوقع أن يحمل كل قسم مجموعة كبيرة من الموظفين بتكلفة عالية.
- فقدان السيطرة: قد يؤدي الكثير من اللامركزية إلى فقدان السيطرة من قبل الإدارة العليا، وقد تبدأ الوحدات المختلفة في المنظمة في العمل كوحدات مستقلة تعمل لمصلحتها معارضةً للمصلحة العامة للمنظمة.
- سوء استخدام السلطة: في بعض الأحيان لا تستطيع الإدارة ذات المستوى الأدنى التعامل مع السلطة بفعالية، إذ يمكن أن تستخدم لتلبية أغراضهم الشخصية على عكس مصالح المنظمة.
- التنسيق الصعب في المؤسسة: قد تؤدي اللامركزية إلى تناقضات في الشركة، على سبيل المثال لا يجوز اتباع إجراءات موحدة لنفس نوع العمل في أقسام مختلفة وهذا يجعل مهمة التنسيق والمراقبة صعبة.
- الصعوبة المشتركة: نتيجة وجود اختلاف في السياسات والإجراءات التي تتبعها الوحدات المختلفة، ينتج عن ذلك صعوبة في التنسيق فيما بينهم.
- هدر الموارد: لجعل وحدات القسم مكتفية ذاتيًا يجب توفير وظائف الخدمة الضرورية مثل المحاسبة والأفراد لكل قسم على حدة، إضافةً إلى ذلك سترتب مرافق إنتاج وتسويق منفصلة لكل قسم، وبسبب إزدواجية الوظائف ستهدر الموارد.
- اهتمامات أكبر للمؤسسة المهملة: إذ تميل كل إدارة أو وحدة قسم إلى أن تكون ذات تركيز أعلى وبالتالي دفع المصالح الأكبر للشركة جانبًا.
- صعوبة تطبيق قرار الطوارئ: عندما تجري الشركة بعض التعديلات العاجلة على منتجاتها أو سياساتها الرئيسية، فإن اللامركزية تُعد عائقًا يحول بين تنفيذ التعديلات في الشركة.
- عدم وجود مدراء مؤهلين: إذا لم يتوفر عدد كافٍ من الموظفين الإداريين المؤهلين والمختصين لتخطيط الوحدات المختلفة وتشغيلها، يصعب القضاء على اللامركزية في الشركات.
- لا يمكن تطبيق اللامركزية في بعض الأنشطة: إذ يصعب تطبيق اللامركزية في بعض الأنشطة مثل التعامل مع العلاقات والنقابات العمالية وقوانين الشركات.
قَد يُهِمُّكَ
لا بُد من أنك تواجه في بعض الأحيان صعوبة في أداء جميع المهام الموكلة إليك سواء في العمل أو المنزل، وتحتاج لمن يدعمك ويساعدك على ذلك، وكذلك الحال في الكثير من المؤسسات والمنظمات؛ إذ يصعب على فرد واحد أن يؤدي كافة المهام الموكلة إليه في وقت محدد وكفاءة عالية، ومن هنا ظهر ما يُعرف بتفويض السلطة، فماذا تعني وما أهميتها وما هي العناصر المكونة لها؟ تسعى المؤسسات والمنظمات لتحقيق الأهداف التي تضعها على الوجه الصحيح لذا يتوجب على المدير المسؤول تفويض السلطة، وتعني تقسيم السلطة بدءًا من المدير ونزولاً إلى المرؤوسين، ويتمثل التفويض بتكليف شخص آخر ليؤدي أجزاء من العمل، ويمكن تعريف تفويض السلطة على أنه تقسيم فرعي وتخصيص السلطات الفرعية للمرؤوسين من أجل تحقيق نتائج أكثر كفاءة وفاعلية، وتوجد لتوفيض السلطة ثلاثة عناصر وهي:[٦]
- السلطة: وتعني حق الشخص في استخدام الموارد وتخصيصها بكفاءة، واتخاذ القرارات وإصدار الأوامر لتحقيق الأهداف التنظيمية، وتتمتع الإدارة العليا بأعلى سلطة بينما تتدفق دائمًا من الأعلى إلى الأسفل.
- المسؤولية: وتعني واجب الشخص على إكمال المهمة المسندة إليه والتأكد من إنجازها على الوجه المطلوب والصحيح، وتتدفق المسؤولية من الأسفل إلى الأعلى بمعنى أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق كل من الإدارة الوسطى والإدارة الدنيا.
- المساءلة: وتعني تقديم تفسيرات لأي اختلاف في بين الأداء الفعلي والتوقعات، والمساءلة لا يمكن تفويضها، كما تُعد الإدارة العليا هي الأكثر مساءلة بين الإدارات الأخرى.
ولتحقق تفويض السلطة يجب أن يسير العمل في نظام وتؤدي إذا كنت مديرًا مجموعة من المهام، من أهمها:[٦]
- تعيين المهام والواجبات: إذ يجب بصفتك مفوض السلطة أن تحدد المهمة والواجبات للمرؤوسين، وعليك أيضًا أن تحدد النتيجة المتوقعة منهم، إذ يُعد وضوح الواجب والنتيجة المتوقعة الخطوة الأولى في التفويض.
- منح السلطة: يحدث تقسيم السلطة عندما تقسم بصفتك مديرًا سلطتك مع المرؤوس وتتقاسمها، لذا يجب أن تمنح كل مرؤوس استقلالية كافية للقيام بالمهمة الموكلة إليه من رؤسائه، ويُعد تقسيم السلطة أمرًا مهمًا للحصول على نتائج فعّالة.
- خلق المسؤولية والمساءلة: لا تنتهي عملية التفويض بمجرد أن تمنح السلطات للمرؤوسين، إذ يجب عليهم في نفس الوقت أن يكونوا ملتزمين تجاه الواجبات التي أوكلت إليهم، إذ عليهم الالتزام بأداء واجباتهم في أفضل حالاتها وفقًا لتوجيهاتك ومعايير الأداء.
المراجع
- ^ أ ب "Centralization and Decentralization", managementstudyguide, Retrieved 11-7-2020. Edited.
- ↑ Prachi M (18-12-2018), "Centralization"، theinvestorsbook, Retrieved 11-7-2020. Edited.
- ↑ "Advantages And Disadvantages Of Decentralisation", toppr, Retrieved 11-7-2020. Edited.
- ↑ "What is Centralization?", corporatefinanceinstitute, Retrieved 11-7-2020. Edited.
- ↑ Sethy K, "Advantages and Disadvantages of Decentralization"، economicsdiscussion, Retrieved 11-7-2020. Edited.
- ^ أ ب "Delegation of Authority - Meaning, Importance and its Principles", managementstudyguide, Retrieved 12-7-2020. Edited.