محتويات
النزعة الإنسانية
إنّ النزعة الإنسانية فلسفة تقدمية في الحياة، تُؤكد قدرة الإنسان ومسؤوليته في قيادة حياة أخلاقية تُحقق مصالح شخصية، وتتطلع إلى الصالح العام دون الاعتراف بالإيمان أو غيرها من المعتقدات التي تؤمن بالقوى الخارجة عن الطبيعة.[١]
عرّف قاموس اكسفورد الصغير النزعة الإنسانية أو الإنسانية بأنّها؛ فلسفة غير دينية تقوم على القيم الإنسانية الليبرالية، أمّا موسوعة روتليج الموجزة للفسلفة تقول: إنّ الإنسانية منهجًا علميًا يتعلّق بفهم عمل الكون، ورفض القوى الخارقة، واتّخاذ أصحاب النزعة الإنسانية قراراتهم بناءً على العقل، والتعاطف، والاهتمام بالبشر، والحيوانات الأخرى.[٢]
أمّا إعلان أمستردام الدولي لعام 2002 ميلاديًا، عرّف الإنسانية بأنّها؛ الالتزام بمنظور ومصالح ومحورية الإنسان، والإيمان بالعقل والاستقلالية كجوانب أساسية للوجود الإنساني، كما أنّ العقل والشك والمنهج العلمي؛ الأدوات المناسبة والوحيدة لاكتشاف الحقيقة، وأنّ أُسس الأخلاق والمجتمع موجودة في الاستقلالية والمساواة الأخلاقية، وأنّه يُمكن العيش بثقة دون اليقين الميتافيزيقي أو الديني، وأن جميع الآراء مفتوحة للتشكيك والمراجعة والتصحيح، فيُظهر الإنسانيون الاحترام للإنسان بغض النظر عن عِرقه أو طبقته الاجتماعية أو عقيدته.[٢]
بماذا يؤمن الإنسانيون؟
سجل التاريخ أشخاصًا غير متدينين، يعتقدون أنّ الحياة التي نعيشها هي الحياة الوحيدة، ولا يؤمنون بفكرة الحياة بعد الموت، ويُؤمنون بأن الكون لا جوانب خارقة فيه، وأنّه بإمكان الإنسان أن يعيش حياةً أخلاقيةً على أساس العقل والإنسانية، ووثّقوا الظواهر الكونية بالأدلة العلمية والحقائق، ووضعوا رفاهية الإنسان وسعادته في مركز اتخاذ قراراتهم الأخلاقية.
ويُطلق اليوم على هؤلاء الأشخاص الإنسانيين، ويعتنق الكثير من الأشخاص الفكر الإنساني أو النزعة الإنسانية دون أن يعرفوا بوجود هذا المصطلح وتقاليده التي وصل عمرها لآلاف السنين لدى العالمَيْن الشرقي والغربي، ومن الجدير بالذكر أنّ فكرة النزعة الإنسانية ألهمت الكثير من الفنانين، والأدباء، والعلماء، والفلاسفة في العالم.[٢]
تاريخ ظهور مصطلح النزعة الإنسانية
إنّ تاريخ مصطلح النزعة الإنسانية Humanism معقد نوعًا ما، وُظِف لأول مرة من قبل علماء ألمان في القرن التاسع عشر الميلادي، لتأكيد تركيز عصر النهضة على الدراسات الكلاسيكية في التعليم، وتابع هذه الدراسات وأقرّها معلمين معروفين في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي، وسُمي هؤلاء المعلمون umaisti؛ أيّ أساتذة أو طلاب الأدب الكلاسيكي، وهذه الكلمة مستمدة من studia humanitatis؛ وهي دورة من الدراسات الكلاسيكية التي كانت موجود في أوائل القرن الخامس عشر الميلادي، وتتكون من القواعد، والشعر، والبلاغة، والتاريخ، والفسلفة الأخلاقية.[٣]
وهذا الاسم بمثابة معادلة للتعليم اليوناني، واستند الاسم في حدّ ذاته إلى مفهوم رجل الدولة الروماني الذي يُدعى ماركوس توليوس سيسيرو للإنسانية، وهو مثال تعليمي وسياسي يُحتذى به، وأساس فكرة الحركة الإنسانية بأكملها، وعرَّفت إنسانية عصر النهضة نفسها في إجهادها نحو هذا المثل الأعلى، وبذلك تعني النزعة الإنسانية؛ تطوير الفضيلة الإنسانية إلى أقصى حد، وهذا المصطلح لا يقتصر على الصفات إنّما يصل إلى الخصائص مثل؛ الثبات، والحكمة، والبلاغة، وحب الشرف.[٣]
إنّ الهدف من الفضيلة كان هدفًا سياسيًا، أيّ إنّ إصلاحاتِ إنسانيةِ عصرِ النهضةِ، لم تتضمن تعليم الشباب فحسب، بل توجيه الكبار بما فيهم الحكّام أيضًا، وذلك عبر الشعر الفلسفي والخطاب الاستراتيجي، ولم يقتصر الأمر على النقد الاجتماعي الواقعي فقط، إنما شمل الفرضيات الطوباوية، وما كان لإعادة تقييم التاريخ فقط، إنّما لإعادة تشكيل جزئية المستقبل، أيّ دعت الإنسانية للإصلاح الشامل للثقافة، وتغيير ما يصفه الإنسانية بالمجتمع السلبي، والقضاء على الجهل، وتحويله إلى نظام جديد يعكس ويُشجع إمكانيات البشر.[٣]
سمات وخصائص النزعة الإنسانية
للنزعة الإنسانية ثلاث خصائص أساسية تتمثل بالمنهجية، والقيم، والتباين، وفيما يأتي تفصيلها:[٤]
المنهجية
تعني المنهجية الاعتماد على الخبرة المنطقية، فهي الوسيلة الوحيدة لفهم الإنسان والعالم الذي يعيش فيه، والإنسانيون يفضّلون العلم ويعدونه أساسًا للمعرفة، كما أنّ أنماط التفكير العقلاني والتجارب الشخصية جزء لا يتجزأ من اكتشاف الكون، كما أنّ الإنسانيون لا يُؤمنون بعلم التنجيم أو الوحي أو العوالم الروحية أو أنّ الإنسان دفن الإجابات على تساؤلاته بطريقة ما، فالوصول للمعرفة صعب، ويجب على البشر أن يتكاتفوا للوصول إليها، ومناقشة القضايا المطروحة بدقّة.
القيم
القيم؛ وتعني الاعتقاد بأنّ البشر مخلوقات مترابطة، تعتمد على الفضائل الاجتماعية؛ كالنزاهة، والتعاطف، والمجتمع من أجل عيش حياة مزدهرة، فيعترف بعض الإنسانيون بأنّ معتقدات البشر الأخلاقية، قد تكون خاطئة ويعتقد بعضهم الآخر بأنّ الأخلاق لا تخضع للصواب أو الخطأ، ومع ذلك فإنّ ذلك ليس عذرًا لانعدامها، ويعتقدون أنه يمكن للإنسان أن يقرأ المعاناة في وجه الإنسان الآخر، ولديه قدرة فطرية على التعاطف والتعاون، وإّن اختلاف البشر يُحفّز الإنسانية على طرح الأسئلة حول معتقداتهم باستمرار، وطلب مساعدة الآخرين في تشكيل هذه المعتقدات، وعدم إدانة أولئك الذين يختلفون، ولهذا يجد الإنسانيون العزاء والقيمة في بعضهم البعض، فوصفها مؤسس الإنسانية بأنّها "الوحدة معًا".
التباين
ترفض النزعة الإنسانية الإيمان بالقوى الخارقة، وبالتالي فإن اللا إيمان والطبيعة، خاصيتان مميزتان في النزعة الإنسانية.
أفكار النزعة الإنسانية
تتمثل أفكار النزعة الإنسانية الأساسية فيما يأتي:[٥]
- الكائنات الخارقة للطبيعة لا وجود لها.
- الشيء الوحيد الموجود هو الكون المادي.
- العلم هو المصدر الوحيد الموثوق للوصول إلى المعرفة حول هذا الكون.
- يعيش الإنسان في هذه الحياة فقط، ولا توجد حياة أخرى غيرها، ولا يوجد شيء مثل التناسخ.
- يمكن للبشر أن يعيشوا حياةً أخلاقية ومُرضية دون المعتقدات الدينية.
- يستمد البشر شيفراتهم الأخلاقية من دروس التاريخ، والخبرة، والشخصية، والفكر.
مَعْلُومَة
من أبرز الفلاسفة الناشطين في الإنسانية؛ ريبيكا نيوبرجر جولدشتاين، دانيال دينيت، كورليس لامونت، وجون ديوي، ولكنّ النزعة الإنسانية لم تقتصر على الفلاسفة فحسب، فهناك الكثير من القادة والمفكرين والعلماء الذين يؤمنون بالنزعة الإنسانية، الذين تبنّوها في دراساتهم، وأبحاثهم، وطريقة تفكيرهم.
ومن هؤلاء العلماء ودعاة العلم؛ ريتشارد دوكنز، ستيف وزنياك، كارولين بوركر، بيل ناي، كارل ساجان، ستفين بينكر، إدوارد أو.ويلسون، وجوناس سالك، أمّا من الناشطين البارزين؛ غلوريا ستاينم، جيسيكا فالنتي، دان سافاج، بيتيفريدان، جاك كيفوركيان، وفيليب راندولف، ومن أشهر القادة السياسيين الذين يتبنون النزعة الإنسانية؛ جاريد هوفمان، بارني فرانك، جيمي راسكين وبيت ستارك.[٦]
المراجع
- ↑ "Definition of Humanism", americanhumanist, Retrieved 29-5-2020. Edited.
- ^ أ ب ت "Humanism", humanism, Retrieved 29-5-2020. Edited.
- ^ أ ب ت "Humanism", britannica, Retrieved 29-5-2020. Edited.
- ↑ "What is Humanism?", rutgershumanist, Retrieved 29-5-2020. Edited.
- ↑ "Humanism", bbc.co, Retrieved 29-5-2020. Edited.
- ↑ "Famous Humanists in History", americanhumanist, Retrieved 29-5-2020. Edited.