محتويات
التسبيح
يُعرف التّسبيح في اللغة العربية بأنه اسمٌ مأخوذٌ من الجذر الثّلاثي سَبَحَ، ومعناه التّنزيه والتّقديس عن كلِّ ضررٍ أو منبوذ، وفي الدّين الإسلامي التّسبيح هو واحدٌ من أشهر الأذكار بقول سبحان الله العظيم أو أحد صيغه الأخرى، ومعناه تنزيه الله سبحانه وتعالى قولًا ويقينًا قلبيًا عن كل ما لا يليق بجلاله ونفي كل سوء عنه، والإيمان التام بحقيقة كماله وحده عز وجل، وقد منّ الله عزّ وجل على البشريّة بالكثير من النّعم، ومن هذه النّعم أن جعلنا قادرين على النّطق والكلام، ويكون شكره تعالى على هذه النّعمة من خلال المداومة على ذكره، فبذكر الله تبارك وتعالى تحيا القلوب وتطمئن الجوارح، قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه: "الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"[١]، ومن أفضل الأذكار التي يقرؤها المسلم هي التسبيح، وخاصّة بعد كل صلاة، قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا"[٢].[٣]
صيغ التسبيح بعد كل صلاة في السنّة النبويّة
للتّسبيح صيغٌ متعدّدة وردت عن النّبي عليه الصلاة والسلام، وهي كما يأتي:[٤]
- أن يُسبِّح الله ويحمده ويكبره ثلاثًا وثلاثين مرةً: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سبَّح اللهَ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثين، وحمد اللهَ ثلاثًا وثلاثين، وكبَّر اللهَ ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسعٌ وتسعونَ، وقال تمامَ المائةِ : لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، غُفِرت خطاياه وإن كانت مثلَ زَبَدِ البحرِ"[٥].
- أن يسبح الله ويحمده ثلاثًا وثلاثين مرةً، ويكبره أربعًا وثلاثين مرةً: فعن كعب بن عجرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مُعَقِّبَاتٌ لاَ يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ - أَوْ فَاعِلُهُنَّ - دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ، ثَلاَثٌ وَثَلاَثُونَ تَسْبِيحَةً، وَثَلاَثٌ وَثَلاَثُونَ تَحْمِيدَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلاَثُونَ تَكْبِيرَةً"[٦].
- أن يسبح الله ويحمده ويكبره ويهلله خمسًا وعشرين مرةً: فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: "أُمِرنَا أن نسبّحَ دبرَ كل صلاةٍ ثلاثا وثلاثينَ، ونحمدهُ ثلاثا وثلاثينَ، ونكبرهُ أربعا وثلاثينَ، قال : فرأى رجلٌ من الأنصارِ في المَنامِ، فقال : أَمركُم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن تسبّحوا في دبرِ كل صلاةٍ ثلاثا وثلاثينَ، وتحْمدوا اللهَ ثلاثا وثلاثينِ ؟ وتكبّروا أربعا وثلاثينَ، قال : نعم، قال : فاجعلُوا خمسا وعشرينَ واجْعلوا التهليلَ معهنَّ، فغدا على النبي صلى الله عليه وسلم، فحدّثهُ، فقال : افْعلوا"[٧]
- أن يسبح الله ويحمده ويكبره عشر مرات: فعن أبي هريرة رضي الله عن قالوا لرسول الله: "يا رسول الله ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، قَالَ: كَيْفَ ذَاكَ؟ قَالوا صَلَّوْا كَمَا صَلَّيْنَا، وَجَاهَدُوا كَمَا جَاهَدْنَا، وَأَنْفَقُوا مِنْ فُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، وَلَيْسَتْ لَنَا أَمْوَالٌ؛ قَالَ: أَفَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَمْرٍ تُدْرِكُونَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ مَنْ جَاءَ بَعْدَكُمْ، وَلاَ يَأْتِي أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتُمْ، إِلاَّ مَنْ جَاءَ بِمِثْلِهِ؟ تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ عَشْرًا، وَتَحْمَدُونَ عَشْرًا، وَتُكَبِّرُونَ عَشْرًا"[٨].
أفضل أوقات التسبيح
أفضل وقت للتسبيح يكون بعد صلاة الفجر، قال الله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ)[٩]، وفيما يأتي المواضع الأخرى التي يُستحب فيها الإكثار من الذّكر والتّسبيح:[١٠]
- بعد الانتهاء من أداء كلِّ صلاةٍ ثلاث وثلاثين مرةً.
- مع أذكار الصّباح في أول النّهار، والمساء قبل الخلود للنوم.
- أثناء حدوث كسوف الشّمس أو خسوف القمر.
- إن التّسبيح في كل الأحوال كما كان عليه السلام.
فضائل التسبيح
للتّسبيح فضائل كبيرة تعود على الفرد، وهي ما يأتي:[١١]
- التّسبيح يزيد في حسنات المسلم: فهو يزيد من ثقل كفّة حسنات المسلم في الميزان يوم القيامة، فقد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كَلِمَتانِ خَفِيفَتانِ علَى اللِّسانِ، ثَقِيلَتانِ في المِيزانِ، حَبِيبَتانِ إلى الرَّحْمَنِ، سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ).[١٢]
- التسبيح سبب في المغفرة: كما هو حال كافة الأذكار، فهي تحطُّ من خطايا الفرد، وفي حال ذكرها العبد في اليوم مائة مرة تغفر كافة الذنوب، استنادًا على ما جاء في الحديث الشريف أن المصطفى عليه الصلاة والسلام قال: (سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطاياهُ، وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ)[١٣].
- التسبيح من أفضل ما يمكن للعبد أن يذكر: كما ورد في الحديث الشريف، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الكَلَامِ أَفْضَلُ؟ قالَ: ما اصْطَفَى اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ، أَوْ لِعِبَادِهِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ.)[١٤].
- التسبيح أحب الكلام إلى الله تعالى: فقد ورد في الحديث الشريف، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَحَبُّ الكَلامِ إلى اللهِ أرْبَعٌ: سُبْحانَ اللهِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ. لا يَضُرُّكَ بأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ ولا تُسَمِّيَنَّ غُلامَكَ يَسارًا، ولا رَباحًا، ولا نَجِيحًا، ولا أفْلَحَ، فإنَّكَ تَقُولُ: أثَمَّ هُوَ؟ فلا يَكونُ فيَقولُ: لا. إنَّما هُنَّ أرْبَعٌ فلا تَزِيدُنَّ عَلَيَّ. وأَمَّا حَديثُ شُعْبَةَ فليسَ فيه إلَّا ذِكْرُ تَسْمِيَةِ الغُلامِ ولَمْ يَذْكُرِ الكَلامَ الأرْبَعَ.)[١٥].
- التسبيح من أحب الأعمال إلى رسول الله: فقد قال عليه السلام: (لَأنْ أقولَ : سُبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلَّا اللهُ واللهُ أكبَرُ أحَبُّ إليَّ ممَّا طلَعَتْ عليه الشَّمسُ)[١٦].
- التسبيح يغرس للمسلم نخلة في الجنة: إذ قال عليه السلام: (من قال : ( سبحان اللهِ وبحمدِه )؛ غُرِسَتْ له نخلةٌ في الجنَّةِ )[١٧]
- الذكر بكافّة أشكاله هو عبادة يؤجر عليها العبد: فقد ورد في الحديث الشريف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا أنبِّئُكُم بخيرِ أعمالِكُم، وأزكاها عندَ مليكِكُم، وأرفعِها في درجاتِكُم وخيرٌ لَكُم مِن إنفاقِ الذَّهبِ والورِقِ، وخيرٌ لَكُم من أن تلقَوا عدوَّكُم فتضرِبوا أعناقَهُم ويضربوا أعناقَكُم ؟ قالوا : بلَى . قالَ : ذِكْرُ اللَّهِ تَعالى قالَ معاذُ بنُ جبلٍ : ما شَيءٌ أنجى مِن عذابِ اللَّهِ من ذِكْرِ اللَّهِ» قالوا: "بلى يا رسول الله"! قال: «ذكر الله عز وجل»)[١٨].
- التّسبيح يُليّن القلوب ويزيد من تعلّق قلب العبد بربّه، ويقربه منه تعالى، قال الله تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)[١٩]
المراجع
- ↑ سورة الرعد، آية: 28.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 42-41.
- ↑ "التسبيح"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-6. بتصرّف.
- ↑ "صيغ التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل دبر الصلوات المكتوبات"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-1. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 6286، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن كعب بن عجرة، الصفحة أو الرقم: 596، لاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن زيد بن ثابت، الصفحة أو الرقم: 3413، خلاصة حكم المحدث: صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 6329، خلاصة حكم المحدث : [أورده في صحيحه] وقال : تابعه عبيد الله بن عمر عن سمي. ورواه ابن عجلان عن سمي ورجاء بن حيوة. ورواه جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي الدرداء. ورواه سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- ↑ سورة النور، آية: 37.
- ↑ "أفضل أوقات الذكر"، islamic-fatwa، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-7. بتصرّف.
- ↑ "فضل التسبيح رابط المادة: http://iswy.co/e14kil"، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-1. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 6682.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 6405.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 2731.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم: 2137.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 834.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1539، خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3377.
- ↑ سورة الزمر، آية: 23.