محتويات
جمع الصلاة
يعدّ الجمع في الصلاة رخصة أعطاها الله للمسلمين تخفيفًا عليهم، فإن احتاجت إليها جمعت وإلا فلا، فإذا ارتحلت بعد الظهر وفضّلت أن تُصلي العصر مع الظهر فلا بأس، وهكذا لو ارتحلت بعد المغرب وأحببتَ أن تُقدّم العشاء معها فيجوز لكَ ذلك، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من أسفاره.
كذلك لو ارتحلتَ قبل الظهر وفضّلتَ أن تُؤخر الظهر مع العصر كان ذلك أفضل حتى تُصليهما في وقت العصر، ولو ارتحلتَ في السفر قبل المغرب فأخرت المغرب مع العشاء حتى تُصليهما في وقت العشاء كان ذلك مقبولًا؛ لأن الرسول فعله عليه الصلاة والسلام، وتجدر الإشارة إلى أن صلاة الفجر لا تُقصر بل تُصلّى اثنتين دائمًا في الحضر والسفر.[١]
هل يجوز جمع الصلاة قبل السفر
إذا كنت تسافر على متن الطائرة، ويُمكنك أن تصلي فيها عن دخول وقت الصلاة، فلا يجوز لك الجمع قبل السفر، ولكن إذا تعذرت الصلاة داخل الطائرة، وكنت ستصل بعد المغرب مثلًا، ففي هذه الحالة يجوز لك أن تجمع بين الصلاتين قبل السفر رفعًا للحرج والمشقة، أما إن كنت ستسافر برًا، فيجوز لك الجمع والقصر بين الصلوات حالما تعديت جميع بيوت المنطقة التي تسكن فيه، سواء كنت ستصل البلد المقصود قبل الصلاة التالية أم بعدها، ولا يجوز لك الجمع قبل السفر.
وفي الحديث عن الجمع لا بدّ من التطرق لحكم القصر في الصلاة قبل السفر أيضًا، لا يجوز قصر الصلاة للمسافر حتى يبدأ في السفر بالفعل، إذ لا يكفي وجود نية السفر، ولا العزم عليه، فجعل جواز القصر في الصلاة مشروطًا ببدء السفر والسير فيها، وقال ابن قدامة في المغني: "وجملته أنه ليس لمن نوى السفر القصر حتى يخرج من بيوت قريته، ويجعلها وراء ظهره, وبهذا قال مالك، والشافعي، والأوزاعي، وإسحاق، وأبو ثور، وحكي ذلك عن جماعة من التابعين".[٢]
كيفية الجمع والقصر للمسافر
أتاح الله لكَ عند السفر أن تقصرُ وتجمع في الصلاة تخفيفًا عنكَ، ورفعًا للحرج والمشقة، وتيسيرًا لأدائكَ الفرائض الملزم بأدائها، وتجنبًا للإهمال والتقصير في أداء الواجبات والفرائض، وللجمع نوعان؛ جمع التقديم الذي تُقدّم فيه صلاة العصر وتُصلّيها بعد الظهر في وقت صلاة الظهر، وتُقدّم صلاة العشاء فتُصلّيها بعد المغرب في وقت صلاة المغرب، وجمع التأخير الذي تُؤخّر فيه صلاة الظهر إلى وقت صلاة العصر، وصلاة المغرب إلى وقت صلاة العشاء قال تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ}، ومن الجدير ذكر بأن صلوات الأربع ركعات في القصر تُصلّى ركعتين، عدا المغرب تُصلى ثلاث ركعات كما هي.[٣][٤]
آراء المذاهب الفقهية في الجمع بين الصلاوات
من فضل الله ورحمته بالمسافر، أن خفف عليه وشرع له الجمع بين الصلوات، وذلك لأنّكَ في السفر ستُواجه ظروفًا تمنعكَ من أداء كل الصلوات في وقتها، واختلف أهل العلم في حكم الجمع بين الصلاتين في السفر، وتتمثل بما يأتي:[٥]
- ذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة إلى جواز الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، والجمع بين صلاتي المغرب والعشاء في السفر.
- قال الحنفية أنه لا يجوز الجمع بين صلاتين مفروضتين في وقت واحد، ولا يجوز إلا الجمع الصوري بتأخير الظهر إلى آخر وقت له قبل أذان العصر، ثم أداء صلاة العصر في أول وقت لها، ما عدا الجمع بعرفة ومزدلفة.
حكم الجمع والقصر باستمرار طوال مدة السفر غير المحددة
يعد القصر سنة من سنن السفر، وهي سنة مؤكدة؛ وتكون بأن تُؤدي الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره يقصر ويصلي ركعتين عليه الصلاة والسلام حتى يرجع، فإن سافرت إلى منطقة لا تعلم متى ستعود منها، فتقصر اثنتين للصلوات التي تتكون من 4 ركعات؛ الظهر، والعصر، والعشاء، إلا إذا كنت وحدكَ في هذا السفر، فإنكَ تُصلي جماعة أربعًا، لأنّ صلاة الجماعة واجبة.
أمّا إذا كنت في هذا السفر مع جماعة صليتم اثنتين ما دمتم لا تعلمون مدة إقامتكم، فإن صليتم مع الجماعة صليتم أربع ركعات، أمّا الجمع فهو رخصة ليست مثل القصر، إن احتجت إليها فعلتها، وإن لم تكن مضطرًا لفعلها تركتها.[٦]
قد يُهِمُّكَ
يجوز للإمام والمأموم المنفرد الجمع بين الصلوات في حالات عدة، فيما يأتي بيان لها:[٧]
- جمع التقديم في الحج: يمكنكَ عزيزي الرجل أن تجمع بين صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم، فتصليهما في وقت صلاة الظهر، في حال كنت من حجاج بيت الله الحرام في عرفات.
- جمع التأخير في الحج: في حال كنت من حجاج بيت الله الحرام يسمح لك بجمع صلاتي المغرب والعشاء تحديدًا عند النزول من عرفات، كما في حديث جابر في صفة حج النبي -صلى الله عليه وسلم قال: [ثمَّ حلَّ النَّاسُ كلُّهم وقصَّروا إلَّا النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ ومَن كانَ معَهُ هَديٌ فلمَّا كانَ يومُ التَّرْويةِ وتَوجَّهوا إلى منًى أهلُّوا بالحجِّ فركِبَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ فصلَّى بمنًى الظُّهرَ والعصرَ والمغربَ والعِشاءَ والصُّبحَ].[٨]
- أثناء السفر: يجوز الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين صلاتي المغرب والعشاء سواء كان جمع تقديم أو جمع تأخير، وذلك لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث منها ما رواه مسلم عن معاذ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلك قال [خَرَجْنَا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةٍ ونَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ، بيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ، فَنَقِبَتْ أقْدَامُنَا، ونَقِبَتْ قَدَمَايَ، وسَقَطَتْ أظْفَارِي، وكُنَّا نَلُفُّ علَى أرْجُلِنَا الخِرَقَ، فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ، لِما كُنَّا نَعْصِبُ مِنَ الخِرَقِ علَى أرْجُلِنَا، وحَدَّثَ أبو مُوسَى بهذا ثُمَّ كَرِهَ ذَاكَ، قَالَ: ما كُنْتُ أصْنَعُ بأَنْ أذْكُرَهُ، كَأنَّهُ كَرِهَ أنْ يَكونَ شيءٌ مِن عَمَلِهِ أفْشَاهُ].[٩]
- الحالات المرضية: يجوز الجمع بين الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، بحسب ما جاء عن المالكية والحنابلة، ووافق مجموعة من فقهاء الشافعية على ذلك.
- في المطر : أيد مجموعة من فقهاء الشافعية، والمالكية، والحنابلة الجمع بين المغرب والعشاء، واختلف رأي المذاهب الفقهية في ذلك:
- المالكي: شرع المالكية الجمع بين الصلاة جمع تقديم فقط، وبين صلاتي المغرب والعشاء.
- الشافعي: أجاز الشافعية الجمع التقديمي بين الظهر والعصر فقط.
- الحنابلة: أجاز الحنابلة الجمع بكل حالاته سواء كان جمع تقديمي أو جمع تأخيري.
المراجع
- ↑ "كيفية قصر الصلوات وجمعها في السفر"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 4-7-2020.
- ↑ "حكم الجمع والقصر قبل بدء السفر"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 4-7-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 101.
- ↑ "كيفية قصر الصلوات وجمعها في السفر"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 4-7-2020. بتصرّف.
- ↑ "جمع الصلاة للمسافر"، fikhguide، اطّلع عليه بتاريخ 4-7-2020. بتصرّف.
- ↑ "حكم الجمع والقصر باستمرار طوال مدة السفر غير المحددة"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 4-7-2020. بتصرّف.
- ↑ "أحوال الجمع بين الصلاتين عند الفقهاء"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 1-7-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 2512، صحيح.
- ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن أبو موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 4128، صحيح.