محتويات
صلاة الرجل في المنزل
فرض الله تعالى على عباده المسلمين خمس صلواتٍ في اليوم والليلة، وجعل لتأديتها ثوابًا عظيمًا، وقد حث كتاب الله تعالى وسنة نبيه الكريم على إعمار بيوت الله من خلال إقامة الصلاة فيها، ومن الجدير ذكره أن النبي الكريم لازم أصحابه في صلاة الجماعة في الحِل والترحال، وفي حالات مواجهة العدو والخوف كذلك، فنستدل مما سبق على وجوب المحافظة على صلاة الجماعة مع عامة المسلمين في بيوت الله، وقد وصف النبي المتخلفين عن صلاة الجماعة مع عامة المسلمين بالمنافقين فقد قال: [إنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ علَى المُنَافِقِينَ صَلَاةُ العِشَاءِ، وَصَلَاةُ الفَجْرِ، ولو يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لأَتَوْهُما ولو حَبْوًا، وَلقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فيُصَلِّيَ بالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي برِجَالٍ معهُمْ حُزَمٌ مِن حَطَبٍ إلى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ بالنَّارِ][١]، لذا فإن صلاتك في منزلك مخالفة لما أمر به نبينا، وإذا أردت معرفة المزيد حول حكم صلاتك في المنزل تابع قراءة المقال.[٢]
ما حكم صلاة الرجل في منزله؟
تجب صلاة الجماعة على الرجل الحر البالغ وفقًا لما ذكر أهل العلم، وصلاة الجماعة في المسجد ذات شأنٍ عظيم وفضلٍ كبير، وقد رأى أهل العلم بوجوب صلاة الرجل في المسجد، ففي محافظتك عليها نيلٌ للثواب وخروج من دائرة الخلاف، ولا ينبغي على المسلم العاقل تفويت صلاة الجماعة في المسجد؛ لأن ذلك من الحرمان، حتى وإن كنت لا تنال الإثم عند كثيرٍ من أهل العلم لتفويتها جماعة، ولكن يفوتك الأجر والثواب الكبير وفق قول جملة من أهل العلم، فإن صليت في غير المسجد كالمنزل مثلًا جماعةً فقد أدّيت واجبك، وإن صليت منفردًا فصلاتك صحيحة مع الإثم، فقد قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: "إذا ترك الرجل لصلاة الجماعة تهاونًا من غير عذرٍ شرعي ثم صلى منفردًا، فإن شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يرى أن صلاته باطلة؛ لأنه يرى أن الجماعة شرطًا لصحة الصلاة"، والجميع يعلم منزلة ومكانة وأمانة شيخ الإسلام ابن تيمية، فاحرص على صلاتها في المسجد واخرج من دائرة خلاف العلماء حول ذلك، ونل بصلاتك جماعة الأجر والثواب العظيم منه سبحانه.[٣]
فضل صلاة الجماعة
إن الصلاة عبادةٌ فرضها الله سبحانه وتعالى على عباده المسلمين، وهي الركن الأول من أركان الإسلام الخمس بعد الشهادتين، كما أنها العلامة الفارقة بين المسلمين وغيرهم، وهي أول ما تحاسب عليه يوم القيامة، فإن صلُحت صلح سائر العمل، وإن فسدت والعياذ بالله فسد سائر العمل، لذا عليك المحافظة عليها كما أمرك الله عز وجل، لما فيها من الفضائل وفقًا لما ورد في الكتاب والسنة، ومنها:[٤]
- حصولك على الثواب العظيم والأجر الكبير، فإن صلاة الجماعة تزيد عن صلاة الفرد بالدرجات مقدار سبع وعشرين مرة.
- كل خطوة تخطوها إلى صلاة الجماعة في المسجد ترفعك درجة وتحط عنك خطيئة، ولا تزال الملائكة تصلي عليك عند جلوسك في المصلى عقب انتهاء الصلاة، وهذا ما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [صَلَاةُ الرَّجُلِ في الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ علَى صَلَاتِهِ في بَيْتِهِ، وفي سُوقِهِ، خَمْسًا وعِشْرِينَ ضِعْفًا، وذلكَ أنَّهُ: إذَا تَوَضَّأَ، فأحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إلى المَسْجِدِ، لا يُخْرِجُهُ إلَّا الصَّلَاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً، إلَّا رُفِعَتْ له بهَا دَرَجَةٌ، وحُطَّ عنْه بهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى، لَمْ تَزَلِ المَلَائِكَةُ تُصَلِّي عليه، ما دَامَ في مُصَلَّاهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عليه، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، ولَا يَزَالُ أحَدُكُمْ في صَلَاةٍ ما انْتَظَرَ الصَّلَاةَ][٥].
- بين النبي صلى الله عليه وسلم أن درجتك ترتفع في الجنة بالذهاب والغدو إلى المساجد لأداء الفرائض.
- المحافظة على صلاة الجماعة سبب في كمال إيمانك وإسلامك.
سؤال وجواب
هل يجوز أن أصلي في منزلي في ظل انتشار وباء كورونا؟
يجوز لك أن تصلي في منزلك خوفًا من الإصابة بفيروس كورونا، فقد جاءت الشريعة بالأمر بحفظ النفس من الضرر أو الهلاك، ففي القاعدة الفقهية "لا ضرر ولا ضرار" والتي يعتمد عليها العلماء والفقهاء في أحكام الأمور المستجدة على المسلمين، ولما لسرعة انتشار هذا الفيروس، فقد كان السبيل إلى ذلك منع الاحتكاك والتقارب بين الناس، وذلك من خلال إغلاق المدارس والمتنزهات والمساجد كذلك، خشية انتقال العدوى لما فيه من تقارب بين المصلين، فلا مناص من تعليق الجماعة حتى انكشاف تلك الغمة، وقد يصل الأمر إلى الوجوب بحسب استفحال الوباء، لذلك لك أن تصلي في منزلك جماعة مع زوجتك وأولادك خشية على نفسك من المرض.[٦]
هل تغني صلاتي جماعة في المنزل مع زوجتي وأبنائي عن صلاتي في المسجد؟
ذكر الإمام ابن باز رحمه الله تعالى أن صلاة الرجل في بيته مع زوجته وأطفاله جائزة ولا بأس فيها في النوافل كصلاة الليل والضحى وغيرها، وفي حال فاتتك صلاة الفريضة جماعةً لمرضٍ أو خلاف ذلك فلا بأس من العودة إلى المنزل والصلاة جماعة مع زوجتك وأطفالك، ولكن لا يجوز لك أن تؤخر صلاة الجماعة أو تتأخر عنها عامدًا متعمدًا، بل الأولى أن تذهب وأولادك إلى المساجد لتأدية الصلوات الخمس، لقوله صلى الله عليه وسلم: [من سمعَ النِّداءَ فلم يأتِهِ فلا صلاةَ لَه إلَّا من عُذرٍ][٧]، فليس لك التخلف عن المسجد والصلاة في المنزل مع زوجتك وأولادك إلا لعذر شرعي.[٨]
ما هي أعذار ترك صلاة الجماعة؟
أباح الإسلام جملةً من الأعذار للتخلف عن صلاة الجماعة في المساجد وفقًا لأحكام شرعية ثابتة في الكتاب والسنة، وفيما يلي بعض أبرز هذه الأعذار:[٩]
- المرض: متى ما ألمَّ المرض بك وشق عليك ذهابك لتأدية صلاة الجماعة في المسجد فلا حرج من عدم الذهاب، لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم}[١٠].
- مدافعة الأخبثين: أي أنه لا يجوز لك الصلاة وأنت تريد الدخول إلى الخلاء لقضاء حاجتك، فالأولى الدخول للخلاء أولًا ثم تصلي ليتسنى لك الخشوع وحضور القلب.
- حضور الطعام وأنت محتاج إليه: وذلك حتى لا تنشغل بالتفكير بالطعام أثناء الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم: [إِذَا وُضِعَ عَشَاءُ أحَدِكُمْ وأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَابْدَؤُوا بالعَشَاءِ ولَا يَعْجَلْ حتَّى يَفْرُغَ منه وكانَ ابنُ عُمَرَ: يُوضَعُ له الطَّعَامُ، وتُقَامُ الصَّلَاةُ، فلا يَأْتِيهَا حتَّى يَفْرُغَ، وإنَّه لَيَسْمَعُ قِرَاءَةَ الإمَامِ][١١].
- الخوف من ضياع المال: أي أن تخاف على مالك من السرقة، أو أن يفوتك وقت حضور التاجر خلال وقت الصلاة، بالإضافة لخوفك من حدوث ضرر ما نتيجة تركك لعملك والذهاب للصلاة لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال.
- خوفًا من الضرر الناتج عن نزول المطر أو الريح الشديد: فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: [عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أنَّهُ نَادَى بالصَّلَاةِ في لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ وَمَطَرٍ، فَقالَ في آخِرِ نِدَائِهِ: أَلَا صَلُّوا في رِحَالِكُمْ، أَلَا صَلُّوا في الرِّحَالِ، ثُمَّ قالَ: إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَأْمُرُ المُؤَذِّنَ، إذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ، أَوْ ذَاتُ مَطَرٍ في السَّفَرِ، أَنْ يَقُولَ: أَلَا صَلُّوا في رِحَالِكُمْ][١٢].
- أعذار أخرى: الخوف من ضياع المريض كأن يموت مثلًا إذا لم تسعفه، النوم والنسيان وخروج وقت الصلاة، أكل البصل أو الثوم لكن دون قصد إضاعة صلاة الجماعة، لما في ذلك من ضرر على المصلين.
المراجع
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:651، صحيح.
- ↑ "جواز صلاة الرجل في بيته وتركه صلاة الجماعة"، صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-24. بتصرّف.
- ↑ "حكم أداء الرجل الصلوات المفروضة منفردا في البيت بلا عذر"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-24. بتصرّف.
- ↑ "فضل صلاة الجماعة"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-24. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:647، صحيح.
- ↑ "تعليق الجمعة والجماعات بسبب فيروس كورونا.. رؤية شرعية وقائية"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-27. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:652، صحيح.
- ↑ "حكم الصلاة بالأولاد والأهل جماعة في البيت"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-24. بتصرّف.
- ↑ "مُلَخَّص الأعذار المُبِيحَة لِتَرْك الجُمعة والجماعة"، شبكة الالوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-09-24. بتصرّف.
- ↑ سورة التغابن، آية:16
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:673، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:697، صحيح.