قراءة القرآن الكريم
القرآن الكريم هو أشرف كتاب أنزله الله عز وجل، نزل به جبريل عيله السلام، في شهر رمضان، في ليلة القدر، على أشرف بقعة في الأرض مكة المكرمة، باللغة العربية، وعلى أشرف خلق الله جميعًا سيدنا محمد عليه السلام لخير أمة أمة الإسلام، أنزله الله ليكون آية وبرهانًا على صدق نبوة سيدنا محمد عليه السلام، وليكون منهاجًا للأمة وهدى ورحمة للمؤمنين، وهداية للناس كافة، أنزله الله إلينا لنتلوه حق تلاوته ونتبعه ونتدبر آياته ونتفكر في معانيه ونقف على حدوده، فاحرص كل الحرص على التمسك بهذا القرآن الذي هو حبل الله المتين، فإن فيه فلاحك في الدنيا والآخرة، وإياك وأن تهجره وتبتعد عنه، قال تعالى : {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا}،[١] فالقرآن روح من الله ونور تستنير به في حياتك، وتهتدي وتستأنس به، وتحيى به الأمة، وتميز به بين الحق والباطل ويخرجك من الظلمات إلى النور، قال تعالى : {الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}،[٢] فالقرآن كتاب الله الخالد ومعجزته الكبرى وهداية للناس أجمعين، من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن دعا إليه اهتدى إلى صراط مستقيم، قال تعالى: {إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا }.[٣]
وقد أمرنا الله عز وجل بتلاوة القرآن فهي واحدة من أفضل العبادات التي تقربك إلى الله، قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ}،[٤] كما حثنا النبي عليه السلام على قراءته ورغب فيها وأمرنا بتعلمه، وبشر قارئ القرآن بأنه من السفرة الكرام البررة، كما أوصى النبي أمته كافة وحفظة القرآن خاصة بتعاهد القرآن باستمرار، قال عليه السلام : [تَعاهَدُوا هذا القُرْآنَ، فَوالذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ لَهو أشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإبِلِ في عُقُلِها]،[٥] وفي هذه الوصية النبوية تظهر أهمية المحافظة على قراءة القرآن ومراجعته والعمل به، لأن ذلك يعطيك السعادة في الدنيا والآخرة، كما جاء في السنة النبوية استحباب ختم القرآن في كل شهر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [اقْرَأِ القُرْآنَ في كُلِّ شَهْرٍ قالَ قُلتُ: إنِّي أَجِدُ قُوَّةً، قالَ: فَاقْرَأْهُ في عِشْرِينَ لَيْلَةً قالَ قُلتُ: إنِّي أَجِدُ قُوَّةً، قالَ: فَاقْرَأْهُ في سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ علَى ذلكَ]،[٦].
فلا تكن في غفلة عن القرآن لأن فيه خيرًا عظيمًا لك، فلا تهجر القرآن وتتذكره في مواسم معينة فقط، واحرص على أن تتلوه وأنت تستحضر نية الإخلاص لله تعالى، وأن تكون في حالة خشوع ووقار، وإذا كان لديك أولاد فأنشئهم على حب القرآن وعلمهم العيش في رحابه، وربهم تربية قرآنية كي يسعدوا في الدنيا والآخرة، وكان من وصية بعض أهل العلم لأولادهم (اقرأ القرآن وكأنه عليك أُنزل)، وادعُ الله أن يجعل هذا القرآن ربيعًا لقلبك ونورًا لصدرك ولدربك وأن يحبب أبناءك تلاوته وحفظه والتمسك به.[٧][٨]
حديث عن قراءة القرآن
ورد الكثير من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تبين لك أهمية قراءة القرآن وفضلها، ومن هذه الأحاديث:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [مَثَلُ المُؤْمِنِ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ، مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ، رِيحُها طَيِّبٌ وطَعْمُها طَيِّبٌ، ومَثَلُ المُؤْمِنِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ التَّمْرَةِ، لا رِيحَ لها وطَعْمُها حُلْوٌ، ومَثَلُ المُنافِقِ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ، مَثَلُ الرَّيْحانَةِ، رِيحُها طَيِّبٌ وطَعْمُها مُرٌّ، ومَثَلُ المُنافِقِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ، كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، ليسَ لها رِيحٌ وطَعْمُها مُرٌّ].[٩]
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [خيرُكُم مَن تعلَّمَ القرآنَ وعلَّمَهُ].[١٠]
- أنَّ نافعَ بنَ عَبدِ الحارثِ لقيَ عُمرَ بنَ الخطَّابِ بعُسفانَ، وَكانَ عمرُ، استَعملَهُ على مَكَّة، فقالَ عُمَرُ: [منِ استَخلفتَ على أَهْلِ الوادي ؟ قالَ: استَخلفتُ علَيهم ابنَ أُبزى، قالَ: ومنِ ابنُ أُبزى ؟ قالَ: رجلٌ مِن موالينا، قالَ عمرُ، فاستخلفتَ عليهم مولًى، قالَ: إنَّهُ قارئٌ لِكِتابِ اللَّهِ تعالى، عالمٌ بالفرائضِ ، قاضٍ، قالَ عمرُ أما إنَّ نبيَّكم صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: إنَّ اللَّهَ يرفعُ بِهَذا الكتابِ أقوامًا ويضعُ بِهِ آخرينَ].[١١]
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [عَاهَدُوا هذِه المَصَاحِفَ، وَرُبَّما قالَ: القُرْآنَ، فَلَهو أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِن صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ مِن عُقُلِهِ. قالَ: وَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لا يَقُلْ أَحَدُكُمْ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ هو نُسِّيَ].[١٢]
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ].[١٣]
فضل قراءة القرآن
قراءة القرآن واحدة من أعظم القربات إلى الله عز وجل، ومن صفات المؤمنين الصادقين، وتجلب الرحمات والبركة من الله، قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}،[١٤] فحرص على قراءة القران فقد وعد الله قارئي القرآن بفضائل كثيرة منها:[١٥]
- إن من أعظم فضائل قراءة القرآن أن الله يذكرك فيمن عنده، وينزل عليك السكينة وتغشاك الرحمة وتحفك الملائكة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ].[١٦]
- إن من فضله أن كل حرف تقرأه في القرآن بعشر حسنات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللَّهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ آلم حرفٌ ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ]،[١٧] فالله يضاعف لك الأجر إن أنت قرأت القرآن لعشر مرات.
- ومن فضائله أيضًا أن الله يمنحك شرف أن تصبح من أهل الله وخاصته، قال صلى الله عليه وسلم: [إنَّ للَّهِ أَهْلينَ منَ النَّاس قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، مَن هُم؟ قالَ : هُم أَهْلُ القرآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وخاصَّتُهُ].[١٨]
- إن للقرآن شفاعة يوم القيامة لا تكون إلا لمن هو من أصحابه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ]،[١٩] فاحرص كل الحرص على أن تكون من أصحاب القرآن حتى تنالك شفاعته .
مَعْلومَة
إذا كنت تتساءل حول ما هو أفضل قراءة القرآن أم الاستماع له، فاعلم أن كلا الأمرين من أفضل العبادات، إلا أن القراءة أفضل، وذلك أن القراءة تشمل الاستماع إلى قراءة نفسك، وهي أيضا تشمل النظر في المصحف الشريف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ]،[٢٠] وقال عليه السلام : [مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللَّهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ]،[٢١] وهنا بين النبي عليه السلام أن لك بكل حرف من حروف القرآن عشر حسنات، وفي جميع الأحوال ينبغي عليك الحرص على ما يكون فيه قلبك أقرب للخشوع والتدبر والفهم لآيات القرآن، وإن كنت تجد في نفسك همة للقراءة فاشتغل بها، وإن كنت تكاسلت عن القراءة فاستمع له وكله خير.[٢٢][٢٣]
المراجع
- ↑ سورة طه، آية: 124.
- ↑ سورة ابراهيم، آية: 1.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 9.
- ↑ سورة فاطر، آية: 29.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 791 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1159 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ "القرآن الكريم"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-4. بتصرّف.
- ↑ "فضل تلاوة القرآن وحفظه"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-4. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 797 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح الترمذي، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 2907 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح ابن ماجه، عن عامر بن واثلة أبو الطفيل، الصفحة أو الرقم: 180 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 790 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 780 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ سورة فاطر، آية: 29-30.
- ↑ "فضل قراءة القرآن"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-4. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2699 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2910 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 78 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 804، خلاصة حكم المحدث : [صحيح] .
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 804، خلاصة حكم المحدث : [صحيح] .
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2910 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
- ↑ "أفضلية قراءة القرآن على استماعه"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-4. بتصرّف.
- ↑ " هل استماع تلاوة القرآن له أجر قراءته من المصحف"، aliftaa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-4. بتصرّف.