محتويات
هجر القرآن الكريم
القرآن الكريم معجزة سيّدنا محمّد صلّ الله عليه وسلّم، وهو كلام إلهي ربّاني صافٍ، لا يدخله كلام البشر، وهو من المعجزات الإلهيّة التي استمرّت على عهدنا، فبقي بين ظهرانينا ليل نهار، لا من أجل أن نزيّن به أرفف المكتبات المنزليّة، أو التّهادي به في المناسبات، أو لتعليقه في السيّارات، بل من أجل قراءته وتدبّره والعمل بمقتضاه، وللأسف في عصرنا هذا نجد الكثيرين يقرؤون الكثير من المجلاّت والصحف، والروايات، ولايتلون القرآن ولو آية واحدة في اليوم، وتراهم يجلسون بالسّاعات أمام شاشات التلفاز والهواتف الذكية لمشاهدة وتصفّح الأخبار سواء كانت فنيّة، أو سياسيّة، أو رياضيّة، ولا يتدبّرون معنى آية واحدة أو ويقرأون تفسيرها، ويتحجّجون بضيق الوقت وتراهم أثناء ذهابهم للعمل أو الجامعة يستمعون إلى الأغاني ويتجاهلون القرآن الكريم حتى لو بسماعه مسجلاً الأمر الذي يعد من أسهل وأبسط الطرق لعدم هجره.
أحاديث نبويّة عن هجر القرآن الكريم
- قال صلّ الله عليه وسلّم: "اقرؤوا القرآن واعملوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به".
- قال صلّ الله عليه وسلّم: "بئسما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت وكيت، بل هي نسي، استذكروا القرآن، فلهو أشد تفصيًا من صدور الرجال من النّعم بعقله". رواه البخاري
أنواع هجر القرآن الكريم
لهجر القرآن الكريم صور متعدّدة من أهمّها:
- هجر تلاوة القرآن الكريم: ويدخل في هذا الباب أيضًا هجر سماعه والإصغاء إليه وإكثار اللّغط والكلام عند تلاوته لتجنّب سماعه، وهو أعلى مراتب الهجر وأكثرها انتشارًا، فلا يكون في صحيفة المؤمن اليوميّة ولو تلاوة آية واحدة من القرآن الكريم.
- هجر العمل بأحكام القرآن الكريم: القرآن الكريم كلام إلهي يخاطبنا به الله جلّ وعلا، فهو ليس مجرّد كلمات معجزة نأخذ على قراءتها الحسنات، بل تتضمّن أحكامًا ونواهيَ شرعيّة يجب الالتزام بها، وجعلها نهج حياة، فتالي القرآن الذي لا يعمل بمقتضاه يعتبر هاجرًا له.
- هجر تحكيم القرآن والتّحاكم إليه في أصول الدين وفروعه: من يرفض الرّجوع إلى حكم القرآن الكريم في مسألة اختُلِف فيها، فقد هجره، وقد يقول أحدهم إنّ القانون أصبح يحتكم إليه في أغلب الدول العربية المسلمة، والمحاكم هي الفاصل بما اختلف فيه النّاس، فالجميع بهذا المفهوم هاجرين للقرآن الكريم، ولكن الرد على هذا القول أن القانون يحتكم إلى القرآن الكريم في أمور الزّواج والطلاق من معجّل ومؤجّل، ونفقة، وكذلك في أحكام الميراث، فهناك محاكم مختصّة بالشؤون الشرعيّة، ومن يتلاعب بمثل هذه الأمور بغض النظر عن صفته الأساسيّة إن كان ظالمًا أو عاصيًا، فهو هاجر للقرآن الكريم لعدم احتكامه إليه.
- هجر تدبّر القرآن الكريم: ويكون بفهم معاني مفرداته، وتفسير آياته، ومعرفة سبب نزولها، وتدبّر معانيها.
- هجر الاستشفاء بالقرآن الكريم: فالقرآن الكريم شفاء لما في الصّدور من كرب وهم وغم، فنادرًا ما يلجأ المرء في لحظاته الصعبة إلى قراءة القرآن الكريم والاستماع لخطاب ربّ العزّة إليه، بل يلجأ إلى غيره من الأمور الدنيويّة.
أسباب هجر القرآن الكريم
هناك الكثير من الأسباب والعوامل التي تعلب دورًا في بعد المسلم عن القرآن الكريم وهجرهم له، من أبرزها:
- الانشغال بالأمور الدنيويّة: وتتركّز هذا النّقطة بحب الدنيا وإيثارها على الآخرة، كالانشغال بالعمل أو قراءة الروايات وتصفّح المواقع، وغيرها الكثير من الأمثلة.
- كثرة المعاصي: الإكثار من المعاصي والذّنوب توجد حاجز بين فاعلها وبين قراءة القرآن الكريم، وعمل الصالحات عمومًا.
- عدم تقدير القرآن الكريم: البعض لا يشعر بقيمة القرآن الكريم، ولا يعرف فضل تلاوته وتدبّره والعمل بمقتضى آياته.
- إهمال تربية النّشء على أهميّة القرآن الكريم: قد يركّز الآباء على أهميّة التعليم، وتعليم أبنائهم أساسيّات النظافة والعناية بالنّفس دون أن يولوا ولو القليل من الاهتمام لتعليم أبنائهم خطورة هجر القرآن الكريم، وكذلك عدم كونهم مثلًا أعلى يحتذي به الأبناء في تحديد ورد يومي لتلاوته، والاحتكام إليه، وتدبّر معانيه، فالأبناء بتعلّمون بالتقليد والمحاكاة أكثر من التلقين.