محتويات
مفهوم القراءة الصّحيحة
عند الحديث عن القراءة الصّحيحة، فالمقصود هُو قراءة القًرآن الصّحيحة وشروطها التي تُقبل بها، إذ إنّ القراءة الصّحيحة للقرآن الكريم هي أن تتلوه تلاوة صحيحة موافقة لأحكام التّجويد والقواعد النحويّة من نصب، وفتح، وكسر، وجر، ورفع، ودليل ذلكَ من القرآن الكريم قوله جلّ وعلا:{وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ}[١]، فالتّلاوة أعمق من القراءة، وتعني القراءة وفقًا للأساسيّات الأولى التي لا يصح للمسلم ولا للدّاعية أن يتلوا القرآن الكريم إلاّ بها، فهي تساعد على إيصال المعنى الصّحيح للآيات وفهم معانيها والمقصود الشّرعي منها.[٢]
شروط القراءة الصحيحة
وُضعت شروط ومعايير لقراءة القرآن الكريم قراءة صحيحة من قِبل الحافظ أبو بكر بن مجاهد البغدادي، إذ كان شيخ القرّاء في عصره، وقد اعتمد بناءً على خبرته وفطنته باللّغة سبع قُرّاء من الحجاز، والعراق، والشّام لانتهاج منهجهم في القراءة الصّحيحة المقبولة للقرآن الكريم لإتقانهم أكثر من غيرهم تطبيق قواعد القراءة الصّحيحة التي نستطيع إيجازها بالشّروط التّالية التي اتّفق عليها جمهور العلماء ومنهم ابن الجوزي:[٣]
- موافقة اللّغة العربيّة ولو بوجه ضعيف: أي أن تكون قراءة القرآن الكريم متوافقة مع قواعد اللّغة العربيّة الفصحى، ويرجع السّبب في ذلكَ إلى أنّ القرآن الكريم نزل بالفصحى ولم ينزل بالعاميّة، وللّغة الفصحى قواعد نحويّة يجب الالتزام بها لإيصال المعنى كما هو دون لبس، على الرّغم من أنّ أغلب القرّاء اعتمدوا قراءة القرآن الكرين بناءً على الإسناء الصّحيح، والأصح في النّقل، والأثبت في الأثر أكثر من اعتمادهم على تطبيق القواعد النحويّة، فالقارئ منهم يقرأ القرآن الكريم كما سمعه من شيخه الذي تتلمذ على يده دون أن يكون على دراسة بالإعراب النّحوي لمتن القرآن.
- موافقة أحد المصاحف العثمانيّة ولو احتمالًا: يختلف الرّسم العثماني من مصحف لآخر، فبعضها به زيادة أو نقصان حرف أو إدغامه، ومن الصّحيح أن تتوافق القراءة مع أحد المصاحف العثمانيّة الثّابتة عن طريق الرّواية والنّقل.
- صحّة السّند: أي أن تكون القراءة متواترة عن سلسلة من القرّاء الثّقات، وأن تكون صحيحة السّند، ويشترط فيها نقل العدل الضّابط عن مثله، وإن لم يتوفّر بالقراءة التّواتر أو السّند الصّحيح تُرفض ولو وافقت الرّسم القرآني.
أمثلة على اختلاف القراءات بين الفقهاء
تركت شُروط القراءة أثرًا واضحًا في رأي جمهور العلماء في القضايا والأحكام الفقهيّة، فمنهم من اشترط توفّر الشّروط السّابقة كاملةً، وإن نقص أي شرط منها لم تُقبل، ولمزيد من التّوضيح نذكر بعض الأمثلة التي تجعلكَ أكثر فهمًا لما سبق:[٤]
- في قوله تعالى: {ففدية طعام مسكين}[٥]، بعض القراءات تنطقها مسكين بالمفرد، وبعضها ينقص حرف المد مع لفظة فينطقوهها مساكين، وعليه اختلف الحكم الفقهي، فبعض العلماء ممّن اعتمد المفرد من الكلمة فتكون الكفّارة بإطعام مسكين عن كل يوم اضطر المسلم إفطاره في شهر رمضان بعذر، أمّا من اعتمد قراءة الجمع فكان حكمهم إطعام مساكين عن الشّهر كلّه.
- في قوله تعالى:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}[٦]، بعض العلماء قالوا أنّ المقصود بالصّلاة الوسطى هي صلاة العصر، وآخرين قالوا بأنّها ليست صلاة العصر وإنّما أبهمت بعدما عُيّنت، والرأي الأوّل يستند على القراءة نفسها مع عدم ذكر الواو العاطفة على أنّها صلاة العصر، أمّا الرّأي الثّاني فيستند بقراءة العطف على أنّها ليست صلاة العصر.
مَعْلومَة
ذُكر في معرض الحديث عن القراءة الصّحيحة للقرآن الكريم اعتماد سبع قراءات لسبع قرّاء هم؛ عثمان بن عفّان، وعلي بن أبي طالب، وأُبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، وأبو الدّرداء، وأبو موسى الأشعري، فقرأ عليهم الكثير من الصّحابة والتّابعين في مكّة المكرّمة، والمدينة المنوّرة، والشّام، والكوفة، والبصرة، وانشغلوا بحفظ القرآن الكريم بقراءته الصّحيحة وضبطه من النّاحية النحويّة، وتفرّغوا لتعلميه للعوام وإقرائه لهم، واشتهروا بأنّهم قرّاء التّابعين، ومن أبرزهم:[٧]
- قرّاء المدينة المنوّرة: منهم أبو جعفر يزيد بن القعقاع، وشيبة بن نصاح، ونافع بن أبي نعيم.
- قرّاء مكّة المكرّمة: منهم عبدالله بن كثير، وحميد بن قيس الأعرج، ومحمد بن محيصن.
- قرّاء الكوفة: منهم يحيى بن ثابت، وعاصم بن أبي النّجود، وسليمان الأعمش، وحمزة، والكسائي.
- قرّاء الشّام: منهم عبدالله بن عامر، وعطيّة بن قيس الكلابي، وإسماعيل بن عبدالله ابن المهاجر، ويحيى بن الحارث الذّماري، وشريح بن يزي الحضرمي.
- وبعدها جاء شيخ قرّاء عصره أبو بكر بن مجاهد البغدادي واعتمد منهم سبع قرّاء هم الأكثر ثقة وحفظًا، ونُسبت إليهم القراءات السّبع وهم؛ ابن عامر، وابن كثير، وعاصم، ونافع، والكسائي، وأبو عمرو، وحمزة.
المراجع
- ↑ سورة النمل، آية: 92.
- ↑ "التلاوة الصحيحة للقرآن الكريم"، ramadaniat، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-30. بتصرّف.
- ↑ "شروط القراءة الصحيحة "، alfaidaweb، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-30. بتصرّف.
- ↑ "شروط القراءة الصحيحة وأثرها في اختلاف الفقهاء"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-30. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 184.
- ↑ سورة البقرة، آية: 238.
- ↑ ".المصاحف العثمانية والأحرف السبعة:"، al-eman، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-30. بتصرّف.