محتويات
صلاة العصر
فرض الله عز وجل على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة، والصلاة هي الدعاء؛ لما فيها من قيام وسجود وركوع وتسبيح، وهي البركة، والخير، والمغفرة، والرحمة، والثناء، وجاءت الصلاة من التصلية؛ أيّ التقويم، فتُقوِّم الاعوجاج والزيغ، وسميت الصلاة بالصلاة، لأنّها صلة العبد بربه، وبتركها يصل العبد إلى النار، وبتأديتها يصل إلى رحمة الله جل وعلا،[١] ووقت العصر هو الوقت في آخر النهار إلى احمرار الشمس، وصلاة العصر هي الصلاة التي يؤديها المسلمون في آخر فترة النهار.[٢]
ويبدأ وقت صلاة العصر بنهاية وقت الظهر، ويبقى حتى غروب الشمس تمامًا، ولا يوجد فاصل بين انتهاء وقت الظهر وبدء وقت العصر، وقد دلّ النبي صلى الله عليه وسلم على نهاية وقت العصر بقوله: [من أدرك ركعةً من العصر قبل أن تغربَ الشمسُ، فقد أدرك العصرَ][٣]، والذي اختاره أهل العلم أنه لا يجوز تأخيرها عن مصير الظل مثليه، علاوة على ظل زوال الشمس، بالاعتماد على ما ثبت في الحديث الشريف؛ فقد أمّ جبريل برسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر وقت من العصر، ثم صلى صلاة العصر عندما كان ظل كل شيء مثليه، قال: [أَمَّني جبريلُ عندَ البيتِ فصلَّى بيَ الظهرَ حين زالتِ الشمسُ فكانت بقدرِ الشِّراكِ ثم صلَّى بيَ العصرَ حينَ كان ظلُّ كلِّ شيٍء مثلَيْه][٤]، وقال صلى الله عليه وسلم: [وَقْتُ العَصْرِ ما لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ][٥][٦]
أحاديث عن صلاة العصر
وردت عدة أحاديث عن صلاة العصر نذكر منها ما يأتي:
- عن النبي صلى الله عليه وسلم: [من فاتته صلاةُ العصرِ، فكأنما وُتِرَ أهلَه، ومالَه . قال عراكٌ : وأخبرني عبدُ اللهِ بنُ عمرَ، أنه سمع رسولَ اللهِ يقول : من فاتتهُ صلاةُ العصرِ، فكأنما وُترَ أهلَه ومالَه][٧]، ومعنى وتر أهله وماله؛ أيّ سلب أهله وماله، وبقي دون مال ولا أهل، وفي هذا تشبيه لمن تفوته الصلاة؛ فمن تفوته الصلاة فقد فاته خير عظيم؛ فالصلاة عمود الدين.[٨]
- عن بريدة الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [كُنَّا مع بُرَيْدَةَ في غَزْوَةٍ في يَومٍ ذِي غَيْمٍ، فَقَالَ: بَكِّرُوا بصَلَاةِ العَصْرِ، فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: مَن تَرَكَ صَلَاةَ العَصْرِ فقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ][٩]، قال ابن تيمية: (تفويت العصر أعظم من تفويت غيرها، فإنّها الصلاة الوسطى المخصوصة بالأمر بالمحافظة عليها، وهى التي فرضت على من كان قبلنا، فضيعوها). واختلف العلماء في الوعيد الوارد في من ترك العصر، والراجح أنّ من يترك صلاة العصر لا يخلو:[١٠]
- أن يترك الصلاة بالكلية، ولا يُصلي مطلقًا؛ فهذا كافر وعمله يحبط لكفره.
- أن يترك الصلاة أحيانًا؛ فيصلي أحيانًا ويترك الصلاة أحيانًا أخرى؛ فهذا لا يكفر، ولكن يحبط عمله في اليوم الذي يترك صلاة العصر فيه.
فضل صلاة العصر
إنّ لصلاة العصر فضلًا كبيرًا نذكر منه ما يأتي:[١١][١٢]
- إنّ المحافظة على صلاة العصر من أسباب رؤية الله جل وعلا يوم القيامة في الجنة، وهذا لا يمنع من وجوب المحافظة على بقية الصلوات، ولكن هذه خاصة لصلاتي العصر والفجر، تحذيرًا من مشابهة المنافقين، قال عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}[١٣]، قال النبي صلى الله عليه وسلم: [كنَّا جلوسًا عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فنظَر إلى القمرِ ليلةَ البدرِ ليلةَ أربعَ عشْرةَ فقال: (إنَّكم سترَوْنَ ربَّكم كما ترَوْنَ هذا لا تُضامُونَ في رؤيتِه فإنِ استطَعْتُم ألَّا تُغلَبوا عن صلاةِ قبْلَ طلوعِ الشَّمسِ وصلاةٍ قبْلَ غروبِها فافعَلوا) ثمَّ قرَأ هذه الآيةَ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا}[١٤][١٥]
- خص الله جل وعلا من صلى العصر بدخول الجنة؛ ففي الحديث: [مَن صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ][١٦]، ووجه التخصيص فيهما أن وقت الصبح يكون عند النوم، ووقت العصر عند الاشتغال؛ فمن حافظ عليهما حافظ على غيرهما.
- أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى عظم صلاة العصر فقال: [يَتَعاقَبُونَ فِيكُمْ: مَلائِكَةٌ باللَّيْلِ ومَلائِكَةٌ بالنَّهارِ، ويَجْتَمِعُونَ في صَلاةِ العَصْرِ وصَلاةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ باتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وهو أعْلَمُ بكُمْ، فيَقولُ: كيفَ تَرَكْتُمْ عِبادِي؟ فيَقولونَ: تَرَكْناهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ، وأَتَيْناهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ][١٧]، وهذا الفضل لصلاة العصر والفجر، لاجتماع طائفتين فيهما، وشرف الوقت المذكور؛ فالرزق يقسم بعد الفجر، والأعمال ترفع إلى الله في آخر النهار؛ فالذي يكون حينئذ في طاعة يبارك الله في رزقه وعمله.
سنة صلاة العصر
يستحب للمرء أن يصلي أربع ركعات أو ركعتين قبل صلاة العصر وفقًا للأدلة التالية:[١٨]
- جاء في حديث أم حبيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ مَن صلَّى ثِنتَيْ عشْرةَ ركعةً في اليومِ بنى اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ: أربعَ ركعاتٍ قبْلَ الظُّهرِ وركعتَيْنِ بعدَ الظُّهرِ وركعتَيْنِ قبْلَ العصرِ وركعتَيْنِ بعدَ المغربِ وركعتَيْنِ قبْلَ الصُّبحِ][١٩]
- روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [رحِم اللهُ امرأً صلَّى قبْلَ العصرِ أربعًا][٢٠]
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: [بينَ كلِّ أذانينِ صلاةٌ ؛ بَينَ كلِّ أذانينِ صلاةٌ. بينَ كلِّ أذانينِ صلاةٌ ، لمن شاءَ][٢١]
مَعْلُومَة
إنّ قراءة المأموم لسورة الفاتحة في صلاة الجماعة السرية، وصلاة العصر من الصلوات السرية، فيها خلاف بين أهل العلم؛ فقال بعضهم إنّ المأموم لا تجب عليه قراءة سورة الفاتحة، وقسم آخر من العلماء قالوا أنّه يقرأ في الصلاة السرية بعكس الجهرية التي يسمع فيها، وينصت لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا}[٢٢]، أما القول الثالث فإنه يلزمه قراءة الفاتحة في الصلاتين السرية والجهرية معًا، وذلك بالاعتماد على قول النبي صلى الله عليه وسلم: [لا صَلاةَ لِمَن لم يقرَأْ بفاتِحَةِ الكِتابِ][٢٣]، وهذا القول أصح الأقوال الثلاثة؛ فالمأموم ملزم بقراءة الفاتحة في الصلاتين الجهرية والسرية مع الإمام ثم ينصت لقراءة الإمام.[٢٤][٢٥]
المراجع
- ↑ "ما معنى الصلاة؟"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 6-6-2020. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى صلاة العصر "، almaany، اطّلع عليه بتاريخ 6-6-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 579، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 5-34، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 612، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ "مواقيت الصلاة"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 6-6-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن نوفل بن معاوية الديلي، الصفحة أو الرقم: 477، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ "حديث: الذي تفوته صلاة العصر، كأنما وتر أهله وماله"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 6-6-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم: 553، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ "من ترك صلاة العصر ، فهل يحبط عمله كله ؟"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 6-6-2020. بتصرّف.
- ↑ "من حديث: (الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله)"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 6-6-2020. بتصرّف.
- ↑ "باب فضل صلاة الصبح والعصر"، kalemtayeb، اطّلع عليه بتاريخ 6-6-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 238.
- ↑ سورة طه، آية: 130.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن جرير بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 7442، خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 574، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7429، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ "يستحب صلاة ركعتين قبل صلاة العصر"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 7-6-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أم حبيبة، الصفحة أو الرقم: 2452، خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2453، خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبد الله بن مغفل، الصفحة أو الرقم: 680، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ سورة الأعراف، آية: 204.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 822، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ "حكم قراءة المأموم للفاتحة في السرية والجهرية"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 7-6-2020. بتصرّف.
- ↑ "الصلاة السرية والجهرية"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 8-6-2020. بتصرّف.