محتويات
موقف الإسلام من تربية الكلاب
قد تكون من محبي الكلاب، وربما تمتلك في بيتكَ واحدًا لهدف ما، مثل؛ الصيد أو الحراسة أو لمجرد التسلية، وقد ترغب في تربية كلب ولكنك تريد أولا معرفة بعض الأُمور حول ذلك، كموقف الإسلام مثلًا من تربية الكلاب؛ إذ ورد الكثير من الأحاديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم التي تدل على تحريم اقتناء الكلب، وعن الإثم المترتب عليه إلّا في بعض الحالات الاستثنائية.
وقال العلماء إنّه لا يجوز للمسلم أن يقتني كلب إلا إذا كان محتاجا إليه في عدة أمور مثل؛ الصيد أو حراسة الماشية أو حراسة الزرع وذلك بناءًا على أحاديث النبي، ولم يستثنِ النبي عليه السلام من تحريم اقتناء الكلب إلا هذه الثلاث حالات التي ذكرناها فقط، وقد ذهب بعض العلماء إلى أنه لا يجوز اقتناء الكلب لسبب غير هذه الأسباب الثلاثة، وذهب آخرون إلى أنه يجوز أن يقاس على هذه الثلاثة ما كان مثلها أو أولى، مثل حراسة البيوت، وذلك لأنّه إذا جاز اقتناء الكلب لحراسة الماشية والزرع فمن باب أولى أنه يجوز اقتنائها لحراسة البيوت.
وقال النووي عن اقتناء الكلاب: ("هَلْ يَجُوز اِقْتِنَاء الْكِلَاب لِحِفْظِ الدُّور وَالدُّرُوب وَنَحْوهَا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدهمَا : لا يَجُوز ، لِظَوَاهِر الأَحَادِيث، فَإِنَّهَا مُصَرِّحَة بِالنَّهْيِ إِلا لِزَرْعٍ أَوْ صَيْد أَوْ مَاشِيَة، وَأَصَحّهمَا: يَجُوز، قِيَاسًا عَلَى الثَّلاثَة، عَمَلا بِالْعِلَّةِ الْمَفْهُومَة مِنْ الأَحَادِيث وَهِيَ الْحَاجَة ")، وقال الشيخ ابن عثيمين إنّه يجوز اقتناؤه لحفظ البيوت، فإن جاز اقتناء الكلب لتحصيل منفعة كالصيد فمن باب أولى أنه يجوز اقتناؤه لدفع المضرة وحفظ النفس.[١]
حديث عن تربية الكلاب
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث النبوية التي تتحدث عن حرمة تربية الكلاب إلّا في بعض الحالات، وعن وجود الكلاب في البيت وعن أجر سقية الكلب، ومن هذه الأحاديث:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [مَن أَمْسَكَ كَلْبًا، فإنَّه يَنْقُصُ كُلَّ يَومٍ مِن عَمَلِهِ قِيرَاطٌ، إِلَّا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ، قالَ ابنُ سِيرِينَ، وَأَبُو صَالِحٍ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ: إِلَّا كَلْبَ غَنَمٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ صَيْدٍ، وَقالَ أَبُو حَازِمٍ: عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ: كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ].[٢]
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [مَنِ اقْتَنَى كلْبًا ليس بِكلْبِ صيْدٍ ولا ماشِيَةٍ ، ولا أرضٍ ، فإنَّهُ يَنقُصُ من أجْرِهِ قِيراطانِ كلَّ يومٍ].[٣]
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [إنَّ الملائِكَةَ لا تدخلُ بيتًا فيهِ كلبٌ ، ولا صورةٌ].[٤]
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [أنَّ رَجُلًا رَأَى كَلْبًا يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فأخَذَ الرَّجُلُ خُفَّهُ، فَجَعَلَ يَغْرِفُ له به حتَّى أرْوَاهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ له، فأدْخَلَهُ الجَنَّةَ].[٥]
رأي العلم في تربية الكلاب
تربية الكلاب من الأمور الموجودة منذ بدء البشرية وحتى يومنا هذا، وذلك لما لها من أهمية عند بعض فئات المجتمع، مثل؛ مربّي المواشي والمزارعين والصيادين وغيرهم، وكما أن لتربية الكلاب إيجابيات مهمة، فإنّ لها أيضا سلبيات، وهي:
إيجابيات تربية الكلاب
للكلاب فوائد كبيرة على الجانبين العملي والنفسي، ومنها:
- تخفف الكلاب من التوتر النفسي، وذلك وفقا لدراسة أجريت في الثمانينيات من قبل أرون كاتشر من جامعة بنسلفانيا وألان بيك من بوردو، فاللعب مع الكلب ومداعبته يُخفض ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب المُتسارعة، وتبطئ التنفس، وتريح توتر العضلات، وتخفض مستوى هرمونات الإجهاد في الدم.
- إن تربية الكلاب جيدة لصحة قلبكَ، فقد نشرت المجلة الأمريكية لأمراض القلب بحث عن أن الرابطة بين البشر والكلاب تقلل من الإجهاد الذي هو سبب لمشكلات القلب والأوعية الدموية.
- إنّ الكلاب تجعلك سعيدًا، فقد أجريت دراسة في اليابان عام 2009م، تقول بأن مجرد التحديق في عيني الكلب يرفع مستوى الأوكسيتوسين، والذي يسمى هرمون الحب، وأظهرت دراسة أخرى بأن امتلاكك لكلب يمكنه أن يخفف من الاكتئاب، وخصوصًا عند كبار السن.
- إن امتلاككَ لكلب يجعلك شخصًا اجتماعيًا أكثر، كما جاء في دراسة في كلية كامينغز للطب البيطري في جامعة تافتس؛ أن الأشخاص الذين لديهم ارتباط قوي مع الحيوانات الأليفة، يشعرون بأنهم أكثر ترابطا بعلاقاتهم الإنسانة ومجتمعاتهم، كما أظهرت الدراسة أيضا أن المراهقين والشباب الذين يكبرون مع كلب يصبحون أكثر ثقة وتعاطفا.
- إن امتلاككَ لكلب يجعلك بصحة أفضل، فقد أظهرت دراسة كندية أن مالكي الكلاب هم أكثر عرضة للانخراط بنشاطات بدنية، فالأشخاص الذين يمتلكون كلاب يسيرون بمعدل 300 دقيقة أسبوعيًا، أمّا الأشخاص الذين لا يمتلكون كلاب فهم يسيرون بمعدل 168 دقيقة أسبوعيًا، ونظرًا لكون حاسّة الشم قوية عند الكلاب، فقد تساعدك في محافظتك على صحتك، فوفقًا لدِراسة حديثة، فإنّه من المُمكن تدريب الكلاب على اكتشاف سرطان البروستاتا، ويمكنها أن تُساعدك في تجنب بعض الأطعمة التي تُعاني من حساسية تُجاهها.[٦]
سلبيات تربية الكلاب
كما أنّ لتربية الكلاب إيجابيات فإنّ لها كذلك سلبيات منها:
- إن تربية الكلاب إذا لم تكن في الثلاث أمور التي ذُكرت أعلاهُ؛ الصيدـ وحراسة الماشيةـ وحراسة الزرع، فإنها حرام في ديننا الإسلامي وفيها إثم كبير على صاحبها.
- إن تربية الكلاب مكلفة جدًا، فإذا كنت تريد شراء كلب فإن سعره ورسوم تبنيه عالية، وإذا كنت تمتلك كلب فإنّه يحتاج للكثير من الأمور المكلفة مثل؛ شراء صندوق لينام فيه، وشراء طعام، فالكلاب تتطلب نظام غذائي كثيف من اللحوم، كما تعدّ معالجة الكلاب عند الطبيب البيطري من الأمور المكلفة.
- تحتاج الكلاب لرفقة مستمرة، وقد تواجه صعوبات في تركها وحدها، فإذا كنت تعمل طوال النهار فلا ننصحك بتربية كلب.
- تستهلك الكلاب الكثير من وقت مربيها، فقد لا يكون في حياتك وقت فراغ للكلب، وقد تشغلك الكلاب عن قضاء وقتك مع أطفالك أو أصدقائك أو حتى التسوق أو ممارسة هواياتك، كما تحتاج منك الكثير من الوقت في تحضير الوجبات لها أو حتى إخراجها في نزهة فالكلاب تحتاج لقضاء بعض الوقت خارج المنزل.
- تحتاج الكلاب منك إلى عناية خاصة بتنظيفها، مثل تنظيف أسنانها، وتقليم أظافرها، وتنظيف أذنيها، وتنظيف شعرها الطويل وتمشيطه، وذلك لتجنب تراكم الأوساخ الموجودة فيه والشعر المُتساقط.
- قد تكون الكلاب مصدر إزعاج لكَ، لحركتها الكثيرة، وتعاملها مع الناس والحيوانات الأخرى.[٧]
مَعْلُومَة
إذا كنت تمتلك كلبًا وتخشى على طهارة بدنكَ، وثيابكَ، وبيتكَ، وحتى على صلاتكَ، فحاول أن تعرف إن كان الكلب نجسًا أم طاهرًا؛ إذ ذهب جمهور العلماء بالقول أنّ جميع أجزاء الكلب نجسة، وذهب الحنفية في الأصح عندهم إلى أن سؤر الكلب نجس وأن بدنه طاهر، وذهب المالكية إلى طهارة سؤر وبدن الكلب، والراجح هو مذهب الجمهور، قال النووي : مذهبنا أن الكلاب كلها نجسة المعلم وغيره الصغير والكبير، وبه قال الأوزاعي، وأبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وقال الزهري ومالك وداود إنّ الكلب طاهر، إنّما يجب غسل الإناء من ولوغه تعبدًا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [إذا ولغَ الكلبُ في إناءِ أحدِكُم ، فليُرِقهُ، ثمَّ ليغسِلهُ سبعَ مرَّاتٍ]،[٨] وقال عليه السلام أيضا : [طَهُورُ إناءِ أحَدِكُمْ إذا ولَغَ فيه الكَلْبُ، أنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاهُنَّ بالتُّرابِ]،[٩]، وقد استدل العلماء بالحديثين على نجاسة ولوغ الكلب، وخلاصة الأمر أن الكلب نجس بجميع أجزائه، وإنما يجب غسل ما أصاب من ثوب أو بدن أو غيره بسؤره أو بدنه المبلول، والله أعلم.[١٠]
المراجع
- ↑ "تحريم اقتناء الكلاب إلا ما استثناه الشرع", islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-29. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2322 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 6078 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح ابن ماجه، عن علي بن أبي طالب ، الصفحة أو الرقم: 2960 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 173 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ "8 Science-Based Benefits of Having a Dog", akc, Retrieved 2020-6-29. Edited.
- ↑ "Should You Get a Dog? Pros and Cons of Owning a Dog", yourpurebredpuppy, Retrieved 2020-6-29. Edited.
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح النسائي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 334 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 279 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ "حكم الكلب من حيث النجاسة وعدمها"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-29. بتصرّف.