أحاديث نبوية في ذم الإسراف
الإسراف من الصّفات الشخصيّة المذمومة التي نهى عنها الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في الكثير من الأحاديث، نذكر منها الآتي:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [كُلوا وتصدَّقوا ، والبَسوا في غيرِ إسرافٍ ولا مَخيَلةٍ][١]، في هذا الحديث تحريم للإسرف في المشرب والملبس والمأكل، ذلكَ أنّ الإنسان إذا أعطى نفسه كل ما تشتهي دون ضوابط، دون وأن يضع لها حد، دخل التكبّر إلى نفسه، وصار كل همّه كيف يمنحها الشّهوات، ومن يستمتع بجميع شهواته في الدّنيا، يُنقص ذلكَ من أجره في الآخرة، وجاء في الحديث الأمر بالتصدّق لتهذيب النّفس، وضبطها.[٢]
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٍ يُقِمْنِ صُلْبَهُ ، فَإِنْ كَانَ لاْ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعامِهِ ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ][٣]، وفي هذا الحديث نصيحة للإنسان بعدم الإسراف في الأكل، حتى لا يصل إلى الشبع المفرط، لما لهذا الأخير من مضار على صحّته مثل ضيق النّفس، وشعوره بالخمول الذي يودي به إلى التّثاقل عن الطّاعات، وبالتّالي فساد دينه ودنياه.[٤]
- مرّ النبي صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بسعدٍ وهو يتوضّأُ فقال: [ما هذا السَّرفُ يا سعدُ؟ قال: أفي الوضوءِ سرفٌ، قال: نعم وإن كنتَ على نهَرِ جارٍ][٥]، وفي هذا نهي عن الإسراف عن الماء ولو كان من مصدر مائي مثل النّهر، سواء كان للوضوء أو لغيره، فإن كان النّهي عن الإسراف بالماء من مصدر مجرى مائي، فكيف إن كان الماء من مصدر محدود.[٦]
ما هي آثار الإسراف؟
الإسراف ليس مجرّد صفة ذميمة، بل له العديد من الآثار التي لا ترغب بها، ولكن يجب أن تعلم بها، لتعلم الآثار الوخيمة للإسراف، لتتجنّبه، وهي كما يلي:[٧]
- الله سبحانه وتعالى لا يحب المسرفين: ودليل ذلكَ قوله عزّ وجلّ في محكم تنزيله:{إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[٨]، وهذا الأمر لوحده كفيل بأن تترك الإسراف في جميع حياتكَ، ويقول ابن عاشور أنّ عدم محبّة الله للعبد المسرف تكون على حجم إسرافه.
- الإسراف يؤدي إلى طلب المال بالكسب الحرام: فالمسرف لا يُطيق أن يكون معه القليل من المال، فهو يرغب بالحصول عليه لإشباع ملذّاته، وهذا قد يدفعه إلى الحصول على المال بأي طريقة، حتّى لو كانت بطرق غير مشروعة، ويكون بذلكَ يُدخل إلى بيته المال الحرام الذي يُفضي إلى عواقب وخيمة لا تُحمد عقباها.
- الإسراف في الطعام يضر البدن: قال الله تعالى في كتابه الكريم:{وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ}[٩]، وهنا لنّهي نهي إرشاد، لا نهي تحريم، فعندما يُكثر الإنسان من تناول الطّعام، لا سيما الدّسم منه مثل اللّحوم، يزيد من مخاطر إصابته بالأمراض كثيرة.
- المسرفون إخوان الشّياطين: إن كنتَ مسرفًا، فأنتَ معرّض لأن يشارككَ الشيطان في جميع جوانب حياتكَ، وكأنّها دعوة مفتوحة له لذلكَ، فيشارككَ في سكنكَ، وشرابكَ، وطعامكَ، وفراشكَ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ، وَفِرَاشٌ لاِمْرَأَتِهِ، وَالثَّالِثُ لِلضَّيْفِ، وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ][١٠]
- الإسراف سبب في جر الإنسان إلى مذمّات كثيرة: فلا تستطيع أن تتوقّف عند حد معيّن، وتنتقل من شهوة إلى أخرى دون أن تلتفت إلى كيفيّة تحصيلها، أو تأثيرها عليكَ.
- الإسراف يعرّض البعض للمساءلة: فعندما تقف بين يدي الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، سيألكَ عن مالكَ كيف اكتسبته، وفيما أنفقته، ذلكَ أنّ الإسراف فيه تضييع للمال، وهذا المال أنتَ مؤتمن عليه، وستُسأل عنه.
- الإسراف عواقبه وخيمة: فهو سبب لنظرة الآخرين إليكَ بحسد، إلى جانب أنّ الإسراف قد تكون نهايته الافتقار.
قد يُهِمُّكَ
لا بد لك عزيزي المسلم من الإمتناع عن التبذير والإسراف وذلك من خلال النّصائح التّالية:[٧]
- اقتصد في العزائم والولائم وحفلات الزّفاف، وغيرها من المناسبات، واحرص على أن يكون الطعام كافيًا للموجودين وليس فائضًا عن حاجتهم.
- استخدم قدر حاجتك من الماء، ولا تسرف في استخدامه، لأنه نعمة عظيمة لا بد لكَ من الحفاظ عليها.
- اصرف على نفسكَ وعائلتكَ ما شئت من المال، ولكن دون إسراف أو تبذير، والمقصود بهذا أن تشتري ما لست بحاجة له من طعام، أو ملبس، ويجدر بالذّكر هنا أن إنفاق الأموال في وجوه الخير لا يُعد إسرافًا، فلو أنفقت كل مالكَ لنصرة دين الله في الجهاد في سبيله لا يعد إسراف، بل تُؤجر عليه.
- تجنّب السفر إلى بلاد الكفر وإنفاق الأموال الطائلة فيها، لأنّكَ تدعم اقتصادها، وتساعدها على التطوّر.
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبدالله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم:2558، حسن.
- ↑ "حديث"، موسوعة الأحاديث النبوية، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-02. بتصرّف.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج رياض الصالحين، عن المقدام بن معدي كرب، الصفحة أو الرقم:516، إسناده صحيح.
- ↑ "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-14. بتصرّف.
- ↑ رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:23، إسناده صحيح.
- ↑ "هل ورد حديث بخصوص الإسراف في الماء ؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-14. بتصرّف.
- ^ أ ب "آثار الإسراف والتبذير"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-14. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام، آية:141
- ↑ سورة الأعراف، آية:31
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:2084، صحيح.