محتويات
حديث ثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث لنفسك
روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم الحديث الصحيح والذي يحض المسلمين على التقليل والتخفيف من تناول الطعام والشراب وهذا الحديث هو: {ما ملأَ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنٍ بحسبِ ابنِ آدمَ أُكْلاتٌ يُقْمِنَ صلبَهُ، فإن كانَ لا محالةَ فثُلثٌ لطعامِهِ وثُلثٌ لشرابِهِ وثلثٌ لنفسِهِ}،[١] والحكمة من الحديث هي حث الإنسان على الصبر على ما يصيبه من فقر وحاجة، وأن الله سبحانه وتعالى أعد له أجرًا عظيمًا على صبره؛ فقد أصاب الفقر والجوع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصاب السلف والصالحين لكنهم ضربوا أروع مثال في الصبر وعدم الجزع كذلك يجب أن يكون المسلم فإذا أصابته فاقة أو فقر أو حاجة عليه أن يصبر ويتحمّل، ولكن هذا ليس معناه أن يقعد الإنسان عن الأخذ بالأسباب وطلب الرزق بل عليه أن يعمل ويكد لكن إذا أصابه الفقر رغم أخذه بالأسباب عليه أن يصير ويتحمّل كما تحمل الصحابة، وملء البطون فيه خطر كبير فهو سبب للسمنة التي تؤدي للعديد من الأمراض الخطيرة.[٢]
شرح حديث ثلث لطعامك
المقصود في قوله ما ملأ آدمي وعاء أي ظرف شرًا من بطنه؛ إذ قد أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم صفة الوعاء للبطن، فقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم البطن بالوعاء وشر هذه الأوعية التي تستعمل لما ليس فيها والمقصود الإكثار من تناول الطعام والشراب، فالبطن خُلِق ليتقوّم به الجسم عن طريق الطعام، وامتلاء هذا الوعاء وهو البطن يؤدي للإفساد في الدين والدنيا، فيكفي لقيمات معدودة تحفظه من السقوط وتقوّي جسمه وتساعده على عمل الطاعات والعبادات فقط، فالمقصود من الحديث عدم تجاوز طعام الإنسان لقيمات معدودة وإذا كان لا بد من الزيادة على هذه اللقيمات يجب أن يكون ثلث للطعام أي للأكل وثلث للشراب أي الماء والعصائر والثلث الأخير لنَفَسِهْ يبقى فارغًا لكي يتمكّن من التنفس والحركة ولا يؤثر عليه زيادة الطعام ويؤدي لخموله، فالأكل فوق الشبع محرم، والواجب عدم تجاوز عما يقام به صلبه ليقوى على الطاعة، فإذا أراد الزيادة على ذلك يجب أن لا يتجاوز الكمية التي ذُكرت في الحديث.[٣]
الإعجاز العلمي في الحديث
بحسب الأطباء فإن حديث "بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه" أصل من أصول الطب ولو أن الناس نفذوه حرفيًا تقل نسبة الأمراض، فكلما تقدّم العلم أصبح أكثر تطابقًا مع الدين وأكد الكثير من الحقائق التي جاء بها الدين الحنيف، فقد نادى هذا الحديث بمبدأ الوسطية في تناول الطعام والشراب، وأن الإسلام وقى أفراده من الأمراض قبل وقوعها فقط إذا طبقوا هذا الحديث الشريف، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن تناول الكثير من الطعام هو سبب رئيسي للعديد من الأمراض الجسدية، فالإسراف في الطعام هو أهم سبب للسمنة التي تؤدي لتصلب الشرايين وأمراض القلب وتشمّع الكبد وتكوّن الحصوات والمرارة والجلطة القلبية والروماتزم المفصلي الغضروفي بالركبتين وارتفاع ضغط الدم ودوالي الساقين بالإضافة إلى العديد من الأمراض الاجتماعية والنفسيّة، ويؤدي الإسراف في الطعام إلى اضطرابات شديدة في الجهاز الهضمي وشكوى المريض الدائمة من التوتر والقلق والعصبيّة، ولو أن المسلم طبّق حديث الطعام لكفى نفسه العديد من الأمراض والعلل.[٤]
فوائد الاعتدال في الطعام وعدم الإسراف
هناك عدد من الفوائد للاعتدال في تناول الطعام والشراب وأهم هذه الفوائد التي يجنيها المسلم من ذلك:[٥]
- التقليل من تناول الطعام والشراب هو سبب لصفاء القلب وإنفاذ البصيرة، فالشبع يورث البلادة ويعمي القلب ويُلهيه عن الطاعات.
- التقليل من الطعام يؤدي إلى الانكسار إلى الله تعالى، والذل وزوال البطر والفرح الأشر والذي هو السبب الرئيسي للطغيان والغفلة والخروج عن طاعة الله عز وجل.
- التقليل من الطعام يُبْقِي المسلم ذاكرًا لبلاء وعذاب غيره، فالشبعان ينسى الجائع والفقير وينسى الجوع، ولكن العبد الفطن يتذكّر بلاء الآخرين وبالتالي يتذكّر بلاء الآخرة.
- ومن أكبر الفوائد التي يجنيها المسلم من التقليل من الطعام والشراب الابتعاد عن الشهوات والمعاصي جميعها، والسيطرة على النفس الأمارة بالسوء فقد تنشأ المعاصي والشهوات بتناول الكثير من الطعام والشراب والإسراف في ذلك.
- دفع النوم والكسل ودوام السهر لأداء العبادات، فمن شبع كثيرًا شرب كثيرًا ومن كثر شربه كثر نومه، وفي كثرة النوم ضياع العمر وفوات الطاعات والعبادات والتهجّد، وبلادة الطبع وقساوة القلب فالنومُ موت، وتكثيره يُنقِصُ العمر.
- ومن أهم الفوائد التي يجنيها المسلم من الاعتدال في طعامه وشرابه صحة البدن ودفع الأمراض بجميع أنواعها، فالتخمة أصل كل البلاء والأمراض، وبحسب الأطباء فإن البِطْنةُ أصلُ الداء، والحِميةُ أصلُ الدواء.
الأحاديث النبويّة في ذم الإسراف في الطعام
قد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم عدد من الأحاديث النبوية التي تحث على الاعتدال في تناول الطعام والشراب وتذم الإسراف فيهما لأن شهوة البطن من أعظم المهلكات، فشهوة البطن تتبعها شهوة الفرج ثم الرغبة في تكثير المال والجاه لتحقيق هاتين الشهوتين، وغالبًا ما يجلب الاًاستزادة من الطعام والشراب عدد من الأمراض مثل أمراض القلوب من الرياء والحسد والتفاخر والكبر مما يدفع المسلم لعمل الفحشاء والمنكر، ومن أهم الأحاديث التي تحث على الاعتدال في الطعام وتذم الإسراف هي:[٥]
- عن عبدالله بن عمر عن الرسول صلى الله عليه وسلم: {كانَ ابنُ عُمَرَ، لا يَأْكُلُ حتَّى يُؤْتَى بمِسْكِينٍ يَأْكُلُ معهُ، فأدْخَلْتُ رَجُلًا يَأْكُلُ معهُ فأكَلَ كَثِيرًا، فَقالَ: يا نَافِعُ، لا تُدْخِلْ هذا عَلَيَّ، سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: المُؤْمِنُ يَأْكُلُ في مِعًى واحِدٍ، والكَافِرُ يَأْكُلُ في سَبْعَةِ أمْعَاءٍ}.[٦]
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يبيتُ اللَّياليَ المُتتابعةَ طاويًا هو وأهلُه ، لا يجِدون عشاءً ، وكان أكثرُ خبزِهم خبزَ الشَّعيرِ}.[٧][٢]
- عن فضالة بن عبيد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: {أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ كانَ إذا صلَّى بالنَّاسِ يَخرُّ رجالٌ مِن قامتِهِم في الصَّلاةِ منَ الخصاصةِ وَهُم أصحابُ الصُّفَّةِ حتَّى تقولَ الأعرابُ هؤلاءِ مَجانينُ أو مَجانونَ ، فإذا صلَّى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ انصرفَ إليهِم ، فقالَ: لو تعلَمونَ ما لَكُم عندَ اللَّهِ لأحببتُمْ أن تَزدادوا فاقةً وحاجةً قالَ فَضالةُ: أَنا يومئذٍ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ}.[٨][٢]
المراجع
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن المقدام بن معدي كرب، الصفحة أو الرقم: 2380، خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح.
- ^ أ ب ت "179 من حديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاويا وأهله لا يجدون عشاء)"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2020. بتصرّف.
- ↑ "شرح حديث " ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن ""، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2020. بتصرّف.
- ↑ أحمد نواف المواس، "الإعجاز في السنة النبوية (الاعتدال في الطعام)"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب "أحاديث نبوية في ذم الإسراف في الطعام"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 5393، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ رواه الألباني، في مختصر الشمائل، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 125، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
- ↑ رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن فضالة بن عبيد، الصفحة أو الرقم: 1063، خلاصة حكم المحدث : صحيح.