حديث شريف يبين فضل الخشوع في الصلاة

حديث شريف يبين فضل الخشوع في الصلاة
حديث شريف يبين فضل الخشوع في الصلاة

الخشوع في الصلاة

تعدّ الصلاة عامود الدين وقوامه، وكانت آخر وصايا الرسول صلى الله عليه لأمته عند خروجه من الدنيا هو الحث على الصلاة لأهميتها البالغة في الدين، فالصلاة صلةٌ بين العبد وربه، وفيها ينقطع الإنسان عن شواغل الدنيا، ويتجه بقلبه وعقله إلى الله تعالى، يستمد منه العون والسداد، ويطلب منه الثبات على الدين.

يختلف الناس في صلاتهم؛ فمنهم من تزيده الصلاة إقبالاً وحبًا لله، ومنهم من لا تؤثر فيه أبدًا بل يؤديها بحركات، وقراءة، وذكر، وتسبيح من دون استحضار ما يقوله، وبما أنّ الصلاة أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة؛ فإنّ أكثر ما يجب الحرص عليه عند أداء الصلاة هو الخشوع، فلا صلاة بلا خشوع.

وقد جاء في الحديث الشريف عن أهمية الصلاة: [إنَّ أولَ ما يُحاسَبُ به العبدُ يومَ القِيامةِ من عَمَلِه صلاتُه، فإنْ صَلَحَتْ، فقد أفْلَحَ وأنْجَحَ، وإنْ فَسَدَتْ، فقد خاب وخَسِرَ، فإنِ انتَقَصَ من فريضتِه شيئًا، قال الرَّبُّ عزَّ وجلَّ: انْظُروا هلْ لعبدي مِن تطوُّعٍ؟ فيُكمَلُ منها ما انتَقَصَ من الفريضَةِ، ثم يكونُ سائِرُ أعمالِه على هذا].[١]

ومعنى الخشوع؛ خشوع القلب لله بالتعظيم، والإجلال، والإكبار، والمهابة، والوقار، فينكسر القلب لله كسرة مليئة بالوجل، والحب، والخجل، وتذكّر نعم الله تعالى وفضله فيخشع القلب لا محالة، ويتبع خشوع القلب خشوع الجوارح، وللخشوع أهمية كبيرة، لأنّه السبب الأول لقبول الصلاة التي هي أعظم وأهم أركان الإسلام، والخشوع يُسهّل على المسلم أداء الصلاة، ويُحببه بها ويُقربها إلى النفس فتكون سهلة خفيفة على الخاشعين، وثقيلة مُرهقة على غير الخاشعين، لترقب الخاشعين في الصلاة لثواب الله تعالى، وخشيتهم من عقابه.[٢]


حديث شريف يبيّن فضل الخشوع في الصلاة

امتداح الله تعالى لعباده الخاشعين يدلّ على فضل ومكانة الخشوع عند الله تعالى، وهو دليل على حبه لأهل الخضوع والخشوع من عباده، فالله تعالى لا يمدح أحدًا بشيء؛ إلّا وهو يٌحبه ويٌحب من يتعبده به، ففي الحديث الشريف عن أبو هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ في خَلَاءٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسْجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا في اللَّهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إلى نَفْسِهَا، قالَ: إنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأخْفَاهَا حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما صَنَعَتْ يَمِينُهُ]،[٣].

ووجه الدلالة في الحديث؛ أنّ المسلم الخاشع في صلاته يغلب عليه حالة البكاء في الخلوة عندما يكون وحده، فاستحق بذلك أن يكون من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم القيامة، يوم لا ظل إلّا ظله.[٤]

وفي حديث آخر عن أهمية الخشوع في الصلاة؛ عن عثمان بن عفان عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [ما من امرئٍ مسلمٍ تحضُرُه صلاةٌ مكتوبةٌ، فيُحسِنُ وضوءها وخشوعَها وركوعَها، إلا كانت كفارةً لما قبلَها من الذنوبِ، ما لم تُؤْتَ كبيرةٌ، و ذلك الدَّهرَ كلَّه]،[٥]، وهذا يدلّ على فضل الخشوع في الدنيا والآخرة، فالخشوع سبب لحصول السكينة والطمأنينة والراحة التي ليس لها مثيل، وذهاب الخشوع يدلّ نقص أو خللٍ في الصلاة.[٢]

وتجدر الإشارة إلى أنّ الخشوع في الصلاة توفيق من الله عز وجل، يُوفق فيه عباده الصادقين، والمخلصين، والمخبتين، والآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر، فمن لم يخشع قلبه لأوامر الله تعالى خارج الصلاة، لا يتذوّق لذّة الخشوع ولا تذرف عيناه الدموع لقسوة قلبه، وبُعده عن الله تعالى، والخشوع واجب على كل مصلي فلا تُقبل صلاة بلا خشوع، بل إنّ الخشوع طريق للصلاح، والفلاح، والقبول.

ومن فضل الخشوع؛ الانكسار بين يدي الله تعالى، وإظهار الذلة والمسكنة، فالله تعالى إنّما خلقنا لعبادته وطاعته، وأفضل العبادات التي يكون فيها الانكسار والذل بين يدي الله تعالى، ولا يتحقق ذلك إلّا بالخشوع، وقد امتدح الله تعالى عباده الخاشعين في الكثير من الآيات الكريمة، فقال تعالى: {إنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ}.[٦][٤]


كيف تخشع في الصلاة؟

والخشوع في الصلاة، إنّما يحصل لمن فرغ قلبه لها، واشتغل بالصلاة عمّا سواها، وفضّلها على غيرها، ومن أهم الأمور التي تُعين المسلم على الخشوع في الصلاة:[٧]

  • استحضار عظمة الله: فعندما يستحضر المسلم عظمة الله تعالى، وأنّه واقف بين يدي الجبار مالك السموات والأرض، يُعينه ذلك على الخشوع.
  • النظر إلى موضع السجود: فتركيز النظر في مكان السجود، وعدم الالتفات يمينًا ولا يسارًا، يزيد من تركيز المسلم وخشوعه.
  • التّدبّر: فتدبّر المسلم لآيات القرآن الكريم والأذكار التي يقولها في صلاته أثناء الركوع والسجود، يجعل القلب أوعى وأقرب للخشوع.
  • استذكار الموت: فعلى المسلم أن يستذكر الموت في صلاته، ويشعر بأنّ الصلاة التي يصليها قد تكون آخر صلاة له، ممّا يزيد من خشيته وخشوعه.
  • تهيئة النّفس: فيجب أن يبتعد المسلم عن كل المُلهيات عن الصلاة، فلا يُصلي وهو غاضب، ولا يُصلي في وقت الطعام، ويُفضّل إزالة كل الزخارف أو الصور إن وجدت في مكان الصلاة.
  • مجاهدة النفس على الخشوع: فالخشوع في الصلاة ليس بالأمر السهل، لذلك على المسلم أن يصبر ويجاهد نفسه قدر المستطاع للخشوع، ومع استمرار المحاولة والاجتهاد في ذلك سوف يعينه الله، ويُسهل عليه الخشوع مع الوقت.
  • استذكار ثواب الخشوع: فمن المعينات على الخشوع استحضار المسلم للثواب الكبير والأجر العظيم الذي أعده الله تعالى لعباده الخاشعين، والخاضعين له في سجودهم، وركوعهم، وكل أعمالهم.


قد يُهِمُّكَ

يتساءل الكثير من الناس عن حكم الصلاة التي ينقصها الخشوع التام لله، هل يقبلها الله تعالى أم لا؟، وجواب هذا التساؤل بأنّ المسلم الذي صلاته لا خشوع فيها فإنّه على خطأ، لأنّ المطلوب من المصلي الإقبال على الصلاة والخشوع فيها، وليس فقط القيام بحركات السجود والركوع، وقراءة القرآن من دون خشوع، وقد قال الله تعالى عن عباده الخاشعين: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}،[٨]

فالخشوع هو قوام الصلاة وروحها، وفقدان الخشوع يُؤدي إلى عدم الطمأنينة والنقر في الصلاة التي هي من أهم مبطلاتها، وأمّا إذا أتت المؤمن بعض الهواجس والأفكار في الصلاة، ولكنه حاول الاطمئنان والخشوع، فهذا لا يُبطل الصلاة ولكن ليس له إلّا ما عقل منها، وما خشع واطمأن فيها، ويفوته ثواب ما فرّط فيها، فالطمأنينة في الصلاة من أهم مقومات الخشوع فيطمئن المسلم في سجوده وركوعه وبين السجدتين، وعند القيام من الركوع حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، ولا يعجل المسلم إنهاء الصلاة أو الإسراع فيها؛ فإذا اطمأن المسلم في صلاته يحصل الخشوع.[٩]


المراجع

  1. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج رياض الصالحين، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1081، خلاصة حكم المحدث : صحيح .
  2. ^ أ ب "الخشوع في الصلاة "، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 29-5-2020. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 6806، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  4. ^ أ ب ابو بكر، "كيف تخشع في الصلاة"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 29-5-2020. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 5686، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  6. سورة البقرة، آية: 45.
  7. د. أمين بن عبدالله الشقاوي، "الخشوع في الصلاة"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 29-5-2020. بتصرّف.
  8. سورة المؤمنون، آية: 1:2.
  9. "حكم الصلاة التي ينقصها الخشوع التام"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 29-5-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :