بواسطة: وائل العثامنة
فضل الدعاء
حث الإسلام على عبادة عظيمة ذكرت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهي عبادة الدعاء، وفيها يسأل المسلم الله تعالى حاجاته ويطلب منه تيسير أمره، وتحقيق أمنياته، فذكر في الآيات الكريمة قوله تعالى: "ادعوني استجب لكم"، وقال عليه السلام "الدعاء هو العبادة"، وهي أدلة واضحة على أهمية الدعاء وضرورة الالتزام به لما فيه من تقرب لله تعالى، والتسليم بقدرته وحده على قضاء حوائجنا من أمور الدنيا، أو سؤاله النجاة في الآخرة، ومن أهم آدابه وشروطه إخلاص النية لله وحده، واليقين الكامل باستجابته أو اختياره لما هو خير من السؤال، وألا يكون ذلك في أوقات الشدة فقط، كما لا يجوز أن يكون الدعاء بالشر على أحد، وأن يُظهر العبد الخضوع والتذلل مع استقبال القبلة واستغفار الذنوب والتقرب لله تعالى بالعبادات والنوافل، ومن الآداب الأخرى أن يدعو لإخوته في الدين وأن يخصّ بذلك الوالدين والأهل الصالحين، ومن أفضل أوقات الدعاء وقت رفع الآذان، والسجود في الصلاة، وفي الثلث الأخير من الليل، وفي يوم عرفة، وليلة القدر، ونزول الغيث وغيرها من الأوقات المباركة.
نصّ دعاء "ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب"
عن أبي الدرداء –رضي الله عنه- عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب، إلا قال له المَلَك ولك بمثل"، وفي رواية أخرى "من دعا لأخيه بظهر الغيب، قال المّلّك الموكل به آمين ولك بمثل"، وهو تأكيد على حديث شريف آخر عن اكتمال إيمان المسلم بأن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويقصد بظهر الغيب أي بعدم حضور من ندعو له، وفي هذا الحديث وعد واضح بتحقيق رغباتنا بأن يكون لنا مثل ما نحبه للغير، وقد كان المسلمون قديمًا يطلبون من بعضهم البعض عند السفر إلى الحج بأن يذكروهم في أدعيتهم أو في مسائل محددة، كما عمد السلف الصالح إن أرادوا حاجة من المولى عز وجل، بأن يطلبوها لغيرهم حتى تتحقق لهم بالمثل، وفي ذلك امتثال لأوامر الله تعالى وتحقيق لشروط الدعاء وآدابه، وقد يكون للأصدقاء أو الأهل حاجة خفية قد تنقضي بأمر الله تعالى عندما نذكرهم في ظهر الغيب. والسبب في ذكر ظهر الغيب هو زيادة الإخلاص والابتعاد عن الرياء أو النفاق للغير، فالمسلم يسأل الله المسألة لأحد بغياب صاحبها وهو يرجو بذلك الفضل والخير وليس لمصلحة يرجوها من الغير، ويجوز للمسلم أن يدعو لكافة المسلمين أو يدعو دعاء خاصًا لعدد منهم، وفي كلٍّ خير.
فضل الدعاء بظهر الغيب
قال تعالى في كتابه الكريم: "واستغفر لذنبك وللمؤمنين وللمؤمنات"، فهذه الآية دليل واضح على وجوب تذكر الغير والدعاء لهم كما ندعو لأنفسنا، فعند طلب المغفرة من الله تعالى، نطلبها لكافة المؤمنين فيعود ذلك بفضل الغفران علينا، ويشمل الدعاء الأحياء والأموات لقوله تعالى: "يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان"، وفي ذلك إظهار للمودة والمحبة والتآلف الذي يجمع أبناء الأمة الواحدة، ومن أفضل الأدعية أن يدعو المسلم لإخوانه في الدين بالصلاح والاستقامة والهداية والخير وتفريج الهموم وقضاء الحوائج، ولم يرِد ذلك عن النبي الكريم فقط، فقد ورد في كتاب الله على لسان نبيه نوح-عليه السلام-: "رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنًا وللمؤمنين والمؤمنات"، وهي دليل واضح على بدء المسلم بالدعاء لنفسه ثم لوالديه ومن بعدهم كافة المؤمنين. فقد يستجيب الله لأمنياتنا بسبب دعاء دعاه غيرنا لنا، وقد يتحقق ما يسأل به العبدُ ربَه من زوجة أو ذرية صالحة من دعاءنا له، ولتنفيذ أمر الله يجب ألّا نغفل عن الدعاء بظهر الغيب وانتظار فضل الله علينا عند الصلاة أو الذهاب للعمرة أو الحج، وفي ليالي رمضان وغيرها من أوقات الاستجابة.