أسباب قبول الدعاء

مفهوم الدعاء

يعرف الدعاء في معاجم اللغة العربية بأنه مصدر مشتق من الفعل الثلاثي دعا فهو داعٍ، والمفعول به مدعوّ، ومعناه النداء، والابتهال إلى الله جل وعلا بالسؤال رغبةً في ما عنده من خير لا ينفذ وعطاءٍ غير مقطوع، والدعاء اصطلاحًا هو كلام إنشائي يدل على الطلب مع الخضوع وهو السؤال، أي سؤال العبد ربه جل وعلا حاجاته الدنوية والأخروية، فالدعاء دواء وعدو البلاء كونه سلاح المؤمن، وقد حث الله جل وعلا عباده على الدعاء في جميع الأوقات فهو غير مخصوص بزمان ولا مقيد بمكان.[١][٢]


أسباب قبول الدعاء

يتعين على المسلم الحق أن يدعو الله جل وعلا بكل ما يتمناه على أن يأخذ بأسباب القبول والإجابة، والتي يمكن إجمالها فيما يأتي:[٣][٤][٥][٦]

  • إخلاص النية لله جل وعلا بعيدًا عن الرياء والنفاق والمباهاة بين الخلائق ليقال كذا وكذا، وفي هذا المقام نستشهد باستجابة الله تبارك وتعالى دعاء أصحاب الغار، فقد توصل كل واحد منهم بعمل صالح أداه بإخلاص تام لوجه الله قال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65]، وتجدر الإشارة إلى ثواب العبد على إخلاص نية أي عمل لله جل وعلا حتى وإن لم يقع هذا العمل، وفي هذا المقام روى أبو كبشة الأنماري عن رسول الله أنه قال: (إنما الدنيا لأربعةِ نَفَرٍ: عبدٌ رزقه اللهُ مالًا وعلمًا فهو يَتَّقِي في مالِه ربَّه، ويَصِلُ فيه رَحِمَه، ويعلمُ للهِ فيه حقًّا، فهذا بأحسنِ المنازلِ عند اللهِ، ورجلٌ آتاه اللهُ علمًا ولم يُؤْتِه مالًا فهو يقولُ: لو أنَّ لي مالًا لعَمِلْتُ بعملِ فلانٍ، فهو بِنِيَّتِه وهُمَا في الأجرِ سواءٌ، ورجلٌ آتاه اللهُ مالًا ولم يُؤْتِه علمًا، فهو يَخْبِطُ في مالِه، ولا يَتَّقِي فيه ربَّه، ولا يَصِلُ فيه رَحِمَه، ولا يعلمُ للهِ فيه حقًّا، فهذا بأَسْوَء المنازلِ عند اللهِ، ورجلٌ لم يُؤْتِهِ اللهُ مالًا ولا علمًا فهو يقولُ: لو أنَّ لي مالًا لعَمِلْتُ بعملِ فلانٍ ، فهو بِنِيَّتِه وهُمَا في الوِزْرِ سَواءٌ) [رواه ابن القيم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]
  • الصدق مع الله في إرادة لب الدعاء وحصوله فعليًا.
  • حسن الظن بالله، فكل قضاء الله خير، وإن تبين للعبد بعلمه المحدود سوء القضاء فحصاده خير، وباطنه خير، وختامه خير.
  • العمل بأوامر الله جل وعلا ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم والابتعاد عما نهوا عنه، مع الحرص على الإكثار من النوافل وما زاد عن الفريضة.
  • الحرص على الكسب الحلال بعيدًا عن الحرام والشبهات.
  • التوجه إلى الله بالدعاء في وقت الرخاء، فمن عرف الله بالرخاء عرفه بالشدة.
  • الدعاء باسم الله الأعظم وصفاته وأسمائه الحسنى، وفي هذا المقام روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال أنه كانَ معَ رسولِ اللَّهِ صلّى اللَّه عليه وسلم جالسًا، ورجلٌ يصلِّي، ثمَّ دعا: اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ بأنَّ لَكَ الحمد لا إلَهَ إلَّا أنتَ المنَّانُ بديعُ السَّمواتِ والأرضِ يا ذا الجلالِ والإِكرامِ يا حيُّ يا قيُّومُ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ: (لقد دعا اللَّهَ باسمِهِ العظيمِ الَّذي إذا دعيَ بِهِ أجابَ وإذا سئلَ بِهِ أعطى) [رواه الألباني| خلاصة حكم المحدث: صحيح][٧]
  • بدء الدعاء وختامه بحمد الله جل وعلا، والصلاة على رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.
  • رفع اليدين سواء أكان الداعي في طائرة، أو سيارة، أو قطار، أو غير ذلك، علمًا أن رفع اليدين لم يرد في بعض المواضع كخطبة الجمعة مثلًا باستثناء دعاء الاستسقاء، وما بين السجدتين، وقبل السلام في التشهد الأخير، فترك النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفعل حجة.
  • العزم وعدم التردد مع ضرورة الإلحاح في المسألة، وحضور القلب.
  • تحري أوقات الإجابة، بما فيها؛ ثلث الليل الآخر، وما بين الأذان والإقامة، ووقت إفطار الصائم، ويوم الجمعة، ونزول المطر، والتحام العدو.


ثمار الدعاء

ينطوي الدعاء على العديد من الفوائد التي يستشعر بها العبد، ومنها:[٢][٨]

  • الامتثال لأمر الله جل وعلا لأنه أمر بالدعاء وجعله عبادة في قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، ومن الآية الكريمة يتبين أن ترك الدعاء استكبارًا، وإتيانه إنما هو دليل توكل على الله، وإيمان به وبربوبيته وألوهيتيه وصفاته.
  • الدعاء عبادة تقرب العبد من ربه جل وعلا، فإما أن يتحقق مراد العبد في الدنيا كما أراد، أو أحسن مما تمنى، وقد يدخر الله ثواب دعائه في الآخرة، فهو عبادة مأجورة بغض النظر استجيبت أم لا.
  • سبب من أسباب انشراح الصدر، والشعور بالسكنية والطمأنينة.
  • سبب من أسباب دفع البلاء لأن مؤداه انفراج الهم وزوال الغم، كما أنه يدفع البلاء قبل وقوعه أيضًا كونه يرد القدر.
  • وسيلة للتآخي والمحبة والتكافل بين المسلمين، فمَن دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب دل دعاؤه على صدق الرابطة بينهما.
  • صفة من صفات عباد الله المتقين الذين يتوجهون إلى الله جل وعلا في الرخاء والشدة على حد سواء، فبعض الناس من غير المتقين يلجؤون إلى الله في الضراء فإذا كشف الضر عنهم افتتنوا ونسوا الله.
  • وسيلة لعلو الهمة وتساميها، فالداعي يأوي إلى الله مستعينًا به في كل أمور الحياة الدينية والدنيوية، وبذلك يستغني العبد عما في أيدي الخلق فيتحرر من سؤالهم، ويسلم من منّتهم.
  • سبب من أسباب النصر على الأعداء، فالله هو ملجأ المستضعفين وغياث المستغيثين، وناصر المظلومين، وهو غالب المضطرين الذين انقطعت بهم السبل، وغُلّقت أبواب الخلق أمامهم، فحق على الله أن يجبرهم بعد كسرهم، ويغنيهم بعد فقرهم، وينصرهم بعد ظلمهم، ويعزهم بعد ذلهم، وحاشا لله أن يردهم خائين.


المراجع

  1. "تعريف و معنى دعاء في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2019.
  2. ^ أ ب عثمان محسب (5-2-2015)، "من أسرار الدعاء"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2019.
  3. "من أسباب استجابة الدعاء (1)"، ar.islamway، 1-1-2014، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2019.
  4. "شروط الدعاء وأسباب الإجابة وموانعها"، إسلام ويب، 16-2-2006، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2019.
  5. "حكم رفع اليدين في الدعاء"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2019.
  6. "الموسوعة الحديثية"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2019.
  7. "الموسوعة الحديثية"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2019.
  8. "من ثمرات وفضائل الدعاء وكيفيته في السنة النبوية"، طريق الإسلام، 13-6-2014، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2019.

فيديو ذو صلة :