التسبيح
التسبيح هو أصل من أصول التوحيد، وركن أساسي من أركان الإيمان بالله تعالى، والتسبيح هو تنزيه الله سبحانه وتعالى عن كل عيبٍ أو خللٍ أو نقصٍ أو وهمٍ أو ظن، وكلمة التسبيح مأخوذة من الجذر اللغوي السَّبْح وهو البُعد، وقد كانت العرب تقول سبحان من كذا أي ما أبعده، فتسبيح الله عز وجل هو إبعاد القلوب والأفكار عن أن تظن به نقصًا أو تنسب إليه شرًا وتنزيهه عن كل عيب نسبه له الكافرون والملحدون، وقال تعالى في محكم كتابه عن التسبيح: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ}[١]، وتسبيح الله عز وجل يقتضي تنزيهه عن كل سوء، وإثبات صفات الكمال له، وتعظيمه بإثبات المحامد التي يحمد الله عليها فيقتضي ذلك تحميده وتكبيره وتوحيده، وبذلك يكون معنى سبحانك اللهم وبحمدك، أي بقوتك التي هي نعمة توجب علي حمدك وسبحتك لا بحولي وقوتي[٢]، وحاجة المؤمن للذكر والتسبيح أعظم من حاجتها إلى النّفَس، فبذكر الله تعالى تحيا القلوب وتزهر وتطمئن، ولأهمية التسبيح وعظمته عند الله عز وجل فإنه كُرر في القرآن في تسعين موضعًا وافتتحت به الكثير من السور واختتمت به أيضًا الكثير من السور القرآنية، وتكرار صيغ التسبيح في القرآن الكريم لإثبات أن التسبيح لله تعالى هو شأن أهل الأرض والسماء، ودأبهم في الماضي والمستقبل، وأن المؤمن يجب أن يلازمه التسبيح ولا يغفل عنه أبدًا ولا يمل لسانه من ذكره.[٣]
كيفيّة التسبيح
من توفيق الله تعالى للإنسان أن يلزمه ذكره ويبقي لسانه رطبًا بتسبيحه، وهناك عدد من الطرق التي يمكن للمسلم من خلالها تسبيح الله تعالى للفوز بالأجر والثواب، وطرق التسبيح هي:[٤]
- سُبْحَانَ اللَّهِ، أَوْ سُبْحَانَ رَبِّي: وهذه من الصيغ التي وردت في القرآن الكريم.
- سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وتقال عند الركوع، سبحان ربي الأعلى وتقال عند السجود.
- سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي: وهو من صيغ التسبيح التي كان يذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في ركوعه وسجوده.
- سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ: وهي من الصيغ التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يذكرها في صلاته، ومعناها مسبَّحٌ مُقدَّسٌ رب الملائكة والروح.
- سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ.
- سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ: وهي من صيغ التسبيح التي ذكرت في القرآن الكريم والتي أمرنا الله تعالى بها، وهي تسبيح الملائكة عليهم السلام.
- سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ.
- اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا: فقد ورد عن عبدالله بن عمر عن الرسول صلى الله عليه وسلم: [بيْنَما نَحْنُ نُصَلِّي مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذْ قالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: مِنَ القَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ قالَ رَجُلٌ مَنِ القَوْمِ: أَنَا، يا رَسولَ اللهِ، قالَ: عَجِبْتُ لَهَا، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ قالَ ابنُ عُمَرَ: فَما تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ ذلك][٥].
- سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ: وهي غرس من غراس الجنة.
فوائد التسبيح
وهناك عدد كبير من فوائد التسبيح التي لا يمكن عدّها ولا إحصاؤها، ومن أهم الفوائد التي تعود على المسلم في الدنيا والآخرة من التسبيح: [٦]
- التسبيح علامة الإيمان: فقد قرن الله تعالى بين تسبيحه وحمده وبين الإيمان الحقيقي الراسخ في القلب وجعل التسبيح علامة من علامات الإيمان وصدق المؤمن.
- التسبيح مرتبط بالصبر: فقد أمر الله تعالى أنبياءه بالصبر على الشدائد وما يجب أن يواجهوا به أقوامهم هو أن يسبحوا الله تعالى للتخفيف عليهم من الألم الذي كانوا يعانوه في تبليغ الدعوة، فيساعدهم التسبيح على الصبر وقوة الاحتمال بإذن الله تعالى.
- التسبيح علاج لضيق الصدر: فقد جعل الله تعالى التسبيح علاجًا لضيق الصدر والهموم التي تعتري المؤمن.
- دفع العقوبة بالتسبيح: فالتسبيح يدفع غضب الله تعالى وعقوبته عن الأقوام، لذلك أمر الله تعالى الأقوام بالإكثار من التسبيح لدفع الغضب والعقاب عنهم.
- التسبيح أحب الكلام إلى الله تعالى: فأحب الكلام عند الله تعالى هو سبحان الله وبحمده كما ورد في الأحاديث النبويّة الشريفة.
- كلمة التسبيح حبيبة إلى الرحمن، ثقيلة في الميزان: فعن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:[ كَلِمَتانِ حَبِيبَتانِ إلى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتانِ علَى اللِّسانِ، ثَقِيلَتانِ في المِيزانِ: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ][٧].
- التسبيح سبب لمغفرة الذنوب: فإكثار المؤمن من التسبيح سبب في مغفرة الذنوب والخطايا حتى لو كانت الخطايا مثل زبد البحر.
- علو منزلة المُسبّحين: وأفضل ما يأتي به المؤمن يوم القيامة عند ملاقاة وجه ربه هو التسبيح، وتعلو منزلة المسلم كلما زاد تسبيحه وتهليله وتعظيمه لله.
- التسبيح غرس من غراس الجنة: فمن قال سبحان الله وبحمده غُرست له شجرة في الجنة.
- التسبيح نوع من الصدقة: فالتسبيح أعظم من الصدقة بجبل من الذهب، فمن لم يجد مالًا يتصدّق به أو واجهه من الأمور صعبها أو ضاق صدره ما عليه سوى التسبيح.
- التسبيح يفتَح له أبواب السماء: فمن أهميّة التسبيح أن صاحبه يَفتح الله له أبواب الجنة، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُكثر من التسبيح، وأمر الأنبياء أبناءهم بالتسبيح لعظمته وكبر شأنه عند الله تعالى.
مَعْلومَة
هناك عدد من صيغ التسبيح التي يمكن ترديدها عقب الصلوات المفروضة، وهذه التسابيح تأتي على أربعة صيغ وهي:[٨]
- أن يسبح بـ سبحان الله 33، والحمد لله 33، والله أكبر 33، ويختم بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، فعن كعب بن عجرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم: [مُعَقِّباتٌ لا يَخِيبُ قائِلُهُنَّ، أوْ فاعِلُهُنَّ، دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ، ثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَسْبِيحَةً، وثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَحْمِيدَةً، وأَرْبَعٌ وثَلاثُونَ تَكْبِيرَةً][٩].
- سبحان الله عشرًا، والحمد لله عشرًا، والله أكبر عشرًا.
- أن يقول سبحان الله 33 مرة، والحمد لله 33 مرة، والله أكبر 34 مرة، فيصبح العدد تمام المئة من التسبيح والحمد.
- سبحان الله، والحمد لله، ولا اله إلا الله، والله أكبر، 25 مرة لكل واحدة، فيصبح العدد تمام المئة من التسبيح.
المراجع
- ↑ سورة الحشر، آية: 23.
- ↑ "معنى كلمة التسبيح " سبحان الله وبحمده ""، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2020. بتصرّف.
- ↑ إبراهيم بن محمد الحقيل، "سبحان الله: معناها، وأهميتها، وحكمها "، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2020. بتصرّف.
- ↑ الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل، "صيغ التسبيح"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 601، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ د. نايف بن أحمد الحمد، "التسبيح بحمد الله"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 7563، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ "صيغ التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل دبر الصلوات المكتوبات ."، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن كعب بن عجرة ، الصفحة أو الرقم: 596، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].