ذكرى وفاة الرسول محمد

ذكرى وفاة الرسول محمد
ذكرى وفاة الرسول محمد

الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

كان رسولنا الكريم، أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، مثالًا يحتذى به في جميع الأمور الدينية والأخلاقية والعلمية، وقد جعله الله تعالى آخر الرسل، إذ أرسله إلى قوم قريش ليدعوهم إلى دين الحق ويدلهم على طريق الصواب، قال تعالى:"لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ"[١]، وقد عُرف محمد صلى الله عليه وسلم بأخلاقه الكريمة قبل الرسالة، وترك لنا بعدها أحاديث رائعة ما زال الجميع يعمل بها ويعدها مكملة للقرآن الكريم، إذ ورد في الحديث النبوي الشريف: "إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ"[٢][٣]


وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

كان يوم وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من الأيام التي لا تنسى، وفي ذلك اليوم ألقى خطبة الوداع على الناس، وفي هذا الوقت نزلت آية في القرآن الكريم: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"[٤]، وقد قرأ أبو بكر الصِّديق هذه الآية وبكى موضحًا أن هذا هو نعي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وبالفعل توفي رسولنا الكريم بعد ثلاثة أشهر من نزول هذه الآية عندما أصيب بالحمى التي كانت شديدة عليه للغاية، وأثرت على صحته وجعلته لا يستطيع الحركة على الإطلاق.

في أثناء مرض النبي صلى الله عليه وسلم، طلب عليه الصلاة والسلام من زوجاته أن يقضي مدة هذا المرض في بيت زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها، وقد توفي صلى الله عليه وسلم عندما اشتد مرضه، ضحى يوم 12 ربيع الأول الذي يوافق يوم الإثنين في منزل السيدة عائشة رضي الله عنها، وقد كان يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو تاريخ ميلاده نفسه، وقد كان ذلك اليوم من أشد الأيام على المسلمين، إذ قال أنس بن مالك رضي الله عنه في وصف ذلك اليوم: "لما كان اليومُ الذي دخل فيه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم المدينةَ أضاء منها كلُّ شيء، فلمَّا كان اليومُ الذي مات فيه أظلمَ منها كلُّ شيء، وما نفَضْنا عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الأيديَ حتى أنكَرْنا قلوبَنا"، وبينما كان أصحاب النبي يصلّون فجر ذلك اليوم خلف أبي بكر الصِّديق، نظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبسم لهم، وظن الصِّديق بأنه سينضم إليهم، فنكص إلى الخلف ليترك مكانه للنبي صلى الله عليه وسلم، لكنه أشار إليهم بأن يُتموا صلاتهم ودخل الحجرة.

ووقت الضحى بدأ صلى الله عليه وسلم بالاحتضار، عندها أسندته عائشة رضي الله عنها إليها، ثم ليَّنت له السواك، وعندما فرغ صلى الله عليه وسلم من استخدام السواك، رفع يده، ثم شخص ببصره باتجاه السماء، ثم تحركت شفتاه صلى الله عليه وسلم، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّهُ لَنْ يَمُوتَ نَبِيّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، قَالَتْ: فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ يَقُولُ : ( مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ) قَالَتْ: فَظَنَنْتُهُ خُيِّرَ حِينَئِذٍ"[٥].[٦]


دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم الناس إلى دين الحق

كانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في مجملها من أجل تعريف الناس بمصالحهم وبما ينفعهم في معاشهم وبعد مماتهم، قال تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"[٧]، وقد تعرض رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الكثير من المضايقات والأفعال السيئة من الكفار طوال مدة نشر الدعوة الإسلامية، ولاقى هو وأصحابه الكثير من الصعاب، واستشهد بعضهم في معارك نشر الدعوة ومحاربة الكفر، ولكنه صلى الله عليه وسلم تمكن في نهاية المطاف من إقامة دولة إسلامية ذات شأن عظيم وأتم رسالته على أكمل وجه.[٨]


واجبنا نحو النبي صلى الله عليه وسلم

حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تبليغ رسالة الإسلام السمحة للقاصي والداني، وبذل كل ما يستطيع من أجل خلاص أمته من الوقوع في الكفر والشرك، ولذلك حريٌّ بنا الاقتداء به صلى الله عليه وسلم، ومن الواجبات المنوطة بنا اتجاه النبي صلى الله عليه وسلم ما يأتي:[٩]

  • تقديم محبته صلى الله عليه وسلم وأوامره على الجميع: فتمام الإيمان لا يكون إلا بهذا، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ"[١٠].
  • تولي أصحابه وآل بيته صلى الله عليه وسلم: فعطفهم عليه صلى الله عليه وسلم في السياق دليل على عظيم قدرهم، قال الله تعالى: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا"[١١].
  • قراءة السيرة النبوية: وذلك من أجل الاعتبار بدروسٍ من حياته قبل البعثة والإعداد الرباني له من هجر الجاهلية بصورها، وأمانته وصدقه، ونسبه وشرفه، ودروسٍ من حياته بعد البعثة في المرحلة المكية من حمله الرسالة، وتعرضه للأذية، وتكوين أساس الجماعة المسلمة، وهجرته، ودروسٍ من حياته بعد البعثة في المرحلة المدنية من تكوين الدولة، ونزول الأحكام، وتنظيم علاقات المجتمع، وجهاده، ودروس من أخلاقه وحياته ومعاملاته من الشراء والبيع، وتعامله مع أزواجه وأهل بيته ومع أصحابه ومحبتهم.


المراجع

  1. سورة التوبة، آية: 128.
  2. رواه الزرقاني، في مختصر المقاصد، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 184، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  3. "مقدمة عن الرسول صلى الله عليه وسلم"، sunnahfollower1، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-10. بتصرّف.
  4. سورة المائدة، آية: 3.
  5. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2444، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  6. "وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، wikisource، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-6. بتصرّف.
  7. سورة سبأ، آية: 28.
  8. "دعوة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-6. بتصرّف.
  9. "واجبنا نحو النبي صلى الله عليه وسلم"، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-6. بتصرّف.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 15، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  11. سورة الفتح، آية: 29.

فيديو ذو صلة :