شهر رمضان
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ببُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةٍ، عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَالْحَجّ، فَقَالَ رَجُلٌ : الْحَجِّ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ ؟ قَالَ : لا صِيَامِ رَمَضَانَ، وَالْحَجِّ، هَكَذَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ][١]، وكما ورد في الحديث، إنّ صيام شهر رمضان من أركان الإسلام الخمسة، إذ قد فرض الله بشهر رمضان الصيام على المسلم القادر على ذلك، ويعد شهر رمضان من أشهر السنة الهجرية وترتيبه التاسع بينهم، ويأتي بعده شهر شوال ويسبقه شهر شعبان، وتصل عدد أيامه إلى ثلاثين يومًا أو تسعة وعشرين يومًا، وتُعرف بدايته ونهايته بتحري الهلال.[٢]
وقد اختلف أهل العلم في سبب تسمية شهر رمضان بهذا الاسم، فقال بعضهم إنّ التسمية اشتقت من الرمض وهو الحر الشديد، لأن شهر رمضان يأتي غالبًا في زمن الرمضاء وهو الحر الشديد في الجزيرة العربية، ويُقال أنّ سبب التسمية يعود إلى ارتماض الصائمين من حر الجوع، وذهب بعضهم إلى أن السبب في التسمية؛ أنّ في هذا الشهر تأخذ القلوب المعنى الحقيقي لأمر الآخرة، وذهب فريق آخر من أهل العلم إلى القول بأنّ سبب التسمية يعود إلى الرمض وهو الحرق، لما له فضل في إحراقٍ الذنوب بالأعمال الصالحة، ويُقال أنّ أصل التسمية يعود إلى الرميض، وهو السحاب والمطر في نهاية الصيف وبداية الخريف، والسبب في التسمية أنه يرمض الذنوب أي يُغسلها بالعمل الصالح، ويُقال فريق أيضًا أنّ سبب تسمية رمضان تعود إلى أنّ العرب كانوا يرمضون أسلحتهم، أي يحضّرونها للحرب في شهر شوال.[٣]
فضل شهر رمضان
يعد شهر رمضان شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، وفيه يعتق الله تعالى عباده من النار، كما أنه فرصة لاستغفار الله تعالى من الذنوب، ويزداد ثوابكَ فيه بالصدقات والإحسان إلى الفقراء والمحتاجين، وفيه تفتح الجنة أبوابها، وتتضاعف الحسنات، وتُغفر فيه السيئات، وتُجاب الدعوات.
وهذا الشهر الكريم أحد أركان الإسلام الخمسة، صامه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر المسلمين بصيامه، وأخبرنا صلى الله عليه وسلم أن من صامه إيمانًا واحتسابًا يغفر الله له ما تقدم من ذنوبه، ومن قامه إيمانًا واحتسابًا يغفر الله له ما تقدم من ذنوبه، الشهر الذي فيه ليلة خير من ألف شهر، ومن فوائد الشهر أنّكَ تعرف فيه نفسكَ وحاجتكً وضعفكَ وفقركَ لربكَ، وتتذكر نعم الله عليكَ، وحاجة إخوانكَ الفقراء، فينبغي أن تشكر الله سبحانه، وأن تستعين بالنعمة على طاعته، والإحسان إلى الفقراء.
وأشار الله تعالى إلى هذه الفوائد في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[٤]، فأوضح الله تعالى أنه كتب الصيام علينا لنتقيه، فبين أنّ الصيام وسيلة للتقوى، وأشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بعض فوائد الصوم في قوله: [يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء][٥][٦].
أحب الأعمال في شهر رمضان
يوجد العديد من الأعمال المحببة في شهر رمضان التي يُمكنكَ القيام بها لتكسب مرضاة الله تعالى، وهي:[٧]
- تحقيق الإيمان بالله: يعد الإيمان بالله، اعتقادًا جازمًا بوجود الله تعالى، وألوهيته، وربوبيته، وصفاته، وأسمائه، ووجود الله تعالى دلّ عليه العقل والفطرة، ودلالة الفطرة على وجود الله؛ فإن كل مخلوق قد فطره الله على الإيمان به من غير سبق تفكير أو تعليم، ولا يبتعد عن هذه الفطرة إلا من حدث لقلبه ما يصرفه عنها، ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم : [مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ][٨]. أمّا دلالة العقل على وجود الله سبحانه وتعالى؛ فالمخلوقات سابقها ولاحقها لا بد من وجود خالق أوجدها، إذ لا يمكن أن توجد بنفسها، ولا يمكن أن توجد صدفة.[٩]
- أداء الصلوات: تعدّ الصلاة عمود الدين، والركن الثاني للإسلام، وهي من أهم العبادات التي يمكن أن يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، وتظهر العبودية في أدائها على أعظم شكل؛ إذ إنّ العبد يضع أشرف أعضائه على الأرض تعظيمًا لله عز وجل، ولا يضعها لأحد سواه، فيكون العبد أقرب ما يكون إلى الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم موضحًا أهميتها: [بين العبد وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة][١٠]، والصلاة تجدد بالصلة بالله فتعد تطهير لصفحة سابقة، وفتح لصفحة جديدة مع الله تعالى، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: [الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر].[١١][١٢]
- الصدقة: إنّ الصدقة تبرعكَ بشيء مباح في سبيل الله عز وجل دون تحديد نِصاب وزمان، ويدخل ضمن الصدقة أقوالكَ وأفعالكَ الحسنة المادية والمعنوية، وأموالكَ؛ كالأوراق النقدية والذهب والفضة، والحيوانات المركوبة والمأكولة، والأطعمة والمشروبات، والنباتات كالتمر والقمح، والجمادات كالملابس وأوقاف المباني والسيارات، وغيرها، قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[١٣].[١٤]
- صلاة التراويح: تعد صلاة التراويح جزءًا من قيام الليل في رمضان، وقد صلاها الرسول صلى الله عليه وسلم في الشهر الكريم، عن عائشة رضي الله تعالى عنها: [أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، فتشهد ثم قال: أما بعد، فإنه لم يخف علي مكانكم، لكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها][١٥][١٦]
- الاعتكاف: فالاعتكاف، وهو ملازمة المسجد لطاعة الله؛ لقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}[١٧]، والاعتكاف موجودٌ في الديانات السابقة كما هو في الإسلام؛ قال تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}[١٨]، والاعتكاف من أقرب وأفضل الطاعات، وهو سُنَّة في الشهر الكريم، وتتأكَّد سُنيَّته في العشر الأواخر منه، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر؛ ليتفرَّغ لطاعة الله عز وجل، ولإحياء ليلة القدر، التي مَنْ وُفِّق لقيامها إيمانًا واحتسابًا، فقد فاز وسعد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، فقد غُفِرَ له ما تَقدَّم من ذنبه][١٩][٢٠]
قد يُهِمُّكَ
للصيام فوائد عديدة مهمة لصحتكَ، ومنها:[٢١]
- إصلاح أعطاب جسمكَ.
- تحسين وظيفة الامتصاص والهضم في معدتكَ.
- تعزيز عمل أجهزة جسمكَ، وضبط السّوائل فيه.
- تحليل المواد الزائدة والترسبات المتنوعة داخل أنسجتكَ المريضة.
- إعادة الحيوية والشباب إلى الخلايا والأنسجة المتنوعة في بدنكَ.
- العمل على تقوية إدراككَ، وتوقد الذهن.
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 16، صحيح.
- ↑ "تعريف و معنى رمضان في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، almaany، اطّلع عليه بتاريخ 26-6-2020. بتصرّف.
- ↑ "سبب تسمية شهر رمضان وحكمه"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 26-6-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 183.
- ↑ رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبدالرحمن بن يزيد، الصفحة أو الرقم: 6/53، إسناده صحيح.
- ↑ "فضل شهر رمضان المبارك"، الموقع الرسمي لسماحة الشيخ الإمام بن باز، اطّلع عليه بتاريخ 27-6-2020. بتصرّف.
- ↑ "أقضل الأعمال والدعوات في رمضان"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 27-6-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1358، صحيح.
- ↑ "معنى الإيمان بالله "، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 27-6-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 2619، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 233، صحيح.
- ↑ "أهمية الصلاة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 27-6-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 261.
- ↑ "أهمية الصدقة للمسلم في الدنيا والآخرة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 27-6-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 924، صحيح.
- ↑ "صلاة التراويح"، طريق الإسلام، 28-6-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 187.
- ↑ سورة البقرة، آية: 125.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 7280، إسناده صحيح على شرط الشيخين.
- ↑ "الاعتكاف في شهر رمضان المبارك"، الألوكة، 28-6-2020. بتصرّف.
- ↑ "ماهي فوائد الصيام الصحية ؟"، islamonline، اطّلع عليه بتاريخ 28-6-2020. بتصرّف.