محتويات
كيف أتجنب المعاصي؟ إليك الطريق إلى ذلك
يغفر الله ذنوبك ما دمت تؤوب إليه وتعود، فالله يفرح بتوبة عبده أشد من فرحة من يجد ضالته وقد يَئس من ذلك، وإذا تُبتَ وأقبلت على الله فإن الله سيغفر لك ذنبك بإذنه سبحانه وتعالى مهما كان عظيمًا، قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[١]، وبفضله وكرمه سبحانه يبدل سيئاتك حسنات، قال تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[٢]، وفيما يأتي سنوضح لك طرقًا تُعينك على ترك المعاصي والابتعاد عنها وإخلاص التوبة إلى الله تعالى:[٣]
- اسأل اللهَ الثبات على الإسلام، فإن قلوب العباد بين يدي الله يقلبها كيف يشاء.
- داوم على الفرائض والواجبات والمأمورات، وخاصةً الصلوات الخمس في وقتها جماعةً، فهي تمنع وقوعك بما لا يُرضي الله تعالى، قال تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر}[٤].
- تذكر دائمًا أضرار المعاصي وسوء عاقبتها في الدين والدنيا والآخرة، فذلك يجعلك أشد تمسكًا بالطاعة، ويُبعِدُك عن ارتكاب ما نهاه الله.
- اتخذ لنفسك رفقةً صالحة تُعينك على الخير إذا عزمت عليه، وتُذكرك إن غَفِلت عنه.
- أكثِر من قراءة القرآن وتَدَبّر آياته، فهو شفاءٌ للصدور، وأهم سبيلٍ للبعد عن المعاصي.
وسائل تعينك على الثبات والاستقامة
إن الاستقامة هي نعمة من الله سبحانه وتعالى ينعم بها من يسعى لخدمة دينه والعمل له، والسبيل لتحقيقها والثبات عليها يكون ببعض الوسائل التي سنوضحها لك كما يأتي:[٥]
- الزم الدعاء: يعد الدعاء سبب هام وأساسي من أسباب التوفيق، كما أنه لا يَردُ القدر إلا الدعاء، لذلك احرص على استمرارية الدعاء لله تعالى، واسأله الثبات والاستقامة في الدين والدنيا، فقد كان عليه الصلاة والسلام يقول: [يا مُقَلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلوبَنا على دينِكَ][٦].الزم
- راجع الدافع العَقَدي: أي أن تتذكر دائمًا لماذا عليك الالتزام بأوامر الله، ولماذا تخاف الله وتعبده، فكل ذلك دافع للتقرّب إلى الله في كل الأوقات.
- لازم أهل الخير والصلاح: لما لهم من فضلٍ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[٧].
- استحضر الموت دائمًا: إن الموت قريب، وإن الإنسان يمكن أن يموت على كل حالٍ من الأحوال، وأن الحال الذي لا يُرضي الله ندمٌ وحسرة على صاحبه، لذا احرص على أن تكون مع الصالحين، وذكَر نفسك أن إيقاع الشيطان بك يجعلك تطيع عدوًا لله، مما يجعلك ترتكب المعاصي دائمًا لأنه ببساطة لا يأمُرُك إلى الخير أبدًا.
هل قبل الله توبتي؟ إليك دلائل قبول توبة العاصي
شَرَعَ الله تعالى لعباده الحرص دائمًا على طلب التوبة والابتعاد عن الذبوب والمعاصي، كما وضح لنا خالقنا بأنه يغفر الذنوب جميعًا إلا الشرك به سبحانه وتعالى، وإن من الشروط الواجب توافرها في التوبة إخلاص النية لله، والندم على فعل المعصية، والإقلاع عنها، والعزم على عدم العودة إليها، وألّا تكون في وقت لا تُقبَل فيه التوبة، أما إن كان الذنب الذي ارتكبته في حق شخصٍ ما فعليك أن ترد له حقه قبل فوات الآوان، ولتتأكد من أن توبتك قد قُبِلَت بإذن الله تعالى فهناك علامات ودلائل على رضا الله عنك؛ فإن رأيت في نفسك أنها تُثابر دائمًا لكسب طاعة الله تعالى والالتزام بأوامره، وتجنّب نواهيه، وأنك موفق للطاعات وعمل الخيرات فأبشر، فكل ذلك دليلٌ على رضا الله عنك وقبول توبتك، وإن رأيت في نفسك حب المعاصي والإصرار عليها، وعدم التوفيق لكثير من الخير، فهذا من دلائل غضب الله عليك، وعدم قبول توبتك.[٨]
قد يُهِمُّكَ: ما أثر الوقوع في المعاصي في الدنيا والآخرة؟
إن الذنوب والآثام وخيمة، وعاقبتها سيئة على المجتمع والفرد، وفيما يأتي سنوضح لك آثار وقوعها كما يلي:[٩]
- تُحدِث الذنوب والمعاصي في الأرض أنواعًا من الفساد، فسادٌ في الماء، والهواء، والزرع، والثِمار، وغيرها من شؤون الحياة العامة، قال الله تعالى:{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.[١٠]
- إن الذنوب والعاصي من الأسباب الجالبة لسخط الله تعالى، كحدوث الزلازل، والأعاصير، ووقوع الحروب، ونزول الأمراض، فهي تُزيل النِعم، وتورث النِقَم، قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}.[١١]
- يُصاب العاصي بذلٌ في الدنيا والآخرة؛ لأنه قطع صِلَتهُ بالله عز وجل، وخالف أمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-، قال الله تعالى: {وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ * وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ}[١٢]، وقال سليمان التميمي: "إنَّ الرَّجُلَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُصْبِحُ وَعَلَيْهِ مَذَلَّتُهُ"، ويقول الحسن البصري -رحمه الله- حين يرى العُصاة وذوي الجاه يتبخترون فوق البِغال: "إِنَّهُمْ وَإِنْ طَقْطَقَتْ بِهِمُ الْبِغَالُ، وَهَمْلَجَتْ بِهِمُ الْبَرَاذِينُ فَإِنَّ ذُلَّ الْمَعْصِيَةِ لَا يُفَارِقُ قُلُوبَهُمْ، أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُذِلَّ مِنْ عَصَاهُ".
- إن الذنوب والمعاصي سببٌ في حِرمانك من الرزق، فالرزق من الرزاق العليم، ويعطيه الله لعباده الطائعين ويبارك في أرزاقهم، كما أن الإيمان والطاعة والاستغفار كلها أسباب كسب الرزق، فإن الآثام والمعاصي تمحق البركة، والأرزاق، والأعمار، قال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}[١٣]، ويقول الله تعالى عن أهلِ سبأ: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ}[١٤].
المراجع
- ↑ سورة الزمر، آية:53
- ↑ سورة الفرقان، آية:70
- ↑ "نصائح للبعد عن المعاصي"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 17/1/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة العنكبوت، آية:45
- ↑ "ما هي المسائل التي تعين على الاستقامة والثبات؟"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 17/1/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن النواس بن سمعان الأنصاري، الصفحة أو الرقم:7988، صحيح.
- ↑ سورة الكهف، آية:28
- ↑ "دلائل قبول توبة العاصي"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 17/1/2021. بتصرّف.
- ↑ "خطبة: أثر الذنوب والمعاصي"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 17/1/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة الروم، آية:41
- ↑ سورة الشورى، آية:30
- ↑ سورة الشورى، آية:44-45
- ↑ سورة النحل، آية:112
- ↑ سورة سبأ، آية:15-17