حديث عن فضل الاستغفار

حديث عن فضل الاستغفار
حديث عن فضل الاستغفار

الاستغفار

يُعرف الاستغفار بأنه طلبٌ للمغفرة، وتدل السين والتاء في اللغة العربية على الطلب بعمومه، فعندما يقول العبد: أستغفر الله، أي أنه يطلب من الله تعالى المغفرة، كما في القول: أستعين بالله، أي أطلب منه جل وعلا العون، وقد ورد الاستغفار في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم في عدة مواطن، واحتمل الاستغفار في هذه المواطن شكلين: إما طلبًا للمغفرة وللتوبة على أمرٍ يستدعي ذلك (ارتكاب مخالفةٍ شرعية)، أو بعد أداء الطاعة وعلى كل حالٍ نمرُ به، وقد قال تعالى على لسان نبيه شعيب عليه السلام: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ...}[١]، وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً}[٢].

وكان عليه أفضل الصلاة والسلام يكثر من الاستغفار، فكان يستغفر عقب كل صلاة، وفي المجلس الواحد روي عنه أنه كان يستغفر أكثر من 70 مرة، قال صلى الله عليه وسلم: [من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب][٣].[٤]


أحاديث نبويّة عن فضل الاستغفار

تعددت الأحاديث الواردة في السنة النبوية عن فضل الاستغفار، ويمكن ذكر بعض منها في ما يلي:

  • قال أبو هريرة رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: [والله إنّي لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرّة][٥].
  • في رواية لأبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيّ صلّ الله عليه وسلّم أنّه قال: [وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لو لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لهمْ][٦].
  • قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: [إنَّا كنَّا لنعُدُّ في المجلسِ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ربِّ اغفِرْ لي وتُبْ عليَّ إنَّك أنت التَّوَّابُ الرَّحيمُ مئةَ مرَّةٍ][٧].
  • قال أنس رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: [قال اللهُ تعالى : يا ابنَ آدمَ! إنَّك ما دعوتَني ورجوتَني غفرتُ لكَ على ما كانَ منكَ ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ! لوْ بلغتْ ذنوبُك عنانَ السماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لكَ ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ! لوْ أنَّك أتيتَني بقُرَابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتَني لا تشركْ بي شيئًا لأتيتُك بقرابِها مغفرةً][٨].
  • وقال النبي صلى الله عليه وسلم: [إنَّ المؤمِنَ إذا أَذنَبَ كانتْ نُكتةٌ سَوداءُ في قلْبِه، فإنْ تابَ ونَزَعَ واستَغفرَ؛ صُقِلَ قلْبُه، وإنْ زادَ زادَتْ، حتَّى يَعلوَ قلْبَه ذاكَ الرَّينُ الَّذي ذَكَر اللهُ عزَّ وجلَّ في القرآنِ: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}][٩][١٠].
  • روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: [أنَّهُ قالَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أدْعُو به في صَلَاتِي، قالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، ولَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، فَاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِن عِندِكَ، وارْحَمْنِي إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ][١١].
  • عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: [قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا عائِشةُ، إنْ كُنتِ ألْمَمْتِ بذَنبٍ فاستَغْفِري اللهَ؛ فإنَّ التَّوبةَ مِن الذَّنبِ: النَّدَمُ والاستِغْفارُ][١٢].
  • روي عن ابن عمر رضي الله عنه: [كان يُعَدُّ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المَجْلِسِ الواحدِ مائةُ مَرَّةٍ من قبلِ أن يقومَ ربِّ اغفِرْ لي وتُبْ عليَّ إنك أنت التوابُ الغفورُ].
  • عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: [مَن أَحَبَّ أن تَسُرَّه صحيفتُه، فَلْيُكْثِرْ فيها من الاستغفارِ][١٣].


آيات قرآنية عن الاستغفار

تعددت الآيات الواردة في كتاب الله عن الاستغفار، إذ يمكن ذكر بعض هذه الآيات فيما يلي:[١٤]

  • قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرِ اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا}[١٥].
  • قال تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّـهَ يَجِدِ اللَّـهَ غَفُورًا رَّحِيمًا}[١٦].
  • قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّـهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[١٧].
  • قال تعالى: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ، يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّـهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}[١٨].
  • قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ، لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}[١٩].


صيغ الاستغفار المأثورة

يعد الاستغفار مقبولًا بأي صيغة طُلبت بها المغفرة والتوبة، وأفضلها ما خرج من القلب بخضوعه وخشوعه إلى الله سبحانه وتعالى، ويمكن الاستعانة بصيغ الاستغفار المأثور كما يلي:

  • قالَ رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: [إنَّ سيِّدَ الاستغفارِ أن يقولَ العبدُ اللَّهمَّ أنتَ ربِّي لا إلهَ إلَّا أنتَ خلقتَني وأنا عبدُكَ وأنا على عهدِكَ ووعدِكَ ما استطعتُ أعوذُ بكَ من شرِّ ما صنعتُ أبوءُ لكَ بذنبي وأبوءُ لكَ بنعمتِكَ عليَّ فاغفِر لي فإنَّهُ لا يغفرُ الذُّنوبَ إلَّا أنتَ فإن قالها حينَ يصبحُ موقنًا بها فماتَ دخلَ الجنَّةَ وإن قالها حينَ يمسي موقِنًا بها دخلَ الجنَّةَ][٢٠].
  • قالَ رَسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لأبي بكرٍ الصديق، قل يا أبا بكر: [اللهمَّ إني ظَلَمتُ نَفْسي ظلمًا كَثيرًا، وَلاَ يَغفر الذنوبَ إلا أنتَ، فَاغفرْ لي مَغفرَةً مِن عندكَ، وارحَمني، إنَّكَ أنتَ الغَفورُ الرحيم][١١].
  • سمع زيدٌ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: [مَن قالَ: أَستغفِر اللهَ الذي لا إلَهَ إلا هوَ الحَي القَيوم وَأَتوب إلَيه؛ غفر له وإنْ كانَ فَرَّ مِن الزحف][٢١].


أوقات الاستغفار

لا يوجد وقتًا محددًا للاستغفار، وإنما يكون في كلِ وقتٍ وحين، ولكن تتوفر بعض الأوقات التي يُستحب بها هذه الأقوال المأثورة، ومنها ما يلي:[٢٢]

  • بعد اقتراف ذنبٍ معين أو معصيةٍ ما، وهذا أفضل وقت في هذه الحالة، بل ويرى بعض العلماء أن الاستغفار في هذا الوقت يكون واجبًا، وفيه يعترف العبد لخالقه بذنبه ويكون فيه طلبٌ من الله سبحانه وتعالى أن يمحو عنه الذنب.
  • عقب الانتهاء من الطاعة، وعبّر الإمام ابن القيم رحمه الله عن سبب هذا حين قال: "إنّ ذلك لشهود العباد على تقصيرهم في أداء الطاعة، وترك القيام بها على الوجه الذي يليق بالله جلّ جلاله".
  • أوقات السَّحر، فبالإضافة لوقتين الخسوف والكسوف، وعند التقلّب في الفراش في أثناء فترات الليل والنهوض للتهجد.
  • يُستحب الاستغفار في الأذكار والأوراد الراتبة اليومية كالاستغفار بعد كل صلاة.


ثمار الاستغفار وفوائده

لجني ثمار الاستغفار المرجوّة، يتوجب على المسلم الاستغفار في جميع حالاته، قائمًا أو جالسًا أو مضطجعًا، بالسرّاء والضراء، ولا يزال لسانه رطبًا بالاستغفار وذكر الله حتى يشعر بسمو روحه، وحلاوة الإيمان والقرب من الله سبحانه وتعالى، ويعود الاستغفار بالعديد من الفوائد منها ما يلي:[٢٣]

  • يجلب الغيث للمستغفرين، ويجعل لهم جناتٍ وأنهارًا.
  • يجلب محبّة الله سبحانه وتعالى للعبد.
  • يُسهّل أداء الطاعات، ويفتح أبواب الرزق.
  • يُظلُّ المسلم في ظلّ العرش يوم القيامة.
  • يُصغّر الدنيا ويُحقّرها في قلب المسلم.
  • يُعين على تحصيل حلاوة الإيمان ولذّة الطاعة.
  • يُزيل الوحشة التي قد تتملّك العبد بينه وبين ربّه جلّ وعلا.
  • يُبعد عن المسلم شياطين الإنس والجنّ.
  • يكون سببًا في جلب الرزق من مالٍ وأولاد.
  • يُذهب الهمّ والغمّ من قلب المسلم.
  • يُحقّق طهارة الفرد والمجتمع من الأفعال السيئة.


المراجع

  1. سورة هود، آية: 52.
  2. سورة النصر، آية: 3.
  3. رواه ابن باز، في مجموع فتاوى ابن باز، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 210/11، صحيح.
  4. "الاستغفار...معناه وثمراته"، islamweb، 20-11-2002، اطّلع عليه بتاريخ 5-12-2019. بتصرّف.
  5. رواه البخاري ، في صيحي البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 6307، صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2749، صحيح.
  7. رواه الألباني، في صحيح الأدب المفرد، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 481، صحيح.
  8. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 6047، صحيح.
  9. سورة المطففين، آية: 14.
  10. رواه احمد شاكر، في مسند الإمام أحمد، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 15/98، إسناده صحيح.
  11. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو بكر الصديق، الصفحة أو الرقم: 834، صحيح.
  12. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 26279، صحيح دون قوله في حديث الإفك: "فإن التوبة من الذنب الندم والاستغفار".
  13. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3434، صحيح.
  14. "ما آيات الاستغفار في القرآن الكريم؟"، mafhome، اطّلع عليه بتاريخ 5-12-2019.
  15. سورة النساء، آية: 106.
  16. سورة النساء، آية: 110.
  17. سورة التحريم، آية: 8.
  18. سورة نوح، آية: 4.
  19. سورة فاطر، آية: 29.
  20. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 5537، صحيح.
  21. رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم: 2292، صحيح.
  22. عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي (19-2-2019)، "الاستغفار: أهميته وفوائده وأوقاته وصيغه"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 5-12-2019. بتصرّف.
  23. أحمد عرفة، "الاستغفار فضائله وفوائده"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 5-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :