حديث عن حسن الظن بالناس

حديث عن حسن الظن بالناس
حديث عن حسن الظن بالناس

حسن الظَّن

يُقصد بحسن الظّن لغة: الحُسُن في اللغة هو بخلاف القُبُح، فيقال رجل حسن أو امرأة حسنة، وحسنّت الشيء تحسينًا أيّ زيّنته، وهو يُحسِن الشيء أيّ يعمله بإتقان، والحَسَنة بخلاف السيئة، والمحاسن بخلاف المساوئ، أما معنى الظّن فهو الشك واليقين، ولكن ليس يقين العين ولكنه يقين تفكّر وتدبّر، وجمع كلمة ظنّ هو ظنون، أما معنى الظّن اصطلاحًا فهو الاعتقاد الراجح مع احتمال نقيض ذلك الإحتمال، أما معنى حسن الظّن في الاصطلاح فهو ترجيح جانب الخير على جانب السوء أو الشر،[١] والإسلام دين يدعو لحسن ظنّ المسلم في كلّ أقواله وأفعاله والابتعاد عن سوء الظّن بالناس، فدواخل الناس وخفاياهم لا يعلمها إلا الله تعالى، وقد دعت الكثير من الأحاديث النبوية والآيات القرآنية على حسن الظّن بالناس، بل عدّ الله تعالى من يسيء الظن بالناس يحاسب ويؤثم على سوء ظنّه، فقال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}[٢]، فسوء الظّن يؤدي إلى وقوع الخلافات والعداوات بين الناس ويقطّع الصلات والأرحام، فليس هنالك ما هو أريح وأفضل لكَ وأسعد لنفسك من حسن الظّن بالله وبالناس.[٣]


حديث عن حسن الظَّن بالناس

نهت الأحاديث النبويّة الشريفة عن سوء الظّن بالناس ودعت كافة الأحاديث إلى حسن الظّن، ففي الحديث النبوي عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [إيَّاكُمْ والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَدابَرُوا، ولا تَباغَضُوا، وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوانًا][٤]، فالأصل في المسلم ألا يُسيء الظّن بأخيه المسلم، وحتى لو ثبت سوء ظنّه بأخيه عليه أن يستر ما رأى وسمع ولا يغتب ولا يتحدّث فيما رأى ويستر عورة أخية كي يستره الله تعالى يوم القيامة، فكلنا معرّضون لأخطاء وذنوب نقع بها، فمن رأى من أخيه شيئًا فمن حسن الظّن أن يستر عليه، فسوء الظّن حرام كسوء القول، كما أنه ليس عليك أن تتحدث بلسانك عن مساؤى غيرك، فلا يجوز أن تحدّث نفسك وتسيء الظّن بأخيك المسلم مهما كانت الأسباب، وسوء الظّن محرّم إذا توافرت فيه عدد من الشروط وهي؛ أن يُساء الظّن بشخص مسلم، وأن يستقر سوء الظن في النفس تجاه أخيه المسلم فيبدأ بمعاملته وفقًا لسوء ظنّه دون التثبت من ذلك، وأن يكون المتهم الذي سِيء الظن به ظاهره الصلاح والعدالة؛ أيّ أنه غير مرتكب لكبيرة من الكبائر وغير مصر على صغيرة، أما ما يتعلّق فيما بينه وبين الله تعالى فلا شأن للعباد بذلك، وهي أمور لا يعلمها إلا الله تعالى، ومن فضائل حسن الظّن في الدنيا والآخرة؛ حسن الظّن يؤدي إلى تدعيم الروابط والعلاقات بين الناس، وتوطيد روابط المحبة والألفة بين أبناء المجتمع الواحد، فلا تحمل الصدور غلًاّ ولا حقدًا ولا بغضًا تجاه بعضها البعض، فلا يطمع بهم الأعداء ولا يستطيعوا تفرقتهم أو تطبيق مخططاتهم عليهم، أما سوء الظن فإنه يدفع صاحبه إلى تتبع عورات الناس والبحث عن زلاتهم وخطاياهم فيعرّض نفسه لغضب الله تعالى وعقابه وسخطه، ويزرع الشقاق والنزاع بين المسلمين، ويقطع حبال الأخوة ووشائج وصلات الألفة والمودة، لذلك دعا الله تعالى ورسوله الكريم إلى حسن الظّن لأنه من حسن العبادة كما جاء في الحديث الشريف:[ إنَّ حُسنَ الظَّنِّ مِن حُسنِ العبادةِ][٥][٦].


كيفيّة حسن الظن بالناس

توجد العديد من الأمور التي تساعدك في إحسان ظنك بالغير، ومن أهم هذه الأمور:[٧]

  • الابتعاد عن مراقبة الناس: فلا يجب على المسلم أن يلتفت لأفعال الناس وأقوالهم ويراقبهم بكلّ صغيرة وكبيرة ويتتبع عوراتهم، بل الواجب أن يصلح نفسه ويرتقي إلى مراتب الأخلاق العالية والآداب الإسلاميّة.[٧]
  • استحضار عقوبة سوء الظن: فعلى المسلم أن يدرك عقوبة سوء الظن بالناس، وأن يتدبر الأحاديث والآيات الكريمة التي تحث على حسن الظن ويعوّد نفسه على حسن الظّن بالناس في كلّ أقواله وأفعاله.[٧]
  • النظر في جوانب الخير في الناس: فالغالب على البشر أن يكون فيهم جانب الخير وجانب الشر، فلا يجوز تغليب سيئات الشخص على حسناته التي قد تكون أعظم وأكثر بكثير من سيئاته، فقد أمرنا الله تعالى بالعدل والقسط.[٧]
  • مراعاة الشخص وإكرامه: حتى لو تأكدت من سوء ظنّك بالشخص فعليك إكرامه ومراعاته ونصحه في السرّ وعدم اغتيابه لإغاظة الشيطان حتى لا يوقعك بذلك مرة أخرى.[٧]
  • إنزال النفس منزلة الغير: عليك أن تضع نفسك في موضع أخيك المسلم، فأنت لا تعرف ظروفه، ولا تغتر بنفسك وتشعر بأنك منزه عن الخطأ والذنوب، وهذا ما يدعوك لحسن الظّن.[٦]
  • التماس الأعذار للآخرين: فعند صدور قول أو فعل من أخيك يُضِيق صدرك عليك التمس له العذر، وكذلك كان يفعل الصالحين من قبل، فقد قالوا: التمس لأخاك سبعين عذرًا.[٦]
  • تجنّب الحكم على النيات: فنوايا الناس وسرائرهم لا يعلمها إلا الله تعالى، ومما يعينك على حسن الظّن بالناس هو تجنّب الحكم على نياتهم دون تثبت من ذلك.[٦]


قد يُهِمُّك

حسن الظّن بالله تعالى هو من العبادات الجليلة التي ينبغي على المسلم أن يتبعها في حياته ويملأ قلبه بها ويسير عليها في رزقه ودعائه وحياته وكلّ أموره، كما يجبر كسر المسلم، ويولد بعد عسره يُسرا، ويريح قلبه وعقله، ويزرع البسمة على شفاهه، ويطمئِنه بأنه له جنة عرضها كعرض السموات والأرض أعدها الله تعالى لعباده الصابرين ومحسني الظّن به، فمن ظنّ بالله خيرًا أفاض عليه من خيراته وكرمه وأدهشه بعطائه بما يفوق خياله، فالله تعالى يُعامل العباد حسب ظنونهم ويفعل بهم ما يتوقعونه، فإذا دعوت فكن موقنًا بإجابة دعائك، وإذا أنفقت فظن بالله خيرًا أنه سيعوّضك، وإذا استغفرت الله تعالى فتأكد بأن الله تعالى سيغفر لك الذنب وسيبدل سيئاتك حسنات، ويتأكد حسن ظن العبد بربه عند الأزمات والمصائب، وضيق العيش، وكثرة الفتن، وتقلّب الحال، وقد ذكر القرآن الكريم حال الأنبياء وحسن ظنّهم بالله تعالى في المصائب ويقينهم وثقتهم بوعده، وعند الدعاء أيضًا يتأكد حسن ظن العبد بربه فمن كانت علاقته قوية بدعاء ربه هانت عليه المصائب، وتيسّرت له الطرق، وبارك الله له في كلّ طريق يسلكه، وعند التوبة أيضًا يتأكد حسن ظن العبد بربه فيوقن المسلم بأن رحمة الله واسعة، وأنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن سيئاتهم، وحتى عند الاحتضار يتأكد حسن الظّن بالله، ففي الحديث الشريف عن جابر بن عبدالله عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قَبْلَ مَوْتِهِ بثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يقولُ: لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهو يُحْسِنُ الظَّنَّ باللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ][٨][٩].


المراجع

  1. "معنى حُسْن الظَّن لغةً واصطلاحًا"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 27-6-2020. بتصرّف.
  2. سورة الحجرات، آية: 12.
  3. د. بدر عبد الحميد هميسه، "حسن الظن بالناس"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 27-6-2020. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 6064، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
  5. رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد ، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 15/184، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح.
  6. ^ أ ب ت ث الشيخ محمد كامل السيد رباح، "حسن الظن بالناس علامة الفطرة السليمة"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 27-6-2020. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت ث ج "كيف تجتنب ظن السوء بالناس ؟"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 27-6-2020. بتصرّف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 2877، خلاصة حكم المحدث : [صحيح] .
  9. "حسن الظن بالله.. عبادة وسعادة"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 27-6-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :