محتويات
ما المقصود بعالمية الإسلام؟
جاءت الرسالة المحمدية خاتمة للرسالات السماوية التي أنزلها الله على رسله كافة، ومهيمنة عليها جميعًا وذلك ما جعلها رسالة عالمية، ويُقصد بذلك أنها رسالة شاملة ممتدة في الزمان والمكان، ليست مخصصة لجيل دون غيره، أو لعصر أو قرن دون غيره، وإنما جاءت للزمن كله لتكمل للمسلمين دينهم بعد العديد من الرسالات التي تنزلت على أنبياء الله ورسله عليهم صلواته وسلامه أجمعين، كما أن رسالة الإسلام لم تكن للعرب وحدهم على الرغم من أنها تنزلت في الجزيرة العربية، وإنما هي رسالة للناس أجمعين، كما أن رسالة الإسلام لم تقتصر على عالم الإنس وحسب وإنما الجن أيضًا.[١]
ولقد أنزل الله القرآن الكريم للمسلمين كمنهج كامل شامل لكافة تفاصيل حياتهم، لييسر لهم أمور حياتهم ويرشدهم إلى الطريق القويم، وما ميز القرآن أنه صالح لكل مكان وزمان فحتى بعد انقطاع نزول الوحي لا يزال الناس قادرين على العودة إليه لاستقاء أحكام الحياة وحل جميع المشاكل، وهو ما يؤكد على عالمية الديانة الإسلامية ونظرتها المتساوية للناس كافة، وانطلاقًا من هذا المبدأ والتكليف فقد انطلق المسلمون في الأرض ليضيئوا الدنيا بأفكار عقيدتهم، وليدعون إخوتهم للهداية والخروج من الظلمات إلى النور، فوصلوا إلى سمرقند وبلاد المغرب العربي والهند والصين والأندلس وغيرها، ومن هؤلاء الأعلام نذكر قتيبة بن مسلم، وعمر بن عبد العزيز، ويوسف بن تاشفين، والبخاري، وصلاح الدين الأيوبي وغيرهم.[٢]
تأكيد القرآن على عالمية الإسلام
يمكنك الاستدلال على عالمية الإسلام من خلال العديد من الشواهد والقرائن التي تلمسها في واقع الحياة اليوم، ولكن أبرزها وأهمها على الإطلاق هو ما جاء في القرآن الكريم، وهو مصدر التشريع الأول لهذه الشريعة، ومنه نستخرج الدلائل التالية:[٣]
- ما جاء في سورة البقرة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿٢١﴾ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّـهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٢٢﴾}[٤]، ويؤكد هذا الخطاب أن الإسلام رسالة للناس أجمعين، وأن التوجيهات جاءت للخليقة كافة.
- ما جاء في سورة الحجرات في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[٥]، فالتوجيهات والتشريعات القرآنية جاءت لإصلاح حال الناس جميعًا سواء أكانوا مسلمين أو غير مسلمين، فلو طُبّقَت أحكام القرآن ومنهج الدين لعاشت البشرية في سعادة تامة.
- ما جاء في سورة القلم في قوله تعالى: {وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ}[٦]، والعالمين في الآية تعني كل ما خلقه الله فهو رب كل شيء، وهو جامع كل عالَم، والجمع في هذه الحالة يشمل كل شيء.
تعرف على دلائل عالمية الإسلام
يدّعي البعض بأن الإسلام دين يختص بالمسلمين وحسب، أولئك الذين يتركزون في منطقة الجنوب الغربي من قارة آسيا ومنطقة شمال أفريقيا بشكل أساسي، ولكن تلك مزاعم باطلة نؤكد نقيضها بما يلي:[٧]
- عالمية الدين لا تحددها الآراء والأهواء والأقوال، وإنما الثوابت الحاضرة على مر التاريخ ومنها نصوص القرآن الكريم وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ومكاتبته لملوك الفرس والروم وغيرهم، وتاريخ الفتوحات الإسلامية، ونصوص الكتب السابقة التي تؤكد عالمية الإسلام.
- ضعف الدلائل التي استند إليها المشككون بعالمية الإسلام، بل وتفنيدها مع الزمن ومنها بداوة الأمة الإسلامية التي لا تصلح للمدينة، فقد صنعت الحضارة الإسلامية العراقة والمدنية والرقي والعلوم والمعارف التي جعلتها عَلمًا في كل الحضارات اللاحقة.
- التفضيل في الرسالة الإسلامية يأتي بناء على ميزة وحيدة وهي التقوى لا على جنس أو نوع، مما يعني أن الإسلام رسالة نفسية إنسانية عالمية تعالج أرواح الناس ونفوسهم في كل زمان ومكان.
- مرونة الدين الإسلامي، إذ يعتمد على الأصول والفروع وهي الثوابت والمتغيّرات، فأما الأصول فهي ثابتة في كل عصر، وأما الفروع فيمكن الاجتهاد بها من قِبل العلماء بما يتناسب مع الزمان والمكان، وذلك يعني شموليته وصلاحه لكل دولة ولكل وقت.
- الإسلام هو الذي بعث أمة العرب وأخرجها من الظلمة إلى العالم، ومنح العرب هويتهم الخاصة والطابع المميز الذي يتصل بعروبتهم.
واجبك لتأكيد مفهوم عالمية الإسلام
يتعرّض الإسلام اليوم للكثير من الهجمات التي تحاول زرع القلق والاضطراب الفكري والضياع في شخصية المسلم، مما يولّد الصراع ويفتح الباب أمام الفساد الأخلاقي بما يفقد المسلم هويته وفكره وسلوكه، وبالتالي فإن هنالك الكثير من المسؤولية عليكَ تجاه هذا الدين للتأكيد على عالميته، وفيما يلي سنطلعك على واجباتك تجاه دينك الإسلام لتؤكد عالميته وصلاحه للناس جميعًا:[٨]
- تحسس مخاطر مهاجمة عالمية الإسلام، واحمِ نفسك وأسرتك ومجتمعك من الخطر الذي تحرص الحضارة المعاصرة على غرسه في الأذهان، متمثلًا في توهين القيم الفكرية والروحية.
- واجه المستشرقين الذين يدورون أقطار العالم حاملين مشاعل المحبة والسلام في الظاهر وهم ينخرون عظام الأمة الإسلامية، وتكون مواجهتهم بالحجة والعلم والحوار الجاد الفاعل.
- تعرف على خصائص وسمات الحضارة الإسلامية والتي تميزها عن غيرها من الحضارات القديمة والمعاصرة، واحرص على المجاهدة باستخدام كافة الوسائل التي تمكنكَ من تقديم الدلائل على عالمية الإسلام وجوهره للإنسانية جمعاء.
- تعرف على الذات المُسلمة لكل مسلم، ومسؤوليته الكونية والإنسانية، وطبيعة الاستخلاف العمراني الذي كلفه الله وسيحاسبه عليه.
- تعرّف على الخصائص التي جعلت الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس أجمعين كما قال الله في كتابه العزيز، في الوقت الذي عجزت فيه الحضارات الأخرى على أن تكون حضارات عادلة وإنسانية كالحضارة الإسلامية.
- احرص على إظهار شمولية الإسلام واتساعه لكل العقائد والمنظومات الحضارية وانفتاحه على الآخر وأفكاره مهما كانت.
مَعْلومَة: الفرق بين العالمية والعولمة
من المؤكد أنك سمعت بمصطلح العولمة من قبل، وقد تكون من الأشخاص الذين يخلطون بين مفهومي العالمية والعولمة، ولا يميزون بينهم، وأما العالمية فقد أوضحنا معناها بشكل مفصل في المقال وبأنها تعني عدم الانحصار في مكان معين أو إقليم وإنما تشمل العالم بأسره من حيث الانتشار والبقعة الجغرافية، وأما العولمة فهي عملية اقتصادية واجتماعية ذات أبعاد متعددة، ظهرت في أواخر سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن الماضي، وترتبط بها مجموعة من الظواهر الاقتصادية والسياسية والبيئية، ومع أن جذور مفهوم العولمة أقدم من مفهوم العالمية إلا أنه أصبح يُستخدم للتعبير عن الالتزام الأيدولوجي لصالح عملية العولمة، ولتفهم مصطلح العولمة أكثر تعرّف على خصائصها التالية التي وصفها بعض الخبراء:[٩]
- العولمة هي زيادة التكامل الاقتصادي أو الاعتماد المتبادل في الاقتصاد العالمي، ما يعني تكامل السكان المحليين وأجزاء مختلفة من العالم في عملية الإنتاج الاقتصادي.
- العولمة هي الدور الرئيسي الذي تلعبه الوسائل الإلكترونية للاتصال ونقل المعلومات لتسهيل التكامل الجديد للاقتصاد العالمي.
- تؤكد العولمة على الأهمية المتزايدة للأسواق العالمية في المال ورأس المال في الاقتصاد العالمي.
- يترتب على العولمة هجرة السكان دوليًا للاستجابة لفرص العمل الجديدة التي أوجدها تطور الاقتصاد العالمي.
- تصف العولمة الترابط بين اقتصادات العالم وليس الاقتصاد فحسب بل الثقافات والسكان، وينتج هذا الترابط عن التجارة عبر الحدود في السلع والخدمات، والتكنولوجيا، وتدفق الاستثمار، والمعلومات.[١٠]
المراجع
- ↑ "عالمية الإسلام ومجالاتها"، الجزيرة، اطّلع عليه بتاريخ 8/12/2020. بتصرّف.
- ↑ "عالمية الإسلام "، الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 9/12/2020. بتصرّف.
- ↑ "عالمية الإسلام"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 8/12/2020. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:21 -22
- ↑ سورة الحجرات ، آية:13
- ↑ سورة القلم ، آية:52
- ↑ "الرد على شبهات حول الإسلام "، بيان الإسلام ، اطّلع عليه بتاريخ 8/12/2020. بتصرّف.
- ↑ "واجب المسلمين نحو الحضارة الإسلامية"، الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 8/12/2020. بتصرّف.
- ↑ "GLOBALISM AND GLOBALIZATION", encyclopedia, Retrieved 11/12/2020. Edited.
- ↑ "What Is Globalization?", piie, Retrieved 11/12/2020. Edited.