لماذا سميت معركة ذات السلاسل بهذا الاسم

معارك المسلمين

بعدما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بسنة واحدة، وتحديدًا في أوائل شهر محرم من العام الثاني عشر للهجرة، وقعت معركة ذات السلاسل، وذلك بين المسلمين يقودهم خالد بن الوليد رضي الله عنه، والفرس يقودهم هرمز، وانتهت المعركة بانتصار الجيش الإسلامي.

وقد كانت الدولة الإسلامية في عهد خلافة أبي بكر الصديق، واقعة بين فكيّ أقوى دولتين في العالم في ذلك الوقت؛ وهما دولة الفرس من جهة الشرق، في أرض العراق وإيران، ودولة الروم النصرانية من جهة الشمال، وقد قرر أبو بكر الصديق البدء بالفتوحات الإسلامية مبتدءًا بالجبهة العراقية، فأمر قائده خالد بن الوليد رضي الله عنه، بالتوجه لفتح العراق، ووضع أبو بكر خطة عسكرية هجومية مُحكمة، إذ أمر خالد رضي الله عنه بالهجوم على العراق من جهة الجنوب، وفي نفس الوقت أمر قائدًا آخر، وهو عياض بن غنم، بالهجوم من جهة الشمال، ليشكّل بذلك الجيش الإسلامي كمّاشة على العدو، وقال لهما أبو بكر: من وصل منكما أولًا إلى (الحِيرة) واحتلها، فهو الأمير على كل الجيوش بالعراق، فأنشأ ذلك نوعًا من التنافس الشريف والمشروع بين القائدين، مما يحفز هممهم ويثير الحماسة في قلوبهم، وهذا تنافس محمود، يصبّ في مصلحة الدولة الإسلامية.[١]


معركة ذات السلاسل

  • خطة خالد رضي الله عنه بن الوليد رضي الله عنه: لقد قسّم خالد رضي الله عنه جيشه إلى ثلاث فرق لتسلك طرقًا مختلفة، فأرسل الفرقة الأولى في اليوم الأول، يقودها المثنى بن حارثة، ثم أرسل الفرقة الثانية في اليوم الثاني، يقودها عاصم بن عمرو التميمي، وجعله على الميمنة، أما الفرقة الثالثة أرسلها خالد بن الوليد رضي الله عنه في اليوم الثالث يقودها عدي بن حاتم، وجعله على الميسرة، لكن في اليوم الرابع خرج خالد بن الوليد رضي الله عنه بنفسه على مقدمة الجيش، وواعد هذه الفرق جميعها عند الحفير في يوم محدد، وقد قسّم خالد بن الوليد رضي الله عنه الجيش إلى هذه الفرق الثلاث لعدة أغراض، أهمها:[٢]
    • الاستفادة بأكبر كمّية من مياه الآبار، الموجودة في الطرق التي ستمر بها الفرق.
    • محاولة للتغطية والتعتيم على عيون الفرس وجواسيسهم، فلا يستطيعون بذلك معرفة وجهة الجيش الإسلامي بالضبط، ولا حتى عدده، حتى تظلّ قوات الجيش الفارسي، في حِيرة من أمرها، وبالنتيجة يتفاجؤون بالواقع أمامهم.
  • حرب الاستنزاف: لقد كانت منطقة كاظمة هي وجهة هرمز الأولى، لكنّ عيونه أدركت أن خالد بن الوليد رضي الله عنه سوف يتوجه بجيوشه شمالًا باتجاه الحفير، ولن يتوجه بها إلى كاظمة، مما دفع القائد هرمز إلى العدول عن وجهته، واتجه مسرعًا نحو الحفير، التي يقصدها خالد رضي الله عنه، فعسكر هرمز فيها، ورتّب جيوشه فيها، وذلك قبل وصول خالد رضي الله عنه إليها بالمقابل، فقد اكتُشف أن القائد هرمز قد وصل إلى الحفير وعسكر فيها، وربما أراد خالد بن الوليد رضي الله عنه أن يرهق جيش الفرس، أو ربما أنه لم يرد أن ينزل عليهم، وقد تجهزوا لملاقاته، فكان من خالد رضي الله عنه أن غيَّر مساره، وحوّل جيشه إلى كاظمة عندما علم هرمز بهذا الأمر استشاط غضبًا، وأسرع بجيشه إلى منطقة كاظمة، وذلك لملاقاة خالد بن الوليد رضي الله عنه فيها، وبذلك وصل الجيشان جيش خالد رضي الله عنه وجيش هرمز الكاظمة في وقت واحد، وكسب خالد رضي الله عنه بذلك أنه قد فوّت على الفرس فرص تجهيز الجيش قبل وصوله، كما فعلوا في الحفير.[٢]


سبب تسمية معركة ذات السلاسل

لم يكن هرمز يعتقد الولاء في جنده، ولم يكن يضمن ثباتهم في المعركة؛ إذ إنه يعلم أنهم يحبون الحياة، ويكرهون الموت، على العكس من المسلمين، فقد وصفهم خالد بن الوليد رضي الله عنه في مراسلاته مع هرمز بأنهم قوم يحبون الموت، كما يحب أهل فارس الحياة، فما كان من قائد الفرس هرمز، إلا أن قرر قرارًا عجيبًا، يضمن فيه عدم فرار جيشه، وهو أن يربط كل عشرة من الجنود الفرس بسلسلة فيما بينهم، فإذا فكّر واحد منهم، أو اثنان في الهرب، فلن يستطيعا، إلا إذا هرب الجنود العشرة المربوطين بالسلسلة جميعهم، وهذا مستبعد -لذلك فقد سميّت المعركة بذات السلاسل- ثم بعد ذلك جهّز هرمز قواته، فجعل على الميمنة قباذ، وعلى الميسرة أنوشجان، ووقف هو في مقدمة الجيش منتظرًا خالد بن الوليد رضي الله عنه، أما خالد رضي الله عنه فقد عسكر على الجانب الآخر، مقابل جيش فارس، مرتقبًا لقاء الفرس.[٢]


معركة سلاسل الموت

خرج قادة المعركة للمبارزة، فخرج القائد هرمز لمبارزة القائد خالد بن الوليد رضي الله عنه، وكان هرمز رجلًا شديد الكفر والخيانة، إذ إنه اتفق مع مجموعة من فرسانه، على الهجوم على خالد رضي الله عنه والفتك به أثناء المبارزة، وبالفعل بدأت المبارزة، ولم يكن يعرف عن خالد بن الوليد رضي الله عنه أنه هزم قط في مبارزة، سواء كانت قبل الإسلام أو بعده، وقبل أن تنفّذ مجموعة الفرس الغادرة بتنفيذ اما اتّفقوا عليه من شر، وقد تنبّه أحد أبطال المسلمين الكبار لهذا الأمر، وهو البطل الفذّ القعقاع بن عمرو التميمي، فخرج مسرعًا من بين الصفوف، وانقضّ على مجموعة الغدر، كالأسد الضاري فقتلهم جميعًا، وفي الوقت نفسه، أجهز خالد بن الوليد رضي الله عنه على الخائن هرمز وقتله، وكان لقتل قائد الفرس وقعاً شديدًا في نفوسهم، فقد انفرط عقدهم، واختلّ نظامهم لمقتل قائدهم، فولّوا الأدبار هاربين، فتبعهم المسلمون، وركبوا أكتافهم، وأخذوا بأقفيتهم، واستطاعوا قتل أكثر من ثلاثين ألفًا منهم، وغرق أيضًا الكثير منهم في نهر الفرات، وقُتل المربوطون بالسلاسل جميعهم، وكانت هذه هزيمة مدويّة على قوى الكفر، وفرّ باقي الجيش.[٣]


المراجع

  1. أحمد مراد (19-7-2013)، "18 ألف مسلم كسروا جحافل الفرس في معركة «ذات السلاسل»"، alittihad، اطّلع عليه بتاريخ 29-6-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت أ.د.راغب السرجاني (1-5-2006)، "بداية فتوحات العراق"، islamstory، اطّلع عليه بتاريخ 29-6-2019. بتصرّف.
  3. "معركة ذات السلاسل"، marefa، 21-8-2017، اطّلع عليه بتاريخ 29-6-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :