محتويات
صلاة الاستسقاء
تعرف صلاة الاستسقاء بأنّها صلاة نافلة لها كيفية خاصة بها، وتُصلى لطلب السقيا من الله عز وجل عند حدوث الجدب والقحط بإنزال المطر، فإذا قحط الناس، وأجدبت الأرض، واحتبس المطر، يُستحب عند الجمهور خروج الإمام ومعه الناس إلى المصلى ليصلي بهم ركعتين، ويخطب بهم ويدعو الله بخشوع وتضرع، ويجوز أن تكون الخطبة قبل الصلاة أو بعدها، فالأمر فيه سعة ويستحب أن تكون الخطبة مناسبة للحديث، وأن يظهر فيها الافتقار والندم والتوبة إلى الله تعالى، عن عبد الله بن زيد قال : [رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي، قالَ: فَحَوَّلَ إلى النَّاسِ ظَهْرَهُ، واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ يَدْعُو، ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِما بالقِرَاءَةِ]،[١].
يُفضل أن تُؤدى صلاة الاستسقاء في العراء خارج المصلى، ويجوز أن تُؤدى في المسجد ويكون وقت الصلاة في كل وقت عدا في أوقات النهي، وقيل أنّها تُصلى من بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح، وذلك بعد طلوع الشمس بربع ساعة تقريبا إلى الزوال أيّ أنّها تصلى في وقت صلاة العيد.
أما كيفية صلاة الاستسقاء؛ فرأي الجمهور فيها أنّها تُصلى كصلاة العيد، وتكون في جماعة ولا بأس لمن فاتته الصلاة أن يُصليها منفردًا ويدعو بنزول المطر، ومن سنن الاستسقاء خروج الناس مع الإمام إلى المصلى متواضعين متضرعين، وأن يدعو الإمام ويكثر المسألة قائمًا مستقبلًا القبلة رافعًا يديه مبالغًا في رفعهما جاعلًا ظهور كفيه إلى السماء، ويرفع الناس أيديهم ويحول الإمام رداءه، أيّ أن يجعل ما على يمينه من رداءه على يساره والعكس، وقيل يستحب أن يقلب ظهر ردائه لبطنه وبطنه لظهره، وممّا يجب معرفته أنّ الاستسقاء جائز من غير صلاة مخصوصة، فقد استسقى النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة من غير صلاة، كما استسقى في المسجد في غير الجمعة من غير صلاة .[٢]
كيفية صلاة الاستسقاء
أمّا عن كيفية صلاة الاستسقاء فيسن قبل الإقبال على الصلاة تذكير الناس بالتوبة، والاستغفار، ورد المظالم، ومصالحة الخصوم، وصوم ثلاثة أيام متتابعات ثم يخرج الناس في اليوم الرابع وهم صائمون، وذلك لأنّ دعاء الصائم يكون أقرب للإجابة، يخرج المسلمون في ثياب ليست من ثياب الزينة ثم يصلي بهم ركعتين كصلاة العيد يكبر الإمام في الركعة الأولى سبع تكبيرات سوى تكبيرة الإحرام، وفي الركعة الثانية يكبر خمس تكبيرات سوى تكبيرة القيام.
ويقرأ الإمام في الركعة الأولى ب(سبّح) و(الغاشية) بعد الفاتحة وفي الركعة الثانية يقرأ ب(الجمعة) و(المنافقين) بعد الفاتحة، وإن قرأ الإمام بغير ذلك بعد الفاتحة فلا بأس، ثم يخطب الإمام خطبتين كخطبتي العيد إلا أنه يستغفر بدلًا من التكبير، وإن خطب قبل الصلاة فقد فعلها النبي عليه السلام، ويستغفر في الركعة الأولى تسع مرات، وفي الركعة الثانية سبع تكبيرات فيقول: (أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو وأتوب إليه)، ثم يعظّ الإمام المسلمين، ويكثر من الاستغفار والصلاة على النبي عليه السلام في الخطبتين ويدعو الله أن يرزق الناس الغيث، وأمّا صلاة الاستسقاء بعد صلاة الجمعة، فلا حرج فيها وذهب جمهور الفقهاء على جواز إقامة صلاة الاستسقاء في أيّ وقت .[٣][٤]
الحكمة من صلاة الاستسقاء
من أعظم نعم الله التي أنعم بها علينا الماء ونزول المطر من السماء، الله هو المتصرف بالمطر نزوله وانقطاعه بيده سبحانه قال تعالى {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد}،[٥] فالماء رحمة من الله لجميع الخلائق، وأمرنا الله عز وجل في حال شح الأمطار، أن نتضرع له ونلجأ إليه بالتوبة، والتضرع، والاستغفار قال تعالى {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا* ويمددكم بأموالٍ وبنين ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم أنهارا}،[٦]
إنّ الحكمة من صلاة الاستسقاء تكمن في الرجوع إلى الله، ومراجعة المسلمين أنفسهم وأخطاءهم التي اقترفوها، التي تمنع الغيث عنهم، فالله هو الذي يعلم السرّ وما أخفى؛ إذ تحتاج هذه الصلاة إلى نفوس خاشعة مستغفرة، تدعو الله صدقًا ويقينًا، وإنّ الله سيستجيب لدعائها لا محالة.[٧]
حكم صلاة الاستسقاء
صلاة الاستسقاء هي سنة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم عندما أجدبت المدينة المنورة، وقد خرج بالناس بعد ارتفاع الشمس، وصلى بهم ركعتين مثل صلاة العيد، والسنة أن يصلي ركعتين ثم يخطب الناس ويذكرهم ويكثر في خطبته من الدعاء ويسأل الله الغيث، وإنّ خطب الإمام قبل الصلاة فقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، والسنة أن يقوم بها المسلمون عند الجدب في كل مكان بحسبه، فإذا أجدبت الأرض في الشمال مثلًا استسقوا ولو لم تستسقي الجهة الأخرى، ويستسقي الأئمة الخطباء في الجمعة في خطبة الجمعة أو يخرج أمير البلد، وقضاتها، والمسلمون، ويُصلون ركعتين، وليس من شرط الصلاة إذن وليّ الأمر، ويجوز تكرير الاستسقاء مرتين وثلاث مرات، ما دام الجدب موجود ولو صلاها عدة مرات في شهر واحد أو شهرين كل سنة، كما يُسن الاستسقاء في خطبة الجمعة، فقد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم .[٤]
قد يُهِمُّكَ
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأمور التي كان يقولها ويفعلها إذا نزل المطر فقد جاء عن عَائِشَةَ رضي الله عنها [أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا رَأَى المَطَرَ، قالَ: اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا][٨] والصيب هو ما سال من المطر وجرى، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أنه قال : [أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَطَرٌ ، قَالَ : فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَهُ ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا ؟ قَالَ : ( لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى )][٩] فيُستحب للمسلم التعرض للمطر، وأن يُصيب شيئًا من بدنه، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد المطر قال: [اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا ، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ]،[١٠] ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم شيء من الأذكار أو الأدعية عند رؤيته للبرق .[١١]
المراجع
- ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن زيد، الصفحة أو الرقم: 1025 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ "صلاة الاستسقاء: تعريفها وحكمها ومكانها وصفتها"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-10. بتصرّف.
- ↑ "صفة صلاة الاستسقاء"، aliftaa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-9. بتصرّف.
- ^ أ ب "حكم صلاة الاستسقاء وكيفيتها"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-9. بتصرّف.
- ↑ سورة الشورى، آية: 28.
- ↑ سورة نوح، آية: 10-11-12.
- ↑ "الحكمة والأسباب من إقامة صلاة الإستسقاء", almrsal, Retrieved 10-6-2020. Edited.
- ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1032 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 898، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1014 ، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ↑ "هل يستحب الدعاء عند نزول المطر ؟ وماذا يقال عند نزوله وعند سماع الرعد ؟"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-10. بتصرّف.