عمر بن الخطاب
هو أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، وقد ولد سنة 40 قبل الهجرة، وجاء مولده بعد المولد النبوي ب 13 عامًا، وهو أحد الصحابة الذين اشتُهرت سيرتهم بين المسلمين، فقد كان رضوان الله عليه من الصحاب المقربين للرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان إسلامه بفعل دعوة من النبي وقد استجاب الله سبحانه وتعالى لهذه الدعوة، نشأ سيدنا عمر في مكة وكان من خيرة رجالها ونسبه من قبيلة مخزوم التي تولّت أمور الدفاع والأمن في مكة، فكانت قريش تُقسِّم على قبائلها الأعمال كل قبيلة تختص بشيء معين، فهو بذلك رجل نشأ في جو الفروسية فاشتد عوده وقوي صلبه، وأعانه على ذلك عمله في رعي الأبل في بيئة حارة وغليظة، ثم تعلم التجارة وأتقنها فكان يرتاد الأسواق ويتاجر بها معتمدًا على نفسه حتى وصل به الحال في السفر في قوافل الشتاء والصيف إلى الشام واليمن، وقد أعلى من شأن نفسه فكان رجل ذا هيبةٍ ووقار، فسلمته قريش أمور السفارة، فكان يذهب سفيرًا إلى القبائل ممثلًا لقبيلته بحكم فصاحته وقوة شخصيته.[١] استُشهد عمر بن الخطاب على يد أبي لؤلؤة المجوسي، إذ طعنه في صلاة الفجر، فحمل إلى بيته وأوصى أن تكون الخلافة شورى بين الستة المتبقين من المبشرين بالجنة، وتوفي عمر بن الخطاب وسلّم روحه لله، وبذلك تنتهي هذه النبذة عن سيرة صحابي عظيم لا تتسع الكتب سردًا لسيرته العطرة.[٢]
إسلام عمر
سهد عمر الدعوة الإسلامية، فكان كحال المعاندين من قريش ضد الدعوة ومرهبًا للمسلمين ومشكلًا مصدر تهديد دائم لهم، حتى وصل به الحال إلى أن عزم على قتل سيدنا محمد، فخرج حاملًا سيفه تجاه دار الأرقم الذي كان يمكث الرسول فيها مع أصحابه، فلقيه الصحابي نُعَيم بن عبد الله العدوي القرشي الذي كان مُخفيًا إسلامه فأخبره عمر عن نيته بقتل سيدنا محمد فقال له: أريد محمدًا هذا الصابي الذي فرق أمر قريش، وسفه أحلامها، وعاب دينها، وسب آلهتها فأقتله، فحذره نُعيم أن هذا الأمر لن يمر عن بني عبد مناف مرور الكرام وأنهم سيقتصون منك، ونبهه إلى أنّ أخته وزوجها سعيدًا قد أسلما، فزاد ذلك من غضب عمر بن الخطاب وقد كان -رضي الله عنه- شديد الغضب، فتوجه إلى دار أخته فسمعهم يقرؤون القرآن فدخل عليهم طالبًا تلك الصحف التي سمعهم يقرأونها، وضرب أخته فاطمة وزوجها وشق وجهها من ضربته، فاشترطت عليه أن يغتسل حتى تعطيه الصحف كونه على كفر وهو بذلك على نجاسة، ففعل وأخذها فقرأ ما تيسر من سورة طه، فلامست الآيات قلبه، وحسمت ما كان يجول في قلبه من صراع بين النور والظلام، فخرج متوجها إلى مقصده الأول وهو الرسول -صلى الله عليه وسلم- لكن بنية مختلفة فوقف بالباب واستأذن فخاف المسلمون في الدار من بطشه، إلا النبي وعمه حمزة فقال سيدنا حمزة: "إن أراد خيرًا بذلناه له وإن أراد شرًا قتلناه بسيفه"، فدخل عمر وأشهر إسلامه وتوجه صوب الحرم مناديًا في صحن الكعبة إنه على دين سيدنا محمد، فكان بذلك سندًا جديدًا للإسلام.[٣][١]
توجُّه عمر إلى يثرب
جاء أمر رسول الله بالهجرة إلى يثرب بعد أن بويع من قبل زعماء الأوس والخزرج معلنين استقبال الرسول وأصحابه في مدينتهم فسُمّوا بالأنصار، وكان عمر من المهاجرين لكن هجرته كانت مختلفة فكان الوحيد الذي أعلن هجرته أمام قريش، فقد توجه إلى الكعبة متسلحًا، فدخل الحرم وطاف به، ووقف ونادى مهددًا من يلحق به من قريش أنه سيُيتم أبنائه ويرمل زوجته ويُبكي أمه عليه، فخرج تجاه المدينة المنورة، وهناك كان من مؤسسي الدولة الإسلامية وشارك مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في غزواته، ووقف مدافعًا عنه عند انهزام المسلمين في أُحُد، وكان شديد الحرص على الإسلام وعزته، فعندما أسر المسلمون جماعة من قريش في موقعة بدر أشار عمر بقتلهم، وكان عمر معارض للاتفاق مع قريش في الحديبية؛ لأنه شعر أنه يمس كرامة الإسلام، لكن الله تعالى وعد الرسول بأن يطوفوا بالبيت في العام المقبل الذي فتحت فيه مكة، وحجّ عمر مع النبي وشهد حجة الوداع، وعند وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- هاجت مشاعر عمر وأنكر ذلك وهدد من يعلن وفاة الرسول أن يلاقي عذابًا منه معتقدًا أن هذا الخبر إشاعة من المنافقين، فكان حبه للرسول -صلى الله عليه وسلم- شديدًا في قلبه، حتى جاء أبو بكر وأخبره بموت النبي.[١]
بداية الخلافة الراشدة
بعد وفاة النبي عليه السلام، اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة وأرادوا انتخاب الصحابي سعد بن عبادة خليفة لرسول الله، فتوجه عمر مع أبي بكر وأبي عبيدة بن الجراح فقال الأنصار منَا أمير ومنكم أمير، فرد أبو بكر وقال بل منا الأمراء ومنكم الوزراء وأشار على عمر وأبي عبيدة وقال للناس: إني رضيت أحد هذين خليفة لكم، فحدث جدل حتى تعالت الأصوات، فأتى عمر بالحكم النهائي ، فقال: أيّكم يطيب نفسًا أن يخلُف قَدَمَين قدّمهما النبي؟ ثمَّ قال لأبي بكر "ابسط يدك لأبايعك، فبايعه وتبعه الناس فبايعوه، وقد كان مستشارًا لأبي بكر في خلافته ومساعدًا له في توطيد الحكم في فترة حروب الردة واستمرار الفتوحات، وكان له الفضل بجمع القرآن في مصحف حتى لا يضيع بموت حفظته، وعندما اشتد المرض على أبي بكر أوعز أن يكون عمر خليفة للمسلمين لما فيه من خير وحسن تدبير، فلم يعترض الناس عليه، وفي عهده شهدت الدولة توسعًا كبيرًا واتسم عهده بالعدل، فكان شديد الحرص على أموال المسلمين، ولم يُعنى بنفسه بل كرّس نفسه خادمًا لهم، حتى عُرف بالفاروق لأنه فرّق بين الحق والباطل، وفتحت القدس في عهده وذهب على دابته إلى الأقصى متسلمًا مفاتيح القدس، ومعطيًا العهدة العمرية، فدخل القدس وصلى خارج الكنيسة حتى لا يطالب المسلمون بالكنيسة فيما بعد بحجة صلاته داخلها، وفي عهده سقطت دولة الفرس وفتحت الشام ومصر، ودخل الكثير من الناس في الإسلام، وعمل على تقوية الدولة فأنشأ ديوان الجند ونظم الدولة ماليًا، وربط أجزاء الدولة بإنشاء ديوان الرسائل، وسن للمسلمين تقويمًا قمريًا وهو التقويم الهجري.[٢][٤]
المراجع
- ^ أ ب ت "نشأة وإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه "، معلومة ثقافية، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب د. أمين بن عبد الله الشقاوي (26/11/2014 )، "مقتطفات من سيرة عمر بن الخطاب"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "عمر بن الخطاب ـ الفاروق ـ"، إسلام ويب، 5-4-2014، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.
- ↑ أ.د: محمد سهيل طقوش (-2017/08/28)، "عمر بن الخطاب"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.